‹ صفحه 192 ›
و ( عبيدة ) هو عبيدة بن الحرث بن عبد المطلب ، الشهيد في البدر
الكبرى ، و ( لما حملوه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله نظر إليه واستعبر ، فقال
:
يا رسول الله ! بأبي أنت وأمي ألست شهيدا ؟ فقال : بلى أنت أول شهيد من
أهل بيتي ) . ( 1 )
وفي تفسير فرات بن إبراهيم في حديث ذكر فيه مبارزة عبيدة وحمزة
وعلي عليه السلام مع عتبة وشيبة والوليد يوم بدر ، وفي آخره : ( فنزلت هذه
الآيات : ( هذان خصمان اختصموا في ربهم - حتى بلغ : - وذوقوا عذاب الحريق ) ( 2 )
:
فهذا في هؤلاء المشركين ، ونزلت : ( إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات
- حتى بلع : - إلى صراط الحميد ) فهذا في هؤلاء المسلمين ) ( 3 )
وقال المولى محمد صالح المازندراني رحمة الله عليه في شرح الكافي :
( وعبيدة هو عبيدة بن عمرو ، وقيل : ابن قيس بن عمرو السلماني من
بني سلمان بن يشكر ، بطن من مراد ، وكان من أولياء علي عليه السلام وخواص
أصحابه ، وهو مذكور في طرق العامة أيضا ، رواه مسلم بإسناده عن عبيدة ،
قال القرطبي : عبيدة - بفتح العين - هو عبيدة السلماني - انتهى ) ( 4 ) ، وهذا من
طول باعه وكثرة اطلاعه وأنسه بأخبار أهل البيت عليهم السلام في غاية الغرابة ،
والله العاصم ، ويأتي في آخر الباب الخامس ما يناسب المقام .
وفي تفسير علي بن إبراهيم في سورة محمد صلى الله عليه وآله ، قال في قوله
تعالى : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد ) عن الصادق
عليه السلام قال : ( بما نزل على محمد - في علي - وهو الحق من ربهم كفر عنهم
سيئاتهم وأصلح بالهم ، ( هكذا نزلت ، وقال علي بن إبراهيم في قوله :
( والذين آمنوا وعملوا الصالحات ) نزلت في أبي ذر وسلمان وعمار ومقداد لم
ينقضوا العهد : ( وآمنوا بما نزل على محمد ) أي ثبتوا على الولاية التي أنزلها
00000000000000000
( 1 ) تفسير القمي 1 : 265 .
( 2 ) الحج : 19 .
( 3 ) تفسير فرات : 100 والآية في الحج : 24 - 23 .
( 4 ) شرح الكافي 7 : 9 - 88 .
‹ صفحه 193 ›
الله ( وهو الحق ) يعني أمير المؤمنين عليه السلام ( من ربهم كفر عنهم سيئاته
وأصلح بالهم ) أي حالهم . ) ( 1 )
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : ( ولا يغتب بعضكم بعضا - الآية ) :
( نزلت في رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله - وعن جوامعه ( 2 ) :
إنهما
أبو بكر وعمر - اغتابا رفيقهما وهو سلمان ، بعثاه إلى رسول الله صلى الله عليه
وآله
ليأتي لهما بطعام ، فبعثه إلى أسامة بن زيد ( 3 ) وكان خازن رسول الله صلى الله
عليه وآله
على رحله ، فقال : ما عندي شئ ، فعاد إليهما فقالا : بخل أسامة ، وقالا
لسلمان : لو بعثاه إلى بئر سميحة لغار ماؤها ( 4 ) ، ثم انطلقا يتجسسان ( هل ) عند
أسامة ما أمر لهما به رسول صلى الله عليه وآله . ) ( 5 ) ، وعن الجوامع : ( ثم
انطلقا
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله لهما : ما لي أرى خضرة اللحم في
أفواهكما ؟ فقالا : يا رسول الله ! ما تناولنا يومنا هذا لحما ، قال : ظلتم تأكلون
لحم سلمان وأسامة ، فنزلت الآية ) ( 6 ) .
ونقل العالم المتبحر المولى محمد طاهر القمي رحمه الله عن رسالة الاعتقاد
لأبي بكر بن مؤمن الشيرازي في تفسير قوله تعالى : ( ومن يطع الله والرسول فأولئك
مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين ) يعني محمدا صلى الله عليه وآله ( والصديقين
)
يعني علي بن أبي طالب عليه السلام وهو أول من صدق الرسول ، ( والشهداء ) يعني
علي بن أبي طالب عليه السلام وجعفر الطيار وحمزة وحسنا وحسينا عليهم السلام وهم
000000000000000000
( 1 ) تفسير القمي 2 : 301 ، الآية في محمد (
ص ) : 2 .
( 2 ) جوامع الجامع : 459 .
( 3 ) أسامة بن زيد بن شراجيل الكلبي ، أمه أم أيمن خادم النبي صلى الله عليه وآله
، مات النبي
وهو ابن عشرين سنة وسكن بعده بوادي القرى وراجع أخيرا إلى المدينة ومات في آخر
خلافة
معاوية ، روى الكشي أن الحسن بن علي عليهما السلام كفنه ، قال العلامة : ( قال
الكشي : روى
أنه رجع ونهينا أن نقول إلا خيرا في طريق ضعيف ، ذكرناه في كتابنا الكبير والأولى
عندي التوقف
عن روايته ) .
( 4 ) غار الماء : ذهب في الأرض .
( 5 ) مجمع البيان 9 : 135 والآية في الحجرات : 12 .
( 6 ) جوامع الجامع : 459 ، أقول : فيه : ( ما تناولنا اليوم ) .
‹ صفحه 194 ›
سادات الشهداء ، ( والصالحين ) يعني سلمان وأبا ذر
وصهيب وبلال ( 1 )
وخباب وعمار ، ( وحسن أولئك رفيقا ) في الجنة ( وكفى بالله عليما ) ( 2 ) يعني أن
منزل علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام في الجنة . )
أقول : روى الكشي بطريق ضعيف عن الصادق عليه السلام قال :
( كان بلال عبدا صالحا وكان صهيب عبد سوء يبكي على عمر . ) ( 3 )
ظاهر العلامة في الخلاصة وابن داود والسيد إلا ميرزا محمد وشريكه
في التعلم الأمير مصطفى ( 4 ) وصريح أبو علي تضعيفه ، وجعل الثالث والرابع له
عنوانين : أحدهما : صهيب بن سنان الذي عده الشيخ في رجاله ( 5 ) من أصحاب
الرسول صلى الله عليه وآله وحاله مجهول ، والآخر : ما فيه أيضا إنه مولى رسول الله
صلى الله عليه وآله ، وفي الكشي في ترجمة بلال وهو المذموم ، وجعل الأسترآبادي
المتأخر المقتول ( 6 ) في رجاله له عنوانين : أحدهما : الممدوح - لما سيأتي - ،
والآخر :
المذموم - لما في الكشي - .
والظاهر أنهما واحد وهو ممدوح أيضا وإن كان متعددا فالحق
مدح أحدهما ، أما ظهور الاتحاد فلأن مولى رسول الله صلى الله عليه وآله
رومي - كما يظهر من مناقب ابن شهرآشوب عند تعداد مواليه على ما في
البحار ( 7 ) وابن سنان رومي أيضا ، وفي تقريب ابن حجر : ( صهيب بن سنان
أبو يحيى الرومي أصله من النمر يقال : كان اسمه عبد الملك وصهيب لقبه ،
000000000000000000
( 1 ) أبو عبد الله بلال بن رياح مولى رسول
الله ومؤذنه ، قال في كامل البهائي : لم يؤذن لأبي بكر ولم
يبايعه ، قصد الشام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله ومنعه أبو بكر فقال له : إن
أعتقتني لله
فخل سبيلي ، فخل سبيله وقصد الشام ومات في دمشق بالطاعون ودفن في الباب الصغير .
( 2 ) النساء : 69 ، في الأصل : وكان الله عليما ما ابتناه من القرآن .
( 3 ) إختيار معرفة الرجال : 39 .
( 4 ) هما السيد الميرزا محمد بن علي الأسترآبادي المتوفى 1028 ، له كتب ثلاثة في
الرجال : منهج
المقال ، تلخيص المقال ، الوجيز ، والمصطفى بن الحسين التفريشي صاحب كتاب نقد
الرجال .
( 5 ) رجال الطوسي : 21 .
( 6 ) هو أبو أحمد محمد بن عبد النبي الأسترآبادي ، حكم بقتله السيد محمد الطباطبائي
الكربلائي ،
راجع الروضات .
( 7 ) مناقب آل أبي طالب 1 : 171 ، بحار الأنوار 22 : 255 .
‹ صفحه 195 ›
صحابي شهير مات بالمدينة سنة ثمان وثلاثين في خلافة علي عليه السلام ) ،
ووجدت بخط الفاضل الآغا محمد علي بن الأستاد البهبهاني ( 1 ) على نقد الرجال :
( إن ابن سنان الرومي هو بعينه مولى رسول الله صلى الله عليه وآله ) ، وأما مدحه
على التقديرين فللخبر المتقدم وما يأتي من الخصال عن علي عليه السلام :
( السباق خمسة : فأنا سابق العرب ، وسلمان سابق الفرس ، وصهيب سابق
الروم - الخبر . ) ( 2 ) ، وقال السيد صدر الدين العاملي ( 3 ) : ( إنه لو صح
الخبران
- أعني هذا والذي رواه الكشي - فينبغي أن يكون السبق بالقيادة ، كما في
قوله تعالى : ( يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار ) ( 4 ) ولا ينافي ذلك كون
علي
وسلمان سابقين ، لأن سبق كل بصفته - انتهى . )
والإنصاف إنه لو صح الخبران لكان الحكم بالتعدد ومدح أحدهما
وذم الآخر أولى وأهون من هذا التأويل البعيد الذي يأباه كل ذوق سليم
وذهن مستقيم ، فإن الظاهر من السبق في المقام إما هو السبق إلى الجنة أو إلى
الإيمان ، وكيف تستقيم العبارة ويقبل العقل أن يكون المتعلق المحذوف في
أربعة منها هو الإيمان أو الجنة ، فإن الثالث والرابع هو بلال وخباب بن
الأرت ( 5 ) الذي وقف على قبره أمير المؤمنين عليه السلام وقال : ( رحم الله خبابا
0000000000000000000
( 1 ) محمد علي بن محمد باقر البهبهاني ، قال
والده في حقه : إنه بهاء الدين هذا العصر ، له كتب ينبئ
عن كمال مهارته في أكثر الفنون منها كتاب في الإمامة والحواشي على نقد الرجال
ومعترك المقال
في أحوال الرجال ، كان ميلاده في كربلاء سنة 1144 ، واشتغل على والده العلامة مدة
إقامته في بهبهان
ثم انتقل معه إلى كربلاء ثم تحول إلى الكاظمين ثم سكن كرمانشاهان وتوفي سنة 1216
ودفن بها
في خارج البلد ويعرف بسر قبر آغا .
( 2 ) الخصال 1 : 312 .
( 3 ) صدر الدين محمد بن صالح بن السيد محمد ، المنتهي نسبه إلى إبراهيم بن الكاظم
عليه السلام ،
العاملي المولد ، البغدادي المنشأ ، الإصفهاني المسكن ، النجفي الخاتمة والمدفن ،
والده من أولاد
شهيد الثاني ، هو من أفاضل عصره في الفقه والأصول والحديث والرجال ، له : مجال
الرجال
وحواشي على منتهى المقال ، توفي سنة 1264 .
( 4 ) هود : 98 .
( 5 ) خباب بن الأرت - بفتح الخاء وتشديد الباء وفتح الهمزة وتشديد التاء - : كان
فاضلا من
المهاجرين الأولين ، شهد بدرا وما بعدها من المشاهد مع النبي صلى الله عليه وآله
وكان قديم
الإسلام ممن عذب في الله وصبر على دينه ، نزل الكوفة ومات بها سنة سبع وثلاثين بعد
أن شهد
مع علي عليه السلام صفين والنهروان وصلى عليه علي عليه السلام وكان سنه إذ مات
ثلاثا وستين
وقيل أكثر .
‹ صفحه 196 ›
أسلم راغبا وهاجر طائعا ، وعاش مجاهدا ، وابتلي في جسمه أحوالا ، ولن
يضيع الله أجر من أحسن عملا . ) ( 1 ) ، ويكون المحذوف بالنسبة إلى صهيب هو
النار .
مع أن الاستباق إنما هو إلى أمر محبوب وشئ مرغوب ، كما قال
السيد الرضي ( 2 ) قدس الله تربته عند قوله عليه السلام : ( ألا وإن اليوم المضمار
وغدا
السباق ، والسبقة الجنة والغاية النار ) ما لفظه : ( فإن فيه مع فخامة اللفظ
وعظم قدر المعنى وصادق التمثيل ، وواقع التشبيه سرا عجيبا ومعنى لطيفا ،
وهو قوله عليه السلام : ( والسبقة الجنة ، والغاية النار ) كما قال : ( والسبقة
الجنة ) ،
لأن الاستباق إنما يكون إلى أمر محبوب وغرض مطلوب ، وهذه صفة الجنة
وليس هذا المعنى موجودا في النار ، تعوذ بالله ، فلم يجز أن يقول : ( والسبقة
النار ) - أي آخر ما قال رحمة الله عليه . ) ( 3 )
ولما في تفسير الإمام عليه السلام في قوله تعالى : ( ومن يشري نفسه ابتغاء
مرضات الله - الآية ) بعد كلام له عليه السلام : ( ( قال علي بن الحسين عليهما
السلام : )
وهؤلاء خيار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله عذبهم أهل مكة ليفتنوهم
عن دينهم ، فمنهم بلال وصهيب وخباب وعمار وأبواه - إلى أن قال : - وأما
صهيب فقال : أنا شيخ كبير لا يضركم ( إن ) كنت معكم أو عليكم ، فخذوا
0000000000000000000
( 1 ) مجالس المؤمنين 1 : 263 نقلا عن حلية
الأولياء .
( 2 ) أبو الحسن محمد بن أبي أحمد الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن
الإمام الكاظم
عليه السلام الشريف الرضي ذو الحسبين ، كان نابغة من رجالات الأمة ، إماما في علم
الأدب
واللغة وفي الطليعة من علماء الشيعة وشعرائها ومفسريها مع ما كان له من علو الهمة
وبعد الشأن في
الكرم والفضل ، قال الثعالبي في اليتيمة بع كلام له في فضيلته : ( لو قلت إنه أشعر
قريش لم
أبعد عن الصدق ) ، ولد ببغداد سنة 356 ونشأ بها وتوفي بها محرم سنة 406 ، صلى عليه
الوزير
ودفن في داره وكان أخوه المرتضى لم يستطع أن ينظر إلى جنازته فمضى إلى المشهد
الكاظمي .
( 3 ) نهج البلاغة ، الخطبة 28 .
‹ صفحه 197 ›
مالي ودعوني وديني ، فأخذوا ماله وتركوه ، فقال ( له ) رسول الله صلى الله عليه
وآله
( لما جاء إليه : يا صهيب ! ) كم كان مالك الذي سلمته ؟ قال : سبعة
آلاف ، قال : طابت نفسك بتسليمه ؟ قال : يا رسول الله ! والذي بعثك بالحق
نبيا لو كانت الدنيا كلها ذهبة حمراء لجعلتها ( كلها ) عوضا عن نظرة أنظرها
إليك ونظرة أنظرها إلى أخيك ووصيك علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : ( يا صهيب ! ) قد أعجزت خزان الجنان عن إحصاء
مالك فيها بمالك هذا واعتقادك ، فلا يحصيها إلا خالقها . ) ( 1 )
وفي المجمع مرسلا : ( نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه
( : أراد أنه يطيعه ) حبا له لا خوف عقابه ) ( 2 ) ، إلا أن فيه ما في الكشي ،
وزاد
عن الصادق عليه السلام : ( رحم الله بلالا كان يحبنا أهل البيت ، ولعن الله
صهيبا فإنه كان يعادينا . ) ( 3 ) ، وفيه : ( إنه كان يؤذن لعمر بعد وفاة النبي
صلى الله
عليه وآله ) ( 4 ) ، إلا أن الجميع كما ترى لا يقاوم ما ذكرناه ، والله العالم .
وفي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي قال : حدثني علي بن محمد الزهري
معنعنا عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى : ( إلا الذين آمنوا وعملوا
الصالحات
فلهم أجر غير ممنون ) : ( قال : هم المؤمنون : سلمان والمقداد وعمار وأبو ذر
لهم أجر غير ممنون ( فما يكذبك بعد بالدين ) قال : هو أمير المؤمنين ( علي بن
أبي طالب ) عليه السلام . ) ( 5 )
وفي تفسير الإمام عليه السلام عند قوله تعالى : ( الذين يؤمنون بالغيب ) ،
قال الإمام : ( ثم وصف هؤلاء المتقين الذين هذا الكتاب هدى لهم فقال :
( الذين يؤمنون بالغيب ) يعني بما غاب عن حواسهم من الأمور التي يلزمهم
الإيمان بها كالبعث ( والنشور ) والحساب والجنة والنار وتوحيد الله تعالى
وساير ما لا يعرف بالمشاهدة ، وإنما يعرف بدلائل قد نصبها الله عز وجل ( عليها )
كآدم وحواء وإدريس ونوح وإبراهيم ، والأنبياء الذين يلزمهم الإيمان بهم ( و )
0000000000000000000
( 1 ) تفسير الإمام عليه السلام : 623 ،
والآية في البقرة : 207 .
( 2 ) مجمع البحرين 2 : 103 .
( 3 ) مجمع البحرين 2 : 103 .
( 4 ) مجمع البحرين 2 : 103 .
( 5 ) تفسير فرات : 207 ، والآية في التين : 7 - 6 .
‹ صفحه 198 ›
بحجج الله تعالى وإن لم يشاهدوهم ويؤمنون بالغيب ، وهم من الساعة
مشفقون ، وذلك أن سلمان الفارسي رضي الله عنه - وذكر له كرامة ، وفي آخره : - ثم
أقبل
رسول الله صلى الله عليه وآله على سلمان فقال : يا أبا عبد الله ! أنت من خواص
إخواننا - إلى آخر ما مر من أفاضل الممدوحين بقوله تعالى : ( الذين يؤمنون
بالغيب ) . ) ( 1 )
وفيه في قوله تعالى : ( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا - ) الآية ما معناه :
إن المنافقين إذا لقوا سلمان وأبا ذر والمقداد وعمار قالوا لهم : آمنا ( 2 ) ، وقد
مر
لفظ الخبر في الباب الثاني
وروى الحسين بن حمدان الحضيني ، عن علي بن الحسين المقري
الكوفي ، عن إبراهيم بن جعفر الزيات ، عن الحسن بن معمر ، عن أبي سمينه
محمد بن علي ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام : ( إنه دخل
عليه وفد من فارس حجاج وهو بالمدينة ، فسألوه عن معالم دينهم ، فأخبرهم
بجميع ما سألوه عنه وسألوه عن سلمان ورغبته إلى عمر في تزويجه ابنته ،
أخت حفصة ( 3 ) زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله - إلى أن قال : - فقال له - أي
لعمر - رسول الله : ويحك يا عمر ! ما ترضى أن تزوج سلمان إن رغب إليك
وأن تتقرب إليه وقد اشتاقت إليه الجنة ، وأنزل الله عز وجل فيه وفيكم
معاشر قريش : ( أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها
هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين ) ( 4 ) ، فقال عمر : من هؤلاء
يا رسول الله ؟ فقال : هو والله سلمان ورهطه ، أي والله لقد أنزل الله فيه
وفيكم : ( ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل
00000000000000000000
( 1 ) تفسير الإمام عليه السلام : 72 - 68 ،
والآية في البقرة : 3 ، عنه البحار 68 : 285 .
( 2 ) تفسير الإمام عليه السلام : 120 ، والآية في البقرة : 14 .
( 3 ) حفصة بنت عمر بن الخطاب ، تزوجها النبي بعدما مات زوجها خنيس ابن عبد الله
بن حذافة
السهمي ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله قد وجهه إلى كسرى فمات ولا عقب له ،
وماتت
بالمدينة في خلافة عثمان .
( 4 ) الأنعام : 89 .
‹ صفحه 199 ›
فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن
تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم
لا يكونوا أمثالكم ) ( 1 ) ، فسكت عمر ، فقال حذيفة : من هؤلاء ؟ فقال : هم والله
سلمان ورهطه ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : معاشر قريش ! تضربون
العجم على الإسلام هذا والله ليضربنكم عليه عودا ( 2 ) ، فقال حذيفة بن اليمان ( 3
) :
هنيئا لسلمان وقومه من آمن منهم واتقى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لو
فقد الإسلام من الأرض لوجد في حجر ( 4 ) ولو بلغ إلى عنان السماء لما ناله إلا
أولاد فارس ، فقام عمر حزينا - الخبر . )
وتمامه في باب تزويجه ويأتي هناك تضعيفه سندا ودلالة بما هو
مخالف للمشهور ، إلا أنه في المقام منجبر بما قد تقدم عن الطبرسي وصاحب
المشكاة : إن رسول الله صلى الله عليه وآله تلى الآية الثانية وسئلوه أصحابه عمن
ذكره الله فيها وكان سلمان إلى جنبه صلى الله عليه وآله ، فضرب يده على فخذه
فقال : هذا وقومه ولو كان الدين عند الثريا لتناوله رجال من الفرس ، أو
رجال من الفارس ( 5 ) ، وتقدم عن الثاني مما رواه في الفصل الأول من باب
جامع المناقب : ( من المتفق عليه غير أبي هريرة إنه لما نزلت : ( وآخرين منهم
لما يلحقوا بهم ) قالوا : من هؤلاء يا رسول الله ؟ قال : وفينا سلمان الفارسي ،
قال : فوضع يده على سلمان ثم قال : لو كان الإيمان عند الثريا لنا له رجال
( - أو رجل - ) من هؤلاء . ) ( 6 )
وقال الطبرسي في تفسير قوله تعالى : ( ولقد نعلم أنهم يقولون إنما
0000000000000000000
( 1 ) محمد صلى الله عليه وآله : 38 .
( 2 ) غدا ( خ ل ) .
( 3 ) أبو عبد الله حذيفة بن اليمان ، كان رحمه الله من كبار الصحابة ، هاجر إلى النبي
صلى الله عليه
وآله فخيره بين الهجرة والنصرة ، فاختار النصرة وشهد مع النبي أحدا وقتل أبوه بها
وهو صاحب
سر رسول الله صلى الله عليه وآله في المنافقين أعلمه بهم رسول الله ، هو ممن صلى
على سيدة النساء
وحضر تشييعها ، استعمله عمر على المدائن فلم يزل بها حتى مات بعد مقتل عثمان وبيعة
أمير المؤمنين عليه السلام بأربعين يوما سنة 36 .
( 4 ) هجر خ ل .
( 5 ) مجمع البيان 9 : 108 ، مشكاة المصابيح : 700 .
( 6 ) مشكاة المصابيح : 694 .
‹ صفحه 200 ›
يعلمه بشر ) : ( قال الضحاك : أرادوا به سلمان الفارسي قالوا : أنه يتعلم
القصص منه . ) ، وقال علي بن إبراهيم في قوله تعالى : ( فالذين هاجروا
وأخرجوا من ديارهم ) ( يعني أمير المؤمنين وسلمان وأبا ذر حين أخرج وعمار
الذين آذوا في الله . ) ( 4 )
قال الناصب الشقي فضل بن روزبهان ( خفضه الله ) : ( هذا تفسير
لا يصح أصلا ، لأن الإنسان إذا أريد به أبو جهل يكون الاستثناء منقطعا ولم
يقل به أحد ، وإن كان الاستثناء متصلا لا يصح أن يراد بالإنسان أبو جهل ،
فالمراد منه افراد الإنسان على سبيل الاستغراق ، وعلى هذا لا يصح تخصيص
المؤمنين بعلي وسلمان ، فإن غيرهم من المؤمنين ليسوا في خسر ) ، وهذا الرجل
يعلف كل نبت ولا يفرق بين السم والحشيش .
قال السيد الشهيد : ( قد قال بكون الاستثناء منقطعا مقاتل وغيره
من أسلاف الناصب الشقي رغما لأنفه ، قال النيشابوري في تفسيره : وعن
مقاتل : إنه أبو لهب ، وفي خبر مرفوع : إنه أبو جهل ، كانوا يقولون : إن محمدا
00000000000000000000000
( 1 ) مجمع البيان 6 : 386 ، والآية في النحل
: 103 .
( 2 ) تفسير القمي 1 : 129 ، والآية في آل عمران : 195 .
( 3 ) جدير بالذكر : وضع العلامة كتاب نهج الحق وكشف الصدق خشية لله ورجاء ثوابه
وطلبا
للخلاص من أليم عقابه بكتمان الحق وإرشاد الخلق وإجابة لطلب سلطان المغول أولجاتيو
- الملك
الباحث عن الحق - كما صرح به نفسه في مقدمته ، وينبئ هذا الكلام عن خطوات مؤلفه في
الكتاب ، وقد قام بعده فضل بن روزبهان الإصفهاني بنقض هذا الكتاب وسماه أبطال الباطل
وإهمال كشف العاطل ، ثم قام بعده الشهيد القاضي سيد نور الله الشوشتري بنقض كتاب
ابن
روزبهان بكتابه إحقاق الحق ، ولما اطلع عليه العامة استعملوا السياط بدل القلم في
جوابه حتى
قتلوه في سنة 1019 ببلدة آكره من بلاد الهند في عهد جهانگير شاه التيموري .
( 4 ) كشف الحق 1 : 199 والآية في العصر : 2 - 1 ، أقول : وأيضا في الدر المنثور 6
: 292 ، شواهد
التنزيل 2 : 372 وآلاء الرحمن 30 : 228 .
‹ صفحه 201 ›
صلى الله عليه وآله لفي خسر فأقسم الله تعالى إن الأمر بالضد مما توهموه ، وعلى
هذا
يكون الاستثناء منقطعا - انتهى ( 1 ) ، وأما قول الناصب : فإن غير علي وسلمان
من المؤمنين ليسوا في خسر ، فغير مسلم ، وإنما يكون كذلك لو أريد بالخسر
الكفر ، ولو أريد به مطلق الذنب والتقصير فلا ، لما قاله شيخنا الطبرسي في
تفسيره من : إن الإنسان ينقص من عمره كل يوم وهو رأس ماله ، فإذا ذهب
رأس ماله ولم يكتسب به الطاعة كان طول عمره في النقصان إلا المؤمنين
الصالحين الكاملين ، فإنهم اشتروا الآخرة بالدنيا فربحوا وفازوا واستعدوا
- انتهى ( 2 ) ، وزاد عليه الفاضل النيشابوري في تفسيره وقال : وإن كان العبد
مشغولا بالمباحات فهو أيضا في شئ من الخسر لأنه يمكنه أن يعمل فيه عملا
يبقى أثره ولذته دائما ، وإن كان مشغولا بالطاعات فلا طاعة إلا ويمكن
الإتيان به على وجه أحسن ، لأن مراتب الخضوع والعبادة غير متناهية ، كما
أن جلال الله وجماله ليس لهما نهاية - انتهى ( 3 ) ، فليفرق الناصب الذي
لا يفرق بين الفرق والقدم ، بين الحشيش والسم ، وليمسك عنان القلم
عما يورث الخجالة والندم . ) ( 4 )
أقول : وروى هذا الحديث أبو نعيم الحافظ الإصفهاني ( 5 ) بإسناده عن
الضحاك ، عن ابن عباس رحمه الله في قوله تعالى : ( والعصر ) مثل ما ذكره
العلامة ، كما نقله عنه في غاية المرام .
وقال العلامة رفع الله في الآخرة اعلامه : ( الخامس والخمسون قوله
تعالى : ( والسابقون الأولون ) علي وسلمان - انتهى ) ( 6 ) ، ورواه المجلسي في
تاسع
بحاره عن مناقب بن مردويه ، وتقدم عن تفسير علي بن إبراهيم ما يقرب عن
0000000000000000000
( 1 ) تفسير النيشابوري المطبوع بهامش تفسير
الطبري 3 : 160 - 159 .
( 2 ) مجمع البيان 6 : 539 ، أقول : بين ما في المتن والمطبوع اختلافات .
( 3 ) تفسير النيشابوري المطبوع بهامش تفسير الطبري 3 : 160 - 159 .
( 4 ) إحقاق الحق 3 : 4 - 382 .
( 5 ) من أكابر محدثي العامة ومات سنة 430 هجري ، له كتاب حلية الأولياء ، قيل :
هو الجد الأعلى للعلامة
المجلسي رحمه الله .
( 6 ) كشف الحق 1 : 97 ، والآية في التوبة : 100 .
‹ صفحه 202 ›
ذلك ، ورواه في غاية المرام عن الحافظ أبو نعيم الإصفهاني . ( 1 )
قال رافع أعلام النصب والعدوان ، فضل بن روزبهان : ( المراد
بالسابق إن كان السابق في الإسلام فسلمان ليس كذلك ، وإن كان السابق
في الأعمال الصالحات فغيره من الصحابة هكذا ، ولا صحة لهذا النقل وهو
من تفاسير الشيعة . )
وقال ناصر أهل البيت بالقلب واللسان في إحقاق الحق : ( قد روى
الحافظ أبو بكر بن مردويه ما في معنى ذلك ، وما ذكره من أن إسلام سلمان
ليس سابقا في الإسلام ، إن أراد به نفي كونه أسبق الكل فنحن لا ندعيه
ولا دلالة للآية عليه ، وإن أراد به نفي كونه من السابقين الأولين بأن يكون
ثاني الأولين أو ثالثهم ، فهو جهل بحال سلمان أو تجاهل لأجل ترويج حال
أبي بكر وسد باب تقدم إسلام سلمان عليه ، وإلا فقد روى الرازي ( 2 ) وغيره
من المفسرين : إن سلمان قد جاء النبي صلى الله عليه وآله قبل البعثة ولهذا كان
الكفار يتهمون النبي صلى الله عليه وآله عند بعثته بأن ما يذكره من الأخبار
الماضية
ويجئ به كلام الله إنما هي بتعليم سلمان ، فرد الله تعالى عليهم بقوله :
( لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ) ( 3 ) ، نعم لما كان سلمان
رجلا غريبا مسكينا لم تحصل له خلافة وأمارة لم يلتفت الجمهور إلى ضبط
حاله ولم يرضوا أن يذكروا فيه ما يروى بشأن أبي بكر ووباله ، ولو نال
( سلمان ) الخلافة أولا ولو بالجلافة لقالوا : إنه أفضل وأسبق إسلاما من ابن
أبي قحافة ، وقد رأيت في بعض الكتب المعتبرة إن سلمان رضي الله عنه هو الذي
صار واسطة في تقريب أبي بكر إلى النبي صلى الله عليه وآله ، فقال للنبي صلى الله
عليه
0000000000000000
( 1 ) بحار الأنوار 35 : 334 ، تفسير القمي 1
: 303 ، شواهد التنزيل 1 : 254 بطرق وأسانيد ، يقرب
منه ما رواه الأعاظم عندهم فراجع الصواعق : 74 ، ذخائر العقبى : 58 ، مجمع الزوائد
9 : 220 و
102 ، ينابيع المودة : 1 - 60 ، كنز العمال 6 : 152 .
( 2 ) محمد بن عمر المشهور بفخر الدين الرازي مات سنة 606 ، له التفسير الكبير
والأربعين في أصول
الدين .
( 3 ) التفسير الكبير 20 : 117 والآية في النحل : 103 .
‹ صفحه 203 ›
وآله بمحضر علي عليه السلام : إن أبا بكر وإن كان من أرذل طوائف قريش لكنه
لم يزل كان معلما لصبيانهم مطاعا لمن أخذ عنه عن فتيانهم ، فهم لأجل رعاية
حق التعليم يتلقونه بالتبجيل والتعظيم ، ولكلامه فيهم أثر عظيم ، وإن معلمي
الصبيان طالبون للرياسة ، راغبون في الترأس والدراسة ، فلو رغبناه إلى ما
أخبر ( ه ) به الأحبار من ظهور سلطانكم وسطوع برهانكم ، وأطمعناه فيما
يترقب من جاهكم ، ودللناه إلى تجاهكم لكان أدخل في تأليف القلوب
وأقرب إلى نيل المطلوب ، فاستصوبا ذلك وشرع سلمان في دلالة الرجل
وإدخاله في الإسلام ، والله أعلم بحقايق المرام . ) ( 1 )
أقول : قد قدمنا في الباب الأول الأخبار المستفيضة القريبة من
التواتر في : أن سلمان لقي النبي صلى الله عليه وآله وأسلم في المدينة في السنة
الأولى
من الهجرة ، وذكرنا ضعف الخبر المروي في الكشكول للسيد حيدر الآملي ،
وهو المراد ببعض الكتب المعتبرة - كما نقله عنه في كتابه مجالس المؤمنين -
والظاهر أنه رحمه الله غفل عن هذه الأخبار ، أو ألجأه الجواب عن زخرف قول
الناصبي البليد إلى اختيار هذا الخبر المردود من وجوه عديدة ، وأما الآية
فسلمان أحد محتملاتها ولم يثبت ، إذ لم يرد من أهل البيت فيه أثر حاسم ، مع
أن مهرتهم صرحوا بما ذكرنا - كما نقلنا سابقا - ، والرازي متهم في معقولاته
عندنا ومنقولاته عندهم - كما صرح به السيد محمود الآلوسي البغدادي المفتي
المعاصر في تفسيره روح المعاني في بيان الاختلاف في التسمية وإنها آية من
كتاب الله أولا - .
والأولى في الجواب أن يقال : إن سلمان سابق من أسلم بالمدينة من
الأنصار وعلي عليه السلام سابق من أسلم بمكة من المهاجرين ، فالسابقون الأولون
من المهاجرين أمير المؤمنين عليه السلام ، والسابقون الأولون من الأنصار سلمان ،
أو يقال : إن سلمان وإن لقي النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة وأسلم على يديه
ظاهرا إلا أنه آمن به قبل مبعثه في الباطن ، فإنه عرفه بالصفة والنعت وآمن
0000000000000000
( 1 ) إحقاق الحق 3 : 9 - 388
‹ صفحه 204 ›
به قبل أن يظهر صلى الله عليه وآله أو يولد - على الاختلاف الموجود في الأخبار - ،
وفي أخبارهم أيضا ما يدل على ذلك - كما نقلناه سابقا - ، ويؤيد ذلك ما في
زيارته : ( فجعلك النبي صلى الله عليه وآله من أهل بيته وقرابته تفضيلا لك على
أصحابه ، إذ كنت أولهم إلى معرفته قدما وآخرهم به نطقا وأدعاهم إليه
حقا ) ( 1 ) ، أو يقال : إن المراد السابق من بلد أو قبيلة مخصوصة كما يومئ إليه
ما يأتي عن أمير المؤمنين عليه السلام : ( أنا سابق العرب وسلمان سابق
فارس . ) هذا .
ويمكن التزام ما ذكره الناصبي من أن المراد السابق في الأعمال
الصالحات والمنع من لحوق غيره من الصحابة مقامة ، وهذا ظاهر في مذهبنا
وأما على مذهبهم فهو كما ذكره .
00000000000000000
( 1 ) بحار الأنوار 102 : 209 عن مصباح
الزائر : 262 .
‹ صفحه 205 ›
الباب الخامس
في غزارة علمه وحكمته ومعرفته بالله ورسوله وأوليائه
وإنه علم ما لا يحتمله غيره
‹ صفحه 207 ›
روى الشيخ العارف الحافظ رضي الدين رجب بن محمد بن رجب
البرسي رحمه الله في مشارق الأنوار مرسلا : إن النبي صلى الله عليه وآله قال :
( أعرفكم بالله سلمان . ) ( 1 )
وفي مقتضب الأثر في عدد الأئمة الاثني عشر تأليف الشيخ
أبي عبد الله أحمد بن محمد بن عياش ( 2 ) في حديث أم سليم صاحبة الحصاة ،
وليست بحبابة الوالبية ولا بأم غانم صاحبتي الحصاة ، وفيه : ( قالت :
فخرجت فرأيت سلمان يكتنف ( 3 ) عليا ويلوذ بعقوته ( 4 ) دون من سواه من أسرد
محمد صلى الله عليه وآله وصحابته على حداثة من سنه ، فقلت في نفسي : هذا
0000000000000000000
( 1 ) مشارق أنوار اليقين : 193 .
( 2 ) أبي عبد الله أحمد بن محمد بن عبيد الله بن الحسن بن عياش بن إبراهيم بن
أيوب الجوهري ، إمام
في الأدب والتواريخ وعلوم الحديث وكان معاصرا للصدوق ، مات سنة إحدى وأربعمائة ،
له كتب
منها كتاب مقتضب الأثر ، وهذا الكتاب كما قال المصنف في خاتمة المستدرك : 480 مع
صغر
حجمه من نفائس الكتب .
( 3 ) في المصدر : يكنف ، كنف الشئ واكتنفه أي أحاط به .
( 4 ) قال الجوهري : العقوة : الساحة وما حول الدار ، يقال : ما يطور بعقوته أحد :
أي ما يقربها ،
أسرة الرجل : أهله ، والمعروفون بالعائلة .
‹ صفحه 208 ›
سلمان صاحب الكتب الأولى قبلي ، صاحب الأوصياء ، وعنده من العلم
ما لم يبلغني فيوشك أن يكون صاحبي - الخبر ) ( 1 )
وفيه في حديث إسلام جارود بن المنذر العبدي وأخبار قس بن
ساعدة الأيادي ، وهو حديث طويل شريف ، وفيه : ( قال جارود : ثم أقبلت
على أصحابه - أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله - فقلت : على علم به آمنتم
به قبل مبعثه كما آمنت به ( أنا ) ، فنصت إلى رجل منهم وأشار إليه
وقالوا : هذا صاحبه وطالبه على وجه الدهر وسالف العصر ، وليس فينا خير
منه ولا أفضل ، فبصرت به أغر أبلج قد رقدته الحكمة ، أعرف ذلك في
أسارير وجهه ، وإن لم أحط علما بكنهه ، قلت : ومن هو ؟ قالوا : هذا سلمان
الفارسي ، ذو البرهان العظيم والشأن القديم ، فقال سلمان : كيف عرفته
يا أخا عبد القيس من قبل إتيانه ؟ فأقبلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو
يتلألأ ويشرق وجهه نورا وسرورا ، فقلت : يا رسول الله - إلى آخر ما قال . ) ( 2 )
قوله : قد رقدته الحكمة - اه : من أفصح الكلام وأبلغه ، فإن الحمل
متى ثقل يرقد حامله ، فهو كناية عن بلوغه أقصى مراتب الحكمة وأعلاها ،
ووصوله أسنى درجات المعرفة ومنتهاها ، هذا على ما في نسختي ، وفي البحار :
( قد وقذته الحكمة ، قال : أي أثرت فيه وبانت فيه آثارها ، قال الجوهري :
وقذه يقذه وقذا : ضربه حتى استرخى وأشرف على الموت ، ويقال : وقذه
النعاس : إذا غلبه ، وفي النهاية : فيه فيقذه الورع أي يسكنه ويمنعه من
انتهاك ما لا يحل ولا يحمد ، يقال : وقذه الحلم : إذا سكته - انتهى ) ( 3 ) ،
وأسارير الوجه : هي الخطوط المجتمعة في الجبهة وتنكسر واحدها ( سرر )
وجمعها ( أسرار ) .
وروى الكشي رحمه الله بسند يأتي في باب علمه بالغيب ، عنه خطبة
طويلة وفيها : ( ألا أيها الناس ! اسمعوا من حديثي ثم اعقلوه عني ، فقد أوتيت
00000000000000000
( 1 ) مقتضب الأثر : 19 ، بحار الأنوار 25 : 190
.
( 2 ) مقتضب الأثر : 36 ، بحار الأنوار 15 : 245 ، كنز الفوائد : 255 ، وفي المصدر
: ( قد وقذته ) .
( 3 ) بحار الأنوار 15 : 248 .
‹ صفحه 209 ›
العلم كثيرا ، ولو أخبرتكم بكل ما أعلم لقالت طائفة : إنه لمجنون ، وقالت
طائفة أخرى : اللهم اغفر لقاتل سلمان ) .
وتقدم حديث الاختصاص عن أمير المؤمنين عليه السلام وفيه :
( خصه الله تبارك وتعالى من العلوم بأولها وآخرها ، وظاهرها وباطنها ،
وسرها وعلانيتها - إلى أن قال : - قال النبي صلى الله عليه وآله في كلام له مع
الأعرابي : يا أعرابي ! لا تغلظن في سلمان ، فإن الله تبارك وتعالى ( قد ) أمرني
أن
اطلعه على علم المنايا والبلايا ( والأنساب ) وفصل الخطاب - الخبر ) ( 2 )
وهن المفيد رحمه الله فيه عن الصدوق ، عن عمه ، عن
البرقي ، عن ابن أبي نجران ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر
( محمد بن علي ) الباقر عليهما السلام قال : ( سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري ( 3
)
يقول : سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن سلمان الفارسي فقال : سلمان
بحر العلوم ( 4 ) لا يقدر على نزحه ، سلمان مخصوص بالعلم الأول والآخر ،
أبغض الله من أبغض سلمان ، وأحب من أحبه ، قلت : فما تقول في أبي ذر ؟
قال : وذاك منا ، أبغض الله من أبغضه وأحب ( الله ) من أحبه ، قلت : فما
تقول في المقداد ؟ قال : وذاك منا ، أبغض الله من أبغضه وأحب ( الله ) من
أحبه ، قلت : فما تقول في عمار ؟ قال : وذاك منا ، أبغض الله من أبغضه
وأحب من أحبه ، قال جابر : فخرجت لأبشرهم فلما وليت قال : إلي
( يا جابر ) إلي يا جابر ، وأنت منا ، أبغض الله من أبغضك وأحب ( الله ) من
أحبك ، قال : فقلت : يا رسول الله ! فما تقول في علي بن أبي طالب عليه السلام ؟
فقال : ذاك نفسي ، قلت : فما تقول في الحسن والحسين عليهما السلام ؟ قال : هما
00000000000000000
( 1 ) إختيار معرفة الرجال : 21 ، وفيه : (
قد أتيت ، لقالت طائفة مجنون ) .
( 2 ) الإختصاص : 221 ، وفيه : ( لا تغلظن ) .
( 3 ) جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام الأنصاري من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وآله شهد
بدرا ، وكان من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام وممن انقطع
لأهل البيت ، أخبره
النبي بأنك ستدرك رجلا من أهل بيتي اسمه اسمي وشمائله شمائلي يبقر العلم بقرا ،
وأدرك
الباقر عليه السلام وبلغه سلام رسول الله صلى الله عليه وآله .
( 4 ) في المصدر : بحر العلم .
‹ صفحه 210 ›
روحي وفاطمة أمهما ابنتي ، يسوءني ما ساؤها ويسرني ما سرها ، اشهد الله إني
حرب لمن حاربهم ، سلم لمن سالمهم ، يا جابر ! إذا أردت أن تدعو الله
فيستجيب لك فادعه بأسمائهم فإنها أحب الأسماء إلى الله عز وجل ) ( 1 )
وتقدم عنه فيه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : ( سلمان بحر
لا ينزف وكنز لا ينفد ، سلمان منا أهل البيت ، سلسل يمنح الحكمة ويؤتى
البرهان . ) ( 2 )
وعن أبي البختري ، عن علي عليه السلام إنه سئل عن سلمان فقال :
( علم العلم الأول والعلم الآخر ، ذاك بحر لا ينزف ) ( 3 )
وفي شمع اليقين عن فردوس الديلمي قال : ( قال النبي صلى الله عليه
وآله : يا سلمان ! أنت منا أهل البيت ، وقد أتاك العلم الأول والعلم الآخر
والكتاب الأول والكتاب الآخر . )
وعن كتاب الغارات للشيخ الثقة الجليل ، إبراهيم بن محمد الثقفي
مرسلا عن أبي عمر والكندي ( 4 ) ، قال : ( كنا ذات يوم عند علي عليه السلام ،
فوافق
الناس منه طيب نفس ومزاح فقالوا : عن أصحاب محمد صلى الله عليه وآله ،
قال : كل أصحاب محمد أصحابي ، فعن أيهم تسألونني ؟ فقالوا : عن الذين
رأيناك تلطفهم بذكرك وبالصلاة عليهم دون القوم ، قال : عن أيهم ؟ قالوا :
حدثنا عن عبد الله بن مسعود ، قال : قرأ القرآن وعلم السنة وكفى بذلك ،
قالوا : فوالله ما درينا بقوله : وكفى بذلك كفى بقراءة القرآن وعلم السنة أم
كفى بعبد الله ، قال : فقلنا : حدثنا عن أبي ذر ، قال : كان يكثر السؤال فيعطى
ويمنع وكان شحيحا حريصا على دينه ، حريصا على العلم الجزم ، قد ملئ في
000000000000000000
( 1 ) الإختصاص : 223 - 222 و 341 .
( 2 ) الإختصاص : 223 - 222 و 341 .
( 3 ) شرح النهج 18 : 34 .
( 4 ) المراد بن زاذان وفي تقريب التهذيب : ( أبو عمر الكندي البزاز - بالمعجمتين
بمعنى بياع الثوب
يكنى أبا عبد الله أيضا ، صدوق ، مات سنة اثنين وثمانين ) ، وقيل : كان يبيع
الكرابيس ، وتوفي
بالكوفة أيام الحجاج بن يوسف بعد الجماجم .
‹ صفحه 211 ›
وعاء له حتى امتلأ وعاؤه علما حجز فيه ، قالوا : فوالله ما درينا بقوله : عجز
فيه ، أعجز عن كشفه ما كان عنده أو عجز عن مسألته ، قلنا : حدثنا عن
حذيفة بن اليمان ، قال : علم أسماء المنافقين وسئل عن المعضلات حين غفل
عنها ، ولو سألوه لوجدوه بها عالما ، قالوا : فحدثنا عن سلمان الفارسي ، قال :
من لكم بمثل لقمان ( الحكيم ) وذلك امرء منا والينا أهل البيت ، أدرك
العلم الأول وأدرك العلم الآخر وقرأ الكتاب الأول وقرأ الكتاب الآخر ،
بحر لا ينزف ، قلنا : فحدثنا عن عمار بن ياسر ، قال : ذلك امرء خالط الله
الإيمان بلحمه ودمه وشعره وبشره حيث زال زال معه ولا ينبغي للنار أن
تأكل منه شيئا ، قلنا : فحدثنا عن نفسك ، قال عليه السلام : مهلا نهانا الله عن
التزكية ، قال له رجل : فإن الله يقول : ( وأما بنعمة ربك فحدث ) ( 1 ) ، قال :
فإني أحدث بنعمة ربي ، كنت والله إذا سئلت أعطيت وإذا سكت ابتديت ( 2 )
وإن تحت الجوانح مني لعلما جما ، فاسألوني - الخبر . ) ( 3 )
ورواه القرماني في كتاب أخبار الدول ، إلا أنه لتأسيه بسلفه ممن
حرف الكلم عن مواضعه ساق الخبر إلى قوله : قلنا : فحدثنا ، وحذف آخره
مما يتعلق بفضله عليه السلام : ( قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور ) ( 4
)
وروى الصدوق رحمه الله في المجلس الثالث والأربعين من أماليه عن
أبيه ، قال : حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب ، عن أحمد بن علي الإصبهاني ، عن
إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : حدثنا أبو غسان النهدي ، قال : حدثنا يحيى بن
سلمة بن كهيل ، عن أبيه ، عن أبي إدريس ، عن المسيب بن نجية ، عن علي
عليه السلام أنه قيل له : ( حدثنا عن أصحاب محمد صلى الله عليه وآله ، حدثنا عن
أبي ذر الغفاري ، قال : علم العلم ثم أوكاه وربط عليه رباطا شديدا ، قالوا :
0000000000000000000
( 1 ) الضحى : 11 .
( 2 ) أراد عليه السلام : إذا سألت النبي صلى الله عليه وآله أعطاني وإذا سكت
ابتداني .
( 3 ) الغارات 1 : 178 ، أقول : روي أيضا في تاريخ ابن عساكر 7 : 300 ورواه في
البحار مقطعا في
10 : 123 و 22 : 329 .
( 4 ) اقتباس من الكريمة آل عمران : 119 .
‹ صفحه 212 ›
فعن حذيفة ، قال : يعلم أسماء المنافقين ، قالوا : فعن عمار بن ياسر ، قال : مؤمن
ملئ مشاشه إيمانا سني إذا ذكر ، قيل : فعن عبد الله بن مسعود ، قال
قرأ القرآن فنزل ( 1 ) عنده ، قالوا : فحدثنا عن سلمان الفارسي ، قال : أدرك
العلم الأول ( 2 ) والآخر وهو بحر لا ينزح وهو منا أهل البيت ، قالوا : فحدثنا
عنك ( يا أمير المؤمنين ) ، قال : كنت إذا سألت أعطيت وإذا سكت
ابتديت . ) ( 3 ) ، ورواه النيسابوري في روضة الواعظين ( 4 ) .
المشاشة - بالضم - واحد المشاش وهي رؤوس العظام اللينة التي
يمكن مضغها ، كمرفقين والكفين والركبتين ، قوله عليه السلام : ( قرأ القرآن
فنزل عنده ) أي لم يتجاوز عنها إلى ساير الفضائل ولم يتعلم غيرها من الحكم
والفواضل ، وفيه إشارة إلى أن مراده عليه السلام في رواية الثقفي في حقه :
( وكفى بذلك ) ، هو الاحتمال الأول الذي ذكره الراوي وإن زاد فيها :
( علم السنة ) .
وفي البحار : ( وفي بعض النسخ : فبرك عنده ، من بروك الناقة ،
وكان فيه إشعارا بعدم توسله بأهل البيت عليهم السلام ويحتمل على الأول عود
ضمير ( نزل ) إلى القرآن وضمير ( عنده ) إلى ابن مسعود ، إشارة إلى كونه
من كتاب الوحي ، انتهى . ) ( 5 )
قلت : أما الإشعار فينافيه صدر حديث الغارات ، وأما ما احتمله فمع
عدم الفرق بين النسختين في غاية البعد ، فإن تفريع النزول على القراءة صريح
في أنه غاية سيره ومنتهى قصده ، وأما نزول القرآن عنده فلا معنى لترتبه على
القراءة بل النزول مقدم عليه بالمعنى الذي ذكره ، مع أن التعبير عن الوصف
المذكور بنزول القرآن عنده مستهجن جدا ، والله العالم ، ثم إن الظاهر اتحاد
000000000000000000000
( 1 ) في المصدر : علم الأول .
( 2 ) فبرك ( خ ل ) .
( 3 ) أمالي الصدوق : 208 ، أقول : أوكى القربة : شد رأسها ، القربة بالفارسية :
مشك .
( 4 ) روضة الواعضين : 218 .
( 5 ) بحار الأنوار 22 : 319 .
‹ صفحه 213 ›
الخبرين فلا تغفل .
وروى الشيخ المؤتمن أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي ( 1 ) رحمه الله في
كتاب الإحتجاج مرسلا عن الأصبغ بن نباته ( 2 ) قال : ( خطبنا أمير المؤمنين
عليه السلام على منبر الكوفة فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ! سلوني
قبل أن تفقدوني فإن بين جوانحي علما جما ، فقام إليه ابن الكوا ( 3 ) فقال :
يا أمير المؤمنين ! ما الذاريات ذروا ؟ فأجابه ، وسئل أشياء ثم قال :
يا أمير المؤمنين ! أخبرني عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال عليه
السلام : عن
أي أصحاب رسول الله تسألني ؟ قال : يا أمير المؤمنين ! أخبرني عن أبي ذر
الغفاري ، قال عليه السلام : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ما أظلت
الخضراء ولا أقلت الغبراء ( 4 ) على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ، قال :
يا أمير المؤمنين ! فأخبرني عن سلمان ( الفارسي ) ؟ قال عليه السلام : بخ بخ سلمان
منا أهل البيت ومن لكم بمثل لقمان الحكيم علم علم الأول وعلم الآخر . ) ( 5 )
000000000000000000
( 1 ) أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب
الطبرسي ، عالم فاضل محدث ثقة من أجلاء أصحابنا
المتقدمين ، وكان موضع اعتماد الشهيد في شرح الإرشاد فكثيرا ما نقل فتاواه وأقواله
، له مصنفات
كالكافي في الفقه ومفاخرة الطالبية ، لم تحدد لنا المصادر سنة ولادته ووفاته إلا
أن المحقق آغا بزرك
الطهراني استنتج سنة وفاته من معاصريه وتلامذته وعدة ممن أدركوا أوائل القرن
السادس الهجري
وقيل : توفي في حدود سنة 620 .
( 2 ) أصبغ بن نباته المجاشعي الحنظلي ، كان من خاصة أمير المؤمنين ومن ذخائره
وبايعه على الموت
وكان من ثقاته ، روى أنه دعا يوما ابن أبي رافع كاتبه فقال : أدخل عشره من ثقاتي
وسماه في
أولهم ، كان رحمه الله من فرسان أهل العراق وكان يوم صفين على شرطة الخميس وكان
شيخا
ناسكا عابدا ، روى عن أمير المؤمنين عهده للأشتر ووصيته لمحمد بن الحنفية وعمر بعد
علي عليه السلام
ومات مشكورا .
( 3 ) اسمه عبد الله وهو خارجي ملعون قرأ خلف أمير المؤمنين عليه السلام جهرا : (
ولد أوحي
إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ) وكان
عليه السلام يؤم الناس وهو يجهر ، فسكت حتى سكت ابن الكوا ثم عاد في قراءته فعاد
حتى فعل
ذلك ثلاثا فلما كان في الثالثة قرأ عليه السلام : ( فاصبر إن وعد الله حق ولا
يستخفنك الذين
لا يوقنون ) .
( 4 ) قال في النهاية : في الحديث : ( ما أظلت الخضراء - الخ ) الخضراء : السماء ،
والغبراء : الأرض
للونهما ، أراد إنه متناه في الصدق إلى الغاية ، فجاء به على اتساع الكلام والمجاز
.
( 5 ) الإحتجاج 1 : 260 .
‹ صفحه 214 ›
وروى الحسين بن حمدان الحضيني في كتابه الذي يأتي إليه الإشارة
في باب تزويجه ، عن أبي العباس أحمد بن يوسف الشامي ، قال : حدثني
إسحاق بن محمد ، قال : حدثني جعفر بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن المنذر
الخوارزمي قال : ( خرج علينا الصادق عليه السلام وعليه جبة هروية صفراء
فجعل يقول : أما السفينة فكذا وأما الغلام فكذا وأما الجدار فكذا وأما
الغلامان اليتيمان والكنز فكذا ، ولقد صفر على رأس اليتيمين طائر أسود ثم
سقط في البحر بمنقاره وطلع ، فقال العالم الذي أقام الجدار لليتيمين : تعلمان
ما يقول هذا الطائر ؟ قالا : لا ، قال : أنه لا حلف إن ما علمكما في علم
سلمان الفارسي إلا كمثل ما أخذه من هذا البحر بمنقاره ، وما علم سلمان
في علم أمير المؤمنين عليه السلام إلا بمنزلة بحر يمده من بعده سبعة أبحر ،
بجانبها عين
منها مزيدها ، والعين رسول الله صلى الله عليه وآله . )
الهروي منسوب إلى الهرات ، والصفير ضرب من الأصوات ، والظاهر
أن قوله : لليتيمين متعلق بأقام ، لا بقوله : فقال ، والخاطب في قوله : تعلمان ،
هما موسى ويوشع ، وكذا في قوله : ما علمكما ، ويحتمل أن يكونا هنا هما
العالم ، وهو الخضر ، وموسى عليهما السلام .
ثم أنه ينافي ظاهر هذا الخبر ما نقله في البحار عن رياض الجنان عن
الأربعين للسيد حسين بن دحية بن خليفة الكلبي بإسناده عن عمار بن خالد ،
ورواه أسعد بن إبراهيم بن الحسن بن علي الحنبلي الإربلي في أربعينه أيضا
عنه ، عن إسحاق الأزرق ، عن عبد الملك بن سليمان قال : ( وجد في ذخيرة
أحد حواري المسيح رق ( 1 ) فيه مكتوب بالقلم السرياني : منقول من التورية إنه
لما تشاجر موسى والخضر عليهما السلام في قصة السفينة والغلام والجدار ، ورجع
موسى إلى قومه سأله أخوه هارون عليه السلام عما استعمله من الخضر عليه السلام
وشاهده من عجائب البحر ، قال : بينا أنا والخضر على شاطئ البحر إذ سقط
بين أيدينا طائر أخذ في منقاره جرعة ( 2 ) ورمى بها نحو المشرق ، وأخذ ثانية
ورماها
00000000000000000
( 1 ) رق - بالفتح - : الصحيفة البيضاء أو
جلد رقيق يكتب فيه .
( 2 ) قطره ( خ ل ) ، أقول : في المصدر أيضا كذا .
‹ صفحه 215 ›
في المغرب ، وأخذ ثالثة ورمى بها نحو السماء ، ورابعة ( رماها ) إلى الأرض ،
ثم أخذ خامسة وعاد ألقاها في البحر ، فبهتنا لذلك فسألت الخضر عليه السلام
عن ذلك فلم يجب ، وإذا نحن بصياد يصطاد فنظر إلينا وقال : ما لي أراكما في
فكر وتعجب من الطائر ؟ قلنا : هو ذلك ، قال : أنا رجل صياد قد علمت
وأنتما نبيان ما تعلمان ؟ قلنا : ما نعلم إلا ما علمنا الله ، قال هذا طائر في
البحر يسمى مسلم ، لأنه إذا صاح يقول في صياحه : مسلم ، فأشار برمي المياه
من منقاره إلى السماء والأرض والمشرق والمغرب إلى أنه يبعث نبي بعدكما
تملك أمته المشرق والمغرب ، ويصعد إلى السماء ويدفن في الأرض ، وأما رميه
الماء في البحر يقول : إن علم العالم عند علمه مثل هذه القطرة ، ووارث علمه وصيه
وابن عمه ، فسكن ما كنا فيه من المشاجرة ، واستقل كل واحد منا علمه بعد
أن كنا معجبين بأنفسنا ، ثم غاب الصياد عنا فعلمنا أنه ملك بعثه الله تعالى
إلينا ليعرفنا حيث ادعينا الكمال . ) ( 1 )
أقول : وينافي ظاهرهما معا ما رواه العياشي والصفار ، فعن تفسير
الأول عن الصادق عليه السلام في حديث طويل في قصة موسى والخضر : ( قال :
( ثم ) إنه جاء طير فوقع على ساحل البحر ثم أدخل منقاره فقال : يا موسى ! ما
أخذت ( 2 ) من علم ربك ما حمل ظهر منقاري من جميع البحر ) ( 3 ) ، وفي بصائر
الثاني مسندا عن أبي جعفر عليه السلام قال : ( لما لقى موسى العالم كلمه وسأله ،
فنظر إلى خطاف يصفر ويرتفع في السماء ويتسفل في البحر ، فقال العالم
لموسى : أتدري ما يقول هذا الخطاف ؟ قال : وما يقول ؟ قال : يقول : ورب
السماء و ( رب ) الأرض ما علمكما من علم ربكما إلا مثل ما أخذت بمنقاري
من هذا البحر ، قال : فقال أبو جعفر عليه السلام : أما ( إني ) لو كنت عندهما
لسئلتهما عن مسألة لا يكون عندهما فيها علم ) ( 4 )
0000000000000000000
( 1 ) بحار الأنوار 13 : 3 - 312 ، أقول :
وفيه : ( وورث علمه وصيه )
( 2 ) في المصدر : ما اتخذت .
( 3 ) تفسير العياشي 2 : 332 .
( 4 ) بصائر الدرجات : 250 .
‹ صفحه 216 ›
ويمكن إرجاعهما إلى ما في التورية بكون الرب المضاف فيهما كناية
عن سيد النبيين أو وصيه ، كما في قوله تعالى : ( وأشرقت الأرض بنور ربها ) ( 1 ) ،
وقوله تعالى : ( وكان الكافر على ربه ظهيرا ) ( 2 ) ، وقوله تعالى ( وجوه يومئذ
ناضرة إلى ربها ناظرة ) ( 3 ) ، وغير ذلك مما فسر به وبأوصيائه عليه السلام ، وحيث
إن علم سلمان من علمه صلى الله عليه وآله كالبحر المستمد من سبعة أبحر
المستمدة من العين ، يكون ما نسبته إلى علمه صلى الله عليه وآله كالقطرة من البحر
بالنسبة إلى علم سلمان ، كذلك بأدنى تفاوت ، فلا فرق في مقام الاستقلال
أن ينسب علمهما إلى علم سلمان أو علمه صلى الله عليه وآله .
نعم ، يبقى الإشكال في تلك الأخبار إن القائل المفسر في الأول
والرابع هو العالم ، وفي الثاني هو الصياد ، وفي الثالث هو الطائر المنبه
المستقل ، فلا تغفل ، فإن تعدد الواقعة محتمل في المقام ، والله العالم بسالفات
الأيام .
وفيه أيضا عن صالح بن أحمد الشيشي ، عن أحمد بن محمد بن خالد
البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان الزاهري ، عن المفضل بن عمر قال :
( سمعت جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام يقول : سلمان بحر لا ينزف ، أعطي
العلم الأول والآخر ، وما مثله في علم محمد صلى الله وآله وأمير المؤمنين
عليه السلام إلا بمنزلة بحر يمد يده من بعده سبعة أبحر ، قال المفضل : وسأله سائل
عن
علم محمد صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام فقرأ : ( ولو أن ما في الأرض من
شجرة
أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ) ( 4 ) ، وهي كلمات
محمد صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام ، لأنهما لسان الله الناطق عنه بأذنه .
)
وفي الكتاب المذكور عن محمد بن عامر ، عن إسماعيل بن علي
القمي ، عن عبد الله بن رجاء الفراتي ، عن إسرائيل ، عن يونس بن ظبيان ، عن
000000000000000000
( 1 ) الزمر : 69 .
( 2 ) الفرقان : 55 .
( 3 ) القيامة : 22 .
( 4 ) لقمان : 27 .
‹ صفحه 217 ›
أبي إسحاق الهمذاني عن حارث الأعور قال : ( سمعت أمير المؤمنين عليه السلام
يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : سلمان منا أهل البيت ، أدرك علم
الأولين وعلم الآخرين وإنه لكم مثل لقمان الحكيم . )
وفيه أيضا عن أحمد بن جعفر الفقيه البصري ، عن محمد بن عبد الله بن
مهران الكرخي ، عن زيد بن غياث ، عن جعفر بن محمد بن الفضل ، عن
مفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام قال : ( دخل
عليه أبو الخطاب محمد بن أبي زينب فرحب به وقبله وقربه وأقبل عليه فقال :
يا أبا الخطاب ! أصبحت عيبة علمنا وموضع سرنا وأمرنا ونهينا فكن لله على
ذلك شاكرا وبما أعطاك مستمسكا ولطاعته مؤثرا ، وأدب بما أدبك الله به
ولا تعدل من حيث أمرك ، فبكى أبو الخطاب وقال : ( رب أوزعني أن أشكر
نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضيه وأصلح لي في ذريتي
إني تبت إليك وإني من المسلمين ) ( 1 ) ، فقال له الصادق عليه السلام : يا محمد !
إني
خاطبتك بما خاطب به جدي رسول الله صلى الله عليه وآله سلمان وقد دخل عليه
عند أم أيمن فرحب به وقربه وقال : أصبحت يا سلمان عيبة علمنا ومعدن
سرنا ومجمع أمرنا ونهينا ومؤدب المؤمنين بآدابنا ، أنت والله الباب الذي بوأ
علمنا وفيك يتبوأ علم التأويل والتنزيل وباطن السر وسر السر ، فبوركت
أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وحيا وميتا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله هذا
القول لسلمان وقلت أنا لك يا محمد . )
أقول : وهذا الخبر مع ضعف سنده مخالف لما عليه الأصحاب قديما
وحديثا من انحراف أبي الخطاب عن الطريقة وإبداعه المناكير التي ملأت منها
الطوامير ، ويمكن لو صح الخبر أن يكون هذا الكلام منه عليه السلام فيه قبل انحرافه
وتخليطه ، وليس بغريب أن يبلغ الرجل أقصى درجات الإيمان ثم يضله الله
ويستحوذ عليه الشيطان ، هذا ابن باعورا بلعم صاحب الاسم الأعظم نزل فيه
في الكتاب المبين : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه
الشيطان
فكان من الغاوين ) ( 2 ) ، ولو رمت زيادة في البصيرة فراجع ترجمة الشلمغاني
00000000000000000
( 1 ) الأحقاف : 15 .
( 2 ) الأعراف : 175 .
‹ صفحه 218 ›
وأبي طاهر بن بلال وغيرهما مما هو مذكور في كتب
الرجال تظهر لك حقيقة
الحال ، مع أن اشتمال الخبر على ما انعقد الاجماع على خلافه لا يضر بجزئه
الآخر الذي لا يعارضه شئ من الأدلة ، سيما فيما لو كان كل منهما مستقلا ،
بل وفيما أيد هذا الجزء بغيره من الأخبار - كما قرر في محله - .
وروى الحسين بن حمدان في الكتاب المذكور بسند يأتي : ( إن النبي
صلى الله عليه وآله قال : إن سلمان علم من علمي ما هو في قلبه من علم ما كان
وما هو كائن . )
وروى أبو عمرو الكشي رحمه الله عن جبرئيل بن أحمد ، قال : حدثني
محمد بن عيسى ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن الفضيل بن يسار ، عن
أبي جعفر عليه السلام قال : ( قال لي : تروي ما يروي الناس أن عليا عليه السلام
قال في سلمان : أدرك علم الأول وعلم الآخر ؟ قلت : نعم ، قال : فهل
تدري ما عنى ؟ قلت : يعني علم بني إسرائيل وعلم النبي صلى الله عليه وآله ، قال :
ليس هكذا يعني ولكن علم النبي صلى الله عليه وآله وعلم علي عليه السلام وأمر النبي
صلى الله عليه وآله وأمر علي عليه السلام . ) ( 1 )
أقول : عدم إرادته هذا المعنى من هذا الكلام لا يدل على عدم إدراكه
علم بني إسرائيل ، بل مر في حديث الغارات : إنه قرأ الكتاب الأول وقرأ
كتاب الآخر ، وفي رواية الحضيني : إنه أدرك علم الأولين وعلم الآخرين ،
ويأتي عن كنز الكراجكي أنه قال لأمير المؤمنين عليه السلام بعد ما عد عليه السلام
له
من مناقبه شطرا : ( يا أمير المؤمنين ! قد وجدتك في التورية كذلك وفي الإنجيل
كذلك ، بأبي أنت وأمي يا قتيل كوفان ) ، وتقدم عن المفيد : ( خصه الله من
العلوم بأولها وآخرها ) ، وفي مشكاة المصابيح في حديث اختصرناه : ( إن
أبا هريرة قال لخيثمة بن أبي يسرة الكوفي : أليس فيكم سلمان صاحب
الكتابين يعني الإنجيل والقرآن ؟ رواه الترمذي ) ( 2 ) ، وتقدم عن كتاب
000000000000000000
( 1 ) إختيار معرفة الرجال : 16 .
( 2 ) مشكاة المصابيح : 698 .
‹ صفحه 219 ›
عبد الملك عن الصادق عليه السلام : ( إن سلمان كان أدركه العلم الأول إنه
كان على الشريعة من دين عيسى عليه السلام - الخ . )
بل الظاهر المتبادر من قوله عليه السلام : ( أدرك العلم الأول والآخر )
أو مخصوص بهما - كما تقدم عن الإختصاص والأمالي وشرح النهج - ، هو ما
فهمه الراوي وأدركه ، ولعل ردعه إياه عما فهمه إنما هو في خبر ورد عنه
عليه السلام في مقام خاص ومورد معين دون كل ما ورد في هذا المقام بهذا
المضمون ، ويحتمل أن يكون نفيه عليه السلام فيما صدر عنه عليه السلام بالإضافة
كما في الخبر ، دون التوصيف كما مر ، ودعوى الظهور من كل منهما في كل
منهما غير بعيد بالنظر إلى بعض الأخبار ، كما لا يخفى على أولي الأبصار العارفين
بالآثار .
وعن أبي عبد الله المفيد رحمه الله في مجالسه ، عن شيخه جعفر بن محمد بن
قولويه ( 1 ) ، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس معا ، عن علي بن
محمد الأشعري ، عن الحسين بن نصر بن مزاحم ، عن أبيه ، عن عمرو بن شمر ،
عن جابر ( بن يزيد الجعفي ) ، عن أبي جعفر ( الباقر ) عليه السلام قال : ( سمعت
جابر بن عبد الله بن حزام الأنصاري يقول : لو نشر سلمان وأبو ذر رحمهما الله
لهؤلاء الذين ينتحلون مودتهم أهل البيت لقالوا : هؤلاء كذابون ، ولو رأى
هؤلاء أولئك لقالوا : مجانين . ) ( 2 )
أقول : وتلك الرؤية لمن لم يكن علمه محيطا بالأشياء ، كلياتها
وجزئياتها ، إنما تتحقق في يوم تتقلب فيه القلوب والأبصار ، وأشير إلى كيفية
الأول في قوله تعالى : ( يوم تبلى السرائر ) ( 3 ) ، وإلى الثاني في قوله تعالى :
( فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) ( 4 ) ، وأما وجه التكذيب مع النشر
000000000000000000000
( 1 ) أبو القاسم جعفر بن محمد بن جعفر بن
موسى بن قولويه القمي ، الفقيه الأقدم المتفق على جلالته
ووثاقته وتبحره في الفقه والحديث ، قال في تنقيح المقال : إن وثاقته من المسلمات ،
توفي رحمه الله سنة
367 . له مصنفات منها كامل الزيارة .
( 2 ) أمالي المفيد : 214 .
( 3 ) الطارق : 9 .
( 4 ) ق : 22 .
‹ صفحه 220 ›
فمع وضوحه سيشرح في الأخبار الآتية .
وفي باب العشرة من الخصال ، عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن
أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن أبي عبد الله الرازي ، عن ( الحسن بن
علي ) ابن أبي عثمان ، عن محمد بن حماد ، عن عبد العزيز القراطيسي ، قال :
( قال لي أبو عبد الله عليه السلام : يا عبد العزيز ! إن الإيمان عشر درجات بمنزلة
السلم ، يصعد منه مرقاة بعد مرقاة ، فلا يقولن صاحب الواحد لصاحب
الاثنين لست على شئ ، حتى ينتهي إلى العاشرة ، ولا تسقط من هو دونك
فيسقطك من هو فوقك ، فإذا رأيت من هو أسفل منك ( درجة ) فارفعه إليك
برفق ولا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره ، فإن من كسر مؤمنا فعليه جبره ،
وكان المقداد في الثامنة ، وأبو ذر في التاسعة ، وسلمان في العاشرة . ) ( 1 )
وفيه عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ،
عن الحسين بن معاوية ، عن محمد بن حماد ( أخي يوسف بن حماد الخزاز ) ،
عن عبد العزيز القراطيسي ، قال : ( دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فذكرت له
شيئا من أمر الشيعة ومن أقاويلهم فقال : يا عبد العزيز ! ( إن ) الإيمان عشر
درجات بمنزلة السلم ، له عشر مراقي يرتقي ( 2 ) منه مرقاة ، فلا يقولن
صاحب الواحد ( ة ) لصاحب الثانية : لست على شئ ، ( ولا يقولن صاحب
الثانية لصاحب الثالثة : لست على شئ ) ، حتى انتهى إلى العشرة ، ( ثم )
قال : وكان سلمان في العاشرة ، وأبو ذر في التاسعة ، والمقداد في الثامنة ،
يا عبد العزيز ! لا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك ، ( و ) إذا رأيت
الذي هو دونك فقدرت أن ترفعه إلى درجتك رفعا رفيقا ، فافعل ، ولا تحملن
عليه ما لا يطيقه فتكسره ، فإن ( 3 ) من كسر مؤمنا فعليه جبره ، لأنك إذا ذهبت
تحمل ( على ) الفصيل حمل البازل فسخته . ) ( 4 )
الفصيل : ولد الناقة عن أمه ، البازل من الإبل : ما تم له
000000000000000000
( 1 ) الخصال 2 : 8 - 447 .
( 2 ) في المصدر : ترتقى ، فإنه .
( 3 ) في المصدر : ترتقى ، فإنه .
( 4 ) الخصال ( : 448 .