‹ صفحه 251 ›
الشياطين وكان لوائهم ، ولم يكن لهم لواء غيره .
وقد أخذ خطامه ( 1 ) سبعون رجلا من قريش ، ما نجا منهم واحد ، إلى
أن صاح علي عليه السلام : ( اعقروا الجمل ، إن تعقر الجمل تفرق الناس ) ، أو
نادى مناديه عليه السلام : ( عليكم بالبعير فإنه شيطان ) ، وانتدب له رجل يقال
له : بحر بن ولجة الكلابي ، فضرب ساقه فسقط إلى الأرض ، أو عقره رجل
برمحه وقطع إحدى يديه رجل آخر ، فبرك ورغا ( 2 ) وصاحت عايشة صيحة
عظيمة ، فانهزم أصحابها .
وعلم أهل المدينة بوقعة الجمل من يومها من البصرة قبل أن تغيب
الشمس ، وذلك لما كانت تمر به النسور حول المدينة من الأعضاء : من يد
أو رجل أو عضد ، فيتساقط عليها ، ووجد فيه كف فيه خاتم نقشه :
عبد الرحمن بن عتاب ، وعلم من بين مكة والمدينة بمثل ذلك ، لما يتساقط من
النسور عليهم من أعضاء بني آدم .
وليس بغريب ، فقد ذكر الدميري في حياة الحيوان : ( إنه أشد الطير
طيرانا وأقواها جناحا ، حتى إنه ليطير ما بين المشرق والمغرب في يوم واحد
- انتهى ) ( 3 ) ، وبين المشرق والمغرب الحقيقيين على رأي القدماء : أربعة آلاف
فرسخ ، وعلى رأي المتأخرين : ثلاثة آلاف وأربعمأة فرسخ ، فإن الدرجة
الواحدة الأرضية عند القدماء : اثنان وعشرون فرسخا وتسعا فرسخ ، وعند
المتأخرين : تسعة عشر فرسخا إلا تسع ، ومضروب الأول في ثلاثمأة وستين
- محيط الدائرة - ثمانية آلاف فرسخ ، ونصفه ما ذكرنا ، ومضروب الثاني فيها
ستة آلاف وثمانمأة ، ونصفه ما عرفت ، وفي التحفة ما لفظه : ( ويقولون إنه
يسير في يوم واحد أزيد من ألفي فرسخ ، لأنه لو لطخ أولاده بالزعفران يحسبه
يرقان ، فيأتي في يوم واحد بجحر اليرقان من سرنديب ، والمسافة بينهما ذهابا
وإيابا أزيد من ألفي فرسخ ) .
000000000000000000
( 1 ) خطام : ما وضع في آنف البعير لتعاد به
.
( 2 ) برك البعير : استناخ وألقى بركه - وهو صدره - بالأرض ، رغى البعير : صوتت
فضجت .
( 3 ) حياة الحيوان 2 : 351 .
‹ صفحه 252 ›
وفي الإرشاد للشيخ الأعظم أبي عبد الله المفيد : ( حدث جماعة من
فزارة وبجيلة ، قالوا : كنا مع زهير بن القين البجلي ، حين أقبلنا من مكة ،
فكنا نساير الحسين ( بن علي ) عليه السلام ، فلم يكن شئ أبغض إلينا من أن
ننازله في منزل ، فإذا سار الحسين عليه السلام ونزل في جانب ، فبينا نحن جلوس
نتغذى من طعام لنا ، إذ أقبل رسول الحسين عليه السلام حتى سلم ، ثم دخل
فقال يا زهير بن القين ! إن أبا عبد الله الحسين عليه السلام بعثني إليك لتأتيه ،
فطرح كل إنسان منا ما في يده ، حتى كأن على رؤوسنا الطير ، فقالت له
امرأته : سبحان الله ! أيبعث إليك ابن ( بنت ) رسول الله صلى الله عليه وآله ثم
لا تأتيه ، لو أتيته فسمعت من كلامه ثم انصرفت ، فأتاه زهير بن القين فما لبث
أن جاء مستبشرا قد أشرق وجهه ، فأمر بفسطاطه وثقله ورحله ومتاعه فقوض
وحمل إلى الحسين عليه السلام ، ثم قال لامرأته : أنت طالق ، ألحقي بأهلك فإني
لا أحب أن يصيبك بسببي إلا خيرا ، ثم قال لأصحابه : من أحب منكم أن
يتبعني وإلا فهو آخر العهد ، إني سأحدثكم حديثا : أنا غزونا البحر ففتح الله
علينا وأصبنا غنائم ، فقال لنا سلمان الفارسي رحمه الله : أفرحتم بما فتح الله
عليكم وأصبتم من الغنائم ؟ قلنا : نعم ، فقال : إذا أدركتم سيد شباب آل محمد
فكونوا أشد فرحا بقتالكم معهم مما أصبتم اليوم من الغنائم ، فإما أنا
فأستودعكم الله ، قالوا : ثم والله ما زال في القوم مع الحسين عليه السلام حتى
قتل ) .
ورواه السيد في اللهوف ( 2 ) وزاد بعد قوله : فقالت له امرأته : ( وهي
ديلم بنت عمرو ) ، وبعد قوله : إلا خيرا : ( وقد عزمت على صحبة الحسين
عليه السلام لأفديه بروحي وأقيه بنفسي ، ثم أعطاها ( مالها ) وسلمها إلى بعض
بني عمها ليوصلها إلى أهلها ، فقامت إليه وبكت وودعته وقالت : ( كان الله
00000000000000000
( 1 ) الإرشاد : 221 .
( 2 ) اللهوف : 31 .
‹ صفحه 253 ›
عونا ومعينا ) خار الله لك ( 1 ) ، أسألك أن تذكرني في القيامة عند جد الحسين
عليه السلام ) .
قوله : كأن على رؤوسنا الطير : أي بقينا متحيرين لا نتحرك ، وعن
الجزري في وصف الصحابة : كأنما على رؤوسهم الطير : وصفهم بالسكون
والوقار ، وإنه لم يكن فيهم طيش ولا خفة ، لأن الطير لا تكاد تقع إلا على
شئ ساكن ، وقيل : وأصله أن الغراب ينزل على رأس البعير فيلقط منه
الحملة والحنانة فلا يحرك البعير رأسه لئلا ينفر عنه الغراب ، والتقويض :
قلع البناء والخباء .
وكان لزهير بن القين رحمه الله منزلة عظيمة عند الحسين عليه السلام حيث
جعله على ميمنته حين عبأ أصحابه للحرب ، ولما أراد عليه السلام أن يصلي
الظهر قال له ولسعيد بن عبد الله الحنفي : تقدما أمامي حتى أصلي الظهر ،
فتقدما أمامه عليه السلام في نحو من نصف أصحابه حتى صلى بهم صلاة الخوف .
وفي الزيارة التي خرجت من الناحية المقدسة عن العسكري عليه السلام :
( السلام على زهير بن القين البجلي ، القائل للحسين وقد أذن له في
الانصراف : ألا والله لا يكون ذلك أبدا ، أأترك ابن رسول الله صلى الله عليه وآله
أسيرا في يد الأعداء وأنجو ؟ لا أراني الله ذلك أبدا ) ( 2 ) .
وفي الأمالي أنه لما أذن عليه السلام لأصحابه بالانصراف : ( وقام إليه
رجل يقال له : زهير بن القين البجلي ، فقال : يا بن رسول الله ! وددت أني
قتلت ثم نشرت ، ( ثم قتلت ثم نشرت ) ، ثم قتلت ثم نشرت فيك وفي الذين
معك مأة قتلة ، وإن الله دفع بي عنكم أهل البيت ، فقال له ولأصحابه :
جزيتم خيرا ) ( 3 ) .
وفي كتب المقاتل : ( إنه لما خرج للمبارزة كان يرتجز ويقول :
0000000000000000
( 1 ) خار الله لك : أعطاك ما هو خير لك .
( 2 ) بحار الأنوار 45 : 71 ، وفيه : ( لا أراني الله ذلك اليوم ) .
( 3 ) أمالي الصدوق : 133 .
‹ صفحه 254 ›
أنا زهير وأنا ابن القين
أذودكم بالسيف عن حسين
إن حسينا أحد السبطين
من عترة البر التقي الزين
ذاك رسول الله غير المين
أضربكم ولا أرى من شين ( 2 )
يا ليت نفسي قسمت قسمين ( 3 )
فقاتل حتى قتل مأة وعشرين رجلا ، فشد عليه كثير بن عبد الله
الشعبي ومهاجر بن أوس التميمي ، فقتلاه ، فقال الحسين عليه السلام حين صرع
زهير : لا يبعدك الله يا زهير ، لعن الله من قتلك ، لعن الذين مسخوا قردة
وخنازير ) ( 4 ) .
وفي الأمالي ( 5 ) إنه برز بعد الحر وهو يقول مخاطبا للحسين عليه السلام :
اليوم نلقى جدك النبيا
وحسنا والمرتضى عليا
فقتل منهم تسعة عشر رجلا ثم صرع وهو يقول : - وذكر البيت الأول
إلا أن فيه : ( أذبكم ) بدل ( أذودكم ) .
ثم إن هذه الغزوة التي أشار إليها زهير ، ويظهر منه إن سلمان كان
في الغزوة أيضا ، لم يعلم أنها كانت في عهد النبي صلى الله عليه وآله ، أو في
خلافة
بن الخطاب ، بل الظاهر هو الثاني ، إذ الأولى محصورة وليس منها غزوة في
البحر ، بل وكذلك سراياه ، نعم ، ذكر بعضهم ( سرية . بي عبيدة بن
000000000000000000
( 1 ) ذاد الراعي أبله عن الماء : منعها .
( 2 ) مين : كذب ، شين : خلاف الزين .
( 3 ) أي قسما أفديه عليه السلام وقسما نحرسه ونحفظه عليه السلام ( منه )
( 4 ) بحار الأنوار 45 : 25 ، وفيه : ( لعن الله قاتلك ) .
( 5 ) أمالي الصدوق : 136 .
‹ صفحه 255 ›
الجراح ) ( 1 ) في ثلاثمأة من المهاجرين والأنصار ، بعثها النبي صلى الله عليه
وآله إلى
حي من جهينية في ساحل البحر ، إلا أنه ذكر أنهم أقاموا بالساحل نصف
شهر فأصابهم جوع شديد ، حتى أكلوا الخبط - وهو ورق شجرة الطلح يبلونه
بالماء ثم يأكلونه - حتى تقرحت أشداقهم ( 2 ) ، وكان أبو عبيدة يعطي الواحد
منهم في اليوم والليلة تمرة واحدة يمصها ، وذكر أن النبي صلى الله عليه وآله زودهم
جرابا من التمر ، ثم ذكر أن قيس بن سعد بن عبادة اشترى خمس جزاير ، كل
جزور بوسق من التمر يوفيه بالمدينة ، ثم ذكر أن البحر رمى لهم دابة هائلة
كهيئة الكثيب الضخم ( 3 ) يقال لها : العنبر ، بحيث أن أبا عبيدة نصب ضلعا من
أضلاعها ومر تحته أطول رجل من القوم - وهو قيس بن سعد بن عبادة - راكبا
على أطول بعير لم يطأطأ رأسه ، وعن جابر قال : دخلت أنا وخمسة نفر عينها ، ما رآنا
أحد ولقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا فأقعدهم في وقب عينها ، فأكلوا
منها نحو شهر وكانوا يغرفون من وقب ( 4 ) عينها بالقلال ، كذا وكذا قلة ودك
- أي دسم اللحم - وصحبوا لحمها إلى المدينة .
أقول : وأين هذا من الغزوة التي أصابوا فيها الغنائم الكثيرة ، مع أنه
لم يذكر أحدهم زهيرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله ، وأما ما كانت في
عهد بن الخطاب ، فالأصحاب أعرضوا عن ذكر كيفيتها ، ولذا لم نقف على ما
تطمئن به النفس ، فتأسيت بهم فيه . ( 5 )
00000000000000000000
( 1 ) راجع المغازي الواقدي 2 : 755 .
( 2 ) الشدق - بالكسر والفتح - : جانب الفم .
( 3 ) الكثيب : التل من الرمل ، أي رمى لهم قريب منه .
( 4 ) الوقب : نقرة في الصخرة يجتمع فيها الماء .
( 5 ) روي هذا الخبر في تاريخ الطبري 7 : 1 - 290 ، إلا أن فيه : ( غزونا بلنجر
ففتح الله علينا
وأصبنا غنائم فقال لنا سلمان الباهلي - وفي روايات أخر سلمان الفارسي - الخ ) ،
وبلنجر من بلاد
الترك غزاهم المسلمون وأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وإنه في سنة 22 ، وفي
القمقام : بلنجر
- بفتح الموحدة واللام وسمون النون والجيم مفتوحة - مدينة ببلاد الخزر خلف باب
الأبواب قالوا :
فتحها عبد الرحمن بن ربيعة ، وقال البلاذري : سلمان ( أي فتحها سلمان ) بن ربيعة
الباهلي
وتجاوزها ولقيه خاقان في جيشه خلف بلنجرف ، استشهد وهو وأصحابه - الخ ) .
‹ صفحه 256 ›
وروى الكشي رحمه الله عن أبي عبد الله جعفر بن أحمد
( 1 ) شيخ من أهل
جرجان عامي ، قال : حدثنا محمد بن حميد الرازي ، قال : حدثنا علي بن
مجاهد ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن عبد الأعلى ، عن أبيه ، عن المسيب بن نجية
الفزاري ، قال : ( لما أتانا سلمان الفارسي قادما ، تلقيته ( 2 ) فيمن تلقاه فسار
حتى انتهى إلى كربلا ، ( فقال : ما تسمون هذه ؟ قالوا : كربلا ) ، فقال :
هذه مصارع إخواني ، هذا موضع رحالهم ، وهذا مناخ ركابهم ، وهذا مهراق
دمائهم ، قتل بها خير الأولين ( 3 ) ويقتل بها خير الآخرين ، ثم سار حتى انتهى
إلى حروراء ، فقال : ما تسمون هذه الأرض ؟ قالوا : حروراء ، فقال : حروراء
خرج بها شر الأولين ويخرج بها شر الآخرين ، ثم سار حتى انتهى إلى بانقيا ،
وبها جسر الكوفة الأول فقال : ما تسمون هذه ؟ قالوا بانقيا ، ثم سار حتى
انتهى إلى الكوفة ، قال : هذه الكوفة ؟ قالوا : نعم ، قال : قبة الإسلام ) ( 4 ) .
قوله : لما أتانا - الخ ، الظاهر أنه من المدينة إلى المدائن واليا عليها في
خلافة بن الخطاب بعد ما عزل حذيفة عنها .
وكون كربلا مصرع أبي عبد الله عليه السلام وأصحابه فمما لا شك فيه ،
إلا أنه يظهر من بعض القرائن إن المصرع وهو ( عموراء ) قريب منها وليس
فيها ، والوجه في النسبة حينئذ قربه بها - ككونه في الغاضرية أو نينوى - ، وفي
الإرشاد إن أبا عبد الله عليه السلام قال للحر بعدما أخذه في النزول في ذلك
المكان على غير ماء ولا قرية حين ما وصل إليه كتاب بن مرجانة : ( دعنا
ويحك ننزل في هذه القرية ، أو هذه - يعني نينوى والغاضرية - ، أو هذه - يعني
شفية ) ( 5 ) ، وذكر في صدر هذا الخبر في مسيره : ( حتى انتهوا إلى نينوى ،
المكان الذي نزل به الحسين عليه السلام ، فإذا راكب على نجيب - الخ ) ( 6 ) ، وفي
00000000000000000000
( 1 ) في المصدر : جعفر بن محمد .
( 2 ) في الأصل : تلقيناه ، يقتل .
( 3 ) ابن خير الأولين ( خ ل ) ، فيه الإسلام ( خ ل ) .
( 4 ) إختيار معرفة الرجال : 19 .
( 5 ) الإرشاد : 7 - 226 .
( 6 ) الإرشاد : 7 - 226 .
‹ صفحه 257 ›
بعض كتب المسالك : ( إن نينوى كورة في بابل العراق ، من اعمالها قرية
كربلا ) ، وفي فهرس الشيخ رحمه الله : ( حميد بن زياد من أهل نينوى ، قرية إلى
جانب الحائر - على ساكنه آلاف التحية والسلام ) . ( 1 )
وذكر في اللهوف ومطالب السؤل خطبة له عليه السلام لما عزم على
الخروج إلى العراق وفيها : ( كأني بأوصالي يتقطعها عسلان الفلوات بين
النواويس وكربلا ) ( 3 ) ، والنواويس : مقابر النصارى - كما في حواشي
الكفعمي ( 4 ) - ، وسمعنا إنها في المكان الذي فيه مزار حر بين يزيد رياحي من
شهداء الطف ، وهو في ما بين الغرب وشمال البلد ، وأما كربلا : فالمعروف
عند أهل تلك النواحي إنها قطعة من الأرض الواقعة في جنب نهر يجري من
قبلي سور البلد ويمر بمزار المعروف بابن حمزة ، منها بساتين ومنها مزارع والبلد
واقع بينهما .
وحيث بلغ بنا الكلام إلى هذا المرام ، فبالحري أن أزين كتابنا هذا
بذكر شطر من فضائل كربلا ، ونقتصر منها على ثلاثة أحاديث :
روى أبو سعيد العصفري عباد الكوفي في كتابه - وهو مشتمل على
تسعة عشر حديثا - عن عمرو بن ( يزيد ) بياع السابري ، عن جعفر بن محمد
عليهما السلام قال : ( إن أرض الكعبة قالت : من مثلي وقد جعل بيت الله على
ظهري ، يأتيني الناس من كل فج عميق ، وجعلت حرم الله وأمنه ؟ فأوحى
الله إليها : أن كفي وقري ، فوعزتي ( وجلالي ) ما فضل ما فضلت به فيما
أعطيت أرض كربلا ، إلا بمنزلة إبرة غمست في البحر ، فحملت ( من ) ماء
البحر ، ولولا تربة كربلا ما فضلتك ، ولولا من تضمنت أرض كربلا ما
00000000000000000
( 1 ) الفهرست : 60 .
( 2 ) عن الفيروزآبادي : عسل الذئب أو الفرس يعسل عسلانا : اضطرب في عدوه وهز رأسه
،
العسل : الناقة السريعة وأبو عسلة - بالكسر - الذئب ، أي يتقطعها الذئاب الكثير ة
العد والريعة ، أو
الأعم منه ومن ساير السباع ، الفلاة : الصحراء الواسعة ، الوصل ج أوصال : كل عضو
على حدة .
( 3 ) اللهوف : 26 .
( 4 ) مصباح الكفعمي : 99 ، في عوذه يوم الجمعة .
‹ صفحه 258 ›
خلقتك ولا خلقت البيت الذي به افتخرت ، فقري واستقري وكوني دنيا
متواضعا ذليلا مهينا غير مستنكف ولا مستكبر على أرض كربلا ، وإلا
أسخطت ( 1 ) بك فهويت في نار جهنم ) . ( 2 )
وعنه ، عن عمرو ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : ( خلق الله
أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام وقدسها
وبارك عليها ، فما زالت قبل ( أن ) خلق الله الخلق مقدسة مباركة ، لا يزال
كذلك حتى يجعلها الله أفضل أرض في الجنة وأفضل منزل ومسكن يسكن
الله فيه أوليائه في الجنة ) . ( 3 )
وعنه ، عن رجل ، عن أبي الجارود قال : ( قال علي بن الحسين
عليهما السلام : اتخذ الله أرض كربلا حرما آمنا مباركا قبل أن يخلق أرض الكعبة
بأربعة وعشرين ألف عام ، وأنها إذا بدل الله الأرضين ( 4 ) رفعها كما هي
برمتها نورانية صافية ، فجعلت في أفضل روضة من رياض الجنة وأفضل
مسكن في الجنة ، لا يسكنها إلا النبيون والمرسلون - . وقال عليه السلام : أولو
العزم
من الرسل - وإنها لتزهر من رياض الجنة كما يزهر الكوكب الدري من
الكواكب لأهل الأرض ، يغشى نورها نور أبصار أهل الجنة ( 5 ) جميعا ، وهي
تنادي : أنا أرض الله المقدسة والطيبة المباركة التي تضمنت سيد الشهداء
وشباب الجنة ) . ( 6 )
و ( حروراء ) : صحراء بالكوفة أو قرية منها ، اجتمع فيها بعد وقعة
صفين وحكومة الحكمين قوم من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ممن أخبر عنهم
النبي صلى الله عليه وآله : ( بأنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ( 7
) ،
0000000000000000000
( 1 ) في المصدر : اسخط .
( 2 ) أصول الستة عشر 17 : 16 ، روي أيضا في كامل الزيارات مع تغييرات : 268 .
( 3 ) أصول الستة عشر 17 : 16 ، روي أيضا في كامل الزيارات مع تغييرات : 268 .
( 4 ) في المصدر : إذ بدل الله الأرضين ( بدل الله الأرض خ ل ) .
( 5 ) في المصدر : أبصار أهل الأرض ( الجنة خ ل ) .
( 6 ) أصول الستة عشر 17 : 16 ، روي أيضا في كامل الزيارات مع تغييرات : 268 .
( 7 ) عن النهاية : ( في حديث الخوارج : يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية :
أي يجوزونه
ويحرقونه ويتعدونه كما يمرق السهم الشئ المرمي به ويخرج منه ) ، والرمية : الصيد
الذي ترميه
فتقصده وينفذ فيها سهمك .
‹ صفحه 259 ›
وإن بين أعينهم لأثر السجود وكثير الصلاة والقراءة ) . ( 1 ) وكان من
رؤسائهم عروة بن اديه ( 2 ) أو جدير ، وهو أول من قال : لا حكم إلا لله ، أو هو
يزيد بن عاص المحاربي ، وعروة من التسعة الذين نجوا من حرب النهروان
وأخذه زياد في أيام معاوية فسأله عن الشيخين فقال خيرا ( 3 ) ، وعن عثمان
فكفره بعد ست سنين من خلافته ، وعن علي عليه السلام فكفره بعد التحكيم ،
وعن معاوية فسبه سبا قبيحا ، وعن نفسه فقال مثل ذلك ، فقتله ، وقال
لمولاه : صف لي أموره ؟ فقال : ما أتيته بطعام نهارا ولا فرشت له فراشا بليل
قط ، وعبد الله بن الكوا وعبد الله بن وهب الراسبي وذو الخويصرة حرقوص ، أو
عبد الله بن زبير التميمي - أو السعدي ، أو البجلي المخدج - المعروف بذي الثدية ،
كان به يد إذا مدت كانت بطول اليد الأخرى وإذا تركت اجتمعت
وتقلصت وصارت كثدي المرأة ، عليها شعرات مثل شوارب الهرة ، وهو الذي
بال في المسجد وقال للنبي صلى الله عليه وآله - وهو يقسم الصدقات - : إعدل
بالسوية : فنزل : ( ومنهم من يلمزك في الصدقات ) ( 4 ) ، وكان من الجن أو
الجان ، وله أخوان هو أكبرهما ، وهو شر الآخرين في كلام سلمان وأحد الستة
الذين هم أصحاب التابوت في هذه الأمة ( 5 ) ، وكان جد أحمد بن حنبل أحد
الأئمة المخالفين ، ولذا قال علي بن خشرم : دخلت مجلسه فجرى ذكر علي
عليه السلام فقال : ( لا يكون الرجل سنيا حتى يتبغض عليا كثيرا ، وفي رواية :
ولو قليلا ) ، وذكر جمع أن سبب عداوته معه عليه السلام هو قتله عليه السلام
ذا الثدية يوم النهروان .
ولما اجتمعوا وكانوا اثني عشر ألفا قالوا : ( لا حكم إلا لله ،
ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) ، ونادى مناديهم : إن أمير القتال
00000000000000000
( 1 ) رواه في البحار : 32 بطرق كثيرة
وبمضامين مختلفة عن كتب أهل السنة .
( 2 ) اديه كسميه ( البحار ) .
( 3 ) فأثنى خيرا ( خ ل ) .
( 4 ) التوبة : 58 .
( 5 ) سليم بن قيس : 91 .
‹ صفحه 260 ›
شبث بن ربعي التميمي اليربوعي أبو عبد القدوس الكوفي - الذي كان مؤذن
سجاح ، ثم أسلم ، ثم كان ممن أعان على قتل عثمان ، ثم صحب عليا
عليه السلام ، ثم صار من الخوارج عليه ، ثم تاب ، ثم حضر قتل الحسين
عليه السلام ، ثم كان ممن طلب بدم الحسين عليه السلام مع المختار ، ثم ولي شرطة
الكوفة ، ثم ولي قتل المختار ، ومات في حدود الثمانين - ، وإن أمير الصلاة
عبد الله بن الكوا ، والأمر شورى بعده الفتح ، والبيعة لله على الآمر بالمعروف
والناهي عن المنكر .
فبعث علي عليه السلام إليهم عبد الله بن العباس ، فحاجهم فلم ينفعهم ،
فحضر عليه السلام بنفسه في مأة رجل ، وللقوم دوي كدوي النحل في قراءة
القرآن ، ومنهم أصحاب البرانس ذوو الثفنات ، فوعظهم فجعل بعضهم
يرجع ، فأعطى عليه السلام راية أمان مع أبي أيوب الأنصاري فناداهم : من جاء
إلى هذه الراية أو خرج من الجماعة فهو آمن ، فرجع منهم ثمانية آلاف وأقام
الباقون على الخلاف ، وقصدوا النهروان وبايعوا عبد الله بن وهب ذو الثدية ،
واستعرضوا الناس وقتلوا العبد الصالح عبد الله بن خباب الأرت - عامله
عليه السلام على النهروان - على شط النهر فوق خنزير ذبحوه وقالوا : والله ما
ذبحنا لك ولهذا الخنزير إلا واحدا ، وبقروا بطن زوجته - وهي حامل - وذبحوها
وذبحوا طفله الرضيع فوقه ، فأخبر عليه السلام بذلك فبكى - وكان بعد انقضاء
الهدنة التي كانت بينه عليه السلام وبين معاوية وقد تهيأ عليه السلام لقتاله -
فأسمع
عليه السلام من في عسكره ما صنع القوم ، فصاحوا : فماذا ترى ؟ فقال : اعدلوا بنا
هؤلاء المارقين فهذا وأيم الله أوان بوارهم ولحوقهم بالنار ، فرجع عليه السلام إلى
النهروان واستعطفهم فأبوا إلا قتاله ، وتنادوا أن : دعوا مخاطبة علي
ومصاحبته وبارزوا للجنة ، وصاحوا : الرواح الرواح إلى الجنة ، واستنطقهم
عليه السلام بقتل ابن خباب فأقروا كلهم كتيبة ( 1 ) بعد كتيبة وقالوا - لعنهم الله
- :
لنقتلنك كما قتلناه ، فقال عليه السلام : والله لو أقر أهل الدنيا كلهم قتله هكذا
0000000000000000
( 1 ) الكتيبة : الطائفة من الجيش مجتمعة ،
والجمع : الكتائب .
‹ صفحه 261 ›
وأنا أقدر على قتلهم به لقتلتهم .
فأجمعوا على الحرب ، وكان على ميمنته عليه السلام : حجر بن عدي ،
وعلى مسيرته : معقل بن قيس ، وقيل : شبث بن ربعي ، وعلى الخيل :
أبو أيوب الأنصاري ، وعلى الرجالة : أبو قتادة الأنصاري ، وفي مقدمتهم :
قيس بن سعد بن عبادة ، وكان على ميمنتهم : زيد بن قيس الطائي ، وعلى
ميسرتهم : شريح بن أوفى العبسي ، وعلى خيلهم : حمزة بن سنان الأسدي ،
وعلى رجالتهم : ذو الثدية ، فالتحم القتال وحمى الوطيس ( 1 ) واحمر البأس
وانفرق خيل علي عليه السلام عنهم فرقتين حتى صاروا في وسطهم ، ثم عطفوا
عليهم من الميمنة والميسرة ، واستقبلت الرماة وجوههم بالنبل ( 2 ) ، وعطف
عليهم الرجالة بالسيوف والرماح فما كان بأسرع من أن قتلوهم عن آخرهم
قبل أن ينتصف النهار ولم تبق منهم إلا تسعة ، ولم يقتل من أصحاب علي
عليه السلام إلا تسعة ، أخبر عليه السلام بذلك قبل الوقعة ( 3 ) ، وكان ذلك في يوم
النيروز لتسع خلون من صفر ، سنة ثمان وثلاثين واغتنم الشيعة منهم غنائم
كثيرة .
و ( بانقيا ) : هي القادسية ، واقعة في غربي الكوفة بينهما خمسة عشر
فرسخا أو ميلا ، وهي آخر أرض العرب وهي العذيب ، وأول حدود سواد
العراق ، إذا خرجت منها أشرفت على النجف .
وروى الصدوق في العلل عن علي عليه السلام : ( إن إبراهيم عليه السلام مر
ببانقيا ، ( وكان ) يزلزل بها ، ( فبات بها ) فأصبح القوم ولم يزلزل بهم ، فقالوا
:
ما هذا وليس حدث ؟ قالوا : ( نزل ) هنا شيخ ومعه غلام له ، قال : فأتوه
0000000000000000000
( 1 ) التحم القتال : اشتبك واختلط ، الوطيس
مثل التنور يختبز فيه وحمى الوطيس كناية عن شدة
الحرب .
( 2 ) النبل : السهام .
( 3 ) وعن الصفدي في شرح الأسنة العجم ، قال : ذكر المؤرخون عليا عليه السلام قتل
من الخوارج
يوم النهروان ألفي نفس وكان يدخل فيضرب حتى ينتهي ويخرج ويقول : لا تلوموني ولوموا
هذا ،
ويقوله بعد ذلك ( منه ) .
00000000000000000
( 1 ) التحم القتال : اشتبك واختلط ، الوطيس
مثل التنور يختبز فيه وحمى الوطيس كناية عن شدة
الحرب .
( 2 ) النبل : السهام .
( 3 ) وعن الصفدي في شرح الأسنة العجم ، قال : ذكر المؤرخون عليا عليه السلام قتل
من الخوارج
يوم النهروان ألفي نفس وكان يدخل فيضرب حتى ينتهي ويخرج ويقول : لا تلوموني ولوموا
هذا ،
ويقوله بعد ذلك ( منه ) .
‹ صفحه 262 ›
فقالوا له : يا هذا ! إنه كان يزلزل بنا كل ليلة ولم يزلزل بنا هذه الليلة ، فبت
عندنا ، فبات فلم يزلزل بهم ، فقالوا : أقم عندنا ونحن نجري عليك ما أحببت ،
قال : لا ، ولكن تبيعوني هذا الظهر ولا يزلزل بكم ، قالوا : فهو لك ، قال :
لا آخذه إلا بالشراء ، قالوا : فخذه بما شئت ، فاشتراه بسبع نعاج وأربعة
أحمرة ، فلذلك يسمى ( 1 ) بانقيا ، لأن النعاج بالنبطية ( نقيا ) ، قال : فقال له
غلامه : يا خليل الرحمن ! ما تصنع بهذا الظهر ليس فيه زرع ولا ضرع ؟ فقال
له أسكت ، فإن الله عز وجل يحشر من هذا الظهر سبعين ألفا يدخلون الجنة
بغير حساب ، يشفع منهم لكذا وكذا ) ( 2 ) ، هذا .
ولكن في السرائر : ( وإنما سميت بانقيا لأن إبراهيم عليه السلام اشتراه بمأة
نعجة من غنمه ، لأن ( با ) مأة ، و ( نقيا ) شاة - بلغة النبط ) ، وفيه وفي
غيره : ( إنما سميت قادسية : لأن إبراهيم عليه السلام دعا لها بالقدس وأن تكون
محلة الحاج وقال : كوني مقدسة : أي مطهرة ) .
و ( الكوفة ) : بلد معروف مصرها سعد بن أبي وقاص في خلافة ابن
الخطاب في سنة سبع عشرة ، بعد ما قتل رستم الأرمني أمير عسكر يزدجرد
وخمسين ألفا أو أزيد من الفرس في القادسية ، ودخلها في المحرم ، وذكروا في
وجه تسميتها بالكوفة وجوها لم تثبت ، وهي كما في الروايات : ( جمجمة
العرب ورمح الله تبارك وتعالى وكنز الإيمان ) ( 3 ) ، والطيبة الزكية ، ، ( وروضة
من رياض الجنة ، وفيها قبر آدم عليه السلام ونوح وإبراهيم وقبور ثلاثمأة وسبعين
نبيا وستمأة وصي وقبر سيدهم ) ( 4 ) ، وهي حرمه عليه السلام ودار هجرته ،
( ولما عرض ولايته عليه السلام على السماوات والأرض أجابت منها السماء
السابعة أولا ، ثم الرابعة ، ثم الأولى ، ثم أرض الحجاز فشرفت بالحرم ، ثم
أرض الشام فشرفت ببيت المقدس ، ثم أرض طيبة فشرفت بقبر النبي صلى الله
00000000000000000
( 1 ) في المصدر : سمى .
( 2 ) علل الشرايع 2 : 585 .
( 3 ) المستدرك الوسائل 2 : 193 ، البحار 62 : 172 عن رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم .
( 4 ) مضمون رواية الصادقي ، راجع فرحة الغري : 70 .
‹ صفحه 263 ›
عليه وآله ، ثم أرض كوفان فتشرفت بقبر وصيه عليه السلام ) ( 1 ) ، ( ولما عرضت على
بني آدم ما قبلها قبول أهل الكوفة ) ( 2 ) ، وفيها المسجد الأعظم ، وفي ظهرها وادي
السلام ، ولهما من الفضائل ما لا يسعها المقام .
ولا يخفى أن ما اشتراه إبراهيم هو بعينه ما اشتراه أمير المؤمنين عليه السلام
من الدهاقين بأربعين ألف درهم ، وقيل له أيضا : ( تشتري هذا بهذا وليس
تنبت خمطا ( 3 ) ؟ فقال : سمعت ( من ) رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : كوفان
وما
كوفان ، يردد أولها وآخرها ، يحشر من ظهرها سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير
حساب ، فاشتهيت أن يحشروا من ملكي ، وكان حد ما اشتراه ما بين
الخورنق إلى الحيرة إلى الكوفة ) - كما رواه عبد الكريم بن طاووس ( 5 ) في فرحة
الغري ( 6 ) - وروى فيه
أيضا : ( من تختم بما يظهر ( ه ) الله تعالى بالذكوات البيض ( 7 ) من الغريين ( 8
) ،
فنظر إليه ، كتب الله له بكل نظرة ثواب زورة ) . ( 9 )
00000000000000000
( 1 ) مضمون رواية النبوي ، راجع فرحة الغري
: 27 .
( 2 ) مضمون رواية الصادقي راجع بصائر الدرجات : 96 .
( 3 ) في المصدر : ليس تنبت قط .
( 4 ) فرحة الغري : 29 .
( 5 ) سيد عبد الكريم بن أحمد موسى الطاووسي العلوي الحسني ، كان أوحد زمانه ،
حائري
المولد ، حلي المنشأ ، بغدادي التحصيل ، كاظمي الخاتمة ، ولد في شعبان سنة 648
وتوفي في شوال
سنة 693 ، وكان عمره خمسا وأربعين سنة ، حفظ القرآن في مدة يسيرة وله إحدى عشرة
سنة ، من
مشايخه : والده وعمه والمحقق الأول وابن عم المحقق وخواجة نصير الدين الطوسي ، ومن
تلاميذه :
الشيخ أحمد بن داود صاحب الرجال .
( 6 ) لم نجده فيه .
( 7 ) الذكوات ، جمع ذكاة : الجمرة الملتهبة من الحصى ومنه الحديث : ( قبر علي من
ذكوات البيض )
( مجمع ) ، ويحتمل - كما قال المجلسي رحمه الله - جمع دكاوات جمع دكاء ، ويحتمل
قريبا أن ذكوات
تصحيف ربوات - كما في الخطوط القديمة - .
( 8 ) كل بناء حسن غري والغريان المشهوران بالكوفة منه وهما بناءان طويلان ، وسميا
الغريين لأن النعمان بن المنذر كان يغريهما بدم من يقتله في يوم بؤسه ( لسان العرب
) ، غرى
الشئ : طلاه .
( 9 ) فرحة الغري : 78 ، وفيه : ( بالغريين ) .
‹ صفحه 264 ›
وروى شيخ الطائفة وفخر الأعاجم محمد بن الحسن بن علي الطوسي
قدس الله تربته الزكية ، في كتاب الغيبة عن أحمد بن إدريس ، عن علي بن
محمد ، عن الفضل بن شاذان ، عن محمد بن أبي عمير ، عن الحسين بن
أبي العلاء ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( دخل سلمان ( رضي
الله
عنه ) الكوفة ونظر إليها وذكر ما يكون من بلائها حتى ذكر ملك بني أمية
والذين من بعدهم ، ثم قال : فإذا كان ذلك فالزموا إحلاس بيوتكم حتى
يظهر الطاهر بن الطاهر المطهر ذو الغيبة الطريد الشريد ( 1 ) ) . ( 2 )
الإحلاس جمع حلس - بالكسر - : كساء يوضع على ظهر البعير تحت
البرذعة ، أي الزموا بيوتكم لزوم الإحلاس ولا تخرجوا منها فيقعوا في الفتنة .
أشار رحمه الله إلى ما ينبغي فعله في زمان الغيبة ، وفي الكافي عن سدير :
قال : ( قال أبو عبد الله عليه السلام : يا سدير ! الزم بيتك وكن حلسا من إحلاسه
واسكن ما سكن الليل والنهار ، فإذا بلغك أن السفياني قد خرج فارحل إلينا
ولو على رجلك ) ( 3 ) ، وروى النعماني عن يمان التمار قال : ( قال أبو عبد الله
عليه السلام : إن لصاحب هذا الأمر غيبة ، المتمسك فيها بدينه كالخارط لشوك
القتاد ( 4 ) بيده ، ( ثم أومى أبو عبد الله عليه السلام بيده هكذا ، قال : فأيكم
تمسك
شوك القتاد بيده ؟ ) ( 5 ) ، ثم أطرق مليا ثم قال : إن لصاحب هذا الأمر غيبة ،
فليتق الله عبد ( عند غيبته ) وليتمسك بدينه ) ( 6 ) .
وحيث إن التمسك بالدين في زمان الغيبة - كما يظهر من هذا الخبر
وغيره - في غاية الصعوبة ، لكثرة تطرق الشبهات والأوهام وطول العهد وفقد
000000000000000000
( 1 ) الغيبة : 103 ، وفيه : ( الشريد الطريد
) .
( 2 ) طرده وأطرده : أبعده ونحاه ، شرد عني فلان : نفر .
( 3 ) روضة الكافي 2 : 80 .
( 4 ) الخرط : قبض اليد إلى أعلى ، الغصن ومره إلى أسفله ، والقتاد - كسحاب - شجر
عظيم له شوك
مثل الإبر ، وخرط القتاد يصرب مثلا للأمور الصعبة .
( 5 ) مصدر خالية عن هذه العبارة ويوجد في نسخ الكافي والبحار .
( 6 ) الغيبة للنعماني : 169 ، الكافي 1 : 335 ، البحار 52 : 135 .
‹ صفحه 265 ›
النبي صلى الله عليه وآله وغيبة الولي وكثرة الأعداء وقلة الأولياء وتشتت
المذاهب وتصعب المطالب وشيوع النفاق وخفاء الأمور ، ولا كاشف عن
ساق ( 1 ) ، كان للمتمسك الثابت من ( الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ) ( 2 ) ،
من
الفضل والدرجة ما ليس لغيره ، وفي الإكمال في حديث عن علي عليه السلام
بعد ذكر الغيبة : ( لا يثبت فيها على دينه إلا المخلصون المباشرون لروح
اليقين ، الذين أخذ الله ( عز وجل ) ميثاقهم بولايتنا ، وكتب في قلوبهم الإيمان
وأيدهم بروح منه ) ( 3 ) ، وفيه عنه عليه السلام : ( كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام
هدى ولا علم يرى ، يبرء بعضكم من بعض ) ( 4 ) .
فإلى الله الشكوى من استيلاء أهل النفاق ، وتغلب أهل الشقاق
وغيبة الإمام ، واستتاره وغربته وبعد دياره ، حتى انقطع خبره وكاد أن
ينسى ذكره ، فنفسي لنفسه الفداء ومهجتي لأقدامه الوقاء :
يا حسرة تقطع الأحشاء زفرتها
على بعاد إمام العصر والزمن
تكاد تنشق نفسي لوعة وأسى
إن خانني فيك دهري والتوى زمني
ها نور شخصك في عيني يقدمني
وحسن ذكرك يحييني ويلزمني
وأما كونه عجل الله فرجه طريدا شريدا ، فقد بين صلوات الله عليه علته
لأبي إسحاق إبراهيم بن مهزيار في حديث طويل رواه في الإكمال ، وفيه :
0000000000000000000
( 1 ) الكشف : رفعك الشئ عما يواريه ويغطيه ،
والساق في اللغة : الأمر الشديد وكشف الساق
يضرب للإنسان إذا وقع في أمر شديد ، لأن الناس يكشفون عن ساقهم للهرب عن شدة الأمر
.
( 2 ) اقتباس من الكريمة ، فصلت : 30 .
( 3 ) إكمال الدين 1 : 304 .
( 4 ) إكمال الدين 2 : 17 .
( 5 ) لوعة : حرقة الحزن والهوى والوجد ، أسى : حزن ، التوى : عسر .
‹ صفحه 266 ›
( ثم قال : إن أبي صلوات الله عليه عهد إلي أن لا أوطن من الأرض إلا أخفاها
وأقصاها ، إسرارا لأمري وتحصينا لمحلي من مكائد ( 1 ) أهل الضلال والمردة ( 2 )
من أحداث الأمم الضوال ، فنبذني إلى عالية الرمال ( 3 ) وجبت صرائم الأرض ( 4 )
ننتظر في الغاية ( 5 ) ، التي عندها يحل الأمر وينجلي الهلع - إلى أن قال : - قال
:
فعليك يا بني ! بلزوم خوافي الأرض ، وتتبع أقاصيها ، فإن لكل ولي من
أولياء الله ( 6 ) ( عز وجل ) عدوا مقارعا ، وضدا منازعا ، افتراضا لمجاهدة أهل
نفاقه وخلافة أولي الالحاد ( 7 ) والعناد ، فلا يوحشنك ذلك ، واعلم أن قلوب
أهل الطاعة والإخلاص نزع ( 8 ) إليك مثل الطير ( إذا أمت ) ( إلى ) أوكارها ،
وهم معشر يطلعون بمخائل الذلة والاستكانة ( 9 ) ، وهم عند الله بررة أعزاء ،
يبرزون بأنفس مختلة محتاجة ، وهم أهل القناعة والاعتصام ، استنبطوا الدين
فوزروه على مجاهدة الأضداد ، خصهم الله باحتمال الضيم ( في الدنيا )
ليشملهم باتساع العز في دار القرار ، وجبلهم ( 10 ) على خلائق الصبر لتكون لهم
العاقبة الحسنى وكرامة حسن العقبى ) ( 11 ) .
وفي التوقيع الذي ورد على المفيد رحمه الله في سنة اثني عشر وأربعمأة ،
بعد السلام : ( وبعد فقد كنا نظرنا مناجاتك ، عصمك الله بالسبب الذي
0000000000000000000
( 1 ) في المصدر : لمكائد .
( 2 ) مرد يمرد : أي عتي فهو مارد .
( 3 ) نبذ الشئ : طرحه ، عاليه : علو كل شئ وعلاوته وعاليه وعاليته : ارفعه ،
الرمل ، نوع
معروف من التراب جمعه رمال .
( 4 ) جبت صرائم الأرض : يقال : جبت البلاد : أي قطعتها ودرت فيها ، والصريمة : ما
انصرم من
معظم الرمل يعني الأرض المحصود زرعها ، وفي بعض النسخ : ( خبت ) - بالخاء المعجمة
-
وهو المطمئن من الأرض في رمل .
( 5 ) في المصدر : ينظرني ، لأولياء الله ، لمجاهدة أهل النفاق وخلاعة أولي
الالحاد .
( 6 ) في المصدر : ينظرني ، لأولياء الله ، لمجاهدة أهل النفاق وخلاعة أولي
الالحاد .
( 7 ) في المصدر : ينظرني ، لأولياء الله ، لمجاهدة أهل النفاق وخلاعة أولي
الالحاد .
( 8 ) الهلع : الجزع ، النزع - كركع - : مشتاقون .
( 9 ) لا يطلعون بمخائل الأرض : لا يدخلون في أمور هي مظان المذلة ، أو يطلعون
ويخرجون بين الناس
مع أحوال هي مظانها .
( 10 ) خصه على الأمر : حمله عليه ، الضيم : الظلم ، جبلهم : خلقهم وفطرهم .
( 11 ) إكمال الدين 2 : 447 .
‹ صفحه 267 ›
وهبه لك من أوليائه ، وحرسك به من كيد أعدائه ،
وشفعنا ذلك الآن من
مستقر لنا ، ينصب في شمراخ من بهماء صرنا إليه آنفا من عماليل ( 1 ) ، ألجأنا
إليه السباريت من الإيمان - التوقيع ) ( 2 ) ، وفي محبوب القلوب للشيخ الفاضل
العارف قطب الدين الإشكوري اللاهيجي : ( نقل الميبدي - شارح الديوان -
عن الشيخ العارف البهي سعد الدين الحموي بيتا بالعربي يشعر بزمان قيام
القائم عليه سلام الله الملك الحق والجلي بالرمز العددي ، وهو هذا :
إذا بلغ الزمان عقيب ضوم
ببسم الله فالمهدي قاما
رب اللهم عجل فرجه بالسرور ، وبدل غيبته بالظهور ، ونور أبصارنا
بنور عتبته الذي تبدل الظلمة بالنور :
والذي بالبين والبعد ابتلاني
ما جرى ذكر الحمى الاشجاني
حبذا أهل الحمى من جيرة
شفني الشوق إليهم وبراني
كلما رمت سلوا عنهم
جذب الشوق إليهم بعناني
أحسد الطير إذا طارت إلى
أرضهم أو أقلعت للطيران
000000000000000000
( 1 ) الشمراخ : رأس الجبل ، بهماء : مجهولة
، الغماليل جمع الغملول - بالضم - وهو الوادي أو الشجر
أو كل مجتمع أظلم وتراكم من شجر أو عمام أو ظلمة .
( 2 ) الإحتجاج 2 : 499 ، نقله في البحار قائلا بعده : ( في العبارة تصحيف ولعله
كان هكذا :
وشفعنا لك الآن أي لنحج حاجتك التي طلبت ، ( في مستقر ) أي مخيم تنصب لنا في رأس
الجبل ،
و ( السباريت ) جمع السبروت - بالضم - وهو القفر لا نبات فيه ، والفقير ، ولعل
الأخير أنسب ) البحار
53 : 177 .
‹ صفحه 268 ›
أتمنى إنني أصحبها
نحوهم لو أنني أعطى الأماني
وكأن القلب مذ فارقهم
طائر علق في رأس سناني
ذهب العمر ولم أحظ بهم
وتقضى في تمنيهم زماني
لا تزيدوني غراما بعدكم
حل بي من بعدكم ما قد كفاني
يا خليلي ! أذكرا العهد الذي
كنتما قبل النوى عاهدتماني
واذكراني مثل ذكري لكما
فمن الإنصاف أن لا تنسياني
وبكم ، منكم ، إليكم أشتكي
نفسي منكم بكم أعطى الأماني
واسئلا من أنا أهواه على
أي جرم صد عني وجفاني
وروى الحسين بن حمدان الحضيني في كتابه - وهو غير الهداية - عن
جعفر بن محمد بن مالك عن عبد الله بن يونس ، عن محمد بن سهل ، عن زيد
الشحام ، عن يونس بن ظبيان ، عن المفضل بن عمر ، عن جابر بن يزيد
الجعفي ، عن أبي خالد الكابلي ، عن رشيد الهجري ( 1 ) ، عن جابر بن عبد الله
0000000000000000000
( 1 ) بضم الراء من أجلة أصحاب الإمام أمير
المؤمنين عليه السلام والحسنين عليهما السلام وهو ممن
ألقي إليه علم المنايا والبلايا حتى كان يسميه الإمام رشيد البلايا ، لأنه ما زال
يلقى الرجل بعد
الرجل فيقول : أنت تموت بكذا وأنت تموت بكذا ، قتله ابن مرجانة عبيد الله بن زياد
بعد أن قطع
يديه ورجليه ثم لسانه ودفن بباب النخيلة من الكوفة ، وقبره اليوم بقرب جسر
العباسيات بقرب
قرية ذي الكفل وعليه قبة .
‹ صفحه 269 ›
الأنصاري قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لكل أمة محدث ، ومحدث
هذه الأمة سلمان ، فقيل : يا رسول الله ! فما معنى محدث ؟ فقال : هو ينبئ بما
غيب عن الناس مما يحتاجون إليه ، قيل له : وكيف ذلك يا رسول الله ؟
قال : لأنه قد علم من علمي ما هو في قلبه ( 1 ) ، من علم ما كان وما هو
كائن ) .
أقول : سيأتي ما يدل على كونه محدثا والمراد منه بطرق معتبرة .
وروى الشيخ الجليل العلامة أبو الفتح محمد بن عثمان الكراجكي في
كنز الفوائد ، عن خط الشيخ أبي جعفر الطوسي في كتاب مسائل البلدان
بإسناده عن أبي محمد الفضل بن شاذان ، يرفعه إلى جابر بن يزيد الجعفي ، عن
رجل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام قال : ( دخل سلمان ( الفارسي ) على
أمير المؤمنين عليه السلام فسأله عن نفسه فقال : يا سلمان ! أنا الذي ( إذا ) دعيت
الأمم كلها إلى طاعتي فكفرت فعذبت بالنار ، وأنا خازنها عليهم حقا ،
( أقول : يا سلمان ! ) إنه لا يعرفني أحد حق معرفتي إلا كان معي في الملأ
الأعلى ، قال : ثم دخل الحسن والحسين عليهما السلام فقال : يا سلمان ! هذان
شنفا ( 2 ) عرش رب العالمين ( و ) بهما تشرق الجنات ، وأمهما خيرة النسوان ،
أخذ الله على الناس الميثاق بي فصدق من صدق ، وكذب من كذب فهو في
النار ، وأنا الحجة البالغة والكلمة الباقية ، وأنا سفير ( 3 ) السفراء ، قال
سلمان :
يا أمير المؤمنين ! لقد وجدتك في التورية كذلك ، وفي الإنجيل كذلك ، بأبي
أنت وأمي يا قتيل كوفان ، والله لولا أن يقول الناس ، وشوواه - وفي نسخة
وا شوقاه - رحم الله قاتل سلمان ، لقلت فيك مقالا تشمئز منه النفوس ، لأنك
0000000000000000000
( 1 ) قلبي ظ ( منه ) .
( 2 ) الشنف : ما علق في الأذن أو أعلاها من الحلي .
( 3 ) سفر ( خ ل ) .
‹ صفحه 270 ›
حجة الله الذي ( به ) تاب على آدم ، وبك أنجي يوسف من الجب ( 1 ) ، وأنت
قصة أيوب وسبب تغير نعمة الله عليه ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أتدري ما
قصة أيوب وسبب تغير نعمة الله ( عز وجل ) عليه ؟ قال : الله أعلم وأنت يا
أمير المؤمنين ، قال : لما كان عند الانبعاث للنطق ( 2 ) شك أيوب في ملكي
فقال : هذا خطب جليل وأمر جسيم ! قال الله عز وجل : يا أيوب ! أتشك في
صورة أقمته أنا ؟ إني ابتليت آدم بالبلاء فوهبته له وصفحت عنه بالتسليم
عليه بأمرة المؤمنين ، وأنت تقول : خطب جليل وأمر جسيم ! فوعزتي لأذيقنك
من عذابي أو تتوب إلي بالطاعة لأمير المؤمنين عليه السلام وعلى ذريته
الطيبين ) ( 3 ) .
الظاهر أن من ( يعني ) إلى آخر الخبر من كلام الراوي ، وبعض
الأعلام ممن نقل الخبر ذكر بدل قوله : شك أيوب في ملكي : ( شك أيوب
وبكى ) ، وهو أقرب إلى التصحيف كما لا يخفى .
وموضع الشاهد من الخبر ظاهر ، وإنما ذكرناه بتمامه تيمنا بذكر
بعض فضائل من لا يحصى فضائله إلا الله ، المحصي لكل شئ ، وإن
اشمئزت النفوس الضعيفة والعقول السخيفة والقلوب اللاهية والصدور
الضيقة ، فنزيدها غيظا في الصدور لتدعوا بالويل والثبور ( 4 ) ، بأن نردف الخبر
المقدم بما هو أصح منه سندا وأضبط منه مأخذا وأقل منه لفظا وأكثر منه معنى
وأوضح منه بيانا وأرجح منه ميزانا وأجمع منه فضلا وأنفع منه نقلا ، حري
بأن يكتب بمزابر العقيان ( 5 ) على وجنات الخالدات في الجنان ( 6 ) ، كأنهن
00000000000000000
( 1 ) الجب : البئر .
( 2 ) للمنطق ( خ ل ) .
( 3 ) كنز الفوائد : 264 ، بحار الأنوار 26 : 292 .
( 4 ) الثبور : الهلاك ، السخف : رقة العقل ونقصانه .
( 5 ) المزبر : القلم ، العقيان - بكسر الأول وسكون الثاني - : الذهب الخالص .
( 6 ) الوجنة - بتثليث الأول وسكون الثاني وفتح الثالث - : ما ارتفع من الخدين .
‹ صفحه 271 ›
الياقوت والمرجان ، وهو ما رواه فخر الأعاجم وعمد الشيعة أبو جعفر الطوسي
رحمه الله في كتاب الغيبة ( عن شيخه المفيد ) ، عن ( أبي عبد الله ) الحسين بن
علي بن سفيان بن البزوفري ، عن الحسين بن روح ( 1 ) - ثالث السفراء - قال :
( اختلف أصحابنا في التفويض وغيره ، فمضيت إلى أبي طاهر بن بلال - في
أيام استقامته - فعرفته الخلاف فقال : أخرني ، فأخرته أياما فعدت إليه ، فأخرج
إلي حديثا بإسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا أراد الله أمرا عرضه
على
رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم على أمير المؤمنين عليه السلام واحدا بعد واحد
إلى أن
ينتهي صاحب الزمان عليه السلام ، ثم يخرج إلى الدنيا ، وإذا أراد الملائكة أن
يرفعوا إلى الله عز وجل عملا عرض على صاحب الزمان ، ثم يخرج إلى ( 2 ) واحد
واحد إلى أن يعرض على رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم يعرض على الله
( عز وجل ) ، فما نزل من الله فعلى أيديهم وما عرج إلى الله فعلى أيديهم ، وما
استغنوا عن الله ( عز وجل ) طرفة عين ) ( 3 ) .
وهذا الخبر رواه رحمه الله في جملة أحوال أبي القاسم الحسين بن روح ،
وحاشاه أن يروي ما يوهم منه الغلو والارتفاع ، ومقصده فيه رفع الجدال
والنزاع . وفي كتاب سليم بن قيس الهلالي من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام
قال : ( سمعت سلمان الفارسي يقول : إذا كان يوم القيامة يؤتى بإبليس
مزموما بزمام من نار ، ويؤتى بزفر مزموما بزمامين من نار ، فينطلق إليه إبليس
فيصرخ ويقول : ثكلتك أمك ، من أنت ؟ أنا الذي فتنت الأولين والآخرين
وأنا مزموم بزمام ( واحد وأنت مزموم بزمامين ) ، فيقول : أنا الذي أمرت
000000000000000000
( 1 ) أحد النواب الأربعة ، روى لما اشتدت
حال أبي جعفر رحمه الله اجتمع جماعة من وجوه الشيعة
فدخلوا عليه فقالوا له : إن حدث أمر فمن يكون مكانك ؟ فقال لهم : هذا أبو القاسم
الحسين بن
روح بن أبي بحر النوبختي القائم مقامي والسفير بينكم وبين صاحب الأمر ، والوكيل
والثقة الأمين ،
فارجعوا إليه في أموركم وعولوا عليه في مهماتكم فبذلك أمرت وقد بلغت ، وكان أبو
سهل النوبختي
يقول في حقه : إنه لو كان الحجة تحت ذيله وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل ، مات رحمه
الله في
شعبان سنة 326 وقبره في بغداد .
( 2 ) في المصدر : على .
( 3 ) الغيبة : 238 ، وفيه : ( أخبرني الحسين بن عبيد الله ) .
‹ صفحه 272 ›
فأطعت وأمر الله فعصيت ) ( 1 ) ، ويناسب الخبر ما أنشده بعض الظرفاء حيث
يقول :
روزى بزفر رسيد شيطان در راه
بگريخت از او تا كه نگردد گمراه
ميرفت زفر پيش وشيطان مى گفت :
لا حول ولا قوة إلا بالله
وروى سند المحدثين أبو عمرو الكشي ، عن محمد بن مسعود ، قال :
حدثنا أبو عبد الله الحسين بن أشكيب ، قال : أخبرني الحسن بن خرزاذ القمي ،
قال : أخبرني محمد بن حماد الساسي ( 2 ) ، عن صالح بن نوح ( 3 ) ، عن زيد بن
المعدل ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( خطب سلمان
فقال : الحمد لله الذي هداني لدينه بعد جحودي ( له ) ، إذا أنا مذك لنا
الكفر ، أهل لها نصيبا وأوتيت ( 4 ) لها رزقا ، حتى ألقى الله عز وجل في قلبي
حب تهامه ، فخرجت جائعا ظمآن ، قد طردني قومي ، وأخرجت من مالي
ولا حمولة ( 5 ) تحملني ولا متاع يجهزني ولا مال يقويني ، وكان من شأني ما قد
كان ، حتى أتيت محمدا صلى الله عليه وآله فعرفت من العرفان ( 6 ) ما كنت أعلمه ( 7
)
ورأيت من العلامة ما أخبرت بها ، فأنقذني به من النار فنلت ( 8 ) من الدنيا على
المعرفة التي دخلت بها ( 9 ) في الإسلام ، ألا أيها الناس ! اسمعوا من حديثي ثم
اعقلوه عني ( 10 ) ، فقد أوتيت ( 11 ) العلم كثيرا ، ولو أخبرتكم بكل ما أعلم
لقالت
0000000000000000000
( 1 ) سليم بن قيس : 93 ، وفيه : ( أمر الله
فعصى ) .
( 2 ) الشامي ( خ ل ) .
( 3 ) في المصدر : صالح بن فرج .
( 4 ) في المصدر : آتيت .
( 5 ) حمولة - بالفتح - : ما يحمل عليه من الدواب .
( 6 ) الفرقان ( خ ل ) ، أعرفه ( خ ل ) .
( 7 ) الفرقان ( خ ل ) ، أعرفه ( خ ل ) .
( 8 ) فثبت ( خ ل ) ، أقول : في المصدر : فبنت - من البينونة - .
( 9 ) دخلت عليها ( خ ل ) ، انقلوه ( خ ل ) .
( 10 ) دخلت عليها ( خ ل ) ، انقلوه ( خ ل ) .
( 11 ) في المصدر : قد آتيت .
‹ صفحه 273 ›
طائفة : إنه لمجنون ( 1 ) ، وقالت طائفة أخرى :
اللهم اغفر لقاتل سلمان ، ألا إن
لكم منايا تتبعها بلايا ، فإن عند علي عليه السلام علم المنايا وعلم الوصايا وفصل
الخطاب على منهاج هارون بن عمران ، قال له رسول الله صلى الله عليه وآله : أنت
وصيي وخليفتي في أهلي بمنزلة هارون من موسى ، ولكنكم أصبتم ( 2 ) سنة
الأولين ( 3 ) وأخطأتم سبيلكم ، والذي نفس سلمان بيده لتركبن طبقا عن
طبق ( 4 ) سند بني إسرائيل ، القذة بالقذة ، أما والله لو وليتموها عليا لأكلتم من
فوقكم ومن تحت أرجلكم ، فأبشروا بالبلاء واقنطوا من الرخاء ، فأنذرتكم ( 5 )
على سواء ( 6 ) ، وانقطعت العصمة فيما بيني وبينكم من الولاء ، أما والله لو أني
أدفع ( 7 ) ضيما أو أعز لله دينا لوضعت سيفي على عاتقي ثم لضربت به قدما
قدما ، ألا إني أحدثكم بما تعلمون وما لا تعلمون ، فخذوها من سنة السبعين
بما فيها ، ألا إن لبني أمية في بني هاشم نطحات ، ألا إن لبني أمية من آل هاشم
نطحات ، ألا إن بني أمية كناقة ( 8 ) الضروس ، تعض بفيها وتخبط
بيديها وتضرب برجليها ( 9 ) وتمنع درها ، إلا أنه حق على الله أن يذل
ناديها ( 10 ) ، وأن يظهر عليها عدوها مع قذف من السماء ، وخسف ومسخ
وسوء ( 11 ) الخلق ، حتى إن الرجل ليخرج من جانب حجلته إلى الصلاة
فيمسخه الله قردا ، إلا وفئتان تبتقيان بتهامة ، كلتاهما كافرتان ، إلا وخسف
000000000000000000
( 1 ) في المصدر : مجنون ( لمجنون خ ل ) .
( 2 ) أخذتم ( خ ل ) ، بني إسرائيل ( خ ل ) ، ونابذتكم ( خ ل ) .
( 3 ) أخذتم ( خ ل ) ، بني إسرائيل ( خ ل ) ، ونابذتكم ( خ ل ) .
( 4 ) اقتباس من الكريمة ، الانشقاق : 18 .
( 5 ) ونابذتكم ( خ ل ) ، أقول : في المصدر : اقنطوا من الرجاء ونابذتكم .
( 6 ) عن النهاية : ( في حديث سلمان : وإن أبيتم نابذتكم على سواء ، أي كاشفناكم وقاتلناكم
على طريق مستوفي العلم بالمنابذة منا ومنكم بأن تظهر له العزم على قتالهم وتخبرهم
به إخبارا
مكشوفا ) .
( 7 ) ارفع ( خ ل ) .
( 8 ) كالناقة ( خ ل ) ، أقول : في المصدر أيضا كذا .
( 9 ) في المصدر : برجلها .
( 10 ) باديها ( خ ل ) وهو الظاهر .
( 11 ) شوه ( خ ل ) .
‹ صفحه 274 ›
بكلب وما أنا وكلب ، ( أما ) والله لولا ما ، لأريتكم مصارعهم ، ألا وهو
البيداء ، ثم يجئ ما تعرفون ، فإذا رأيتم أيها الناس الفتن كقطع الليل المظلم ،
يهلك فيه الراكب الموضع ، والخطيب المصقع ، والرأي ( 1 ) المتبوع ، فعليكم
بآل محمد صلى الله عليهم ، فإنهم القادة إلى الجنة والدعاة إليها إلى يوم القيامة
،
وعليكم بعلي عليه السلام ، فوالله لقد سلمنا عليه بالولاء مع نبينا ، فما بال
القوم ؟ أحسد ! قد حسد قابيل هابيل ، أو كفر ! فقد ارتد قوم موسى عن
الأسباط ويوشع وشمعون وابني هارون : شبر وشبير ، والسبعين الذين اتهموا
موسى على قتل هارون ، فأخذتهم الرجفة من بغيهم ، ثم بعثهم الله أنبياء
مرسلين وغير مرسلين ، فأمر هذه الأمة كأمر بني إسرائيل ، فأين يذهب بكم ،
ما أنا وفلان وفلان ، ويحكم والله ما أدري أتجهلون أم تتجاهلون ، أم نسيتم
أم تتناسون ! انزلوا آل محمد صلى الله عليهم منكم منزلة الرأس من الجسد ، بل
منزلة العين ( 2 ) من الرأس ، والله لترجعن كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض
بالسيف ، يشهد الشاهد ( 3 ) على الناجي بالهلكة ، ويشهد الناجي على الكافر
بالنجاة ، ألا إني أظهرت أمري وآمنت بربي وأسلمت بنبيي واتبعت مولاي
ومولا كل مسلم ، بأبي أنت وأمي قتيل كوفان ، يا لهف نفسي لأطفال
صغار ، وبأبي صاحب الجفنة والخوان ، نكاح النساء الحسن بن علي عليهما السلام ،
ألا إن نبي الله نحله البأس والحياء ، ونحل الحسين عليه السلام المهابة والجود ،
يا
ويح لمن احتقره ( 4 ) لضعفه واستضعفه بقتله ( 5 ) ، وظلم من بين ولده ، وكان
بلادهم عامر ( 6 ) الباقين من آل محمد صلى الله عليهم ، أيها الناس ! لا تكل ( 7 )
000000000000000000
( 1 ) الرأس ( خ ل ) .
( 2 ) في المصدر : العينين .
( 3 ) الكافر ( خ ل ) .
( 4 ) في الأصل : احقره .
( 5 ) لقتله ( خ ل ) ، أقول : في المصدر : لقلته .
( 6 ) عامرة ( خ ل ) ، من ( خ ل ) .
( 7 ) كل : تعب وأعيا ، كل السيف : لم يقطع .
‹ صفحه 275 ›
أظفاركم عن عدوكم ، ولا تستغشوا صديقكم فيستحوذ الشيطان عليكم ، والله
لتبتلن ببلاء لا تغيرونه بأيديكم ( 1 ) ، إلا إشارة بحواجبكم ، ثلاثة خذوها بما
فيها ( 2 ) وارجوا رابعها وموافاها ( 3 ) ، يأتي ( 4 ) رافع الضيم شقاق بطون
الحبالى ،
وحمال الصبيان على الرماح ومغلي ( 5 ) الرجال في القدور ، أما إني سأحدثكم
بالنفس الطيبة الزكية ، وتضريج دمه بين الركن والمقام ، المذبوح كذبح
الكبش ، يا ويح لسبايا نساء من كوفان ، الواردون الثوية ( 6 ) ، المستغدون ( 7 )
عشية ( 8 ) ، وميعاد ما بينكم وبين ذلك فتنة شرقية ، وجاء هاتف ( 9 ) يستغيث من
قبل المغرب ، فلا تغيثوه ، لا أغاثه الله ، وملحمة بين الناس إلى أن يصير ما ذبح
على شبيه المقتول ( 10 ) بظهر الكوفة - وهي كوفان - ، ويوشك أن يبنى جسرها ،
ويبنى جنبها ( 11 ) حتى يأتي زمان لا يبقى مؤمن إلا بها أو يحن إليها ، وفتنة
مصبوبة تطافي خطامها ، لا ينهيها ( 12 ) أحد ، لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته ،
0000000000000000000
( 1 ) في المصدر : بأيدكم .
( 2 ) بتمامها ( خ ل ) .
( 3 ) موفاها ( خ ل ) ، أقول : وافى فلانا حقه : أي أعطاه إياه تماما .
( 4 ) بأبي ( خ ل ) .
( 5 ) في المصدر : مقلي الرجال ( خ ل ) .
( 6 ) الثوية : موضع قريب من الكوفة ، قيل : كانت سجنا لنعمان بن المنذر .
( 7 ) المستسغدون ، المستقرون ( خ ل ) ، أقول : في المصدر : المستسعدون /
( 8 ) أي يجعلون غذائهم غدوة عشية لعدم الغذاء في العشية ( منه ) .
( 9 ) في المصدر : ستسير موجئا هاتفا ، شية المقتول .
( 10 ) في المصدر : ستسير موجئا هاتفا ، شية المقتول .
( 11 ) في الأصل : يبني جنبيها .
( 12 ) أي يمنعها ( منه ) .
‹ صفحه 276 ›
وأحدثك يا حذيفة إن ابنك مقتول ، فإن ( 1 ) عليا أمير المؤمنين ، فمن كان مؤمنا
دخل في ولايته فيصبح على أمر يمسي على مثله ، لا يدخل فيها إلا مؤمن
ولا يخرج منها إلا كافر ( 2 ) ) .
أقول : وروى هذه الخطبة - وهي من الملاحم - الشيخ أحمد بن
علي بن أبي طالب الطبرسي في الإحتجاج ( 3 ) مرسلا عن جعفر بن محمد ، عن
أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : ( خطب الناس سلمان الفارسي رحمه الله بعد أن
دفن رسول الله صلى الله عليه وآله بثلاثة أيام ) ، ثم نقلها مع نقصان كثير وزيادات
يسيرة ، منها بعد قوله : أوتيت العلم كثيرا ، أو علما كثيرا - كما فيه - : ( فلو
إني أحدثكم بكل ما أعلم من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام لقالت - اه ) ،
وبعد قوله : فصل الخطاب : ( وأصل الأنساب ) ، وبعد قوله : عمران : ( من
موسى ) ، وبعد قوله : فأخطأتم : ( الحق وأنتم تعلمون ، أما والله لتركبن - اه ) ،
وبعد القذة : ( والنعل بالنعل ) ، وعد أرجلكم : ( ولو دعوتم الطير في جو
السماء لأجابتكم ، ولو دعوتم الحيتان في البحار لأتتكم ( 4 ) ، ولما عال
ولي الله ، ولا طاش ( 5 ) ( لكم ) سهم من فرائض الله ، ولا اختلف اثنان في
حكم الله ، ولكن أبيتم فوليتموها غيره ، فأبشروا - اه ) ، وبعد : سلمنا عليه
بالولاية : ( وأمرة المؤمنين مرارا جمة مع نبينا ، كل ذلك يأمرنا به ، ويؤكده
علينا فما بال القوم عرفوا فضله فحسدوه ؟ وقد حسد - اه ) ، وبعد : تتجاهلون :
( أم حسدتم أم تتحاسدون ( 6 ) - اه ) ، وعد : مولاي : ( ومولى كل مؤمن ومؤمنة
علي أمير المؤمنين عليه السلام وسيد الوصيين ، وقائد الغر المحجلين ( 7 ) ، إمام
الصديقين
والشهداء والصالحين ) ، ولم يذكر بعده شيئا ، والساقط مثل الثابت أو يزيد .
0000000000000000000
( 1 ) في الأصل : فائت .
( 2 ) إختيار معرفة الرجال : 24 - 20 .
( 3 ) الإحتجاج 1 : 110 .
( 4 ) في المصدر : ( من تحت أقدامكم ، ولو دعوتم الطير لأجابتكم في جو السماء ،
ولو دعوتم الحيتان
من البحار ) .
( 5 ) عال : افتقر ، طاش السهم : مال عن الهدف ، جمة : كثيرة .
( 6 ) في المصدر : أجهلتم أم تجاهلتم ؟ أم حسدتم أم تحاسدتم ؟
( 7 ) في المجمع : ( في وصف علي عليه السلام : قائد الغر المحجلين ، جمع أغر من
الغرة وهي بياض في
الوجه ، يريد بياض مواضع الوضوء من الأيدي والأقلام ، إذا دعوا على رؤوس الأشهاد
أو إلى الجنة
كانوا على هذا النهج ) .
‹ صفحه 277 ›
ذكت النار واستذكت : اشتد لهبها ، وأذكاها وذكاها : أوقدها ،
والذكاء - بالفتح - وشدة وهيج النار أو الجمرة الملتهبة ، وأهل لها : أي أصيح
وأرفع صوتي لأطلب نصيبها أي قوما لعبادة النار فكأنه بمنزلة المؤذن في شرع
الإسلام ، وعن بعض النسخ : آهيل ، قيل : أي كنت من قوام النار أعطى
نصيب عبدتها ، وتهامة - بالكسر - : مكة شرفها الله تعالى وأحد أقسام جزيرة
العرب ، فعن ابن عباس : ( إن الجزيرة قسمت خمسة أقسام : تهامة والحجاز
والعروض ونجد واليمن - انتهى ) ، وتهامة سواحل البحر وأطرافه ما بين اليمن
والحجاز ، ويقال لها : غور أيضا ، والطبق - بالتحريك - : هو الحال المطابقة
لحال أخرى ، والقذة : ريش السهم واحدة قذذ ، وفي النهاية ( 1 ) وغيرها : وفي
الحديث : ( لتركبن سنن - الخ ) أي كما يقدر كل واحدة منهما على قدر
صاحبتها وتقطع ، وفي المجمع ( 2 ) : ضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان ،
والضيم : الظلم ، والنطح : الإصابة بالقرن ، والنطيحة هي التي نطحتها
بهيمة أخرى حتى ماتت ، والضروس : الناقة السيئة الخلق تعض حالبها ،
وخبط البعير الأرض بيده : ضربها ووطئها شديدا ، والدر : اللبن ، والنادي :
مجلس القوم نهارا أو المجلس ما داموا مجتمعين فيه ، وكلب : قبيلة من قبائل
العرب ، والراكب الموضع : هو الذي يحمل راكبه على العدو السريع ،
والمصقع - كمنبر - : البليغ أو العالي الصوت أو من لا يرتج عليه في كلامه ،
والتضريج : التدمية والتلطيخ ، يقال : تضرج بالدم أي تلطخ به ، والملحمة :
الوقعة العظيمة ، القتل ، ويحن إليها : أي يشتاق إليها ، والخطام : الزمام .
رجعنا إلى شرح بعض فقراتها على قدر ما وصل إلينا من أخبار
الصادقين عليهم السلام .
000000000000000000
( 1 ) النهاية 4 : 28 .
( 2 ) المجمع 3 : 186 .
‹ صفحه 278 ›
قوله : إذا أنا مذك - الخ .
لا ينافي ما قدمنا في الباب الأول من أنه لم يكن مشركا قط ، إما
لكونه في تلك الحالة غير مكلف بشريعة لصباه ، نظرا إلى ما يظهر من حديث
إسلامه في القصص - وقد مر - ، أو لكون هذا الفعل منه على نحو التقية - كما مر
من قوله صلى الله عليه وآله : ( كان مظهرا للشرك مبطنا للإيمان ( 1 ) ) - ،
فالجحود إنما
هو بحسب العمل لا في الاعتقاد ، مع أن ما رواه الكشي ضعيف جدا وما
رواه في الإحتجاج وإن كان معتبرا مع كونه مرسلا - نظرا إلى قول مؤلفه في
أوله : ( ولا نأتي في أكثر ما نورده من الأخبار بإسناده : إما لوجود الاجماع
عليه ، أو موافقته لما دلت العقول عليه ، ( أو ) لاشتهاره في السير والكتب بين
المخالف والمؤالف - انتهى ) ( 2 ) - ، إلا أن ما رواه خال عن تلك الزيادة .
قوله : فعرفت - اه .
إشارة إلى أن معرفته بالنبي صلى الله عليه وآله وبنبوته إنما كان بعلم سابق
له ، وإنما اللقاء ازداد يقينا ، لا إنه كان سببا لإيمانه ، ومر ويأتي عن النبي
صلى الله عليه وآله : ( إن سلمان كان يدعو الناس إليه صلى الله عليه وآله قبل
مبعثه
منذ أربعمأة وخمسين سنة ) ( 3 ) .
قوله : لتركبن طبقا عن طبق - اه .
الظاهر من الأخبار إن القراءة في ( لتركبن ) ( 4 ) على الجمع خطابا
للأمة ، ففي المرتضوي : ( أي لتسلكن سبيل من كان قبلكم من الأمم في
الغدر بالأوصياء ( بعد الأنبياء ) ( 5 ) ، وفي الباقري : ( ( يا زرارة ! ) أو لم
تركب
هذه الأمة بعد نبيها طبقا عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان ) ( 6 ) ، وفي
00000000000000000
( 1 ) مر في الباب الأول عن الإختصاص : 341 .
( 2 ) الإحتجاج 1 : 14 .
( 3 ) مر في الباب الأول ويأتي في الباب الرابع عشر من كتاب حسين بن حمدان .
( 4 ) الانشقاق : 19 .
( 5 ) تفسير الصافي 4 : 801 .
( 6 ) تفسير القمي 2 : 413 ، الكافي 1 : 415 .