‹ صفحه 279 ›
الصادقي ، ( لتركبن طبقا عن طبق أي سير من كان
قبلكم ) ( 1 ) .
وفي غير مقام التفسير في النبوي المستفيض : ( ستجدوا أمتي حذو
بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ) ( 2 ) ، وفي الصادقي : ( شبر بشبر
وذراع بذراع وباع بباع ) ، وفي بعض الأخبار : ( حتى إن لو كان من قبلكم
دخل حجر ضب لدخلتموه ) ( 4 ) ، وفي الفصل الأول من باب تغير الناس من
مشكاة الخطيب : ( من المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : لتتبعن سنن من كان قبلكم ، شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتى
لو دخلوا حجر ضب لتبعتموهم ، قيل : يا رسول الله ! اليهود والنصارى ؟ قال :
فمن ) ( 5 ) .
والظاهر أن المعنى متواتر عنهم عليهم السلام ، وحيث إن ظاهرها من لزوم
التطابق في التكوين ظاهرا خلاف الحكمة للزوم الالجاء في التكليف وتبيين
الحق من الباطل من غير شبهة ، فلم يهلك من هلك عن بينة ، ولم يبق مقام
للابتلاء والامتحان والمجاهدة ، وقد قال علي عليه السلام - كما في المحاسن - :
( ( أيها الناس ! ) إنما بدأ وقوع الفتن أهواء تتبع ، وأحكام تبتدع ، يخالف فيها
كلام الله ، يقلد فيها رجال رجالا ، ولو أن الباطل خلص لم يخف
على ذي حجى ، ولو أن الحق خلص لم يكن اختلاف ، ولكن يؤخذ من هذا
ضغث ومن هذا ضغث ( 6 ) ، فيمزجان فيجيئان معا ، فهنالك استحوذ الشيطان
على أوليائه ، وجى الذين سبقت لهم من الله الحسنى ) ( 7 ) .
0000000000000000000
( 1 ) تفسير الصافي 4 : 801 ، إكمال الدين 2
: 157 ، أقول : في المصادر : أي سننا على سنن من كان
قبلكم .
( 2 ) مضمون عدة روايات ، راجع بحار الأنوار 28 : 35 - 1 .
( 3 ) حجر : بيت ، ضب - بالفتح - حيوان ذنبه كثير العقد يقال بالفارسية : ( سوسمار
) .
( 4 ) تفسير القمي 2 : 413 .
( 5 ) مشكاة المصابيح : 458 ، بحار الأنوار 28 : 30 ، وفيه : ( قلنا يا رسول الله
) .
( 6 ) الحجى ، العقل ، الضغث : قطعة من حشيش مختلطة الرطب باليابس .
( 7 ) المحاسن : 208 ، أقول : رواه في البحار 2 : 315 قائلا بعده : ( قوله : سبقت
لهم من الله
الحسنى : أي العافية الحسنى أو المشيئة الحسنى في سابق علمه وقضائه ) .
‹ صفحه 280 ›
فلا محالة تكون المطابقة في أغلب من الموارد بضرب من التأويل
لا يعرف إلا من قبلهم وبيانهم عليهم السلام ، وقد أشاروا إلى بعضها ، كمثال
موسى وهارون ، والعجل والسامري ، ويوشع وصفورا ( 1 ) ، وأمثال ذلك في
هذه الأمة ، وعن علي عليه السلام في حديث طويل : ( لكنكم تهتم كما تاهت
بنو إسرائيل على عهد موسى ، ولعمري ليضاعفن إليكم التيه من بعدي
أضعاف ما تاهت بنو إسرائيل - الخبر ) ( 2 ) .
وجرى في القائم عجل الله تعالى فرجه به وبمحمد وآله صلوات الله عليهم ،
أكثر سنن المرسلين وسيرهم ، كطول العمر من آدم ونوح ، والإبطاء من
نوح ( 3 ) ، وخفاء الولادة والاعتزال من إبراهيم ، والخوف والغيبة وكيفية
الولادة وخفائها من موسى ، واختلاف الناس في الموت والحياة من عيسى ،
والفرج بعد البلوى من أيوب ، والغيبة من صالح ، إلى غير ذلك مما لا يخفى
على من راجع أخبار الغيبة ( 4 ) .
قوله : ولو وليتموها عليا لأكلتم - اه .
إشارة إلى قوله تعالى : ( ولو أنهم أقاموا التورية والإنجيل وما أنزل إليهم
من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء
ما يعملون ) ( 5 )
0000000000000000000
( 1 ) أما موسى وهارون فيؤول برسول الله صلى
الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام وحديث
المنزلة مشهور ، أما العجل والسامري فيؤول بابن الخطاب وابن قحافة وروي أن الأول
سامري هذه
الأمة ، وأما يوشع وصفورا - كما مر - يؤول بأمير المؤمنين عليه السلام وعايشة -
لعنها الله - .
( 2 ) الإرشاد : 154 ، أقول : ما بين المتن وما في المصدر اختلافات ، فراجع .
( 3 ) الابطاء من نوح كناية عن تأخير الله عز وجل عقوبة قومه لأجل تأكيد الدعوة
وإلزام الحجة ،
حتى قالوا الطوائف التي آمنت به : لو كان ما يدعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف
ثم ترتد منهم
كل من كانت طينته خبيثة ، وعن الصادق عليه السلام : ( وكذلك القائم عليه السلام
تمتد أيام
غيبته ليصرح الحق عن محضه ، ويصفو الإيمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته
خبيثة من
الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخلاف والتمكين والأمن المنتشر في
عهد القائم
عليه السلام ) عصمنا الله تعالى من الزيغ بعد الإيمان .
( 4 ) راجع بحار الأنوار 51 : 35 - 215 ، إكمال الدين 1 : 8 - 25 .
( 5 ) المائدة : 66 .
‹ صفحه 281 ›
وروى العياشي والصفار والكليني بأسانيدهم في تفسير الآية عن
أبي جعفر عليه السلام : ( إن المراد بما أنزل هو الولاية ) ( 1 ) ، ويؤيده ما في
بصائر
الثاني مسندا عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى : ( يا أهل الكتاب لستم على
شئ حتى تقيموا التورية والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم ) قال : ( هي
الولاية ، وهو ( في ) قول الله تعالى : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك
وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ) ، قال : هي الولاية ) ( 2 ) .
هكذا روي في البصائر الكبير ، ولا يخفى ما في لفظ الحديث من
عدم الانسباك ، فإن الذوق يقضي أما بزيادة : ( هو من ) و ( هو قول الله ) في
الآية الثانية ، وإن الأصل : وقول - بالجر - عطفا على القول الأول ، وهو
مدخول ( في ) ، والآية الثانية حينئذ داخلة في السؤال ، وأما بزيادة ( قال )
في عجز الخبر ، وإن الأصل : ( وهي الولاية ) ، ويكون قوله : ( وهو قول الله
الخ ) من قول الإمام ، استدلالا بهذه الآية على تأويل الآية الأولى ، حيث إن
تأويل الثانية قد رواه الخاص والعام وانقشع عن بدره غياهب الظلام ، وفي
بعض نسخها : ( وهو في قول الله - الخ ) ( 3 ) ، وفي البصائر الصغير عن حمران ،
عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله - وذكر الآية إلى طغيانا وكفرا - فقال
عليه السلام : ( هي ولاية أمير المؤمنين عليهما السلام ) ، ولم يذكر الذيل .
وفي الفصل الخامس والخمسون والمأة من كشف المحجة في رسالة
علي عليه السلام : إلى شيعته في ذكر خلافة من تقدم عليه ، وفيها : ( وقام فروة بن
عمر الأنصاري - وكان يقود مع رسول الله صلى الله عليه وآله فرسين ويصرم ألف
وسق ( 4 ) من تمر فيتصدق به على المساكين ( 5 ) - فنادى : يا معشر قريش ! أخبرني
000000000000000
( 1 ) تفسير العياشي 1 : 330 ، بصائر الدرجات
: 96 ، الكافي 1 : 413 .
( 2 ) بصائر الدرجات : 535 ، والآيات في المائدة : 68 - 66 .
( 3 ) في المصدر - كما أثبتنا - يوجد كلمة ( في ) ، ويؤيده إن الرواية تتضمن
سؤالين عن المراد ب ( ما
أنزل إليك ) في الآيتين .
( 4 ) ضرم الشئ : قطعه ، وسق : ستون صاع أو حمل البعير
( 5 ) في المصدر : يصرم ألف ويشتري تمر فيتصدق به .
‹ صفحه 282 ›
وهل فيكم رجل تحل له الخلافة وفيه ما في علي عليه السلام ؟ - إلى أن قال : -
لو جعلتموها في أهل بيت نبيكم لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم
- الخبر ) ( 1 ) .
قوله : فخذوها من سنة السبعين - الخ .
إن كان الضمير راجعا إلى البلاء ، فالظاهر إنه كان ( إلى ) بدل
( من ) ، وإن كان راجعا إلى الرخاء ، فالمراد أظهر ، فكيف كان فغرضه
الإشارة إلى نهاية البلاء وبداية الفرج ، وفي الخرائج عن أبي إسحاق السبيعي ،
عن عمرو بن الحمق قال : ( دخلت على علي عليه السلام حين ضرب الضربة
بالكوفة ، فقلت : ليس عليك بأس إنما هو خدش ، قال : لعمري إني
لمفارقكم ، ثم قال : إلى السبعين بلاء - قالها ثلاثا - قلت : فهل بعد البلاء
رخاء ؟ فلم يجبني وأغمي عليه عليه السلام - إلى أن قال : - فقلت : يا أمير
المؤمنين !
إنك قلت إلى السبعين بلاء فهل بعد السبعين رخاء ؟ فقال عليه السلام : نعم ،
وإن بعد البلاء رخاء ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) ) ( 2 ) ، وروى
الشيخ في الغيبة عن أبي حمزة الثمالي قال : ( قلت لأبي جعفر عليه السلام : إن
عليا عليه السلام كان يقول : إلى السبعين بلاء ، وكان يقول : بعد البلاء رخاء ،
وقد مضت السبعون ولم نر رخاء ، فقال أبو جعفر عليه السلام : يا ثابت ! إن الله
تعالى كان وقت هذا الأمر في السبعين فلما قتل الحسين عليه السلام اشتد
غضب الله على أهل الأرض ، فأخره إلى الأربعين ومأة سنة ، فحدثناكم
فأذعتم الحديث وكشفتم قناع السر ، فأخره الله ولم يجعل له بعد ذلك وقتا
عندنا ( 3 ) ( ويمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) ، قال أبو حمزة : وقلت
ذلك لأبي عبد الله عليه السلام ، فقال : قد كان ذلك ) ( 4 ) .
00000000000000000
( 1 ) كشف المحجة : 177 .
( 2 ) بحار الأنوار 42 : 223 عن الخرائج : 18 .
( 3 ) في المصدر : عندنا وقتا .
( 4 ) الغيبة : 263 ، الكافي 1 : 361 ، الغيبة للنعماني : 293 .
‹ صفحه 283 ›
قوله : ألا إن لبني أمية - اه .
غير خفي على من راجع سير الأولين ، ما صدر عن عتاة بني أمية
وطغاتهم بالعترة الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين من الظلم والعدوان ، والقتل
والنهب والأسر ، وكتمان الفضائل وإنكار المناقب ، والسب واللعن على
المنابر ، وفي تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى في سورة الإسراء : ( ثم
رددنا لكم الكرة عليهم ) : ( يعني لبني أمية ( 1 ) على آل محمد صلوات الله عليهم (
أبدا ) ،
( وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا ) أي من الحسن والحسين ( أبناء
علي ) وأصحابهما ، فقتلوا الحسين بن علي ( وأصحابه ) وسبوا نساء آل محمد
صلوات الله عليهم - الخبر ) ( 2 ) .
وفي الأنوار : ( إنه ولد لعبد مناف ولدان هاشم وأمية ، ملتزقا ظهر
كل واحد منهما بظهر الآخر ، ففرق بينهما بالسيف ، فلم يرتفع السيف من بينهما
وبين أولادهما حتى وقع بين حرب بن أمية وعبد المطلب بن هاشم ، وبين
أبي سفيان ابن حرب وأبي طالب ، وبين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي
طالب ، وبين يزيد بن معاوية والحسين بن علي عليهما السلام ) ( 3 ) .
قلت : وهو عجيب ، فإن أمية ابن عبد الشمس ابن عبد مناف - مع
كلام في صحة نسبة عبد الشمس مذكور في محله ( 4 ) - ، ولقد أجاد عبد الباقي
العمري السني الموصلي ، الشاعر المعاصر ، في قصيدته البائية :
لا عبد شمسكم يضاهي هاشما
كلا ولا أمية مطلبا
ثم عثمان أيضا في طبقة معاوية ، لأنه ابن عفان بن أبي العاص بن
أمية بن عبد شمس ، ولا يخفى أنه السبب لوقعة الجمل .
00000000000000000
( 1 ) في المصدر : بني أمية .
( 2 ) تفسير القمي 2 : 14 ، والآية في الإسراء : 6 .
( 3 ) الأنوار النعمانية 1 : 68 .
( 4 ) إن هذه القصة - نسبة أمية بن عبد الشمس - أسطورة كاذبة وضعتها يد السياسة
الغاشمة في
العصر الأموي ، عذرا للخصومة والعداوة الواقعة بين بني هاشم وبني أمية ، فإن صريح
التاريخ يدل
على أن بني أمية - تلك الشجرة الملعونة - لم يكونوا من العرب ومن عبد شمس بن عبد
مناف ، فإن
أمية كان فتى من الروم تبناه عبد شمس على عادة العرب في الجاهلية من تبنيهم أولاد
الأسرى ،
ويؤكد هذا قول أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه إلى معاوية : ( يا معاوية ! ليس
الصريح كاللصيق
وليس المهاجر كالطليق ) ، الأنوار 1 : 68 .
‹ صفحه 284 ›
ومن ظريف الأخبار إنه : ( دخل شريك ين الأعور السلمي على
معاوية ، فقال له : والله إنك لشريك وليس لله شريك ، وإنك لابن الأعور ،
والبصير خير من الأعور ، وإنك لذميم والجيد خير من الذميم ، فكيف سدت
قومك ؟ فقال له شريك : إنك لمعاوية وما معاوية إلا كلبة عوت واستعوت ،
وإنك لابن الصخر والسهل خير من الصخر ، وإنك لابن الحرب والسلم خير
الحرب ، وإنك لابن أمية وأمية إلا تصغير أمة ، صغرت فاستصغرت ،
فكيف صرت أمير المؤمنين ؟ ! فغضب معاوية وخرج شريك وهو يقول :
أيشتمني معاوية بن صخر
وسيفي صارم ( 1 ) ومعي لساني ( 2 )
قوله : إلا أنه حق على الله - إلى قوله : - فيمسخه الله قردا .
إشارة إلى تتمة الآية السابقة وبعض علائم ظهور الحجة عجل الله
فرجه ، ففي تفسير القمي بعد الخبر المقدم : ( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن
أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ) يعني القائم عليه السلام وأصحابه ، ( ليسؤوا
وجوهكم ) يعني يسود وجوهكم ( 3 ) ، ( وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة )
يعني رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه وأمير المؤمنين عليه السلام
وأصحابه ، ( ليتبروا ماعلو تتبيرا ) أي يعلوا عليكم فيقتلوكم ، ثم عطف على آل محمد
عليهم السلام فقال : ( عسى ربكم أن يرحمكم ) أي ينصركم على عدوكم ، ثم
خاطب بني أمية فقال : ( إن عدتم عدنا ) يعني ( إن ) عدتم بالسفياني عدنا
بالقائم من آل محمد عليهم السلام - الخبر . ) ( 4 )
0000000000000000000
( 1 ) سدت من ساد يسود : أي كيف صرت سيد
القوم وزعيمهم ، سيف صارم : سيف قاطع .
( 2 ) الكشكول للبهائي 2 : 79 ، وفيه في كلا الموضعين : ( الدميم ، معاوية بن حرب
) ، الدميم : كريه
المنظر .
( 3 ) في المصدر : يسودون وجوههم .
( 4 ) تفسير القمي 1 : 14 ، والآية في الإسراء : 7 - 8 .
‹ صفحه 285 ›
فالذين يدلون من بني أمية ويظهر عليهم عدوهم أي آل
محمد عليهم السلام
السفياني وأتباعه وتقارن خروجه عليه السلام وهلاكه علامات ، أشار سلمان إلى
بعضها :
الأولى : القذف من السماء
ففي الإرشاد عن منذر الحوزي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته
يقول : ( يزجر الناس قبل قيام القائم عليه السلام عن معاصيهم بنار تظهر ( لهم )
في السماء ، وحمدة تجلل السماء - الخبر ) ( 1 ) ، وفيه في علائم الظهور : ( وطلوع
نجم
بالمشرق يضئ كما يضئ القمر ، ثم ينعطف حتى يكاد يلتقي طرفاه ، وحمرة
تظهر في السماء وتنشر في آفاقها ، ونار تظهر في المشرق طويلا ( 2 ) ، وتبقى في
الجو
ثلاثة أيام أو سبعة أيام ) ( 3 ) .
وفي غيبة النعماني مسندا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام في
قوله تعالى : ( سأل سائل بعذاب واقع ) : فقال : ( تأويلها ( فيما ) يأتي عذاب
يقع في الثوية ، يعني نارا ، حتى ينتهي إلى الكناسة ( 4 ) كناسة بني أسد ، حتى تمر
بثقيف ، لا تدع وترا ( 5 ) لآل محمد عليهم السلام إلا أحرقته ، وذلك قبل خروج
القائم
عليه السلام ( 6 ) ) .
وقال علي بن إبراهيم : ( سئل أبو جعفر ( عليه السلام ) من معنى هذا ؟
فقال : نار تخرج من المغرب وملك يسوقها من خلفها حتى تأتي دار بني
سعد بن همام عند مسجدهم ، فلا تدع دارا لبني أمية إلا أحرقتها وأهلها ،
ولا تدع دارا فيها وتر لآل محمد عليهم السلام إلا أحرقتها ، وذلك المهدي ( 7 )
00000000000000000
( 1 ) الإرشاد : 361 .
( 2 ) في المصدر : تنتشر في آفاقها ونار تظهر بالمشرق طولا .
( 3 ) الإرشاد : 357 .
( 4 ) الثوية - بالفتح ثم الكسر - موضع بالكوفة أو قريب منها ، والكناسة - بضم الكاف
- محلة بها .
( 5 ) لا تدع وترا : أي لا يبقى بيت من البيوت التي أريق فيه دم لآل محمد إلا أحرق
، والوتر :
القتيل الذي لم يدرك بدمه ، العداوة والحقد .
( 6 ) غيبة النعماني : 272 ، والآية في المعارج : 1 .
( 7 ) أي من علامته أو عند ظهوره عليه السلام .
‹ صفحه 286 ›
( عليه السلام ) ( 1 ) ، اللهم عجل فرجه به وبمحمد وآله ، واجعلنا من أنصاره
وأعوانه والذابين عنه والممتثلين لأوامره .
وفيه عن أبي جعفر عليه السلام قال : ( سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن قوله
تعالى : ( فاختلف الأحزاب من بينهم ) : فقال : انتظروا الفرج من ثلاث ،
فقلت : يا أمير المؤمنين ! وما هي ( 2 ) ؟ فقال : اختلاف أهل الشام بينهم ،
والرايات السود من خراسان ، والفزعة في شهر رمضان ، فقيل : وما الفزعة في
شهر رمضان ؟ فقال : أ ( و ) ما سمعتم قول الله عز وجل في القرآن : ( إن نشأ
ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين ) ، ( هي ) آية تخرج الفتاة
من خدرها ، وتوقظ النائم ، وفزع اليقظان ) ( 3 ) .
وفيه عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : ( إذا رأيتم نارا من ( قبل )
المشرق شبه الهروي العظيم ( 4 ) ، تطلع ثلاثة أيام أو سبعة ، فتوقعوا فرج آل محمد
- الخبر ) ( 5 ) ، وفيه في حديث عن الصادق عليه السلام قال : ( إذا رأيتم علامة في
السماء : نارا عظيمة من قبل المشرق ، تطلع ليالي ، فعندها فرج الناس ، وهي
قدام القائم عليه السلام بقليل ) ( 6 ) .
ثم إنه يظهر من بعض الأخبار ، إن المراد من الآية في الآية السابقة
هو : ( ركود الشمس من بين زوالها إلى وقت العصر ) ( 7 ) ، وفي بعضها : ( إنما
0000000000000000000
( 1 ) تفسير القمي 2 : 385 .
( 2 ) في المصدر : فقيل : يا أمير المؤمنين ! وما هن ؟
( 3 ) غيبة النعماني : 251 ، والآيات في مريم : 37 ، والشعراء : 4 .
( 4 ) في المصدر : شبه الهردي ، قال في معجم مقاييس اللغة : ( الهاء والراء والدال
كلمات تدل
على معالجة شئ بصبغ أو ما أشبهه ، وثوب مهرود : صبغ أصفر ) ، وقال في موضع آخر : (
هروته
بالهراوة أي ضربته بها وهريت العمامة أي صفرتها ) ، وعلى التعبيرين - أي الهروي
والهردي
- فالتشبيه من حيث الصفرة أو الحمرة ، قال الفيروزآبادي : الهرو - بالضم - الكركم
، يعني الأصفر ،
وطين أحمر وعروق يصبغ بها ، والهروي المصبوغ به .
( 5 ) غيبة النعماني : 252 ، وفيه ( فتوقعوا الفرج ) .
( 6 ) غيبة النعماني : 267 .
( 7 ) الإرشاد : 359 ، بحار الأنوار 52 : 221 .
‹ صفحه 287 ›
النداء في شهر رمضان ، وإن جبرئيل ينادي أول فجر يوم الجمعة ، الثالث
والعشرين منه ، بصوت يسمعه جميع الخلائق كل بلغته : ألا أن الحق مع علي
وشيعته ) ( 1 ) ، والظاهر أن المراد من القذف هو الأول ، والله العالم .
الثاني : الخسف
وفي الإرشاد في ذيل الخبر المتقدم : ( وخسف ببغداد وخسف ببلدة
البصرة - الخبر ) ( 2 ) .
وفي غيبة النعماني عن أبي جعفر عليه السلام في حديث : ( فإذا كان
ذلك فانظروا خسف قرية من ( قرى ) دمشق يقال لها : حرشا ( 3 ) - الخبر ) ( 4 ) .
وفي غيبة الشيخ عن علي عليه السلام في حديث : ( فإذا كان ذلك ،
فانتظروا خسفا بقرية من قرى الشام يقال لها : خرشتا ) ( 5 ) .
وفيه وفي الإرشاد عن أبي جعفر عليه السلام في العلائم : ( وخسف قرية
من قرى الشام تسمى : الحابية ) ( 6 ) ، وعن كتاب سرور أهل الإيمان عن
الصادق عليه السلام : ( وخسف قرية من قرى الشام بالجابية ) ( 7 ) ، والتصحيف
في بعضها غير بعيد .
وروى الشيخ في الغيبة عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ( قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : عشر قبل الساعة لا بد منها : السفياني والدجال
والدخان ، وعد منها خسف بالمشرق وخسف بجزيرة العرب - الخبر ) ( 8 ) ، وأما
الخسف بالبيداء فسيأتي ذكره .
000000000000000000
( 1 ) جاءت العبارة بتقطيعها في روايات شتى ،
راجع النعماني : 270 - 254 .
( 2 ) الإرشاد : 361 .
( 3 ) في المصدر : حرستا ، وهي قرية كبيرة عامرة في وسط بساتين دمشق على طريق حمص
بينها
وبين دمشق أكثر من فرسخ ، وهذا موافق لقوله عليه السلام ( قرية من دمشق ) .
( 4 ) غيبة النعماني : 306 .
( 5 ) الغيبة : 278 ، وخرشنة من بلد الروم ، ولعله تصحيف حرستا وهي كما مر قرية في
الشام .
( 6 ) الغيبة : 269 ، الإرشاد : 359 ، وفيه ( الجابية ) .
( 7 ) بحار الأنوار 52 : 269 ، أقول : الجابية : قرية من أعمال دمشق .
( 8 ) الغيبة : 267 .
‹ صفحه 288 ›
الثالث : المسخ وسوء الخلق .
وفي الإرشاد فيما استخرجه من علائم الظهور من الأصول ، بعدما عد
كثير منها : ( ومسخ لقوم من أهل البدع حتى يصيروا قردة وخنازير ) ( 1 ) .
وروى النعماني عن أبي بصير قال : ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام
قول الله عز وجل : ( عذاب الخزي في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) ، ما هو عذاب
خزي الدنيا ؟ فقال : وأي خزي يا أبا بصير أشد ( 2 ) من أن يكون الرجل في بيته
وحجالة ( 3 ) وعلى إخوانه وسط عياله ، إذ شق ( أهله ) عليه الجيوب ( 4 ) وصرخوا ،
فيقول الناس : ما هذا ؟ فيقال : مسخ فلان الساعة ، فقلت : قبل قيام القائم
عليه السلام أو بعده ؟ قال : لا ، بل قبله ) ( 5 ) .
وعنه قال : ( سئل أبو جعفر الباقر عليه السلام عن تفسير قول الله
عز وجل : ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ) ،
فقال : يريهم في أنفسهم المسخ ، ويريهم في الآفاق انتقاص الآفاق عليهم ،
فيرون قدرة الله في أنفسهم وفي الآفاق ، وقوله : ( حتى يتبين لهم أنه الحق )
يعني بذلك خروج القائم عليه السلام ، هو الحق من الله ( عز وجل ) ، يراه هذا
الخلق لا بد منه ) ( 6 ) .
وفي الإرشاد عن أبي الحسن موسى عليه السلام في الآية المذكورة قال :
( الفتن في آفاق ( الأرض ) ، والمسخ في أعداء الحق ) ( 7 ) .
قوله : إلا وفئتان تلتقيان بتهامة .
الذي يظهر من الأخبار : إن العسكر الذي يأتي تهامة عسكر السفياني
- كما سنذكره - ، والعسكر الآخر لم أتحققه ، وأما اليماني ففيها ( 8 ) : ( وليس في
0000000000000000000
( 1 ) الرشاد : 357
( 2 ) وفي المصدر : وأي خزي أخزى يا أبا بصير ، الجيوب عليه .
( 3 ) الحجلة جمع حجال : ستر يضرب للعروس في جوف البيت .
( 4 ) وفي المصدر : وأي خزي أخزى يا أبا بصير ، الجيوب عليه .
( 5 ) غيبة النعماني : 269 ، والآية في فصلت : 16 ، كذا : ( ولعذاب الآخرة أخزى )
.
( 6 ) غيبة النعماني : 269 ، والآية في فصلت : 53 .
( 7 ) الإرشاد : 359 .
( 8 ) أي في الأخبار ( منه ) .
‹ صفحه 289 ›
الرايات ( راية ) أهدى من راية اليماني ، هي راية الهدى ( 1 ) لأنه يدعو ( الناس )
إلى صاحبكم ، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على ( الناس و ) كل مسلم ،
وإذا خرج اليماني فانهض إليه ، فإن رايته راية هدى ، ولا يحل لمسلم أن يلتوي
عليه ( 2 ) ، فمن فعل ( ذلك ) فهو من أهل النار ، لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق
مستقيم ( 3 ) . ) ، هذا .
ويحتمل أن يكون الذي يأتي تهامة من عسكر السفياني صنفان ،
ويشهد له ما في تأويل الآيات عن أبي جعفر عليه السلام في حديث : ( فيخرج
جيشان للسفياني ، فيأمر الله عز وجل الأرض أن تأخذ بأقدامهم - الخبر ) ( 4 ) ،
وهما غير الجيش الذي يبعثه إلى الكوفة ، كما يأتي .
قوله : إلا وخسف بكلب - اه .
إشارة إلى خسف جيش السفياني بالبيداء ، وهو من المحتوم ، ومختصر
كيفية ذلك بعد ضم الأخبار - بعضها إلى بعض - : أنه يخرج من الوادي
اليابس من الشام ، في عاشر جمادى الأولى ، في السنة التي يخرج فيها القائم
عليه السلام ، في اليوم الذي يخرج فيه الدجال من إصفهان أو سجستان ،
والخراساني من المشرق ، واليماني من اليمن ، عثمان بن عيينة ( 5 ) من ولد
أبي سفيان وآكلة الأكباد ، وهو مقبل من بلاد الروم منتصرا ، وفي عنقه
صليب ، وهو رجل وحش الوجه ( 6 ) ، صخم الهامة ( 7 ) ، بوجهه أثر الجدري ( 8 ) ،
يحسبه
0000000000000000000
( 1 ) في المصدر : هي راية هدى .
( 2 ) التوى الشئ : انعطف ، التوى عليه الأمر : اشتد وامتنع .
( 3 ) غيبة النعماني : 256 ، بحار الأنوار 52 : 232 .
( 4 ) تأويل الآيات 2 : 478 ، بحار الأنوار 52 : 187 ، والآية في الفاطر : 51 .
( 5 ) الصحيح كما في البحار وإكمال الدين : عثمان بن عنبسة ، لأن أبناء أبي سفيان
: عتبة ،
معاوية ، يزيد ، عنبسة وحنظلة ( راجع البحار 52 : 205 ) .
( 6 ) وحش الوجه : أي يستوحش من يراه ولا يستأنس به أحد أو بالخاء المعجمة - كما
في
إكمال الدين 2 : 365 - وهو الردى من كل شئ .
( 7 ) الهامة : الرأس ، وضخم الهامة أي عظيم الرأس .
( 8 ) الجدري - بضم الجيم وفتح الدال وبفتحهما لغتان - قروح في البدن تنفظ عن
الجلد ممتلئة ماء
وتقيح .
‹ صفحه 290 ›
الناظر أعور ، أخبث الناس ، أشقر ( 2 ) أحمر أزرق ، لم يعبد الله قط ، ولم ير مكة
ولا المدينة قط ، ومعه أخواله من كلب ، فيقتل الأبقع والأصهب ، وهما
رجلان يخرجان في الشام يطلبان الملك ، فتنقاد له أهل الشام إلا طائفة من
المقيمين على الحق ، ثم يبعث جيشا إلى العراق وجيشا إلى المدينة في طلب
القائم عليه السلام ، وإن كان يظهر من بعض الأخبار : إن التي تأتي المدينة هي
التي تأتي الكوفة أولا ثم إليها ثانيا ، إلا أنه شاذ .
أما الأول : فيأتي ذكره في شرح أواخر الخطبة ، وأما الثاني : فأميرهم
خزيمة من بني أمية ، اطمس العين الشمال ( 3 ) ، على عينه الظفرة ( 4 ) غليظة ، وهم
اثنا عشر ألف أو ثلاثمأة ألف ، فيأتون المدينة ، فيخرج القائم منها خائفا يترقب
- على سنة موسى عليه السلام - فينهبونها ثلاثة أيام ويخربونها ويكسرون المنبر ،
وتروث بغلهم في المسجد ، فيبلغ أميرهم : إن المهدي عليه السلام قد خرج إلى
مكة ، فيخرج في طلبه ، أو يبعث خيلا في طلبه ، أميرها رجل من غطفان ،
فإذا تعرس ( 5 ) مع جيشه في البيداء ، وهي ذات الجيش التي تكره فيها الصلاة ،
وتستحب التلبية للحاج إذا علتها راحلته ، وهي على سبعة أميال من المدينة
وميل من مسجد الشجرة ، وقال النبي صلى لله عليه وآله لما انتهى إليها : ( هيهنا
يخسف بالأخابث ، يبعث الله جبرئيل فيقول : يا جبرئيل ! إذهب فأبدهم ،
فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم عندها ) ( 6 ) ، أو ينادي مناد من السماء :
( يا بيداء ! أبيدي القوم ، فيخسف بهم ) ( 7 ) ، وفيهم نزلت قوله تعالى : ( ولو
ترى إذ فزعوا فلا فوت أخذوا من مكان قريب ) ( 8 ) ، ولا يفلت ( 9 ) منهم ولا من
0000000000000000000
( 1 ) عور : ذهب حسن إحدى عينيه .
( 2 ) الشفرة : لون الأشقر وهي في الإنسان لون يأخذ من الأحمر والأصغر .
( 3 ) الطمس : ذهاب ضوء العين .
( 4 ) الظفرة : جليدة تغشي العين نابتة من الجانب الذي يلي الأنف على بياض العين
إلى سوادها
حتى يمنع الإبصار ، وهي كالظفر صلابة وبياضا .
( 5 ) النهب : غارت ، عرس : أقام بالفرح .
( 6 ) بحار الأنوار 52 : 187 ، أقول : ( بعث الله ) جواب ( حتى إذا كانوا بالبيداء
) .
( 7 ) غيبة النعماني : 280 .
( 8 ) السبأ : 51 .
( 9 ) أباد : أهلك ، قلت : تخلص .
‹ صفحه 291 ›
متاعهم إلا مخبر يحول الله وجهه إلى قفاه ، أو
ثلاثة من كلب كذلك ، وفيهم
نزلت : ( يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن
نطمس وجوها فنردها على أدبارها - الآية ) ( 1 ) ، أو رجلان من جهينية ، أو رجلان
من مراد ، يقال لهما : وتر وتيرة ، أو إخوان يضرب وجوهما ملك فتصير إلى
ما ورائهما ويقول لأحدهما : يا نذير ! امض إلى الملعون السفياني بدمشق فأنذره
بظهور المهدي من آل محمد عليهم السلام ، وعرفه إن الله قد أهلك جيشه بالبيداء ،
ويقول آخر : يا بشير ! إلحق بالمهدي بمكة وبشره بهلاك الظالمين ، وتب على
يده فإنه يقبل توبتك ، فيأتي إليه فيمر عليه السلام يده على وجهه فيرده سويا
كما كان ( 2 ) ، رزقنا الله - إن شاء الله - مبايعته وتقبيل يده بحق العسكري وولده
صلوات الله عليهما .
قوله : أما والله لولا ما لأريكم - الخ .
لعل ( ما ) اختصار من قوله : ( لولا ما في كتاب الله - أي آية المحو
والإثبات ) ، ولا ينافي ذلك كون الخسف من المحتوم ، إذ الظاهر أن غرضه
بيان مصرع كل واحد لا المجموع ، لبينه في قوله : ( ألا وهو البيداء ) ، وهذا
يمكن فيه البداء ، أو سقط هنا من الرواة أو النساخ كلمة ، هي ما
ذكرنا أو غيره ، أو إشارة إلى عظم الأمر وكبر خطره لو يكشفه ويبينه ، أو
إشارة إلى ما ذكره في أول الخطبة من قوله : ( ولو أخبرتكم بكل ما أعلم
- اه ) ، أي لولا ما تقدم في كلامي أو مثله ، والوجهان قريبان .
قوله : ثم يجئ ما تعرفون .
إشارة إلى ظهور الحق بعد خسف البيداء .
قوله : ويوشع وشمعون - الخ .
المعدود من الأوصياء المعروفين هو شمعون الصفا وصي عيسى
00000000000000000
( 1 ) النساء : 47 .
( 2 ) راجع إلى تفصيله إلى البحار 52 : 278 - 181 ، وغيبة النعماني : 302 - 299 .
‹ صفحه 292 ›
عليه السلام ، ولا ربط لذكره هيهنا ، ويحتمل أن يكون شخصا آخر كان نبيا أو
وصيا في أصحاب موسى عليه السلام ، ولا بعد فيه ، فإن أغلب من كان يبعثه
صاحب الشريعة إلى البلدان في تلك الأزمان كان من الأنبياء ، وعدم ذكره
في أخبار الماضين غير مختص به ، فإن من لم يذكر في الأخبار أو لم يصل إلينا
اسمه وخبره أضعاف ما وصل إلينا بمراتب عديدة ، ففي إثبات الوصية في
حديث موسى والسامري : ( إن موسى قام خطيبا وذكرهم بأيام الله - إلى أن
قال : - فروى أنه كان تحت المنبر ( في ) ذلك اليوم ألف نبي مرسل - الخ ) ( 1 ) .
قوله : والسبعين الذين اتهموا - الخ .
الذي يظهر من الأخبار : إن الذين اتهموا موسى في قتل هارون لم
ينزل عليهم العذاب ، وإن الذين أخذتهم الرجفة فماتوا ثم بعثهم الله هم
السبعون الذين قالوا لموسى عليه السلام : ( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) ( 2 )
.
ويدل على الأول ما في قصص الأنبياء للراوندي وغيره - واللفظ
للأول - عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( قال موسى لهارون عليهما السلام : امض
بنا
إلى جبل طور سيناء ، ثم خرجا فإذا بيت على بابه شجرة عليها ثوبان ، فقال
موسى لهارون : اطرح ثيابك وادخل هذا البيت والبس هاتين الحليتين ( 3 ) ونم
على السرير ، ففعل هارون ، فلما أن نام على السرير قبضه الله ( تعالى ) إليه
وارتفع البيت والشجرة ، ورجع موسى إلى بني إسرائيل فأعلمهم أن الله تعالى
قبض هارون ورفعه إليه ، فقالوا : كذبت ، أنت قتلته ، فشكى موسى عليه السلام
ذلك إلى ربه فأمر الله تعالى الملائكة فأنزلته على سرير بين السماء والأرض
حتى رأته بنو إسرائيل ، فعلموا أنه مات ) ( 4 ) ، فيحتمل أن يكون الأصل في
كلامه رضي الله عنه تعالى : ( والسبعين الذين أخذتهم الرجفة ) ، والزايد من
بعض الرواة ، والله يعلم .
00000000000000000000
( 1 ) إثبات الوصية : 49 .
( 2 ) البقرة : 55 حكاية عنهم .
( 3 ) في المصدر : الحلتين .
( 4 ) قصص الأنبياء : 174 ، عنه البحار 13 : 368 .
‹ صفحه 293 ›
وعلى الثاني ، ما ورد في تفسير قوله تعالى : ( وإذ قلتم يا موسى لن
نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ، ثم بعثناكم من
بعد موتكم لعلكم تشكرون ) ( 1 ) ، وقوله تعالى : ( واختار موسى قومه سبعين رجلا
لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة ) ( 2 ) ، ففي تفسير علي بن إبراهيم : ( فإن موسى
عليه السلام لما قال لبني إسرائيل : إن الله يكلمني ويناجيني ، لم يصدقوه ، فقال
لهم : اختاروا منكم من يجئ معي حتى يسمع كلامه ، فاختاروا سبعين
رجلا من خيارهم وذهبوا مع موسى إلى الميقات فدنى موسى
وناجى ربه وكلمه الله تعالى ، فقال موسى لأصحابه : اسمعوا واشهدوا عند
بني إسرائيل بذلك ، فقالوا له : ( لن نؤمن حتى نرى الله جهرة ، فاسئله أن
يظهر لنا ، فأنزل الله عليهم صاعقة فاحترقوا ، وهو قوله : ( وإذ قلتم يا موسى
لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ، ثم بعثناكم
من بعد موتكم - الخ ) ( 3 ) ، وفي الكشي في ترجمة عبد الله بن عجلان عن الصادق
عليه السلام : ( إن موسى بن عمران اختار قومه سبعين رجلا فلما أخذتهم الرجفة
كان موسى أول من قام منها ، فقال : يا رب أصحابي ! فقال : يا موسى ! إني
أبدلك منهم خيرا ، قال : ( يا ) رب ! إني وجدت ريحهم وعرفت أسمائهم - قال
ذلك ثلاثا - فبعثهم الله أنبياء ) ( 4 ) .
وكيف كان ، ففي المقام إشكال ، هو أن من أصول الإمامية
وقواعد عقائدهم التي بنوا مذهبهم الذي اختار الله لهم : وجوب وجود العصمة
عن الكبائر والصغير عمدا وسهوا ، بل وعن غيرها من النقايص ، في الأنبياء
والأوصياء قبل بعثهم ونصبهم وبعدهما ، وكيف توجد العصمة فيمن يتهم
النبي المرسل في قتل أخيه ، وهو نبي ، أو يتهمه في دعواه تكلم الرب معه ، ثم
لما يسمعه يسأله الرؤية فيعذب لذلك ، وهو كاشف عن عظم خطأه أو كبر
0000000000000000000
( 1 ) البقرة : 55 .
( 2 ) الأعراف : 155 .
( 3 ) تفسير القمي 1 : 241 .
( 4 ) إختيار معرفة الرجال : 243 .
‹ صفحه 294 ›
عصيانه ، الذي قد قيل أو يمكن أن يقال في رفع هذا الإشكال وجوه :
الأول : ما احتمله مولانا المجلسي رحمه الله بعد ذكر الصادقي في أحوال
موسى عليه السلام من أن : ( ما صدر عنهم كان سؤالا من قبل القوم لا اقتراحا
منهم ، لئلا ينافي صيرورتهم أنبياء ) ( 1 ) ، وفيه :
أولا : إنه خروج عن ظواهر جميع ما ورد في المقام ، نعم ذكره
الأصحاب في الجواب عن سؤال موسى الرؤية تبعا للرواية ، وحفظا للدليل
القطعي الدال على نبوته وعصمته عن ظاهر الآية .
وثانيا : إنه مناف لما ورد في حقهم من أنهم كانوا منافقين ، ففي
الإكمال وغيره في خبر سعد بن عبد الله القمي ورؤيته للقائم عليه السلام
ومسائله عنه ، وفيه : ( قلت : فأخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من
اختيار أما لأنفسهم ؟ قال : مصلح أو مفسد ؟ قلت : مصلح ، قال : فهل
يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد - إلى أن قال عليه السلام : - هذا موسى كليم الله
مع
وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه ، اختار من أعيان قومه ووجوه
عسكره لميقات ربه سبعين رجلا ممن لا يشك في إيمانهم وإخلاصهم ، فوقعت
خيرته على المنافقين ، قال الله تعالى : ( واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا
- إلى قوله : - لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ، فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ) ، فلما
وجدنا
اختيار من ( قد ) اصطفاه الله للنبوة واقعا على الأفسد دون الأصلح ، وهو يظن
أنه الأصلح دون الأفسد ، علمنا أن لا اختيار إلا لمن يعلم ما تخفي الصدور
- الخبر . ) ( 2 ) .
الثاني : ما احتمله رحمه الله فيه أيضا من أن : ( المراد كونهم تالين
للأنبياء في الفضل ) ( 3 ) ، وفيه مع خروجه عن الظاهر بل صريح الخبر ، وعدم
جواز بلوغ غير النبي معه في الفضل ، إلا أن يريد بعده ، كما يظهر من تعبيره
ب ( التالي ) دون ( المثل ) أو غيره ، أنه لا يتأتى في قول سلمان من : ( إن الله
000000000000000000
( 1 ) بحار الأنوار 13 : 243 .
( 2 ) إكمال الدين 2 : 461 ، الإحتجاج 2 : 463 ، بحار الأنوار 52 : 85 ، والآيات
في الأعراف :
155 والبقرة : 55 والنساء : 153 .
( 3 ) بحار الأنوار 13 : 243 .
‹ صفحه 295 ›
بعثهم أنبياء مرسلين وغير مرسلين ) ، وإن كان موردهما متعددا - كما مر - ، إذ
الإشكال واحد ، مع إنا استظهرنا اتحاد المورد بما عرفت ، إلا أن يقال ذلك
فيه أيضا ، وبعده غير خفي على الأنظار السليمة .
الثالث : أن يكون المراد من بعثهم أنبياء كونهم مأمورين ببيان ما
عاينوا في عالم البرزخ من الأهوال الفاظعة والأحوال الفاضحة والشدائد
المعدة لمن عاند الرسل وعاق ( 1 ) عن السبل ، تخويفا للغافلين الذين كانوا معهم
شركاء في الجحد والعناد ، فإنه أوقع في القلوب وأردع عن الذنوب ، إلا أنه مع
قصوره في نفسه غير واف للجواب عن تمام الإشكال .
الرابع : ما احتمله رحمه الله أيضا من : ( أنه يكفي عصمتهم بعد الرجعة ،
وفيه إشكال ) ( 2 ) ، والله يعلم .
قلت : هذا أظهر الأجوبة بالنظر إلى الأدلة التي تمسكوا بها لإثبات
العصمة من حيث قصورها عن إثباتها في مثل هؤلاء قبل زمان رجعتهم :
أما الأخبار : فليس فيها عموما زمانيا يشمل مثل هذا الفرد ، وقد
قال هذا الفاضل في خامس بحاره : ( إن العمدة فيما اختاره أصحابنا من تنزيه
الأنبياء والأئمة عليهم السلام عن كل ذنب ودناءة ومنقصة قبل النبوة وبعدها
قول أئمتنا سلام الله عليهم بذلك ، المعلوم لنا قطعا بإجماع أصحابنا رضوان الله
عليهم ، مع
تأيده بالنصوص المتظافرة حتى صار ذلك من قبيل الضروريات في مذهب
الإمامية - انتهى ) ( 3 ) .
وأما العقلية : فأقوى ما تمسك به الأقدمون واقتصر عليه بعضهم
- كالشيخ أبي إسحاق بن إبراهيم نوبخت في الياقوت ( 4 ) ، وشيخ الطائفة في
بعض مسائله وغيرهما - ، وهو دليل التنفير وسقوط محله عن القلب لو فعل
المعصية ، وبه يبطل الغرض من البعث ، وهو أن تم إنما يجري فيمن لحقه
000000000000000000
( 1 ) عاق عن الشئ : صرفه وحبسه .
( 2 ) بحار الأنوار 13 : 243 .
( 3 ) بحار الأنوار 11 : 91 الطبعة الحديثة .
( 4 ) أنوار الملكوت في شرح الياقوت : 196 .
‹ صفحه 296 ›
البعث بين زمان حياته ، لا فيمن قارن بعثه أول
حياته ، وإن كانت تلك
الحياة بعد الموت - كما في المقام - ، إذ الذي رجع إلى الدنيا معصوما لا يسقط
محله علن القلوب بذنبه السابق قبل الموت ولا تتنفر عنه الطبايع ، فإن الرجوع
إلى الدنيا أشبه بالولادة ، لا يقاس أفعاله بعده على أفعاله قبله ، لاختلاف
الدواعي بالعلم بالعواقب بالموت ومشاهدة الأهوال وجزاء الأعمال .
وأما دليل التناقض : من وجوب اتباع أفعاله المحرمة لكونه الغرض
من بعثه ، وحرمته لنهيه عنها ، فواضح اختصاصه بما بعد البعثة ، ومثله : وجوب
زجره عنها للنهي عن المنكر وحرمته لكونه إيذاء له ، وقد لعن الله من يؤذيه .
وكذا دليل التسلسل : من أن المحوج إليه جواز الخطأ على الأمة في
العلم والعمل ، فلو جاز الخطأ عليه وجب أن يكون له مرجع آخر ، فيدور أو
يتسلسل ، فإنه مختص بما بعد البعثة ، ولا يتوهم إمكان ذلك بأن غايته لزوم
ثبوت العصمة في الأخذ والأداء في الأوصياء خاصة ، ولذا اقتصر عليه
الشهيد في إثبات عصمة الإمام في عقايده والشيخ رحمه الله في غيبته ( 1 ) ، لإمكان
تقريره بوجه يعم الأنبياء بأدنى عناية .
وأما دليل اللطف : من أن بها يتوفر الدواعي من المكلفين على
الاقبال عليهم والتوجه إليهم ، الذي هو المقصود بالذات من بعثتهم ، فهو
موقوف على إثبات كونها فيهم قبل الرجعة لطفا ، وإن كل ما نراه لطفا واجب
على الله تعالى ، وكلاهما ممنوع جدا ، وعدم شمول ساير ما تمسكوا غني عن
البيان ، هذا .
مع أن الاتهام في حديث سلمان وإطلاق البغي عليه كظواهر
الآيات الدالة على عدم عصمة الأنبياء ، ولا يزيد الكلام في الجواب عنه على
الكلام في الجواب عنها ، هذا ما يقتضيه النظر بالنظر إلى الأدلة المعروفة .
والإنصاف إنه : بعد الرجوع إلى أخبار طينة الأنبياء وكيفية خلقتهم
وبدو أمرهم ، وعلة صدور الذنب عن المؤمن ، من الخلط والامتزاج وتمكن
0000000000000000000
( 1 ) الغيبة : 15 .
‹ صفحه 297 ›
الشيطان واستيلاؤه منه ، وإن طينة المنافق تباين طينتهم فلا تترقى إليها ،
مضافا إلى قوله تعالى : ( لا ينال عهدي الظالمين ) ( 1 ) ، بناء على ما ذكره بعض
الأفاضل من الله سبحانه حين قال لإبراهيم عليه السلام : ( إني جاعلك للناس
إماما ) استعظم درجة الإمامة في نفسه فسئلها لذريته ، قال : ( ومن ذريتي ) أي
واجعل بعض ذريتي إماما ، وإنما أتى به ( من ) الدالة على التبعيض لعلمه بأن
من ذريته من هو كافر ولم يسأل له الإمامة ، وإنما سألها للمؤمنين من ذريته ،
فأجابه تعالى بأن من وقع منه ذنب وإن كان صغيرا ولو مرة واحدة ، فإنه
يصدق عليه : إنه ظالم ، إما لما تقرر في الأصول من عدم اشتراط بقاء المبدأ في
صحة صدق المشتق حقيقة ، أو لخصوص ما ورد مما يدل على إطلاقه في المقام
على المعنى الأعم ، والظالم بعيد من عهد الإمامة . ثم إما أن يقال : إن كل
نبي إمام ، ويشهد له قول النبي صلى الله عليه وآله : ( أنا دعوة ( أبي ) إبراهيم ،
فسئل
عن ذلك فذكر : ( ما ) أوحى الله ( عز وجل ) إلى إبراهيم - إلى أن قال : -
فانتهت الدعوة إلي وإلى ( أخي ) علي ، لم يسجد أحدنا للصنم ( قط ) ،
واتخذي ( الله ) نبيا واتخذ عليا وصيا ) ( 2 ) ، أو أن الإمام إذا لم يكن نبيا فهو
وصي نبي ونبيه أفضل ، فاعتبار علو الدرجة فيه أولى ، وغير ذلك يحصل
القطع بأن العصمة كانت تلازمهم من أول نشوئهم من حيث وجود مقتضيها ،
من قوة الاستعداد وملازمة الاجتهاد والمراقبة - كما يظهر من كثير من الأخبار - .
فالأولى طرح ظاهر هذا الجزء من الخبرين وإن صح سند ثانيهما
والرجوع إلى ما في تفسير الإمام عليه السلام حيث قال بعد ذكر الآية : ( وذلك
أن موسى عليه السلام لما أراد أن يأخذ عليهم عهد ( ا ب ) الفرقان ، فرق ما بين
المحقين والمبطلين لمحمد صلى الله عليه وآله بنبوته ولعلي عليه السلام بإمامته
وللأئمة
الطاهرين بإمامتهم ، قالوا : ( لن نؤمن لك ) إن هذا أمر ربك ( حتى نرى الله
0000000000000000000000
( 1 ) البقرة : 124 .
( 2 ) بحار الأنوار 25 : 210 ، وفيه ( لم يسجد أحدينا لصنم قط فاتخذني الله نبيا
وعليا وصيا ) .
‹ صفحه 298 ›
جهرة ) عيانا يخبرنا بذلك ، ( فأخذتهم الصاعقة ) معاينة ( وأنتم تنظرون ) ،
وهم ينظرون إلى الصاعقة تتنزل إليهم ( 1 ) ، وقال الله عز وجل : يا موسى ! إن
المكرم ( ل ) أوليائي ( و ) المصدقين بأصفيائي ولا أبالي ، و ( كذلك ) أنا
المعذب لأعدائي الدافعين حقوق أصفيائي ولا أبالي ، فقال موسى للباقين الذين
لم يصعقوا : ماذا تقولون ، أتقبلون وتعترفون وإلا فأنتم بهؤلاء لاحقون ؟ قالوا :
يا موسى ! لا ندري ماحل بهم لماذا أصابهم ، كانت الصاعقة ( ل ) ما أصابتهم
لأجلك ، إلا أنها نكبة من نكبات الدهر تصيب البر والفاجر ، فإن كانت
إنما أصابتهم لردهم عليك في أمر محمد وعلي وآلهما ، فاسأل ربك بمحمد وآله
هؤلاء الذين تدعونا إليهم ، أن يحيي هؤلاء المصعوقين لنسألهم لماذا أصابهم ( ما
أصابهم ) ؟ فدعى الله عز وجل لهم ( 2 ) موسى ، فأحياهم الله ( عز وجل ) ، فقال
( لهم ) موسى ( عليه السلام ) : سلوهم لماذا أصابهم ؟ فسألوهم فقالوا :
يا بني إسرائيل ! أصابنا ما أصابنا لإبائنا اعتقاد نبوة محمد مع اعتقاد إمامة
علي عليه السلام ( 3 ) ، لقد رأينا بعد موتنا هذا ممالك ربنا من سماواته وحجبه
وكرسيه وعرشه ( 4 ) وجنانه ونيرانه ، فما رأينا أنفذ أمرا في جميع تلك الممالك
وأعظم سلطانا من محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، وإنا لما متنا بهذه
الصاعقة ذهب بنا إلى النيران ، فناداهم محمد وعلي عليهما الصلاة والسلام : كفوا عن
هؤلاء عذابكم ، فهؤلاء يحيون بمسألة سائل ( يسأل ) ربنا عز وجل بنا وبآلنا
الطيبين ، وذلك حين لم يقذفوا ( نا ) في الهاوية ، فأخرونا إلى أن بعثنا بدعائك
يا موسى بن عمران بمحمد وآله الطيبين - الخبر ) ( 5 ) ، واغتنم حفظه ذخيرة للفزع
الأكبر .
إلا أن مع ذلك كله يمكن توجيه الخبر بوجه مناسب لظاهر الخبر
قريب من الاعتبار ، ولا بأس بارتكابه صيانة للخبر عن الرد والطرح ، وهو :
000000000000000000
( 1 ) في المصدر : تنزل عليهم .
( 2 ) في المصدر : بهم ، اعتقاد إمامة علي بعد اعتقادنا بنبوة محمد صلى الله عليه
وآله .
( 3 ) في المصدر : بهم ، اعتقاد إمامة علي بعد اعتقادنا بنبوة محمد صلى الله عليه وآله
.
( 4 ) في المصدر : عرشه وكرسيه .
( 5 ) تفسير الإمام عليه السلام : 2 - 100 ، بحار الأنوار 13 : 236 .
‹ صفحه 299 ›
أن النبي عبارة عمن يخبر عن الله بدون واسطة أحد من البشر ، ولو كان ذلك
الخبر عن أمر مخصوص ، لشخص مخصوص ، أو قوم مخصوصين ، واعتبار العصمة
بالمعنى المعروف في النبي بهذا المعنى أول الكلام ، وليس هو ما وقع فيه بين
العلماء النقض والإبرام ، والمراد من بعث القوم المصعوقين أنبياء ، كونهم
مأمورين بالإخبار عما شاهدوا في البرزخ ، من صحة نبوة محمد صلى الله عليه وآله
وإمامة الأئمة عليهم السلام ، وصريح الخبر : إن المقصود من بعثهم إنما كان مجرد
هذا الأخبار ، ولما كان علمهم بذلك بواسطة ما شاهدوا في البرزخ من دون
أن يكون بتعليم بشر سموا أنبياء ، وتفريقهم مرسلين وغير مرسلين - كما في
أحد الخبرين - لعله كان من جهة كونهم مختلفين في الارسال بذلك الخبر إلى
قوم وعدمه ، وال يتوهم إن هذا هو التوجيه الثالث ، لأن الثالث إنما هو كونهم
مأمورين بإظهار ما أعد لمعاندة الرسل ومحادة السبل ، وأين هو من كونهم
مأمورين بإظهار نبوة محمد صلى الله عليه وآله وإمامة الأئمة من آله عليهم السلام ،
فافهم
واغتنم .
قوله : ألا إن نبي الله نحله - الخ .
في قرب الإسناد : ( إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : وأما الحسن
فأنحله الهيبة والحلم ، وأما الحسين فأنحله الجود والكرم ( 1 ) ) ( 2 ) ، وفي
الإرشاد
وغيره عن بنت أبي رافع قالت : ( أتت فاطمة ( بنت رسول الله ) بابنيها
الحسن والحسين ( عليهما السلام ) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في شكواه الذي
توفي
فيه ، فقالت : يا رسول الله ! هذان ابناك فورثهما شيئا ، فقال : أما الحسن فإن
له هيبتي وسؤددي ( 3 ) ، وأما الحسين فإن له جودي وشجاعتي ) ( 4 ) ، وفي لفظ :
( جرأتي ) ( 5 ) ، والأخبار في هذا المعنى كثيرة .
0000000000000000000
( 1 ) في الأصل : الرحمة .
( 2 ) قرب الإسناد : 54 ، بحار الأنوار 43 : 263 .
( 3 ) السؤدد - بضم السين وفتح الدال الأولى وقد يضم وسكون الهمزة - السيادة
والشرافة .
( 4 ) الإرشاد : 187 ، أعلام الورى : 210 ، بحار الأنوار 43 : 263 .
( 5 ) الخصال 1 : 77 ، أقول : ورد فيه أيضا روايتين بتغييرات .
‹ صفحه 300 ›
قوله : وظلم من بين ولده .
فيه سقط أو تصحيف ، فيحتمل أن يكون الأصل : ( وظلمه - أي
الحسين عليه السلام - من بين ولده - أي أمير المؤمنين عليه السلام - ) ، أو كان
الأصل :
( من تينبر ولده ) ، و ( ظلم ) مصدر معطوف على ( من أحقره ) ، أي : يا ويح
لظلم من تينبر ولده ، وفي بعض النسخ : ( بني ولده ) ، وعليه فالمراد ظاهر .
قوله : ثلاثا خذوها بما فيها وارجوا رابعها وموافاها .
يحتمل أن يكون المراد بالثلاثة الخلفاء ، أي خذوها بما فيها من
الاضلال والفساد والابتلاء ، أي لا بد لكم من تحمل مشاق خلافتهم مع ما
في خلافتهم أو فيهم ما ذكر ، والمراد بالرابع هو رابعهم أمير المؤمنين عليه السلام
،
ويومئ إليه التعبير بالرجاء ، والأصل : ( موافيها ) ، من وافى فلان ووافيته
موافاة : أتيته ، أو ( موفيها ) من الوفاء ضد الغدر .
ويحتمل أن يكون المراد بها السفياني واليماني والخراساني ، والمراد
بالرابع هو الإمام المنتظر عجل الله فرجه به وبمحمد وآله ، أو المراد بالرابع
رجل آخر كالمغربي الذي يخرج من المغرب ، وكون المراد من ( الأخذ )
الإشارة إلى كونها من المحتوم ، ويؤيده ما في بعض النسخ بدل ما فيها :
( بتمامها ) ، وأما الرابع فهو من المرجو الذي فيه البداء ، وفي بعض النسخ :
( وموفاها ) ، أي من يرفع أعلام الظلم وينشره ، وهو على الاحتمال الأول ظاهر
في الحجاج بن يوسف الثقفي الملعون المطابق حاله مع ما ذكره ، ولكن الذي
يقوى في النظر أن المراد به السفياني ، بقرينة السياق وما يأتي من ظلمه
وفساده .
قوله : أما إني سأحدثكم بالنفس الطيبة الزكية - الخ .
النفس الزكية في الأخبار يطلق على ثلاثة :
أحدها : علام من آل محمد اسمه محمد بن الحسن يقتل بين الركن
والمقام بلا جرم ولا ذنب ، قبل أن يخرج القائم عليه السلام بخمسة عشر ليلة ،
‹ صفحه 301 ›
قيل : وهو الذي يبعثه القائم من المدينة إلى مكة ،
وقتله من المحتوم ، وهو المراد
هيهنا ، وفي رواية : ( ويقتل معه أخوه ) ( 1 ) .
وثانيها : محمد بن عبد الله المحض بن الحسن بن الحسن بن أمير المؤمنين
عليه السلام ، وأم عبد الله فاطمة بنت الحسين عليه السلام ، يكنى محمد بأبي عبد
الله
وأبي القاسم ، وكان يلقب بالمهدي أيضا اغترارا بما روي عن النبي صلى الله عليه
وآله : ( المهدي من ولدي ، اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ) ( 2 ) ، وكان
الصادق عليه السلام إذا رآه تغرغرت عيناه ( 3 ) ثم يقول : ( بنفسي هو ، إن الناس
ليقولون فيه ، وإنه لمقتول ، ليس هو في كتاب علي عليه السلام من خلفاء هذه
الأمة ) ( 4 ) ، خرج في أواخر بني أمية وعظموه بنو هاشم وبايعوا له ولأخيه
إبراهيم وأبوهما حي ، ولذا قيل له : أبو قحافة ، وكان فيهم المنصور ، قيل له وقد
أخذ بركاب محمد : من هذا الذي تفعل به هذا ؟ فقال : ويحك هذا مهدينا
أهل البيت ، فلما بويع لبني العباس اختفى محمد وأخوه حتى ملك المنصور
وعلم أنهما على عزم الخروج ، فجد في طلبهما وحج في سنة أربعين ومأة ورجع
على طريق المدينة ، فقبض على عبد الله بن الحسن وأخيه إبراهيم وساير إخوته
وأولادهم ، وسيرهم بالحديد إلى الكوفة فحبسهم هناك حتى أمر بقتل
عبد الله في سنة خمس وأربعين ومأة ، وهو ابن خمس وسبعين .
وأما ابنه محمد ، فعزم على الخروج وواعد أخاه إبراهيم على الخروج
في يوم واحد فذهب إبراهيم إلى البصرة وخرج محمد في اليوم الموعود ودعى
الصادق عليه السلام إلى بيعته ، فأبى ، فأمر بحبسه وأخذ ماله ، فقال له حين أمر
بالحبس : كأني بك وقد حمل عليك فارس معلم ، في يده طرادة فطعنك
الفارس المعلم الذي له علامة الشجعان ، وأرسل المنصور لقتاله
عيسى بن موسى وعلي بن عبد الله بن العباس في جيش عظيم ، فحاربهم خارج
00000000000000000
( 1 ) الغيبة : 279 .
( 2 ) بحار الأنوار 51 : 102 .
( 3 ) تغرغرت العين بالدمع : إذا تردد فيها الدمع ولم يجر .
( 4 ) بحار الأنوار 47 : 287 ، الإرشاد : 277 .
‹ صفحه 302 ›
المدينة وفرق أصحابه وبقي وحده فدخل داره واحترق الدفتر الذي فيه أسماء
من بايعه ، ثم خرج فقاتل حتى قتل بأحجار الزيت - موضع داخل المدينة - في
رجب أو رمضان السنة التي قتل أبوه ، وعمره خمسة وأربعين سنة ، ولقب بعد
الشهادة بالنفس الزكية ، لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال : ( يقتل بأحجار
الزيت رجل من ولدي نفس زكية ) .
وأما إبراهيم فكان في اليوم الموعود مريضا ثم خرج في غرة رمضان
السنة المذكورة ، وتلقب بأمير المؤمنين ، وبايعه وجوه الناس وعظم شأنه
وارتضوا الناس سيرته ، وأفتى أبو حنيفة بالخروج معه وبعث إليه أربعة آلاف
درهم ، واعتذر لخروجه معه بأن عنده أمانات الناس ، وأرسل المنصور لقتاله
عيسى بن موسى ، فهرب إبراهيم فالتقيا بباخمرى - قرية قريبة من الكوفة - ،
فشبت الحرب بينهم فانهزم أصحاب عيسى ، فنادى إبراهيم : لا يتبعن أحد
منهزما ، فعاد أصحابه ، فظن أصحاب عيسى أنهم انهزموا ، فكروا عليهم
فقتلوه ، وهو ابن ثمان وأربعين سنة ، في ذي الحجة السنة المذكورة ( 1 ) .
وثالثها : المقتول بظهر الكوفة ، كما سيأتي .
قوله : يا ويح لسبايا نساء من كوفان - الخ .
إشارة إلى ما يصدر من جيش السفياني الذي يبعثه إلى العراق ، وفي
مشارق الحافظ البرسي في خبر سطيح الكاهن : ( فيخرج رجل من ولد
صخر ، فيبدل الرايات السود بالحمر ، فيبح المحرمات ، ويترك النساء بالثدايا
معلقات ، وهو صاحب نهب الكوفة ، فرب بيضاء الشاق مكشوفة ، على
الطريق مردوفة ، بها الخيل محفوفة ، ( قد ) قتل زوجها ، وكثر عجزها ، واستحل
فرجها - الخبر ) ( 2 ) .
وقد مر إن السفياني بعد خروجه يبعث جيشا إلى الحجاز وجيشا إلى
العراق :
0000000000000000000
( 1 ) من أراد التفصيل فليراجع البحار 47 :
96 - 277 ، مقاتل الطالبين : 225 - 210 و
200 - 157 .
( 2 ) مشارق أنوار اليقين : 130 .
‹ صفحه 303 ›
أما الأول : فقد عرفت صفة خروجه وعاقبة أمره .
وأما الثاني : فمحصل الأخبار : أنه يبعث إلى العراق مأة وثلاثين
ألفا ، أو سبعين ألفا ، وبنو العباس في عنفوان من الملك وغضارة من العيش ،
وأمير الناس جبار عنيد يقال له : الكاهن الساحر ، ويمر جيشه بقرقيساء
- بالكسر ، لد بالفرات - ويقع فيها بينهم وبين ولد العباس حرب عظيم ،
يشيب فيه الغلام ، فيقتلون من الجبارين من بني العباس مأة ألف ، فتصير
القتلى مأدبة ( 1 ) أو مائدة لله تعالى . فيطلع مطلع من السماء فينادي : يا طير
السماء ويا سباع الأرض ، أو يوحى إليهم : هلموا إلى الشبع من لحوم
الجبارين ، ثم يمر الجيش ببغداد ، فيخرج إليهم أمير في خمسة آلاف من
الكهنة ، فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف ويقتلون ثلاثمأة كبش من
بني العباس ، أو يقتل على جسر سبعون ألفا حتى نحمي الناس ثلاثة أيام من
الدماء ونتن الأجساد ، ثم يمر الجيش بالكوفة ، أو يسير منهم ستون ألفا حتى
ينزلون موضع قبر هود عليه السلام بالنخيلة - وهي على فرسخين من الكوفة -
فيخربون ما حولها ويستعبد بعض أهلها ولا يدعون أحدا إلا قتلوه ، حتى إن
الرجل منهم ليمر بالدرة المطروحة العظيمة فلا يتعرض لها ، ويمر على الصبي
الصغير فيلحقه ويقتله ، ويسبي منها سبعون ألف بكر ، لا يكشف عنها كف
ولا قناع حتى يوضعن في المجامل ، ويذهب بهن إلى الثوية - موضع قبر كميل
وبعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام - ، ونادى منادي أهل الجيش : من
جاء برأس شيعة علي فله ألف درهم ، فيثب الجار على جاره ويقول : هذا
منهم ، فيضرب عنقه ويأخذ ألف ( درهم ) ، ثم يخرجون متوجهين إلى الشام
ومعهم السبايا والغنائم ، فيخرج راية هدى من الكوفة فتلحق ذلك الجيش
فيقتلونهم ، لا يفلت منهم مخبر ، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم ( 2 )
.
000000000000000000
( 1 ) المأدبة : طعام الذي يصنعه الرجل ويدعو
الناس إليه .
( 2 ) من أراد التفصيل فليراجع البحار 52 : 75 - 235 ، غيبة النعماني ، غيبة الطوسي
: 85 - 265 .
‹ صفحه 304 ›
قوله : وميعاد ما بينكم وبين ذلك فتنة شرقية .
إشارة إلى خروج الخراساني ، في جملة من الأخبار إنه : ( إذا تشتت
أمر بني العباس خرج عليهم الخراساني والسفياني : هذا من المشرق ، وهذا من
المغرب ، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان ( 1 ) : هذا من هيهنا ، وهذا من
هيهنا ، حتى يكون هلاكهم على أيديهما ، أما إنهم لا يبقون منهم أحدا ) ( 2 ) ، وفي
غيبة الشيخ عن أبي جعفر عليه السلام قال : ( تنزل الرايات السود التي تخرج من
خراسان إلى الكوفة ، فإذا ظهر المهدي عليه السلام بعث إليه بالبيعة ) ( 3 ) .
قوله : وجاء هاتف من قبل المغرب - الخ .
وهو الشيطان ، وفي الخبر ( وينادي مناد في شهر رمضان من ناحية
المشرق عند الفجر : يا أهل الهدى اجتمعوا - وقد مر إنه جبرئيل - ، ونادى
مناد من قبل المغرب بعدما يغيب الشفق : يا أهل الباطل اجتمعوا ) ( 4 ) ،
ولكن في أكثر الأخبار : إن الأول ينادي : ( ألا إن الحق في علي
وشيعته ) ( 5 ) ، وإبليس ينادي : ( ألا إن الحق في عثمان وشيعته ) ، وفي
الإكمال ( 6 ) بدل عثمان : ( السفياني ) ، وقد مر إنه اسمه فلا اختلاف .
قوله : إلى أن يصير ما ذبح على شبيه المقتول بظهر الكوفة .
لا يخلو من تصحيف أو تحريف ، ولكن الظاهر أنه إشارة إلى النفس
الزكية المقتول بظهر الكوفة ، ففي الإرشاد في علائم الظهور : ( وقتل نفس زكية
بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين ) ( 7 ) ، وعن كتاب سرور أهل الإيمان عن
أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل وفيه : ( ولذلك آيات وعلامات :
أولهن إحصار الكوفة بالرصد والخندق ، وتخريق الزوايا في سكك الكوفة ،
0000000000000000000
( 1 ) مثل يضرب للمتساوين المتقاربين في
الفضل وغيره أو للمتسابقين في المجاراة .
( 2 ) غيبة النعماني : 255 ، أقول : في المصدر في الموضعين : ( هنا ) .
( 3 ) الغيبة : 274 .
( 4 ) بحار الأنوار : 52 : 274 .
( 5 ) الغيبة : 282 .
( 6 ) إكمال الدين 2 : 652 .
( 7 ) الإرشاد : 357 .
‹ صفحه 305 ›
وتعطيل المساجد أربعين ليلة ، وكشف الهيكل ، وخفق الرايات حول المسجد
الأكبر تهتز ، القاتل والمقتول في النار ، وقتل سريع ، وموت ذريع ( 1 ) ، وقتل
النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين - الخبر ) ( 2 ) ، ولعله المراد من الخارج من
ولد الشيخ فيما روى عنه عن الصادق عليه السلام في خبر طويل أنه قال :
( لا يكون ذلك حتى يخرج خارج من آل أبي سفيان يملك تسعة أشهر
كحمل المرأة ، ولا يكون حتى يخرج من ولد الشيخ ، فيسير حتى يقتل ببطن
النجف ، فوالله كأني أنظر إلى رماحهم وسيوفهم وأمتعتهم إلى حائط من
حيطان النجف يوم الاثنين ، ويستشهد يوم الأربعاء ) ( 3 ) .
قوله : وفتنة مصبوبة - الخ .
قال ابن ميثم في شرح قوله عليه السلام : ( سلوني قبل أن تفقدوني - إلى
قوله : - قبل أن تشغر برجلها فتنة تطأ في خطامها ) : ( استعار وصف الناقة
المرسل خطامها في مخبط فيه ، وكني به عن وقوع تلك الفتنة على غير نظام
بل يقتل فيها المؤمن البرئ ويتمتع فيها المنافق الشقي ) ( 4 ) .
قوله : لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته .
إشارة إلى تشتت أمر العرب في الظهور ، ففي الأخبار المستفيضة في
سيرة القائم عليه السلام : ( ويقوم بأمر جديد ، وكتاب جديد ، وسنة جديدة ،
وقضاء جديد ( 5 ) ، على العرب شديد ) ( 6 ) ، وفي مثلها عن الصادق عليه السلام :
( ويل لطغاة العرب من شر قد اقترب ، قلت : كم مع القائم من العرب ؟
0000000000000000000
( 1 ) موت ذريع أي فاش أو سريع ، خفق الراية
: اضطرب وتحرك .
( 2 ) بحار الأنوار 52 : 273 .
( 3 ) بحار الأنوار 52 : 271 .
( 4 ) شرح نهج البلاغة لابن هيثم 4 : 201 مع اختلاف كثير .
( 5 ) المراد من الأمر الجديد والكتاب الجديد والقضاء الجديد ، الأحكام المنذهلة
الإسلامية التي
كانت في الكتاب لكن تعطلت قليلا قليلا على مر الدهور والأعوام ، وتركها المسلمون
جهلا بها أو
ذاهلا عنها ، وليس المقصود نسخ الأحكام وإبطال الشريعة والكتاب ، مع أن النسخ ما
تأخر دليله
عن حكم المنسوخ لا ما كان الدليلان مصطحبين ( المصدر ) .
( 6 ) غيبة النعماني : 255 - 233 .
‹ صفحه 306 ›
قال شئ يسير ) ( 1 ) ، وتقدم عن النعماني : ( أنه لا يخرج مع القائم من العرب
أحد ) ( 2 ) .
واعلم أن المولى المجلسي رحمه الله قال بعد إيراد الخطبة في سادس بحاره
وبيان شطر قليل من ألفاظها : ( وكان في النسخ التي عندنا في تلك الخطبة
تصحيفات ، فأوردناها كما وجدنا - انتهى ) ( 3 ) ، وإذا كان هذا مقالة ، وقد
كان عنده من الكتب ما تشتهيها الأنفس وتلذ الأعين ، فنحن أولى بالاعتذار
وإلى الله الشكوى من قلة الأسفار .
000000000000000000
( 1 ) المصدر السابق : 204 .
( 2 ) الغيبة : 284 .
( 3 ) بحار الأنوار 22 : 390 الطبعة الحديثة .