‹ صفحه 373 ›
من الله عز وجل بذكر ، ودعاؤك فيه مستجاب ، ولا تدع العلة عليك ذنبا إلا
حطته ، متعك الله بالعافية إلى انقضاء أجلك ) ( 1 ) .
وروى عروة الإسلام في الكافي عن عدة من أصحابه ، عن
سهل بن زياد ، عن منصور بن العباس ، عن سليمان المسترق ، عن صالح
الأحول ، قال : ( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : آخا رسول الله صلى الله
عليه وآله
وسلم بين سلمان وأبي ذر ، واشترط على أبي ذر أن لا يعصي سلمان ) ( 2 ) .
وقال عز الدين ابن أبي الحديد في شرح النهج : ( قال أبو عمرو :
آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بينه وبين أبي الدرداء لما آخى بين
المسلمين ) ( 3 ) .
وروى الخوارزمي في الفصل الرابع عشر من مناقبه عن أبي الحسن
علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي ، عن إسماعيل بن أحمد الواعظ ، عن أحمد بن
الحسين البيهقي ، عن أحمد بن محمد بن الخليل الماليني ، عن عبد الله ابن عدي
الحافظ ، عن البغوي ، عن حسين بن محمد الدراع ، عن عبد المؤمن بن عباد
العبدي ، عن يزيد بن معن ، عن عبد الله بن شرحبيل ، عن زيد بن أبي أوفى
قال : ( دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسجده ، فقال : أين فلان بن
فلان ؟ فجعل ينظر في وجوه أصحابه ويتفقدهم حتى توافوا عنده ، فلما توافوا
عنده حمد الله وأثنى عليه ثم قال : إني محدثكم بحديث فاحفظوه وعوه
وحدثوا من بعدكم ، إن الله اصطفى من خلقه خلقا ، ثم تلا : إن الله يصطفي من
الملائكة رسلا ومن الناس خلقا يدخلهم الجنة وإني أصطفي منكم من أحب
أن يصطفى ومواخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة - ثم ذكر أنه صلى الله عليه وآله
وسلم آخى بين أبي بكر وعمر وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف وبين طلحة
والزبير وذكر لهم فضائلا أنزه القلم عن ذكرها ، إلى أن قال : - ثم دعا صلى الله
0000000000000000
( 1 ) أمالي الصدوق : 377 .
( 2 ) روضة الكافي : 162 ، بحار الأنوار 22 : 345 .
( 3 ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 18 : 37 ، أسد الغابة 2 : 331 ، صفة الصفوة
1 : 535 .
‹ صفحه 374 ›
عليه وآله وسلم عمار بن ياسر وسعدا فقال : تقتلك
الفئة الباغية ، ثم آخى بينه
وبين سعد ، ثم دعا عويمر بن زيد أبي الدرداء وسلمان الفارسي ، فقال :
يا سلمان ! أنت منا أهل البيت وقد أتاك الله العلم الأول والعلم الآخر
والكتاب الأول والكتاب الآخر ، ثم قال : ألا أرشدك يا أبا الدرداء ؟ قال :
بلى بأبي وأمي يا رسول الله ، قال : إن تنقدهم ينقدوك وإن تركتهم لم يتركوك
وإن تهرب منهم يدركوك ، فاقرضهم عرضك ليوم فقرك ، واعلم أن الجزاء
أمامك ، ثم آخى بينه وبين سلمان - الخبر ) ( 1 ) .
وتقدم عن الحسين بن حمدان : ( إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آخى
بينه وبين المقداد ) ، والمعتمد هو ما رواه ثقة الإسلام .
وروى ابن أبي الحديد في شرح النهج مرسلا عن زاذان عن علي
عليه السلام : ( سلمان الفارسي كلقمان الحكيم ) ( 2 ) وقد تقدم عنه عليه السلام
برواية
الأصبغ : ( سلمان منا أهل البيت ومن لكم بمثل لقمان الحكيم ) ( 3 ) ، ومر مثله
عن الغارات والأمالي ، وتقدم أيضا عن بصائر الصفار في الباب الثاني : ( إن
سلمان خير من لقمان ) ( 4 ) .
وفي أواخر المجلد السادس من البحار عن أبي عبد الله المفيد في كتاب
الإختصاص ، قال قدس سره : ( جرى ذكر سلمان وذكر جعفر الطيار بين
يدي جعفر بن محمد عليهما السلام وهو متكئ ، ففضل بعضهم جعفرا عليه ، وهناك
أبو بصير فقال بعضهم : إن سلمان كان مجوسيا ثم أسلم ، فاستوى أبو عبد الله
عليه السلام جالسا مغضبا وقال : يا أبا بصير ! جعله الله علويا بعد أن
كان مجوسيا ، وقرشيا بعد أن كان فارسيا ، فصلوات الله على سلمان ، وإن
لجعفر ( عليه السلام ) شأنا ( عند الله ) يطير مع الملائكة في الجنة - أو كلام
يشبهه - ) ( 5 ) .
00000000000000000
( 1 ) لم يوجد في المناقب المطبوعة .
( 2 ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 18 : 36 ، بحار الأنوار 22 : 391 .
( 3 ) صفة الصفوة 1 : 546 .
( 4 ) بصائر الدرجات : 38 .
( 5 ) بحار الأنوار الطبعة الحديثة 22 : 349 ، الإختصاص : 341 .
‹ صفحه 375 ›
وظاهره يومئ إن هذا البعض أراد التأييد لفضل جعفر على سلمان
بأن من سبقه حالة المجوسية كيف يصير أفضل على من لم يكن كذلك ، وهو
منقوض بمثله ، لأن جعفر سبقه حال الكفر ، وهي ملة واحدة ، فيكون المراد
من قوله : ( مجوسيا ثم أسلم ) إنه من هذه القبيلة وإن أسلم بعد التمجس ، في
قبال أن جعفرا قرشي هاشمي ، وهذا هو السبب لغضبه عليه السلام ، إذ مناط
الفضل ومداره بأمر آخر وهي التقوى ، لا الانتساب بالأمهات والآباء - كما
مر مشروحا - وقد قال الله تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ( 1 ) ، وقال
تعالى :
( يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إلا من أتى الله بقلب سليم ) ( 2 ) ، وقال تعالى (
وإذا نفخ
في الصور فلا أنساب بينهم ) ( 3 ) ، ولما كان الانتساب إلى النبي صلى الله عليه
وآله
وسلم بعد إحراز التقوى خارجا عن تلك القاعدة بقوله صلى الله عليه وآله وسلم :
( إن لمحسننا حسنتان ولمسيئنا سيئتان ) ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( كل
نسب وسبب منقطع يوم القيمة إلا نسبي وسببي ) ( 4 ) ، أراد عليه السلام أن يبين أن
سلمان حاز تلك الفضيلة وفاز بتلك المرتبة الجليلة ، فلا يجوز تفضيل أحد عليه
بالانتساب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فإن طينته منهم حقيقة وغيره منهم
ولادة ، فهو محمدي علوي قرشي هاشمي ، من غير مسامحة في التعبير في الواقع ،
وإن كان بضرب من المجاز ، حسبما قرر في قواعد الألفاظ .
ومن هنا ظهر أنه لا يعارض هذا الحديث ، ما مر من الخبر الصحيح
الصريح في أنه لم يكن مجوسيا ولكنه كان مظهرا للشرك مبطنا للإيمان ،
مضافا إلى ما تقدم عن الصدوق في الإكمال ، لأن قوله عليه السلام : ( جعله الله
علويا بعد أن كان مجوسيا ) ، إن الله جعله من هذه الطائفة بعد إن كان
محسوبا في زمرة المجوس وإن لم يكن متدينا بمذهبهم في الواقع ، لأن الفرض في
000000000000000000
( 1 ) الحجرات : 13 .
( 2 ) الشعراء : 89 .
( 3 ) المؤمنون : 101 .
( 4 ) المناقب لابن مغازلي : 108 ، بحار الأنوار 25 : 246 .
‹ صفحه 376 ›
المقام هو الافتخار والتفضيل بالنسب والقبائل لا الدين ، لاشتراكهما في
الإسلام ، مع أن جعفرا سبقه حال كفر يقينا ، لأنه أكبر من أمير المؤمنين
عليه السلام بعشر سنين وأسلم عليه السلام وهو ابن عشر سنين - على المشهور - ،
فجعفر
حين إسلام أمير المؤمنين عليه السلام كان ابن عشرين سنة ولم يسبقه ( 1 ) أحد في
الإسلام ، وأما سلمان فقد عرفت خلافه مضافا إلى ما مر من استظهار
وصايته - بناء على مذهب الإمامية - ، وقوله عليه السلام : ( فصلوات الله على
سلمان - الخ ) صريح في تفضيل سلمان على جعفر ، وإن مقام جعفر هو
الطيران مع الملائكة لا ربط له بمقام سلمان ، وهذا ظاهر عند من له أدنى
دراية بطرق المحاورات وأساليب الكلام .
وفي الكافي عن أمير المؤمنين عليه السلام : ( ألا أخبركم بخير الخلق يوم
يجمعهم الله - إلى أن قال : - إن خير الخلق يوم يجمعهم الله الرسل وإن أفضل
الرسل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وإن أفضل كل أمة بعد نبيها وصي نبيها
حتى يدركه نبي ، ( ألا ) وإن أفضل الأوصياء وصي محمد عليه وآله السلام ، ألا
أو إن أفضل الخلق بعد الأوصياء الشهداء ، ألا وإن أفضل الشهداء حمزة بن
عبد المطلب وجعفر بن أبي طالب ) ( 2 ) .
وفيه عن الصادق عليه السلام أنه : ( إذا كان يوم القيامة وجمع الله
تبارك وتعالى الخلائق كان نوح ( صلى الله عليه ) أول من يدعى ( به ) فيقال له :
هل بلغت ؟ فيقول : نعم ، فيقال له : من يشهد لك ؟ فيقول : محمد بن عبد الله
صلى الله عليه وآله وسلم - إلى أن قال : - فيقول : يا جعفر ! يا حمزة ! إذهبا
واشهدا له
إنه قد بلغ ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : فجعفر وحمزة هما الشاهدان للأنبياء
( عليهم السلام ) بما بلغوا - الخبر ) ( 3 ) .
وفي تفسير فرات عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( إني أعطى
يوم القيامة أربعة ألوية ، فلواء الحمد بيدي ، وأدفع لواء التكبير إلى حمزة وأوجهه
00000000000000000
( 1 ) أي علي عليه السلام ( منه ) .
( 2 ) أصول الكافي 1 : 450 .
( 3 ) روضة الكافي : 267 .
‹ صفحه 377 ›
إلى الفوج الثاني وأدفع لواء التسبيح إلى جعفر وأوجهه إلى الفوج الثالث
- الخبر ) ( 1 ) .
وفي كتاب سليم بن قيس وإرشاد الديلمي في حديث طويل نذكره
في الباب الآتي : ( إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لفاطمة عليها السلام :
وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة بن عبد المطلب ( وهو ) عم أبيك ، قالت :
يا رسول الله ! هو سيد الشهداء ( 2 ) الذين قتلوا معه ؟ قال : ( لا ) بل
سيد الشهداء ( 2 ) الأولين والآخرين ما خلا الأنبياء والأوصياء ، وجعفر بن
أبي طالب ذو الجناحين الطائر في الجنة مع الملائكة ، وابناي الحسن والحسين
- الخبر ( 3 ) .
فعلم أن جعفر أفضل من حمزة الذي هو أفضل من غير الأنبياء والأوصياء
من الشهداء ، فسلمان أفضل من حمزة وسائر الشهداء من الأولين والآخرين
بنص منهم عليهم السلام ، ومر في آخر الباب الخامس ما ينبغي أن يلاحظ ، هذا
ما خطر بالبال ، والله العالم بحقيقة الحال وما قال به الآل .
وروى الصدوق رحمه الله في باب الخمسة من كتاب الخصال عن
محمد بن علي بن إسماعيل ، عن البجيري ، عن محمد بن حرب الواسطي عن
يزيد بن هارون ، عن أبي شيبة ، عن رجل من همدان ، عن أبيه قال : ( قال
علي بن أبي طالب عليه السلام : السباق خمسة : فأنا سابق العرب ، وسلمان سابق
فارس ، وصهيب سابق الروم ، وبلال سابق الحبشة ( 4 ) ، وخباب سابق
النبط ( 5 ) ، ورواه النيسابوري في روضة الواعظين ( 6 ) مرسلا .
00000000000000000
( 1 ) تفسير الفرات : 206 ، بحار الأنوار 40
: 65 ، أقول : نقل المصنف الرواية مختصرا .
( 2 ) في المصدر في الموضعين : سيد شهداء .
( 3 ) إرشاد القلوب 2 : 419 ، سليم بن قيس : 71 ، صححناه على ما في الأول .
( 4 ) في المصدر : سابق الحبش .
( 5 ) الخصال 1 : 321 ، أقول في المصدر : قال : حدثنا البجيري ، قال : حدثنا محمد
بن حرب
الواسطي ، قال : حدثني يزيد بن هارون عن أبي الشيبة ، قال : حدثنا رجل من همدان .
( 6 ) روضة الواعظين 2 : 331 ، صفة الصفوة 1 : 534 منقولا عن النبي صلى الله عليه
وآله وسلم .
‹ صفحه 378 ›
أقول : قد مر شطر مما يتعلق بحال صهيب ، وأما بلال : فهو بن
رياح وأمه حمامة ، مولدة بني جمع ، كنيته أبو عبد الله وأبو عمرو أو
أبو عبد الكريم ، كان ممن سبق إلى الإسلام ، شهد بدرا وأحدا والخندق ،
والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان مؤذنه وكان يلحن في
السين .
وفي عدة الداعي عنهم عليهم السلام : ( إن سين بلال عند الله شين ) ( 1 ) ،
وفيه : ( جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال : يا أمير المؤمنين ! إن
بلالا
كان يناظر اليوم فلانا فجعل يلحن في كلامه وفلان يعرب ويضحك من
فلان ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : ( يا عبد الله ! ) إنما يراد إعراب
الكلام
وتقويمه ليقوم الأعمال ويهذبها ( 2 ) ، ما ينفع فلانا إعرابه وتقويمه ( 2 ) إذا
كانت
أفعاله ملحونة أقبح لحن ، وماذا يضر بلالا لحنه إذا كانت أفعاله مقومة أحسن
تقويم ومهذبة أحسن تهذيب ) ( 3 ) ، ( ولما أتى من الحبشة أنشد للنبي صلى الله
عليه وآله وسلم :
اره بره كنكره * كرا كرا مندره
فقال صلى الله عليه وآله وسلم لحسان : اجعل معناه عربيا ، فقال :
إذا المكارم في آفاقنا ذكرت فإنما بك فينا يضرب المثل ) ( 4 ) .
وفي تفسير الإمام عليه السلام : ( إن ( 5 ) بلال اشتراه أبو بكر بن أبي قحافة
بعبدين له أسودين ورجع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فكان تعظيمه لعلي بن
أبي طالب أضعاف تعظيمه لأبي بكر ، ، فقال المفسدون : يا بلال ! كفرت النعمة
ونقضت ترتيب الفضل ، أبو بكر مولاك الذي اشتراك وأعتقك وأنقذك من
العذاب ووفر ( 6 ) عليك نفسك وكسبك ، وعلي بن أبي طالب لم يفعل بك
0000000000000000
( 1 ) عدة الداعي ونجاح الساعي : 21 .
( 2 ) في المصدر : لتقويم الأعمال وتهذيبها ، تقويم كلامه .
( 3 ) عدة الداعي 21 .
( 4 ) عدة الداعي 21 .
( 5 ) في المصدر : فأما .
( 6 ) في الأصل : وقر ، وهو مصحف ، يقال : وفر عرض فلان ووفر : صانه ولم يشتمه ،
ووفر
العطاء : رده وفر الحصة : استبقاها .
‹ صفحه 379 ›
شيئا من هذه ، وأنت توقر أبا الحسن عليا بما لا
توقر أبا بكر ، إن هذا كفر
بالنعمة وجهل بالترتيب ، فقال بلال : ( ا ) فيلزمني أن أوقر أبا بكر فوق توقيري
لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ قالوا : معاذ الله ، قال : قد خالف قولكم
هذا
قولكم الأول ، إن كان لا يجوز لي أن أفضل عليا عليه السلام على أبي بكر ، لأن
أبا بكر أعتقني ، فكذلك لا يجوز لي أن أفضل رسول الله على أبي بكر ، لأن أبا بكر
أعتقني ، قالوا : لا سواء إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل خلق الله ،
قال
بلال : ولا سواء أيضا أبو بكر وعلي ، إن عليا نفس أفضل خلق الله فهو أيضا
أفضل خلق الله بعد نبيه وأحب الخلق إلى الله تعالى ، لأكله الطير مع رسول الله
الذي دعا : اللهم ائتني بأحب الخلق إليك ، وهو أشبه خلق الله برسول الله لما
جعله أخاه في دين الله ، وأبو بكر لا يلتمس ( مني ) ما تلتمسون ، لأنه يعرف
من فضل علي ما تجهلون ، أي يعرف أن حق على ( علي ) أعظم من حقه ، لأنه
أنقذني من رق العذاب الذي إن دام علي وصبرت عليه لصرت إلى جنات عدن ،
وعلي أنقذني من رق عذاب الأبد ، وأوجب لي بموالاتي له وتفضيلي إياه
نعيم الأبد ) ( 1 ) .
وروى : ( إنه امتنع من بيعة أبي بكر فأخذ عمر بتلابيبه وقال : هذا
جزاء أبي بكر منك أن أعتقك ، قال : إن كان أعتقني لله فليدعني لله وإن
كان لغير ذلك فها أنا ذا ، وأما بيعته فما كنت أبايع من لم يستخلفه رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم ، والذي استخلفه بيعته في أعناقهما إلى يوم القيمة ، فقال
عمر : لا أبا لك لا تقم معنا فارتحل إلى الشام ) ( 2 ) .
وروى : ( أنه لم يؤذن لأحد بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا مرة واحدة
في قدمة قدمها المدينة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وإن حي على
خير العمل ترك يومئذ ) ( 3 ) .
00000000000000000
( 1 ) تفسير المنسوب إلى الإمام عليه السلام
2 - 621 ، بحار الأنوار 22 : 338 .
( 2 ) سفينة البحار 1 : 104 .
( 3 ) سفينة البحار 1 : 105 .
‹ صفحه 380 ›
وروى الصدوق عن عبد الله بن علي قال : ( حملت متاعي من
البصرة إلى مصر فقدمتها ، فبين ( م ) - ا أنا في بعض الطريق إذا ( أنا ) بشيخ
طويل شديد الأدمة ( 1 ) ( أصلع ) أبيض الرأس واللحية ، عليه طمران ( 2 ) أحدهما
أسود والآخر أبيض ، فقلت : من هذا ؟ فقالوا : هذا بلال مولى رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم ، فأخذت ألواحي ( 3 ) فأتيته فسلمت عليه ثم قلت له :
السلام
عليك أيها الشيخ ، فقال : وعليك السلام ( ورحمة الله وبركاته ) ، قلت : يرحمك الله
( تعالى ) حدثني بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ( ف ) - قال :
وما
يدريك من أنا ؟ فقلت : أنت بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال :
فبكى وبكيت حتى اجتمع الناس إلينا ونحن نبكي ، قال : ثم قال ( لي ) :
يا غلام ! من أي البلاد أنت ؟ قلت : من أهل العراق ، فقال ( لي ) : بخ
( بخ ) ( 4 ) ، فمكث ساعة ( 5 ) ، ثم قال : أكتب يا أخا أهل العراق : بسم الله
الرحمن
الرحيم - ثم روى شطرا من فضيلة الأذان ، إلى أن قال : - قلت : ( زدني )
يرحمك الله حدثني بأحسن ما سمعت ( من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) ،
قال : ويحك ( 6 ) يا غلام قطعت أنياط قلبي ( 7 ) ، وبكى وبكيت حتى إني والله
لرحمته ، ثم قال : أكتب - وروى شطرا من أهوال القيمة وأوصاف الجنة إلى
أن قال الراوي : - قلت : زدني يرحمك الله ، قال : ويحك إلى هذا انتهى بنا
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، طوبى لك إن أنت وصلت إلى بعض هذه
الصفة ( 8 ) ، وطوبى لمن يؤمن بهذا ، قلت : يرحمك الله أنا والله من المؤمنين بهذا
،
0000000000000000
( 1 ) الأدمة : السمرة الشديدة واللون المائل
إلى الغبرة والمائل إلى السواد .
( 2 ) الطمر - بالكسر - الثوب الخلق والكساء البالي من غير صوف .
( 3 ) في المصدر : ألواحا .
( 4 ) بخ بخ ، كلمة تقال عند المدح والرضا والإعجاب بالشئ ، ولعله قال ذلك لكون
أهل العراق
أكثرهم من شيعة علي عليه السلام في تلك الأيام .
( 5 ) في المصدر : ثم سكت ساعة .
( 6 ) ويحك : كلمة رحمة ويقابلها ( ويلك ) .
( 7 ) النياط - ككتاب - : عرق غليظ يناط به القلب إلى الوتين فإذا قطع مات صاحبه .
( 8 ) في المصدر : إلى ما له هذه الصفة .
‹ صفحه 381 ›
قال : ويحك إنه من يؤمن ( بهذا ) أو يصدق ( بهذا ) الحق والمنهاج لم يرغب في
الدنيا ولا في زهرتها ( 1 ) وحاسب نفسه ( بنفسه ) ، قلت : أنا مؤمن بهذا ، قال :
صدقت ولكن قارب وسدد ولا تيأس ، واعمل ولا تفرط ، وارج وخف
واحذر ( 2 ) ، ثم بكى وشهق ثلاث شهقات ، فظننا أنه قد مات ، ثم قال : فداكم
أبي وأمي لو رآكم ( 3 ) محمد صلى الله عليه وآله وسلم لقرت عينه حين تسألون عن
هذه الصفة ، ثم قال : النجاء النجاء الوحا الوحا ( 4 ) الرحيل الرحيل ، العمل
العمل ، وإياكم والتفريط ، ( وإياكم والتفريط ) - الخبر ) ( 5 ) .
ومن أشعاره :
تالله لا لأبي بكر نجوت ولولا * الله قامت على أوصافي الصمع
الله بواني خيرا إذ أكرمني * وإنما الخير عند الله متبع
لا يلقيني تبوعا كل مبتدع * فلست مبتدعا مثل الذي ابتدعوا
مات رحمه الله بالطاعون بدمشق في سنة ثمانية عشر أو عشرين - على ما
صححه الذهبي - ، أو تسع عشر - كما عن أنس الجليل المجير الدين الحنبلي ( 6 ) - ،
ودفن بباب الصغير في المقبرة التي فيها معاوية ويزيد وأبو عبيدة الجراح ،
وقيل : مات بحلب - والله العالم - ، وكان له من العمر بضع وستين سنة .
وأما خباب - كعمار - فهو بن الأرت - بفتح الراء وتشديد المثناة
الفوقانية - من فضلاء المهاجرين الأولين ، أسلم - كما قيل - بعد ستة ، شهد بدرا
وبعدها من المشاهد ، مات بالكوفة بعدما شهد صفين ونهروان وصلى عليه
000000000000000000
( 1 ) في المصدر : زينتها .
( 2 ) ( قارب ) أي اقتصد ، ( سدد ) أي في أمورك ، ( ولا تيأس ) أي من روح الله ، (
ولا تفرط )
أي لا تقصر في العمل الصالح ، ( وارج ) أي غفران الله تعالى ، ( وخف ) أي من سخط
الله
سبحانه ، ( واحذر ) أي من المعاصي ( المصدر ) .
( 3 ) في المصدر : لو رآكم .
( 4 ) الوحا - بالقصر والمد - : السرعة ، يعني البدار البدار ، وهو منصوب على
الاغراء بفعل مضمر ،
وكذا ( البحاء ) - ممدودا - : بمعنى السرعة والسبقة .
( 5 ) الفقيه 1 : 7 - 292 .
( 6 ) أنس الجليل بتاريخ القدس والخليل 1 : 231 .
‹ صفحه 382 ›
أمير المؤمنين عليه السلام ، وفي النهج : قال عليه السلام في ذكر خباب ابن الأرت :
( رحم الله خباب ( بن الأرت ) فلقد أسلم راغبا ، وهاجر طائعا ( وقنع
بالكفاف ( 1 ) ، ورضي عن الله ) وعاش مجاهدا ، طوبى لمن ذكر المعاد وعمل
للحساب وقنع بالكفاف ورضي عن الله ( تبارك وتعالى ) ) ( 2 ) ، وعن أبي نعيم
الحافظ أنه عليه السلام وقف على قبره وقال : ( رحم الله - إلى قوله : - مجاهدا - ،
وزاد :
- وابتلي في جسمه أحوالا ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا ) ( 3 ) .
وقال العسكري عليه السلام عند قوله تعالى : ( ومن الناس من يشري نفسه
ابتغاء مرضات الله - الآية ) ( 4 ) : ( قال علي بن الحسين عليهما السلام : هؤلاء
خيار من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عذبهم أهل مكة ليفتنوهم عن دينهم ،
فمنهم : بلال ، وصهيب ، وخباب ، وعمار وأبوه - إلى أن قال عليه السلام : - وأما
خباب بن الأرت فكانوا قد قيدوه بقيد وغل ، فدعا الله بمحمد وعلي وآلهما
الطيبين عليهم السلام ، فحول ( الله ) القيد فرسا ركبه وحول الغل سيفا بحمائل
تقلده فخرج ( عنهم ) من أعمالهم ، فلما رأوا ما ضهر عليه من آيات محمد
صلى الله عليه وآله وسلم لم يجرأ ( 5 ) أحد أن يقربه ، وجرد سيفه وقال : من شاء
فليقرب ، فإني سألته بمحمد وعلي ( 5 ) ( أن ) لا أصيب بسيفي أبا قبيس إلا
قددته نصفين فضلا عنكم ، فتركوه فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
قال لسلمان : ( سيوضع على رأسك تاج كسرى ، فوضع التاج على رأسه عند
الفتح ) ( 7 ) .
000000000000000000
( 1 ) الكفاف : العيش الوسط الذي يكفي
الإنسان حاجاته الأصلية .
( 2 ) نهج البلاغة ، قصار الحكم 4 - 43 : 7 - 467 ، أقول : وفيه : يرحم الله .
( 3 ) مجالس المؤمنين 1 : 263 عن أبي نعيم .
( 4 ) البقرة : 207 .
( 5 ) في المصدر : لم يجسر ، بمحمد وآله الطيبين .
( 6 ) تفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام : 4 - 623 ، بحار الأنوار 22
: 9 - 338 ،
أبا قبيس : اسم جبل .
( 7 ) بحار الأنوار 18 : 131 ، مناقب آل أبي طالب 1 : 109 .
‹ صفحه 383 ›
ونقل السيد الأجل علي بن طاووس في الفصل السابع من الباب
الخامس من الإقبال عن محمد بن علي بن محمد الطرازي في كتابه ، بإسناده
المتصل إلى المفضل بن عمر قال : ( قال لي أبو عبد الله عليه السلام : إذا كان يوم
القيمة زفت أربعة أيام إلى الله عز وجل ، كما تزف العروس إلى خدرها : يوم
الفطر ويوم الأضحى ويوم الجمعة ويوم غدير خم ، ويوم غدير خم بين الفطر
والأضحى ويوم الجمعة كالقمر بين الكواكب ، وإن الله ليوكل بغدير خم
ملائكته المقربين وسيدهم يومئذ جبرئيل عليه السلام ، وأنبياء الله المرسلين
وسيدهم يومئذ محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وأوصياء الله المنتجبين وسيدهم
يومئذ أمير المؤمنين عليه السلام ، وأولياء الله وساداتهم يومئذ سلمان وأبو ذر
والمقداد
وعمار حتى يورده الجنان كما يورد الراعي بغنمه الماء والكلأ - الخبر ) ( 1 ) ،
وفيه
تصريح بأفضلية الأربعة من جميع البشر بعد الأنبياء والأوصياء ، وحيث إن
سلمان أفضل الأربعة فهو أفضل الجميع .
000000000000000000
( 1 ) إقبال الأعمال : 466 .
‹ صفحه 385 ›
الباب الحادي عشر
في نبذ يسير وقليل من كثير مما رواه عن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام
من الأخبار المتفرقة .
‹ صفحه 387 ›
وتأسينا بذلك شيخنا الأقدم أبا جعفر محمد بن علي بن
معاوية ، فيما
فعله في كتاب العيون ، فاقتفيت أثره وإن كنت قصير الخطى ، ورميت عن
قوسه وإن كنت كثير الخطأ ، وذلك بعد ما شاورت الله عز وجل وتفألت
بكتابه ، فكان أول ما رأيت منه : ( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث
ونزلناه تنزيلا ) ( 1 ) ، فنقول :
روى الشيخ الوجيه أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عياش في الجزء الأول
من مقتضب الأثر عن ( أبو علي ) أحمد بن محمد بن جعفر الصولي ( البصري ) ،
قال : حدثتنا عبد الرحمن بن صالح بن رعيده ، قال : حدثني الحسين بن حميد بن
الربيع ، قال : حدثنا الأعمش ، عن محمد بن خلف الطاطري ، عن شاذان ( 2 ) ،
عن سلمان قال : يا سلمان ! إن الله عز وجل لم يبعث نبيا ولا رسولا إلا جعل له
اثنى عشر نقيا ، قال : قلت له : يا رسول الله ! لقد عرفت هذا من أهل
000000000000000000
( 1 ) الإسراء : 106 .
( 2 ) في المصدر : زادان .
‹ صفحه 388 ›
الكتابين ( 1 ) ، قال : يا سلمان ! فهل علمت ( 2 ) من نقبائي الاثني عشر الذين
اختارهم الله للإمامة من بعدي ؟ فقلت : الله ورسوله أعلم ، قال : يا سلمان !
خلقني الله صفوة نوره ودعاني ، فأطعته ، وخلق من نوري نور علي
( عليه السلام ) ، فدعاه إلى طاعته فأطاعه ، وخلق من نوري ونور علي فاطمة ،
فدعاها فأطاعته ، وخلق مني ومن علي وفاطمة الحسن والحسين ، فدعاهما
فأطاعاه ، فسمانا الله عز وجل بخمسة أسماء من أسمائه : فالله المحمود وأنا
محمد ، والله العلي وهذا علي ، والله الفاطر ( 3 ) وهذه فاطمة ، والله ذو الاحسان
وهذا الحسن ، والله المحسن ، وهذا الحسين ، ثم خلق منا ومن نور الحسين تسعة
أئمة ، فدعاهم فأطاعو ( ه ) ، قبل أن يخلق الله عز وجل سماء مبنية ، أو أرضا
مدحية ، أو هواء ، أو ماء ، أو ملكا ، أو بشرا ، وكنا بعلمه أنورا نسبحه ونسمع
له ونطيع ، فقال سلمان : قلت : يا رسول الله ! بأبي أنت وأمي ما لمن عرف
هؤلاء ؟ فقال : يا سلمان ! من عرفهم حق معرفتهم واقتدى بهم فوالى وليهم
وتبرأ من عدوهم فهو والله منا ، يرد حيث نرد ويسكن حيث
نسكن ، ( و ) قال : قلت : يا رسول الله ؟ فهل يكون إيمان بهم بغير معرفة
بأسمائهم وأنسابهم ؟ فقال : لا يا سلمان ، فقلت : يا رسول الله ! فإني
لي بهم ؟ ( 4 ) قال : قد عرفت إلى الحسين ، ( قال : ) ثم سيد العابدين
علي بن الحسين ، ثم جعفر بن محمد لسان الله الصادق ، ثم موسى بن جعفر
الكاظم غيظه صبرا في الله ، ثم علي بن موسى الرضا لأمر الله ، ثم محمد بن
علي الجواد المختار من خلق الله ، ثم علي بن محمد الهادي إلى الله ، ثم الحسن بن
علي الصامت الأمين على دين الله ( العسكري ) ، ثم ( ابنه حجة الله ) فلان
- سماه باسمه - ابن الحسن المهدي الناطق القائم بحق الله .
قال سلمان : فبكيت ثم قلت : يا رسول الله ! فإني لسلمان
000000000000000000
( 1 ) أي التوراة والإنجيل .
( 2 ) في المصدر : عرفت ، فاطر .
( 3 ) في المصدر : عرفت ، فاطر .
( 4 ) في المصدر : فأنى لي بجنابهم .
‹ صفحه 389 ›
بإدراكهم ؟ قال : يا سلمان ! إنك مدركهم وأمثالك ومن تولاهم بحقيقة
المعرفة ، قال سلمان : فشكرت الله كثيرا ثم قلت : يا رسول الله ! إني مؤجل
إلى عهدهم ؟ قال : يا سلمان ! اقرأ : ( فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا
لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ، ثم رددنا لكن لكرة
عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا ) ( 1 ) ، قال سلمان : فاشتد
بكائي
وشوقي وقلت : يا رسول الله ! بعهد منك ؟ فقال : أي والذي أرسل محمدا إنه
بعهد ( 2 ) مني وبعلي وفاطمة والحسن والحسين وتسعة أئمة ، وكل من هو منا
ومظلوم فينا ، أي والله يا سلمان ، ثم ليحضرن إبليس وجنوده وكل من
محض الإيمان محضا ومحض الكفر محضا حتى يؤخذ بالقصاص والأوتار ( 3 )
والتراث ، ولا يظلم ربك أحدا و ( نحن ) نجري تأويل هذه الآية : ( ونريد أن
نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ، ونمكن
لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ) ( 4 ) ، قال
سلمان رضي الله عنه : فقمت من بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وما
يبالي
سلمان متى لقى الموت أو لقيه ) ( 5 ) .
قال الشيخ أبو عبد الله بن عياش : ( سألت أبا بكر محمد بن عمر
الجعابي الحافظ عن محمد بن خلف الطاطري فقال : هو محمد بن خلف
ابن موهب الطاطري ثقة مأمون ( 6 ) ، وطاطر سيف من أسياف البحر تنسج فيها
الثياب تسمى الطاطرية كانت تنسب إليها ) ( 7 ) .
000000000000000000
( 1 ) الإسراء : 5 - 6 .
( 2 ) في المصدر : لبعهد .
( 3 ) هكذا في المصدر ولعل الصحيح : الآثار أو الآثار جمع الثأر وهو أن تطلب
المكافاة بجناية
جنيت عليك .
( 4 ) القصص : 5 - 6 .
( 5 ) مقتضب الأثر ، الجزء الأول : 6 - 8 ، رواه في البحار 25 : 6 - 8 عن المحتضر
: 3 - 152 .
( 6 ) بشهادة السيد الأجل علي بن طاووس في الفصل . . . من الباب . . . من أمان
الأخطار .
( 7 ) مقتضب الأثر ، الجزء الأول : 8 .
‹ صفحه 390 ›
أقول : وفي الباب التاسع والستين من مصباح الشريعة للصادق
عليه السلام : ( روى بإسناد صحيح عن سلمان الفارسي رحمه الله قال : دخلت
- وذكر مثله ) ( 1 ) .
ثم إن الموجود في نسختي من المقتضب شاذان ( 2 ) ، وكذا نقل عنه في
البحار ( 3 ) وأظنه مصحفا وإن الأصل زاذان - والله العالم - .
وعنه ، عن أبي محمد عبد الله بن إسحاق بن عبد العزيز الخراساني
المعدل ، قال : حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح ، قال : حدثنا إبراهيم بن
شهر بن حوشب ، عن سلمان الفارسي ، قال : ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم والحسين بن علي ( عليهما السلام ) على فخذه ، إذ تفرس ( 4 ) في وجهه
وقال له :
يا أبا عبد الله ! أنت سيد من السادة ( 5 ) وأنت إمام بن إمام ، ( أخو إمام ) ،
أبو أئمة تسعة ، تاسعهم قائمهم إمامهم أعلمهم أحكمهم أفضلهم ) ( 6 ) .
وروى الشيخ الثقة علي بن محمد بن علي الخراز القمي في الباب
الخامس من كفاية الأثر عن محمد بن عبد الله بن المطلب وأبي عبد الله
أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن عياش الجوهري ( 7 ) ، جميعا ، قالا : حدثنا
( محمد بن ) لاحق اليماني ، عن إدريس بن زياد الكفرثوثي ، قال : حدثنا
إسرائيل بن يونس ابن ( أبي ) إسحاق السبيعي ، عن جعفر بن الزبير ، عن
0000000000000000000
( 1 ) مصباح الشريعة ، الباب الثامن والعشرون
: 63 .
( 2 ) يوجد في نسختنا التي طبعت في بيروت زاذان - كما أشرنا إليه .
( 3 ) بحار الأنوار 25 : 6 .
( 4 ) الفراسة - بالكسر - : اسم من قولك : تفرست فيه خيرا ، وهي نوعان : أحدهما :
ما يوقعه الله في
قلوب أوليائه فيعلمون بعض أحوال الناس بنوع من الكرامات وإصابة الحدس والظن ،
وثانيهما : نوع
يعلم بالدلائل والتجارب والأخلاق ( مجمع البحرين ) .
( 5 ) في المصدر : ساده .
( 6 ) مقتضب الأثر ، الجزء الأول : 8 - 9 ، أخرج نحوه من العامة الخوارزمي في مقتل
الحسين 1 : 94 .
والقندوزي في ينابيع المودة : 258 .
( 7 ) في المصدر : محمد بن أحمد بن عبد الله بن الحسن بن عباس الجوهري .
‹ صفحه 391 ›
القاسم ، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم فقال : معاشر الناس ! إني راحل ( عنكم ) عن قريب ومنطلق إلى
المغيب ، أوصيكم في عترتي خيرا ، وإياكم والبدع ، فإن كل بدعة ضلالة ،
( والضلالة ) وأهلها في النار ، معاشر الناس ! من افتقد الشمس فليتمسك
بالقمر ، ومن افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين ( 1 ) ، ومن افتقد الفرقدين
فليتمسك ( 2 ) بالنجوم الزاهرة بعدي ، أقول قولي ( هذا ) واستغفر الله لي ولكم ،
قال : فلما نزل صلى الله عليه وآله وسلم عن المنبر تبعته حتى دخل بيت عائشة ،
فدخلت إليه وقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله سمعتك تقول : إذا افتقدتم
الشمس فتمسكوا بالقمر ، وإذا افتقدتم القمر فتمسكوا بالفرقدين ، وإذا
افتقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزاهرة ، فما الشمس وما القمر وما
الفرقدان وما النجوم الزاهرة ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أما الشمس فأنا
وأما القمر فعلي ( عليه السلام ) ، فإذا افتقدتموني فتمسكوا به بعدي ، وأما
الفرقدان فالحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، فإذا افتقدتم القمر فتمسكوا بهما ( 3
) ، وأما
النجوم الزاهرة فالأئمة التسعة من صلب الحسين ( عليه السلام ) والتاسع ( 4 )
مهديهم ، ثم قال : إنهم هم الأوصياء والخلفاء بعدي ، أئمة أبرار ، عدد أسباط
يعقوب وحواري عيسى ، قلت : فسمهم لي يا رسول الله ؟ قال :
أولهم ( وسيدهم ) علي بن الحسن ، وبعده محمد بن علي ( ال ) - باقر علم النبيين ،
والصادق جعفر بن محمد وابنه الكاظم سمي موسى بن عمران ، والذي يقتل
بأرض الغربة ( ابنه ) علي ، ثم ابنه محمد والصادقان علي والحسن والحجة
القائم ، المنتظر في غيبته ، فإنهم عترتي من دمي ولحمي ، علمهم ( من ) علمي
0000000000000000
( 1 ) الفرقة : نجم قريب من القطب الشمالي
يهتدي به وبجانبه آخر أخفي منه ، فهما فرقدان .
( 2 ) في المصدر : فإذا فقدتم الفرقدين فتمسكوا .
( 3 ) في المصدر : أنا الشمس وعلي القمر والحسن والحسين الفرقدان ، فإذا افتقدتموني
فتمسكوا بعلي
بعدي وإذا افتقدتموه فتمسكوا بالحسن والحسين .
( 4 ) في المصدر : فهم الأئمة التسعة من صلب الحسين وتاسعهم ،
‹ صفحه 392 ›
وحكمهم حكمي ، من آذاني فيهم ( ف ) - لا أناله الله شفاعتي ) ( 1 ) .
وعنه ، عن أبي عبد الله الحسين بن محمد بن سعيد ( بن
علي الخزاعي ، قال : حدثنا أبو الحسين محمد بن ( أبي ) عبد الله الكوفي
الأسدي ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ( 2 ) البرمكي ، قال : حدثنا موسى بن
( ال ) - عمران النخعي ، قال : حدثنا شعيب بن إبراهيم التيمي ( 3 ) ، قال : حدثنا
سيف بن عميرة ، عن أبان بن إسحاق الأسدي ، عن الصباح بن محمد ، عن
أبي حازم ( 4 ) ، عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (
الأئمة
بعدي اثنى عشر ، عدد شهور الحول ، ومنا مهدي هذه الأمة ، له هيبة موسى
وبهاء عيسى وحكم داود ( 5 ) وصبر أيوب ) ( 6 ) .
وعنه ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا جعفر بن محمد أبو القاسم
العلوي الروباني ( 7 ) ، قال : حدثني عبيد الله بن أحمد بن نهيك ، قال : حدثني
محمد بن عصام السمين ، عن أبيه وعمه ، عن عبد الرحمن بن مسعود العميدي ( 9 ) ،
عن عليم الأزدي ، عن سلمان الفارسي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم : ( الأئمة بعدي اثنى عشر ، ثم قال : كلهم من قريش ، ثم يخرج قائمنا
فيشفي صدور قوم مؤمنين ، ألا إنهم أعلم منكم فلا تعلموهم ، ألا إنهم عترتي
من لحمي ودمي ، ما بال قوم يؤذونني ( 8 ) فيهم ، لا أنالهم الله شفاعتي ) ( 9 )
وعنه ، عن علي بن الحسين بن محمد ، قال : حدثنا هارون بن موسى
رضي الله عنه ، قال : ( حدثنا ) أحمد ( بن محمد ) بن سعيد ، قال : حدثنا محمد بن
0000000000000000
( 1 ) كفاية الأثر : 3 - 40 ، عنه بحار
الأنوار 36 : 289 ، أقول : في المصدر : بعدهما علي زين العابدين .
( 2 ) في المصدر : إسماعيل بن محمد ، وهو مصحف ، راجع جامع الرواة .
( 3 ) في المصدر : التميمي .
( 4 ) في المصدر : الصباح بن محمد بن أبي حازم .
( 5 ) في المصدر : غيبة موسى ، حلم داود .
( 6 ) كفاية الأثر : 43 ، عنه البحار 36 : 303 .
( 7 ) في المصدر : الروياني ، العبدي .
( 8 ) في المصدر : أقوام يؤذونني .
( 9 ) كفاية الأثر : 44 ، بحار الأنوار 36 : 303 .
‹ صفحه 393 ›
عامر ( بن الفرات القرآني ، قال : حدثنا الحجاج بن
منهال ، قال : حدثنا حماد بن
سلمة ، عن عطاء ) بن السائب الثقفي ، عن أبيه ، عن سلمان الفارسي رحمة الله عليه ،
قال : ( دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعنده الحسن والحسين يتغذيان
والنبي صلى لله عليه وآله وسلم يضع اللقمة تارة في فم الحسن وتارة في فم الحسن ،
فلما فرغا ( 1 ) من الطعام أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحسن على عاتقه
والحسين على فخذه ، ثم قال ( لي ) : يا سلمان ! أتحبهم ؟ قلت : يا رسول الله !
كيف لا أحبهم ومكانهم منك مكانهم ، قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
يا سلمان ! من أحبهم فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب الله ، ثم وضع يده
على كتف الحسين عليه السلام ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إنه الإمام ابن
الإمام ، تسعة من صلبه أئمة أبرار أمناء معصومون ، والتاسع قائمهم ) ( 2 ) .
وعنه ، عن محمد بن علي رضي الله عنه ، قال : حدثني أبي رحمه الله ، قال :
حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن حماد بن عثمان
( بن عيسى ) ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبان بن خلف ، عن سليم بن قيس
الهلالي ، عن سلمان الفارسي رحمه الله قال : ( دخلت على النبي صلى الله عليه وآله
وسلم وإذا الحسين عليه السلام على فخذه فهو يقبل جبينه ويلثم فاه وهو يقول :
أنت سيد بن سيد ، أنت إمام بن إمام أبو أئمة ، أنت حجة ابن حجة ، أبو حجج
تسعة من صلبك ، تاسعهم قائمهم ) ( 3 ) .
وعنه ، عن علي بن الحسين ، قال : حدثنا محمد بن الحسن البزوفري ،
قال : حدثنا عبد الله ابن عامر الكوفي بالكوفة ، قال : حدثني محمد بن مسروق
الهندي ، عن خالد بن الياس ، عن صالح بن أبي حنان ، عن الصباح بن محمد ،
عن أبي حازم ، عن سلمان الفارسي رحمة الله عليه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم : ( الأئمة من بعدي ( ب ) - عدد نقباء بني إسرائيل ، وكانوا اثني عشر ،
ثم وضع يده على صلب الحسين عليه السلام وقال : تسعة من صلبه ، والتاسع
0000000000000000
( 1 ) في المصدر : فرغ .
( 2 ) كفاية الأثر : 45 ، بحار الأنوار 36 : 304 .
( 3 ) كفاية الأثر : 46 .
‹ صفحه 394 ›
مهديهم ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، فالويل
لمبغض ( - ي ) - هم ) ( 1 ) .
وروى الصدوق رحمه الله في المجلس الرابع والسبعين من الأمالي عن
علي بن أحمد بن موسى الدقاق ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن
زكريا القطان ، قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال : حدثنا عمر بن
عبد الله ، قال : حدثنا الحسن بن الحسين بن ( ال ) - عاصم ، قال : حدثنا
عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي
عليه السلام قال : حدثني سلمان الخير فقال : ( يا أبا الحسن ! قلما أقبلت أنت
وأنا عند رسول الله إلا قال : يا سلمان ! هذا وحزبه هم المفلحون يوم
القيامة ) ( 2 ) .
وروى شيخ الطائفة في الجزء الخامس من أماليه ( 3 ) عن محمد بن
محمد ( 4 ) ، قال : أخبرنا أبو ( الحسن ) علي بن خالد المراغي ، قال : حدثنا
أبو الحسن علي بن العباس ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن الحسين ، قال :
حدثنا موسى بن زياد ، عن يحيى بن يعلى ، عن أبي خالد الواسطي ، عن
أبي هاشم الخولاني ، عن زاذان ، وفي الجزء الثاني عشر منه عن الحفار ، عن
ابن الجعاني ، عن محمد بن أحمد الكاتب ( 5 ) ، عن أحمد بن يحيى الأودي ، عن
الحسن بن الحسين الأنصاري ، عن يحيى بن يعلى ، عن عبد الله بن موسى ، عن
أبي هاشم الرماني ، عن أبي البختري ، عن زاذان قال : ( سمعت سلمان
يقول : لأزال أحب عليا فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يضرب فخذه
ويقول : محبك لي محب ومحبي لله محب ، ومبغضك لي مبغض ومبغضي لله
0000000000000000
( 1 ) كفاية الأثر 57 ، وفيه : ( جورا وظلما
) ، عنه البحار 36 : 290 .
( 2 ) أمالي الصدوق : 397 .
( 3 ) وهذا الأمالي إنما نسبناه إلى الشيخ تبعا لبعض المشايخ ، وإلا فالتحقيق أنه لابنه
المفيد الثاني ،
وأما أمالي الشيخ فهو أصغر من هذا الكتاب نقلنا عنه حديثا واحدا في أواخر هذا
الباب ( منه
قدس سره ) .
( 4 ) المفيد ( منه ) .
( 5 ) في الأصل : محمد بن محمد الكاتب ، وهو مصحف .
‹ صفحه 395 ›
تعالى مبغض ) ( 1 ) ، ورواه عماد الدين في بشارة المصطفى ( 2 ) عن ابن الشيخ ، عن
أبيه
مثله .
وفي الجزء السادس منه عنه ، قال : حدثني أبو حفص عمر بن
محمد بن علي الزيات ، قال : أخبرني أبو عبد الله الحسين بن يحيى بن عباس
النواز ( 3 ) ، قال : حدثنا الحسن بن عبيد الله ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال
:
حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أبي عثمان ، قال : ( كنا مع
سلمان الفارسي تحت شجرة ، فأخذ غصنا منها فنفضه ( 4 ) فتساقط ورقه فقال :
ألا تسألوني عما صنعت ؟ فقلنا : أخبرنا ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم في ظل شجرة فأخذ غصنا منها فنفضه فتساقط ورقه فقال :
ألا تسألوني عما صنعت ؟ قلنا : أخبرنا يا رسول الله ، قال : إن العبد المسلم إذا
قام إلى الصلاة تحاطت عنه خطاياه ، كما تحاطت ( 5 ) ورق هذه الشجرة ) ( 6 ) .
وفي الجزء السابع منه عنه ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن خالد
المراغي قال : حدثني محمد بن مدرك الشيباني ، قال : حدثني زكريا بن
الحكم ، قال : حدثنا خلف بن تميم ، قال : حدثنا بكر بن خنيس ، عن
أبي شيبة ، عن عبد الملك بن عمير ( 7 ) ، عن أبي قرة عن سلمان الفارسي قال :
( قال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم : يا سلمان ! إذا أصبحت فقل : اللهم أنت
ربي لا شريك لك ( 8 ) ، أصبحنا وأصبح الملك لله - قلها ثلاثا - ، وإذا أمسيت
فقل مثل ذلك ، فإنهن يكفرن ما بينهن ( من خطيئة ) ( 9 ) .
0000000000000000000
( 1 ) أمالي الطوسي 1 ، الجزء الخامس : 132 ،
وأيا في الجزء الثاني عشر : 362 .
( 2 ) بشارة المصطفى لشيعة المرتضى 2 : 74 و 3 : 126 .
( 3 ) في المصدر : التمار .
( 4 ) في الأصل في الموضعين : فنغضه .
( 5 ) في الأصل : يحاط .
( 6 ) أمالي الطوسي 1 : 170 .
( 7 ) في المصدر : عبد الملك بن عمر .
( 8 ) في المصدر : لا أشرك لك .
( 9 ) أمالي الطوسي 1 : 189 .
‹ صفحه 396 ›
وفي الجزء الثاني عشر منه ، قال : أخبرنا ابن الصلت ، عن ابن عقدة ،
عن عباد ، قال : حدثني عمي ، عن أبيه ، عن موسى الجهني ، عن زيد بن
وهب ، عن عقبة بن عامر الجهني ، قال : ( سمعت الفارسي رحمه الله
و ( تذا ) كره على طعام ، فقال : حسبي ، أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم
يقول : إن أكثر الناس شبعا في الدنيا أكثرهم جوعا في الآخرة ، يا سلمان ! إنما
الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ) ( 1 ) .
وروى الثقة الجليل علي بن إبراهيم القمي في سورة محمد ، عن أبيه ،
عن سليمان بن مسلم الخشاب ، عن عبد الله بن جريح المكي ، عن عطاء بن
أبي رياح ، عن عبد الله بن عباس ، قال : ( حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم حجة الوداع ، فأخذ بحلقة باب الكعبة ، ثم أقبل علينا بوجهه فقال : ألا
أخبركم بأشراط الساعة ؟ وكان أدنى الناس منه يومئذ سلمان رحمة الله عليه
فقال : بلى يا رسول الله ! فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن ) من أشراط
القيامة
إضاعة الصلو ( ا ) ت واتباع الشهوات ، والميل إلى الأهواء وتعظيم أصحاب
المال ، وبيع الدين بالدنيا ، فعندها يذوب قلب المؤمن في جوفه كما يذاب
الملح في الماء مما يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيره ، قال سلمان : وإن
هذا لكائن يا رسول الله ؟ قال ( صلى الله عليه وآله ) : إي والذي نفسي بيده ،
يا سلمان ! إن عندها تليهم أمراء جورة ووزراء فسقة ، وعرفاء ظلمة ، وأمناء
خونة ، ( ف ) - قال سلمان : وإن هذا لكائن يا رسول الله ؟ قال ( صلى الله عليه
وآله
وسلم ) : إي والذي نفسي بيده ، يا سلمان ! إن عندها يكون المنكر معروفا
والمعروف منكرا ، ويؤتمن الخائن ويخون الأمين ، ويصدق الكاذب ويكذب
الصادق ، قال سلمان : وإن هذا لكائن يا رسول الله ؟ قال ( صلى الله عليه وآله
وسلم ) : إي والذي نفسي بيده ، يا سلمان ! فعندها تكون أمارة النساء
ومشاورة الإماء وقعود الصبيان على المنابر ويكون الكذب طرفا والزكاة
000000000000000000
( 1 ) أمالي الطوسي 1 : 356 .
‹ صفحه 397 ›
مغرما والفئ مغنما ويجفو ( 1 ) الرجل واديه ويبر ( 2 ) صديقه ، ويطلع الكوكب
المذنب .
قال سلمان : وإن هذا لكائن يا رسول الله ؟ قال ( صلى الله عليه وآله
وسلم ) : إي والذي نفسي بيده ، يا سلمان ! وعندها تشارك المرأة زوجها في
التجارة ويكون المطر قيظا ويغيظ الكرام غيظا ويحتقر الرجل المعسر ، فعندها
تقارب الأسواق ، إذا قال هذا : لم أبع شيئا ، وقال هذا : لم أربح شيئا ، فلا ترى
إلا
ذاما لله ، قال سلمان : وإن هذا لكائن يا رسول الله ؟ قال ( صلى الله عليه وآله
وسلم ) : إي والذي نفسي بيده ، يا سلمان ! فعندها يليهم أقوام إن تكلموا
قتلوهم وإن سكتوا استباحوا ( احق ) - هم ليستأثرون ( أنفسهم ) بفيئهم
وليطؤون حرمتهم وليسفكن دمائهم ولتملأن قلوبهم دغلا ورعبا ، فلا تراهم
إلا وجلين خائفين مرعوبين مرهوبين ، قال سلمان : وإن هذا لكائن
يا رسول الله ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إي والذي نفسي بيده ، يا سلمان
!
( إن عندها ) يؤتى بشئ من المشرق وشئ من المغرب يلون أمتي ، فالويل
ضعفاء أمتي منهم والويل لهم من الله لا يرحمون صغيرا ولا يوقرون كبيرا
ولا يتجاوزون عن مسئ ، جثتهم جثة الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين ،
قال سلمان : وإن هذا لكائن يا رسول الله ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إي
والذي نفسي بيده ، يا سلمان ! وعندها تكتفي الرجال بالرجال والنساء
بالنساء ويغار الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها ، وتشبه
الرجال بالنساء والنساء بالرجال ، وتركبن ذوات الفروج السروج ( 3 ) ، فعليهن
من أمتي لعنة الله .
قال سلمان : وإن هذا لكائن يا رسول الله ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله
00000000000000000
( 1 ) في الأصل : يحف .
( 2 ) في الأصل : يبرأ .
( 3 ) ليس السروج مختصا بالخيل فقط ، فقد أطلق هذا اللفظ على مطلق الدابة فينطبق
تماما على
النساء المكشفات اللواتي يسقن سياراتهن إظهارا للمال والجمال الذي هو في الحقيقة
وبال لهن
ولجميع من مال . ( ذيل المصدر ) .
‹ صفحه 398 ›
وسلم ) : إي والذي نفسي بيده ، يا سلمان ! إن عندها
تزخرف المساجد كما
تزخرف البيع والكنايس وتخلى المصاحف وتطول المنارات وتكثر الصفوف
بقلوب متباغضة وألسن مختلفة ، قال سلمان : وإن هذا لكائن يا رسول الله ؟
قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إي والذي نفسي بيده ، ( يا سلمان ! ) وعندها
تحلى ذكور أمتي بالذهب ويلبسون الحرير والديباج ويتخذون جلود النمور
صفافا ( 1 ) ، قال سلمان : وإن هذا لكائن يا رسول الله ؟ قال ( صلى الله عليه وآله
وسلم ) : إي والذي نفسي بيده ، يا سلمان ! وعندها يظهر الزنا ويتعاملون
بالعينة ( 2 ) والرشا ويوضع الدين وترفع الدنيا ، قال سلمان : وإن هذا لكائن
يا رسول الله ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إي والذي نفسي بيده ، يا سلمان
!
( وعندها تكثر الطلاق ، فلا يقام لله حد ولن يضروا الله شيئا ، قال سلمان :
وإن هذا لكائن يا رسول الله ؟ قال : إي والذي نفسي بيده ، يا سلمان ! )
وعندها تظهر القينات ( 3 ) والمعازف ( 4 ) ويليهم ( ا ) شرار أمتي ، قال سلمان :
وإن
هكذا لكائن يا رسول الله ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إي والذي نفسي بيده
،
يا سلمان ! وعندها تحج أغنياء أمتي للنزهة وتحج أوساطها للتجارة وتحج
فقراءهم للرياء والسمعة ، فعندها يكون أقوام يتعلمون القرآن لغير الله
ويتخذونه مزامير ، ويكون أقوام يتفقهون لغير الله وتكثر ( 5 ) أولاد الزنا ،
ويتغنون
بالقرآن ، ويتهافتون بالدنيا .
قال سلمان : وإن هذا لكائن يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم :
إي والذي نفسي بيده ، يا سلمان ! ذاك إذا انتهكت المحارم ، واكتسبت
000000000000000000
( 1 ) في الأصل : صفاقا ، أقول : صفافا أي
فرشا .
( 2 ) في الأصل : بالغيبة ، أقول : العين : البريا ، العينه - بالكسر - بيع الشئ
إلى أجل على ثمنه مقابلة
انتظار الثمن .
( 3 ) القينة : المغنية .
( 4 ) المعازف : الملاهي ، كالعود والطنبور ويصدق على ما يستفاد منه للغناء في هذا
الزمان .
( 5 ) في الأصل : يكثر .
‹ صفحه 399 ›
المآثم ، وسلط ( 1 ) الأشرار على الأخيار ، ويفشو الكذب وتظهر اللحاجة وتغشوا
الحاجة ( 2 ) ويتباهون في اللباس ويمطرون في غير أوان المطر ويستحسنون
الكوبة ( 3 ) والمعازف وينكرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى يكون
المؤمن في ذلك الزمان أذل من الأمة ويظهر قرائهم وعبادهم فيما بينهم التلاوم
فأولئك يدعون في ملكوت السماوات الأرجاس ( و ) الأنجاس ، قال سلمان : وإن
هذا لكائن يا رسول الله ؟ ( ف ) - قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إي والذي
نفسي
بيده ، يا سلمان ! فعندها لا يحض الغني الفقير ( 4 ) حتى إن السائل ليسأل ( 5 )
فيما بين الجمعتين لا يصيب أحدا يضع في كفه شيئا ، قال سلمان : ( و ) إن هذا
لكائن يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : إي والذي نفسي بيده ،
يا سلمان ! عنده يتكلم الروبيضة ، فقال : وما الروبيضة ( يا رسول الله ) فداك
أبي وأمي ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : يتكلم في أمر العامة من لم يكن يتكلم
فلم يلبثوا إلا قليلا حتى تخور ( 6 ) الأرض خورة فلا يظن كل قوم إلا أنها
خارت ( 7 ) في ناحيتهم ، فيمكثون ما شاء الله ثم ينكثون في مكثهم فتلقي لهم
الأرض أفلاذ كبدها ذهبا وفضة ، ثم أومى بيده إلى الأساطين فقال مثل
هذا ، فيومئذ لا ينفع ذهب ولا فضة - قال علي بن إبراهيم : - فهذا معنى قوله
( تعالى ) : ( فقد جاء أشراطها ) ( 8 ) .
وروى الشيخ الأجل فرات ابن إبراهيم الكوفي في تفسيره عن
عبيد بن كثير معنعنا عن سلمان قال : ( قالت بعض أزواج النبي
00000000000000000
( 1 ) في المصدر : تسلط .
( 2 ) في المصدر : الفاقة .
( 3 ) في الخبر : ( إن الله حرم الخمر والكوبة ) ، واختلف في معناها فقيل : هي
النرد ، وقيل :
الطبل ، وقيل : الشطرنج .
( 4 ) في الأصل : لا يخشى الغني إلا الفقر .
( 5 ) في المصدر : يسأل .
( 6 ) خار الرجل : أي ضعف وانكسر ، لعل المراد منه الخسف .
( 7 ) في الأصل : حتى تحور الأرض حورة فلا يظن كل قوم إلا أنها حارت .
( 8 ) تفسير القمي 2 : 7 - 303 ، والآية في محمد صلى الله عليه وآله : 18 .
‹ صفحه 400 ›
صلى الله عليه وآله وسلم : يا رسول الله ! ما لك تحب فاطمة حبا لا تحبه ( 1 )
أحدا من أهل بيتك ؟ قال ( صلى الله عليه وآله ) : إنه لما أسري بي إلى
السماء انتهى بي جبرئيل إلى شجرة طوبى ، فعمد إلى ثمرة من أثمار
طوبى ففركه بين إصبعيه ثم أطعمنيه ثم مسح يده بين كتفي ، ثم قال : يا محمد !
إن الله ( تبارك و ) تعالى يبشرك بفاطمة من خديجة بنت خويلد فلما أن
هبطت إلى الأرض فكان الذي كان ، فعلقت خديجة ( 2 ) بفاطمة ، فأتا إذا ( 3 )
اشتقت إلى الجنة أدنيتها فشممت ريح الجنة فهي حوراء إنسية ) ( 4 ) .
وعنه ، عن جعفر بن محمد رفعه عن سلمان ( 5 ) عن النبي صلى الله عليه وآله
وسلم في كلام ذكره علي علي ( عليه السلام فذكر سلمان لعلي عليه السلام ) فقال :
والله يا سلمان لقد حدثني بما أخبرك به ، ثم قال : يا علي ! والله لقد سمعت
صوتا من عند الرحمن لم يسمع يا علي مثله قط ( 6 ) مما يذكرون من فضلك ،
( حتى ) لقد رأيت السماوات تمور بأهلها حتى إن الملائكة ليتطلبون إلي من
مخافة ما يجري به السماوات من المور ، وهو قول الله عز وجل : ( إن الله يمسك
السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما
غفورا ) ( 7 ) ، فما زالت إلى يومئذ تعظيما لأمرك ، حتى سمعت الملائكة صوتا من
عند الرحمن : اسكتوا ( يا ) عبادي إن عبدا من عبيدي ألقيت عليه محبتي
وأكرمته بطاعتي واصطفيته بكرامتي ، فقالت الملائكة ( 8 ) : الحمد لله الذي
0000000000000000000
( 1 ) في الأصل : ما تحبه .
( 2 ) خديجة بنت خويلد بن أسد أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وهو
ابن خمس
وعشرين سنة ، وكانت قبله عند عتيق بن عائد المخزومي فولدت له جارية ، ثم تزوجها
أبو هالة
الأسدي فولدت له هند بن أبي هالة ، ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وربى
ابنها هندا ، ولما
استوى وبلغ أشده وليس له مال كثير استأجرته خديجة فلما رجع تزوجها وخطب أبو طالب
لنكاحها ، ولم يتزوج عليها حتى ماتت وأقامت معه أربعا وعشرين سنة وشهرا فولدت له
عبد الله ،
القاسم وأربع بنات : زينب ، رقية ، أم كلثوم وفاطمة .
( 3 ) في المصدر : فإذا أنا .
( 4 ) تفسير فرات الكوفي : 73 في سورة الرعد .
( 5 ) في المصدر : عن جعفر بن أحمد معنعنا عن سلمان .
( 6 ) في الأصل : قط مثله .
( 7 ) فاطر : 41 .
( 8 ) في المصدر : فتقول الملائكة
‹ صفحه 401 ›
أذهب عنا الحزن ، فمن أكرم على الله منك ، والله إن محمدا و ( جميع ) أهل بيته
لمشرفون متبشرون ( 1 ) ، يباهون أهل السماء بفضلك ، يقول محمد صلى الله عليه وآله
وسلم : الحمد لله الذي أنجز لي وعده في أخي وصفيي وخالصتي ( 2 ) من خلق الله ،
والله ما قمت قدام ربي قط إلا بشرني بهذا الذي رأيت ، وإن محمدا
لفي الوسيلة ، على منبر من نور يقول : الحمد لله الذي أحلنا
دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ، والله يا علي ! إن
شيعتك ليؤذن لهم في الدخول عليكم ( في ) كل جمعة ، وإنهم لينظرون إليكم
من منازلهم يوم الجمعة ، كما ينظر أهل الدنيا إلى النجم في السماء ، وإنكم لفي
أعلى عليين في غرفة ليس فوقها درجة أحد من خلقه ، والله ما بلغها أحد
غيركم ، ( ثم ) قال أمير المؤمنين : والله لا بارز الأرض الذي تسكن
إليه ، والله لا تزال الأرض ثابتة ما كنت عليها ، وإذا لم يكن لله في خلقه حاجة
رفعني الله إليه ، والله لو فقدتموني لمارت بأهلها مورا ( 3 ) لا يردهم إليها أبدا
، الله
الله أيها الناس ! إياكم والنظر في أمر الله ، والسلام على المؤمنين والحمد لله
رب العالمين ) ( 4 ) .
وعنه ، عن جعفر بن محمد معنعنا عن سلمان الفارسي رضي الله عنه ،
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كلام ذكره في علي عليه السلام ، فذكر سلمان
لعلي عليه السلام فقال : ( والله يا سلمان ، لقد حدثني بما أخبرك به ، ثم قال :
والله يا علي لقد خصك الله بالحلم والعلم والغرفة التي قال الله ( تعالى ) :
( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما ) ( 5 ) والله إن هذه
0000000000000000000
( 1 ) في الأصل : مستبشرون .
( 2 ) في المصدر : خالصي .
( 3 ) في الأصل : مورة .
( 4 ) تفسير الفرات : 130 - 129 .
( 5 ) الفرقان : 75 .
‹ صفحه 402 ›
الغرفة ( 1 ) ما دخلها أحد قط ولا يدخلها أحد أبدا ، حتى تقوم على ربك وإنه
ليحف بها في كل يوم سبعون ألف ملك ، ما يحفون إلى يومهم ذلك إلا في
إصلاحها والمرمة لها حتى تدخلها ، ثم يدخل الله عليك فيها أهل بيتك ، والله
يا علي ! إن فيها لسرير من نور ما يستطيع أحد من الملائكة أن ينظر إليه مجلس
لك يوم تدخلها ، فإذا دخلته يا علي ، أقام الله جميع أهل السماء على أرجلهم
حتى يستقر بك مجلسك ، ثم لا يبقى في السماء ولا في أطرافها ملك واحد إلا
أتاك بتحفة ( 2 ) من الرحمن ) ( 3 ) .
أقول : ذكر هذا الخبر في سورة الفرقان ، والذي قبله في سورة فاطر ،
والظاهر اتهما واحد وإنما فرقه بما فيه من الآيات ، لتقع كل آية في موضعها
- والله العالم - .
وعنه في سورة الزخرف ، عن جعفر ( بن محمد ) ، قال : حدثنا علي بن
بزرج ، قال : حدثنا يحيى بن محمد بن عبد الرحمن بن حنان ، عن أمه ( 4 ) قنوا بنت
رشيد ، عن أبيها ، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وآله
وسلم
في كلام ذكره في علي عليه السلام ، ( فذكر سلمان لعلي عليه السلام ) فقال :
( والله يا سلمان ! لقد حدثني بما أخبرك به ، قال في ذكر ( ه ) : يا علي !
قال الله ( تعالى ) : ( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم
ستكتب شهادتهم ويسئلون ) ( 5 ) ، حتى يسلموا عليك ثم يحيوك بتحية الكرام ( 6 ) ،
ويلقي الله عليك المحبة العظمى ، ولا يبقى لله ملك ولا رسول ولا نبي ولا مؤمن
ولا شجرة ولا شئ مما خلق الرحمن إلا أحبك في كلام ذكره ) ( 4 )
وهذا أيضا جزء من الخبرين السابقين ، فيكونا مسندين .
00000000000000000
( 1 ) في المصدر : إنها لغرفة .
( 2 ) في المصدر : بتحية .
( 3 ) تفسير الفرات : 107 .
( 4 ) في المصدر : يحيى بن محمد بن عبد الرحمن بن جندب ، عن أمية .
‹ صفحه 403 ›
وعنه في سورة الواقعة ، عن محمد بن القاسم بن عبيد
، معنعنا ، عن
عبد الله بن عباس قال : سمعت سلمان الفارسي ( رضي الله عنه ) وهو
يقول : ( لما ( أن ) مرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم المرضة التي قبضه الله
فيها
دخلت فجلست بين يديه ودخلت ( عليه ) فاطمة عليها السلام ، فلما رأت ما به
خنقتها العبرة حتى فاضت دموعها على خديها ، فلما أن رآها رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم قال : ما يبكيك يا بنية ؟ ( ف ) - قالت : وكيف لا أبكي وأنا أرى
ما بك من الضعف ، فمن لنا بعدك يا رسول الله ؟ قال لها : لكم الله ، فتوكلي
عليه واصبري ( كما ) صبر آبائك من الأنبياء ، وأمهاتك من أزواجهم ،
يا فاطمة ! أوما علمت أن الله تبارك وتعالى اختار أباك فجعله نبيا وبعثه
رسولا ، ثم ( اختار بعلك ) عليا ، فزوجك إياه وجعله وصيا ، فهو أعظم الناس
حقا على المسلمين بعد أبيك ، وأقدمهم سلما وأعزهم خطرا ، وأجملهم خلقا ،
وأشدهم في الله وفي عضبا ، وأشجعهم قلبا ، وأثبتهم وأربطهم جأشا ( 1 ) ،
وأسخاهم كفا ، ففرحت بذلك فاطمة فرحا شديدا ، فقال لها رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم : هو سررتك يا بنية ؟ قالت : نعم يا رسول الله ( صلى الله عليه
وآله
وسلم ) لقد سررتني وأحزنتني ، قال : كذلك أمور الدنيا
يشوب سرورها بحزنها ، قال : أفلا أزيدك في زوجك من مزيد الخير كله ؟
قالت : بلى يا رسول الله ، قال : إن عليا عليه السلام أول من آمن
بالله و ( هو ) ابن عم رسول الله وأخو الرسول ووصي رسول الله
( وزوج بنت رسول الله ) وابناه سبطا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعمه
( حمزة ) سيد الشهداء عم رسول الله ، وأخوه جعفر الطيار في الجنة ابن عم
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والمهدي الذي يصلي عيسى خلفه منك ومنه ،
فهذه خصال لم يعطها أحد قبله ولا أحد بعده ، يا بنية ! هل سررتك ؟ قالت :
نعم يا أبت ، قال : أولا أزيدك في زوجك من مزيد الخير كله ؟ قالت : بلى
00000000000000000000
( 1 ) مجمع البحرين : ( يقال فلان رابط الجأش
: أي ربط نفسه عن الفرار لشجاعته ) ، والربط على
القلب : تسديده .