‹ صفحه 404 ›


يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، قال : إن الله تبارك وتعالى خلق الخلق
قسمين فجعلني وزوجك في أخيرهما قسما ، وذلك قوله عز وجل : ( وأصحاب
اليمين ما أصحاب اليمين ) ( 1 ) ، ثم جعل الاثنين ثلاثا ، فجعلني وزوجك في
أخيرهما ثلاثا ، وذلك قوله ( عز وجل ) : ( فأصحاب الميمنة ما أصحاب
الميمنة ، والسابقون السابقون ، أولئك المقربون ، في جنات النعيم ) ( 2 ) . ( 3 )
ورواه الشيخ في الأمالي عن جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن
فيروز غياث الجلاب بباب الأبواب ، عن محمد بن الفضل بن مختار الباني ،
عن أبيه ، عن الحكم بن ظهير ، عن الثمالي ، عن القاسم بن عوف ، عن
أبي الطفيل ، عن سلمان رحمه الله قال : ( دخل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله
وسلم ) في مرضه الذي قبض فيه ، فجلست بين يديه وسألته عما يجد ، فقمت
لأخرج فقال لي : إجلس يا سلمان ! فيشهدك الله أمرا إنه لمن خير الأمور ،
فجلست ، فبينا أنا كذلك إذ دخل رجال من أهل بيته ورجال من أصحابه
ودخلت فاطمة عليها السلام - الخبر ) ، مع اختلاف في الألفاظ ، وعد قوله :
وأصحاب اليمين : ( ثم جعل القسمين قبائل فجعلنا في خيرهما قبيلة ، وذلك
قوله عز وجل : ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ( 4 ) ،
ثم جعل القبائل بيوتا فجعلنا في خيرهما بيتا ، وذلك في قوله : ( إنما يريد الله
ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) ( 5 ) ، ثم إن الله اختارني من
أهل بيتي وعليا والحسن والحسين واختارك ، فأنا سيد ولد آدم وعلي سيد
العرب ، وأنت سيدة النساء ، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، ومن
ذريتك‍ ( - ما ) المهدي يملأ الله عز وجل به الأرض عدلا كما ملئت ( من ) قبله
جورا ) ( 6 ) وسيأتي عن إرشاد الديلمي بأبسط من ذلك .

00000000000000000000

( 1 ) الواقعة : 27 .
( 2 ) الواقعة : 12 - 8 .
( 3 ) تفسير الفرات : 179 .
( 4 ) الحجرات : 13 .
( 5 ) الأحزاب : 33 .
( 6 ) الأمالي 2 ، المجلس السابع : 219 .

‹ صفحه 405 ›


وعنه في سورة العاديات عن علي بن محمد بن علي بن عمر الزهري ،
معنعنا ، عن سلمان الفارسي ( رضي الله عنه ) قال : ( بينما نحن أجمع كنا حول
النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما خلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، فإنه
كان في منبر ( في ) الحار إذ أقبل أعرابي بدوي فتخطى ( 1 ) صفوف المهاجرين
والأنصار حتى جثى بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول : السلام
عليك فداك أبي وأمي يا رسول الله ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : وعليك
السلام ، من أنت يا أعرابي ؟ قال : رجل من بني لجيم يا رسول الله ، فقال النبي
صلى الله عليه وآله وسلم : ما وراءك يا أخا لجيم ؟ قال : يا رسول الله ! خلفت خثعما
وقد تهيئوا وعبؤوا كتائبهم ، وخلفت الرايات تخفق ( 2 ) فوق رؤوسهم ، يقدمهم
الحارث بن مكيدة الخثعمي في خمسمأة من رجال خثعم يتألون ( 3 ) باللات
والعزى أن لا يرجعون حتى يردوا المدينة فيقتلونك ومن معك يا رسول الله ،
قال : فدمعت عينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى أبكى جميع أصحابه ، ثم
قال : معاشر الناس ! سمعتم مقالة الأعرابي ؟ قالوا : كل قد سمعنا
يا رسول الله ، قال : فمن ( منكم ) يخرج إلى هؤلاء القوم قبل أن يطؤونا في ديارنا
وحريمنا لعل الله يفتح على يديه وأضمن له على الله الجنة ؟ قال : فوالله ما قال
أحد : أنا يا رسول الله ، قال : فقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم على قدميه وهو يقول :
معاشر أصحابي ! هل سمعتم مقالة الأعرابي ؟ قالوا : كل قد سمعنا
يا رسول الله ، ( قال : ) فمن منكم يخرج إليهم قبل أن يطؤونا في ديارنا وحريمنا
لعل الله ( أن ) يفتح على يديه وأضمن له على الله اثني عشر قصرا في الجنة ؟
قال : فوالله ما قال أحد : أنا يا رسول الله ، قال : فبينما ( 4 ) النبي صلى الله عليه وآله وسلم
واقف إذ أقبل أمير المؤمنين ( علي بن أبي طالب ) عليه السلام فلما نظر ( إلى ) النبي
صلى الله عليه وآله وسلم واقفا ودموعه تنحدر كأنها جمان ( 5 ) انقطع سلكه ( 6 ) على خديه ( 7 ) ،

000000000000000000

( 1 ) في المصدر : يتخطى .
( 2 ) أي تضطرب ( منه ) .
( 3 ) أي يحلفون ( منه ) .
( 4 ) في المصدر : فبينا .
( 5 ) في المصدر : وهو واقف ودموعه تنحدر كأنه جمان انقطع مسالكه .
( 6 ) بالضم جمع جمانة وهي حبة تعمل من الفضة كالدرة ( منه ) .
( 7 ) فيه غرابة ، لم تر في غزواته صلى الله عليه وآله إنه خاف أو بكى من العدد .

‹ صفحه 406 ›


لم يتمالك أن يرمي ( 1 ) بنفسه عن بعيره إلى الأرض ، ثم أقبل يسعى نحو النبي
صلى الله عليه وآله وسلم يمسح بردائه الدموع عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وهو يقول : ما الذي أبكاك ، لا أبكى الله عينيك ، يا حبيب الله ! هو نزل في
أمتك شئ من السماء ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا علي ! ما نزل فيهم إلا
خير ، ولكن هذا الأعرابي حدثني عن رجال خثعم بأنهم قد عبؤوا كتائبهم
وخفقت الرايات فوق رؤوسهم ، يكذبون قولي ويزعمون بأنهم لا يعرفون ربي ،
يقدمهم الحارث بن مكيدة الخثعمي في خمسمأة من رجال خثعم يتألون
باللات والعزى لا يرجعون حتى يردوا المدينة فيقتلوني ومن معي ، وإني قلت
لأصحابي : من منكم يخرج إلى هؤلاء القوم من قبل أن يطؤونا في ديارنا
وحريمنا لعل الله أن يفتح على يديه وأضمن له على الله اثنى عشر قصرا في
الجنة ؟ فقال علي ( عليه السلام ) : فداك أبي وأمي يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله
وسلم ) ، صف لي هذه القصور ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا علي !
بناء هذه القصور لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، ملاطها ( 2 ) المسك الأذفر
والعنبر ، حصائها الدر والياقوت ، ترابها الزعفران ، وكثيبها الكافور ، في صحن
كل قصر من هذه القصور أربعة أنهار : نهر من عسل ، ونهر من خمر ، ونهر من
لبن ، ونهر من ماء ، محفوف بالأشجار من المرجان ، على حافتي كل نهر من
هذه الأنهار خيمة ( 3 ) من درة بيضاء لا قطع فيها ولا فصل ، قال
لها : كوني ، فكانت يرى باطنها من ظاهرها ، وظاهرها من باطنها ، في كل
خيمة سرير مفضض بالياقوت الأحمر ، قوائمها من زبرجد الأخضر ( 4 ) ، على كل

00000000000000000000

( 1 ) في الأصل : ان رمى .
( 2 ) بالكسر ، الطين الذي يجعل بين سافل البناء ( منه ) .
( 3 ) في المصدر : والمرجان على حافتي كل نهر من هذه الأنهار وخلق فيها خيمة .
( 4 ) في المصدر : قوائمه من الزبرجد الأخضر .

‹ صفحه 407 ›


سرير حوراء من الحور العين ، على كل حوراء ( 1 ) سبعون حلة خضراء ، وسبعون
حلة صفراء ، يرى مخ ساقها خلف عظامها ( 2 ) وجلدها وحليها وحللها ، كما
ترى الخمرة ( 3 ) الصافية في الزجاجة البيضاء ، مكللة بالجواهر ( 4 ) ، لكل حور ( اء )
سبعون ذؤابة ، كل ذؤابة بيد وصيف ( 5 ) ، وبيد كل وصيف مجمر ، تبخر تلك
الذؤابة ، يفوح من ذلك المجمر بخار لا يفوح بنار ولكن بقدرة الجبار ، قال :
فقال علي عليه السلام : فداك أبي وأمي يا رسول الله ، أنا لهم ؟ فقال النبي صلى الله
عليه وآله وسلم : ( يا علي ! ) هذا لك وأنت له انجد إلى القوم ، فجهزه رسول الله ( 6 )
صلى الله عليه وآله وسلم في خمسمأة رجل من الأنصار والمهاجرين ، فقام ابن عباس
فقال : ( 7 ) : فداك أبي وأمي يا رسول الله ، تجهز ابن عمي في خمسمأة رجل إلى
خمسمأة من العرب ، وفيهم الحارث بن مكيدة يعد بخمسمائة فارس ! فقال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أمط عني يا بن عباس ، فوالذي بعثني بالحق ( نبيا )
لو كانوا على عدد الثرى وعلى وحده ، لأعطى ( الله ) عليا عليهم النصر ( ة ) ،
حتى يأتينا بسبيهم أجمعين ، فجهزه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول : إذهب
يا حبيبي ، حفظ الله من تحتك ومن فوقك وعن يمينك وعن شمالك ، والله
خليفتي عليك .
فسار علي ومن ( 8 ) معه حتى نزلوا بواد خلف المدينة بثلاثة
أميال يقال ( له ) : وادي ذي خشب ، قال : فوردوا ( 8 ) الوادي ليلا
فضلوا الطريق ، قال : فرفع علي ( عليه السلام ) رأسه إلى السماء وهو يقول :
يا هادي ( 9 ) كل ضال ويا منقذ كل غريق ويا مفرج كل معموم ! لا تقو علينا

000000000000000000

( 1 ) في الأصل : على كل سرير حور من حور العين على كل حورة .
( 2 ) في الأصل : ساقيها خلف عظمها .
( 3 ) في المصدر : الحمرة ، بالجوهر .
( 4 ) في المصدر : الحمرة ، بالجوهر .
( 5 ) الذؤابة : الناصية وهي شعر في مقدم الرأس ، والوصيف : الغلام دون المراهق .
( 6 ) فجهزه النبي ، أقول : انجد : عرق وأعان وأرتفع ، والدعوة : أجابها ، والنجدة : القتال
والشجاعة والشدة .
( 7 ) في الأصل : فقال ابن عباس .
( 8 ) في المصدر : بمن ، فورد
( 9 ) في الأصل والمصدر : يا مهدي ، ما أثبتناه من البحار .

‹ صفحه 408 ›


ظالما ولا تظفر بنا عدونا وأهدنا إلى سبيل الرشاد ، قال : فإذا الخيل يقدح
بحوافرها من الحجارة النار حتى عرفوا الطريق فسلكوه ، فأنزل الله على نبيه
محمد صلى الله عليه وآله وسلم : ( والعاديات ضبحا ) يعني الخيل ، ( فالموريات قدحا )
قال : قدحت الخيل بحوافرها من الحجارة النار ، ( فالمغيرات صبحا ) قال :
صبحهم علي ( عليه السلام ) مع طلوع الفجر وكان لا يسبقه أحد إلى الأذان ،
فلما سمع المشركون الأذان قال بعضه لبعض : ينبغي أن يكون راع في
رؤوس هذه الجبال يذكر الله ، فلما أن قال : أشهد أن محمدا رسول الله ، قال
بعضهم لبعض : ( ينبغي ) أن يكون الراعي من أصحاب الساحر الكذاب ،
وكان علي عليه السلام لا يقاتل حتى تطلع الشمس وتنزل ملائكة النهار ، قال :
فلما إن دخل النهار التفت علي ( عليه السلام ) إلى صاحب راية النبي صلى الله عليه
وآله وسلم فقال له : إرفعها ( فلما أن رفعها ) ورآها المشركون عرفوها وقال
بعضهم لبعض : هذا عدوكم الذي جئتم تطلبونه ، هذا محمد وأصحابه ، قال :
فخرج غلام من المشركين من أشدهم بأسا وأكثرهم كفرا ( 1 ) ، فنادى :
يا أصحاب النبي ! يا أصحاب الساحر الكذاب ! أيكم محمد فليبرز إلي ،
فخرج إليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وهو يقول : ثكلتك أمك ،
وأنت الساحر الكذاب ، محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جاء بالحق من عند
الحق ، قال له : من أنت ؟ قال : أنا علي بن أبي طالب أخو رسول الله وابن عمه
وزوج ابنته ، قال : لك هذه المنزلة من محمد ؟ قال له علي : نعم ، قال : فأنت ومحمد
شرع واحد ، ما كنت أبالي لقيتك أو لقيت محمدا ، ( قال ) : ثم شد على علي عليه السلام
وهو يقول :
لاقيت ليثا يا علي ضيغما ( 2 ) قرما ( 3 ) كريما في الوغى مشرما ( 4 )

00000000000000000000

( 1 ) في الأصل : أكفرهم كفرا .
( 2 ) أي أسدا ( منه ) .
( 3 ) الفحل ( منه ) .
( 4 ) في المصدر : ليثا كريما في الوغى معلما .

‹ صفحه 409 ›


ليثا شديدا من رجال خثعما ينصر دينا معلما ( و ) محكما
من يلقني يلق علاما طالما
كاد لقرن وإنما مسلما ( 1 )
فأجابه ( علي ) عليه السلام ( وهو يقول ) :
لاقيت قرما حدثا وضيغما ( 2 )
ليثا شديدا لي الوغا غشمشما ( 3 )
أنا علي سأبير خثعما ( 4 )
بكل خطى يرى النقع دما
وكل صارم تضرب قيقما ( 5 ) .
( قال : ) ثم حمل كل واحد ( منهما ) على صاحبه فاختلف بينهما
ضربتان ، فضربه علي عليه السلام ضربة فقتله وعجل الله بروحه إلى النار ، ثم
نادى علي ( عليه السلام ) : هل من مبارز ؟ فبرز أخ للمقتول وهو يقول :
أقسم باللات وبالعزى قسم
إني لدى الحرب صبور ما ارم ( 6 )
من يلقني أذقه مر الألم ( 7 )

000000000000000000

( 1 ) في المصدر : كاد القروم فاتته مسلما .
( 2 ) في المصدر : هاشميا ضيغما ، سأبيد خثعما .
( 4 ) في المصدر : هاشميا ضيغما ، سأبيد خثعما .
( 5 ) في المصدر : وكل صارم ضروب قمما .
( 6 ) في المصدر : لم أرم ، أنواع الألم .
( 7 ) في المصدر : لم أرم ، أنواع الألم .

‹ صفحه 410 ›


فأجابه ( علي ) عليه السلام :
إلا أنا بالله ربي أقسم
قسم حق ليس فيه مأثم
إنكم من شرنا لن تسلموا
وحمل كل واحد مهما على صاحبه ، فضربه علي ( عليه السلام ) ضربة
فقتله وعجل الله ( ب‍ ) - روحه إلى النار ، ثم نادى علي عليه السلام : هل من
مبارز ؟ فبرز له الحارث بن مكيدة وكان ( صاحب ) الجمع وهو يعد بخمسمائة
فارس ، وهو الذي أنزل الله ( تعالى ) فيه : ( إن الإنسان لربه لكنود ) قال : كفور ،
( وإنه على ذلك لشهيد ) قال : يشهد ( 1 ) عليه بالكفر ، ( وإنه لحب الخير لشديد ) ( 2 )
قال : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، يعني بأتباعه محمدا صلى الله عليه
وآله ، قال : فبرز الحارث وهو يحرص على الله وعلى رسوله و ( هو ) يقول :
لأنصرن الات نصرت حقا ( 3 )
وكل غصب وأزال الحقا ( 4 )
بكل صارم يرى منعقا ( 5 )
فأجابه ( علي ) عليه السلام ( وهو يقول ) :
أذودكم بالله عن محمد
بقلب سيف ( 6 ) قاطع مهند

000000000000000000

( 1 ) في المصدر : شهيد .
( 2 ) العاديات : 7 - 9 .
( 3 ) في المصدر : إن لنصر اللات عندي حقا .
( 4 ) في المصدر : بكل صارم يريكم صعقا .
( 5 ) في المصدر : وكل خطى يزيل الحلقا .
( 6 ) في المصدر : بكل سيف .

‹ صفحه 411 ›


أرجو بذاك الفوز يوما أرد ( 1 )
( على إلهي والشفيع أحمد ) ( 2 )
ثم حمل كل واحد منهما على صاحبه ، فضربه علي عليه السلام ضربة
فقتله وعجل الله ( ب‍ ) - روحه إلى النار ، ثم نادى علي ( عليه السلام ) : هل من
مبارز ؟ فبرز إليه ابن عم له يقال له : عمرو بن أبي الفتاك ، وهو يقول :
أنا عمرو وأبي الفتاك
وبيدي نصل ( 3 ) سيف هناك
أقطع به الرأس لم أزل كذاك ( 4 ) .
فأجابه ( علي ) عليه السلام ، ( وهو يقول ) :
دونكما مترعة دهاقا ( 5 )
كأس دهاق ( 6 ) مزجت زعاقا ( 7 )
إني امرء إذا ما لاقا
أقد الهام ( 8 ) وأجذ ساقا ( 9 )
ثم حمل كل واحد منهما على صاحبه ، فضربه علي عليه السلام ضربة
( فقتله ) فعجل الله ( ب‍ ) - روحه إلى النار ، ثم نادى ( علي عليه السلام ) : هل من

0000000000000000000

( 1 ) في المصدر : قدحي في غد .
( 2 ) ليس في المصدر .
( 3 ) النصل : حديدة الرمح والسهم والسكين .
( 4 ) في المصدر : وفي يدي مخذم بتاك ، أطلب حقي إن أتى العراك ، الخذم : السيف القاطع .
التباك : مبالغة الباتك ، السيف القاطع .
( 5 ) الترعة : نهر عميق مصنوع بالأيدي يجمع بين نهرين أو بحرين أو قطع أخرى من الماء ، دهق
الكاس : ملأها .
( 6 ) في المصدر : كأسا سلافا .
( 7 ) الزعاق - بالضم - : الماء المر لا يطاق شربه .
( 8 ) قد الشئ : قطعه ، الهامة : رأس كل شئ وتطلق على الجثة .
( 9 ) في المصدر : إني أنا المرء الذي إن لافى ، يقد هاما ويجذ ساقا .

‹ صفحه 412 ›


مبارز ؟ فلم يبرز إليه ( أحد ) ، فشد ( علي ) أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عليهم
حتى توسط جمعهم ، فذلك قول الله ( تعالى ) : ( فوسطن به جمعا ) ( 1 ) ، فقتل علي
عليه السلام مقاتليهم وسبى ذراريهم وأخذ أموالهم وأقبل ( عليه السلام ) بسبيهم إلى
النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فخرج وجميع
أصحابه حتى استقبل عليا عليه السلام على ثلاثة أميال من المدينة ، وأقبل النبي
صلى الله عليه وآله وسلم يمسح الغبار من وجه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
بردائه ويقبل بين عينيه ويبكي وهو يقول : الحمد لله يا علي الذي شد بك
أزري ، وقوى بك ظهري ، يا علي ! إني سئلت ربي أن يشد بك
أزري ، ثم التفت إلى أصحابه وهو يقول : معاشر أصحابي ! لا تلوموني في حب
علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فإنما حبي عليا من أمر الله ، والله أمرني أن أحب
عليا وأدينه ، يا علي ! من أحبك فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب الله ،
ومن أحب الله ( فقد ) أحبه الله وكان حقا ( 2 ) على الله أن يسكن محبيه ( في )
الجنة ، ( و ) يا علي ! من أبغضك فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله ،
ومن أبغض الله ( أبغضه الله و ) لعنه ( الله ) ، وكان حقا ( 2 ) على الله أن يقفه يوم
القيامة موقف البغضاء ولا يقبل منه صرفا ولا عدلا ( 3 ) ( ولا جارة ) ( 4 ) .
وعن محمد بن مسعود العياشي في تفسيره مرسلا عن زاذان ، عن
سلمان ، قال : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي أكثر من
عشرة مرات : يا علي ! إنك والأوصياء من بعدك أعراف بين الجنة والنار ،
ولا يدخل الجنة إلا من عرفكم وعرفتموه ، ولا يدخل النار إلا من أنكركم
وأنكرتموه ) ( 5 ) .

000000000000000000

( 1 ) العاديات : 5 .
( 2 ) في المصدر في الموضعين : حقيقا .
( 3 ) في المصدر : ولا يقبل عنه صرف ولا عدل .
( 4 ) تفسير الفرات : 6 - 22323 ، عنه البحار 21 : 90 - 84 .
( 5 ) تفسير العياشي 2 : 18 .

‹ صفحه 413 ›


وروى سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمي في روضته مرسلا عن
ابن عباس ، يرفعه إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : ( كنت واقفا بين يدي
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسكب الماء على يديه ، إذ دخلت فاطمة عليها السلام
وهي تبكي ، فوضع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يده على رأسها وقال : ما
يبكيك ، لا أبكى الله عينيك يا حورية ؟ قالت : مررت على ملأ من نساء
قريش وهن مخضبات ، لما نظرن إلي وقعن في وفي ابن عمي ، فقال لها :
وما سمعت منهن ؟ قالت : قلن : كان قد عز على محمد أن يزوج ابنته من
رجل فقير من قريش وأقلهم مالا ، فقال لها : والله يا بنية ! ما زوجتك
ولكن الله زوجك ( من علي ) فكان بدؤه منه ، وذلك أنه خطبك فلان
وفلان ، ( فعند ذلك ) جعلت أمرك إلى الله تعالى وأمسكت عن الناس فبينا
صليت ( يوم الجمعة ) صلاة الفجر إذ سمعت حفيف ( 1 ) الملائكة من بياض
الدنيا ، وإذا يجيئني جبرئيل ومعه سبعون صفا من الملائكة متوجين ، مقرطين ،
مدملجين ( 2 ) ، فقلت : ما هذه القعقعة ( 3 ) من السماء يا أخي ( يا ) جبرئيل ؟
فقال : يا محمد ! إن الله عز وجل اطلع إلى الأرض اطلاعة ، فاختار منها من
الرجال عليا ومن النساء فاطمة ، فزوج فاطمة من علي ، فرفعت رأسها
وتبسمت بعد بكائها ، وقالت : رضيت بما رضي الله ورسوله ( 4 ) .
فقال : ألا أزيدك يا فاطمة في علي رغبة ؟ قالت : بلى ، قال : لا يرد
على الله ركبانا أكرم منا أربعة : أخي صالح على ناقته ، وعمي حمزة على ناقتي
العضباء ، وأنا على البراق ، وعلي بعلك على ناقد من نوق الجنة ، فقالت :
صف لي الناقة ، من أي شئ خلقت ؟ قال : ناقة خلقت من نور الله
عز وجل ، مدبجة الجنبين ، صفراء ، حمراء الرأس ، سوداء الحدق ، قوائمها من

00000000000000000

( 1 ) حفت الشجرة : أبدت صوتا .
( 2 ) أي كان رؤوسهم التاج وفي أذنهم القرط وفي معصمهم الدملوج ، وهو حلي يلبس في
المعصم .
( 3 ) قعقع السلاح : صوت .
( 4 ) في المصدر : رضيت بالله وبرسوله .

‹ صفحه 414 ›


الذهب ، خطامها من اللؤلؤ الرطب ، عيناها من الياقوت ، وبطنها من الزبرجد
الأخضر ، عليها قبة من لؤلؤة بيضاء ، يرى باطنها من ظاهرها ، وظاهرها من
باطنها ، خلقت من عفو الله ( 1 ) عز وجل ، تلك الناقة من نوق الله ( تمضي كما
يمضي الراكب المحث ثلاثة أيام ) ، لها سبعون ركنا بين الركن ، والركن سبعون
ألف ملك ، يسبحون الله عز وجل بألوان التسبيح ، خطوة الناقة علي فرسخ
تلحق ولا تلحق ، لا تمر على ملأ من الملائكة إلا قالوا : من هذا العبد ، ما
أكرمه على الله ، أتراه نبيا مرسلا أو ملكا مقربا أو حامل كرسي ؟ فينادي
مناد من بطنان العرش : ليس هذا نبيا مرسلا ولا ملكا مقربا ، هذا علي بن
أبي طالب ، فيبدرون رجالا رجالا فيقولون : إنا لله وإنا إليه راجعون ، حدثونا
فلم نصدق ونصحونا فلم نقبل ، والذين يحبونه تعلقوا بالعروة الوثقى ، كذلك
ينجو في الآخرة ، يا فاطمة ! ألا أزيدك في علي رغبة ؟ قالت : زدني يا أبتاه ،
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إن عليا أكرم على الله من هارون ، لأن
هارون أغضب موسى وعلي لم يغضبني قط ، والذي بعث أباك بالحق نبيا ما
غضبت ( 1 ) عليه يوما قط ، وما نظرت في وجه علي إلا ذهب الغصب ( 2 ) عني ،
يا فاطمة ! ألا أزيدك في علي رغبة ؟ قالت : زدني يا نبي الله ؟ قال : هبط
علي جبرئيل وقال : يا محمد ! ( العلي الأعلى يقول لك : ) اقرأ عليا مني
السلام ، فقامت وقالت فاطمة عليها السلام : رضيت بالله ربا وبك يا أبتاه نبيا
وبابن عمي بعلا ووليا ) ( 3 ) .
وفي الكتاب المذكور وبالإسناد يرفعه إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه
قال : ( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاة الصبح فلما سلم قام
وقال : أين ابن عمي ، والذي يقضي ديني وينجز وعدي ؟ فأجابه بالتلبية :
لبيك لبيك يا رسول الله ، قال : يا علي ! أريد أن أعرف فضلك من الله
عز وجل ؟ قال : نعم يا حبيبي ، قال : أخرج إلى صحن المسجد ، فإذا طلعت

00000000000000000

( 1 ) في المصدر : وظاهرها من رحمة الله وباطنها من عفو الله .
( 2 ) في المصدر : غظت ، الغيظ .
( 3 ) الروضة : 9 ، رواه في البحار 43 : 149 عنه .

‹ صفحه 415 ›


الشمس فكلمها حتى تكلمك ، قال سلمان : فخرج إلى صحن المسجد ، فلما
طلعت الشمس قال لها : السلام عليك أيتها الشمس ، قال : السلام عليك
يا أول ، يا آخر ، يا باطن ، يا من هو بكل شئ عليم ، قال : فضحكت
الصحابة ( 1 ) فقالوا : بالأمس تقول لنا : الأول والآخر من صفات الله تعالى !
قال : نعم ، تلك صفات الله عز وجل وهو الله لا إله إلا هو وحده لا شريك
له ، يحيي ويميت ( وهو حي لا يموت ) بيده الخير وهو على كل شئ قدير ،
قالوا : فما بالنا نسمع الشمس تقول لعلي هذا ، فصار علي ربا يعبد ؟ فقال
صلى الله عليه وآله وسلم : استغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ، اسكتوا فإن لكل
مقاما ، ( قال : استغفروا الله وتوبوا إليه ) أما قولها : يا أول ، فهو أول من آمن
بي وصدقني ، وأما قولها : يا آخر ، فهو آخر من يواريني ويلحدني ، وأما قولها :
يا ظاهر : فإنه والله ( أول من ) أظهر دين الله بالسيف ، وأما قولها : يا باطن ،
فإنه والله باطن بطينة علمي ، وأما قولها : يا من هو بكل شئ عليم ، فوعزة
ربي ما علمني ربي شيئا إلا وعلمته عليا وإنه بطرق السماوات أعرف منها
بطرق الأرض ، ثم قال : يا علي ! أدخل وافتخر ( فدخل ) وهو ( ينشد و )
يقول :
أنا للحرب إليها وبنفسي أصطليها
نعمة من خالق الخلق ( 2 ) بها قد خصنيها
وأنا حامل لواء الحمد يوما أحتويها ( 2 )
ولي السبقة في الإسلام طفلا ووجيها
( و ) لي الفضل على الناس بفاطم ( 3 ) وبنيها
ثم فخري برسول الله إذ زوجنيها

00000000000000000

( 1 ) في المصدر : فضجت الصحابة .
( 2 ) في المصدر : خالق العرش ، وأنا محمد نار الحرب في يوم اجبها .
( 3 ) في المصدر : بزوجي .

‹ صفحه 416 ›


وإذا أنزل ربي آية علمنيها
ولقد زقني العلم لكي صرت ( 1 ) فقيها ( 2 )
وروى فيه وفي كتاب الفضائل - واللفظ للأخير - مرسلا عن
الواقدي ، جابر ، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال ( 3 ) : ( جاء إلى عمر بن
الخطاب غلام يافع ( 4 ) فقال له : إن أمي جحدت حقي من ميراث أبي
وأنكرتني وقالت : لست بولدي ، فأحضرها وقال لها : لم جحدت ولدك هذا
( الغلام ) وأنكرته ؟ قالت : إنه كاذب في زعمه ولي شهود بأني بكر عاتق ( 5 )
ما عرفت بعلا ، وكانت قد رشت سبع نسوة كل واحد ( 6 ) بعشرة دنانير ( وقالت
لهم : اشهدوا ) بأني بكر لم أتزوج ولا أعرف بعلا ، قال لها عمر بن الخطاب :
أين شهودك ؟ فأحضرتهن ( 6 ) بين يديه ، فقال : بم تشهدن ؟ فقلن له ( 7 ) : ( نشهد
إنها بكر ) لم يمسها ذكر ولا بعل ، فقال الغلام ، بيني وبينها علامة أذكرها لها
عسى تعرف ذلك ، فقال ( له ) : قل ما بدا لك ، فقال الغلام : ( فإنه ) كان
والدي في سعد بن مالك ( 8 ) يقال له : الحارث المزني و ( إني ) رزقت في عام
شديد المحل ( 9 ) وبقيت عامين كاملين أرتضع ( 10 ) ( من ) شاة ، ثم أ ( ن‍ ) - ني كبرت
وسافر والدي مع جماعة في تجارة ، فعادوا ولم يعد والدي معهم فسألتهم عنه
فقالوا : إنه درج ، فلما عرفت والدتي الخبر أنكرتني وقد أضرت بي ( 11 )

000000000000000000

( 1 ) في المصدر : ولقد أورثني العلم وقد صرت .
( 2 ) الروضة : 36 ، الفضائل : 163 .
( 3 ) في المصدر : قيل .
( 4 ) غلام يافع : ترعرع وناهز البلوغ .
( 5 ) عاتق ، الجارية أول ما أدركت أو التي بين الادراك والتغنيس ، سميت بذلك لأنها عتقت عن
خدمة أبويها ولم يدركها زوج بعد .
( 6 ) في المصدر : سبعة نفر كل واحد ، فأحضرتهم .
( 7 ) في المصدر : بهم تشهدون ، فقالوا له .
( 8 ) في الأصل : كان والدي شيخ اسمه سعد الدين بن مالك ، ولعله مصحف .
( 9 ) محل - بالفتح - : الجوع الشديد ، انقطاع المطر ويبس الأرض .
( 10 ) في المصدر : أرضع .
( 11 ) في المصدر : أخرتني .

‹ صفحه 417 ›

الحاجة ، فقال عمر : هذا مشكل لا يحله إلا نبي أو وصي نبي فقوموا بنا إلى
أبي الحسن ( علي ) عليه السلام ، فمضى الغلام وهو يقول : أين منزل كاشف
الكروب ، أين ( منزل ) خليفة هذه الأمة ( حقا ) ، فجاؤوا به إلى منزل علي
بن أبي طالب ، كاشف الكروب ومحل المشكلات ، فوقف هناك يقول : يا كاشف
الكروب عن هذا الأمة ! فقال له الإمام : وما لك يا غلام ؟ فقال : يا مولاي !
أمي جحدتني ( حقي ) وأنكرتني ( وزعمت ) أني لم أكن ولدها .
فقال الإمام عليه السلام : أين قنبر ؟ فأجابه : لبيك يا مولاي ، فقال له :
إمض واحضر المرأة إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فمضى قنبر
وأحضرها بين يدي الإمام ، فقال لها : ويلك لم جحدت ولدك ؟ فقالت :
يا أمير المؤمنين ! أنا بكر ( و ) ليس لي ولد ولم يمسسني بشر ، فقال لها : لا تطيلي
الكلام أنا ابن عم ( 1 ) بدر التمام ومصباح الظلام ( وإن جبرئيل أخبرني
بقصتك ) ، ( ف‍ ) - قالت : يا مولاي ! احضر قابلة تنظرني أنا بكر عاتق أم لا ،
فأحضروا ( 2 ) ( قابلة أهل المدينة ) ، فلما دخلت بها أعطتها سوارا ( 3 ) كان في
عضدها فقالت لها : اشهدي بأني بكر ، فلما خرجت من عندها قالت له :
يا مولاي ! إنها بكر ، فقال عليه السلام : كذبت العجوز يا قنبر ( الحق ) ، ففتش
العجوز ( 4 ) وخذ منها السوار ، قال قنبر : فأخرجته من كتفها ، فعند ذلك ضج
الخلائق ، فقال الإمام عليه السلام : اسكتوا فأنا عيبة ( 5 ) علم النبوة ، ثم أحضر
الجارية وقال لها : يا جارية ! أنا زين الدين ، أنا قاضي الدين ، أنا أبو الحسن
والحسين ( عليهما السلام ) ، إني أريد أن أزوجك من هذا الغلام المدعي عليك ،
( أ ) فتقبله مني زوجا ؟ فقالت : لا يا مولاي ، أتبطل شرع محمد صلى الله عليه وآله
وسلم ؟ فقال لها : بماذا ؟ فقالت : تزوجني بولدي ، كيف يكون ذلك ! ! فقال

000000000000000000

( 1 ) في المصدر : لم يمسني بشر فقال لها لا تعدلي الكلام بابن عم .
( 2 ) في المصدر : فأحضرت .
( 3 ) السوار - بالفتح والكسر - : حلية كالطوق تلبسه المرأة في زندها أو معصمها .
( 4 ) في المصدر : عر العجوز .
( 5 ) العيبة : ما تجعل فيه الثياب كالصندوق ، من الرجل : موضع سره على المثل
‹ صفحه 418 ›


الإمام ( عليه السلام ) : ( جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) ( 1 ) ، ( ثم قال
لها : ) لم لا يكون هذا منك قبل هذه الفضيحة ؟ فقالت : يا مولاي ! خشيت
على الميراث ، فقال لها ( عليه السلام ) : استغفري الله تعالى وتوبي إليه ، ثم إنه
( عليه السلام ) أصلح بينهما والحق الولد بوالدته وبإرث أبيه وصلى الله عليه وآله
وسلم ) ( 2 ) .
وروى رضي الله عنه أيضا في أول الجزء من كتاب الفضائل مرسلا
عن سلمان ، ورأيته في كتاب ينسب إلى الطبري الشيعي نقله عن كتاب
الأنوار ، قال : حدث أحمد بن محمد بن عبد ربه ، قال : حدثني سلمان بن علي
الدمشقي ، عن أبي هاشم الرياني ، عن زاذان ، عن سلمان ، ونقله عنه بهذا
الإسناد صاحب عيون المعجزات ( 3 ) ، وهو من تلامذة صاحب الأنوار الذي هو
الشيخ الجليل أبو علي محمد بن همام ( 4 ) ، وربما ينسب العيون إلى السيد المرتضى
ولم يثبت بل لا يلائم طريقته ومذاقه - واللفظ للأول - قال : ( كان رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم يوما جالسا بالأبطح وعنده جماعة من أصحابه وهو مقبل
علينا بالحديث إذ نظر إلى زوبعة ( 5 ) وقد ارتفعت وأثارت الغبار ، فما زالت تدنو
( و ) الغبار يعلو إلى أن وقفت بحيال ( 6 ) النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفيها شخص ،
فقال : السلام عليك يا رسول الله ( 6 ) ورحمة الله وبركاته ، اعلم أني وافد

00000000000000000000

( 1 ) اقتباس من الكريمة الإسراء : 81 .
( 2 ) الفضائل : 105 ، الروضة : 5 .
( 3 ) عيون المعجزات : 43 .
( 4 ) محمد بن همام بن سهل البغدادي الكاتب الإسكافي شيخ أصحابنا ومتقدمهم ، له منزلة عظيمة
كثير الحديث جليل القدر ثقة ، قال أبو محمد هارون بن موسى : قال أبو علي محمد بن همام كتب أبي
إلى أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام يعرفه إنه ما صح له أن له حملا يولد ويعرفه أنه حملا
وسئله أن يدعو له في تصحيحه وسلامته وأن يجعله ذكرا ، قال نجيبا من مواليهم ؟ فوقع عليه السلام على
رأس الرقعة بخط يده : قد فعل ذلك ، فصح الحمل ذكرا ، قال هارون بن موسى : أراني أبو علي بن
همام الرقعة والخط ، وكان محققا ، مات أبو علي بن همام سنة 336 وكان مولده 258 ( الخلاصة ) .
( 5 ) الزوبعة : هيجان الأرياح وتصاعدها إلى السماء .
( 6 ) في المصدر : بحداء ، فقال : يا رسول الله السلام عليك .

‹ صفحه 419 ›


قوم‍ ( ي ) وقد استجرنا بك فأجرنا وابعث معي من قبلك من يشرف على
قومنا ، فإن بعضهم قد بغى على بعض ( فابعث علينا ) ليحكم بيننا وبينهم
بحكم الله تعالى وكتابه ، وخذ علي العهود والمواثيق المؤكدة لأرده إليك
( سالما في ) غداة غد إلا أن يحدث علي حادث من عند الله ، فقال النبي صلى الله
عليه وآله وسلم : من أنت وقومك ؟ قال : أنا غطرفة بن شرماخ ( 1 ) ، أحد بني كاخ ،
أنا وجماعة من أهلي كنا نسترق السمع ( 2 ) ، فلما منعنا من ذلك و ( لما )
بعثك الله نبيا آمنا بك وصدقناك وقد خالفنا بعض القوم وأقاموا على
ما كانوا عليه ، فوقع بيننا ونبيهم الخلاف وهم أكثر منا ( عددا ) وأشد قوة
وقد غلبوا على الماء والمرعى وأضروا بنا وبدوا بنا فابعث إليهم معي من يحكم
بيننا ( بالحق ) .
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إكشف لنا عن وجهك حتى نراك
على هيئتك التي أنت عليها ، فكشف لنا عن صورته ، فنظرنا إلى شيخ ( 3 ) عليه
شعر كثير ورأسه طويل ، وهو طويل العينين وعيناه في طول رأسه ، صغير
الحدقتين ، في فمه أسنان ( 4 ) ك‍ ( - أنها ) أسنان السباع ، ثم إن النبي صلى الله عليه وآله
وسلم أخذ عليه العه‍ ( و ) د والميثاق على أن يرد عليه من يبعث‍ ( - ه ) ( في ) غداة
غد ، فلما فرغ من كلامه التفت النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أبي بكر وقال :
( من ) يمضي منكم مع ( أخينا ) غطرفة لينظر ما هم عليه بينهم بالحق ( 5 ) ؟ قال :
( و ) أين هم ؟ فقال : هم تحت الأرض ، فقال : كيف نطيق النزول إلى
الأرض وكيف نحكم بينهم ولا نحسن كلامهم ؟ فلم يرد النبي صلى الله عليه وآله
وسلم جوابا ، ثم التفت إلى ( عمر بن الخطاب ، فقال له مثل قوله لأبي بكر ،
فأجاب مثل جواب أبي بكر ، ثم أقبل على عثمان فقال له مثل قوله لهما فأجابه

00000000000000000000

( 1 ) في المصدر في جميع المواضع : ( عطرفة بن شمراخ ) بدل ( غطرفة ) .
( 2 ) استرق السمع : استمع مستخفيا .
( 3 ) شخص ( خ ل ) .
( 4 ) في المصدر : مغير الحدقتين وله أسنان .
( 5 ) في المصدر : بالحق بينهم .

‹ صفحه 420 ›


كجوابهما ، ثم استدعى ب‍ ) ( 1 ) - علي ( عليه السلام ) ( فدعا به ) وقال له : يا علي !
امض مع أخينا غطرفة وأشرف على قومه ( 2 ) وانظر ما هم عليه واحكم بينهم
بالحق ، فقام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وقال : السمع والطاعة ،
ثم تقلد سيفه ، فقال سلمان : فتبعته إلى أن صار بالوادي ( 3 ) فلما توسطه نظر
( إلي ) أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وقال لي : شكر الله سعيك يا أبا عبد الله
( ف‍ ) - ارجع ، فرجعت وقفت أنظر إليه مما يقع منه ، فانشقت الأرض فدخل
فيها وعادت إلى ما كانت ، فدخلني من الحسرة ما الله أعلم به ، كل ذلك
إشفاقا على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
فأصبح النبي وصلى بالناس صلاة الغداة ، ثم جلس على الصفا
وحف به أصحابه ، فتأخر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن وقت ميعاده حتى
ارتفع النهار ، وأكثر الناس الكلام فيه إلى أن زالت الشمس وقالوا : إن الجن
احتالوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد أراحنا الله ( تعالى ) من أبي تراب
وذهب افتخاره بابن عمه ( عليا ) ، وظهرت شماتة ( الأعداء و ) المنافقين
وأكثروا الكلام إلى أن صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( صلاة ) الظهر
( والعصر ) وعاد إلى مكانه ، وأظهر الناس الكلام وآيسوا من أمير المؤمنين
عليه السلام والشمس كادت ( 4 ) تغرب ، فأيقن القوم إنه هلك
وظهر نفاقهم ، فلم ينظروا إلا والصفا ( 5 ) قد انشق وظهر أمير المؤمنين ( 6 ) ( عليه السلام )
وسيفه يقطر دما ومعه غطرفة ، فقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبل بين عينيه
( وجبينه ) وقال ( له ) : ما الذي حبسك عني إلى هذا الوقت ؟ فقال علي
عليه السلام : ( أنا ) سرت إلى ( خلق ) كثير قد بغوا على غطرفة وعلى قومه ، فدعوتهم

00000000000000000

( 1 ) في الأصل في الكلام اضطراب صححناه على ما في المصدر .
( 2 ) في المصدر : من قومه .
( 3 ) في الأصل : فقام سلمان فتبعه إلى أن صار إلى الوادي .
( 4 ) في المصدر : وكادت الشمس تغرب .
( 5 ) الصفا : الصخرة .
( 6 ) في المصدر : ظهر نفاقهم إذ قد انشق الصفا وطلع أمير المؤمنين .

‹ صفحه 421 ›


إلى ثلاث خصال ( فأبوا علي ذلك ، أني دعوتهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله
والإقرار بك ) فأبوا ذلك مني ، فدعوتهم إلى ( أداء ) الجزية ، فأبوا ، فدعوتهم إلى
أنهم يصلحوا ( 1 ) ( مع ) غطرفة ( وقومه ) لتكون المراعي والمياه يوما لغطرفة ويوما
لهم ، فأبوا ذلك ، فوضعت سيفي فيهم فقتلت ( منهم ) أزيد من ثمانين ( 2 ) ألف
فارس ، فلما نظروا إلى ما حل بهم ( مني ) صاحوا : الأمان ، الأمان ، فقلت
( لهم ) : لا أمان لكم إلا بالإيمان ، فآمنوا بالله وبك ، ثم ( إني ) أصلحت بينهم
وبين غطرفة وقومه ، فصاروا إخوانا وزال من بينهم الخلاف وما زلت معهم
إلى هذه الساعة ، فقال غطرفة : جزاك الله خيرا يا رسول الله عن الإسلام
وجزى ( الله ) ابن عمك عليا منا خيرا ، ثم انصرف غطرفة إلى حيث شاء . ( 3 )
أقول : ورواه في الروضة ( 4 ) عن أبي سعيد الخدري مع اختلاف يسير ،
ونقله السيد علي بن طاووس في الباب التسعين من كشف اليقين ( 5 ) ، عن
الأربعين لمحمد بن مسلم بن أبي الفوارس ، رواه عن علي بن الحسين الطوسي ،
عن مسعود بن محمد الغزنوي ، عن الحسن بن محمد ، عن أحمد بن عبد الله
الحافظ ، عن الطبراني ، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن إسماعيل بن موسى
الفزاري ، عن تليد بن سلمان ، عن أبو الحجاف ، عن عطية ، عن أبي سعيد
الخدري ، مثله ، ويأتي حكاية أخرى عن مناقب بن شهرآشوب ، وما نقلناه
لا يخلو عن سقم .
وفي عيون المعجزات في دلائل فاطمة عليهما السلام : ( وروي عن حارثة
بن قدامة ، قال : حدثني سلمان ، قال : حدثني عمار ، قال : أخبرك عجبا ؟
قلت : حدثني يا عمار ؟ قال : نعم ، شهدت علي بن أبي طالب عليه السلام وقد

0000000000000000000

( 1 ) في المصدر : فسألتهم أن يصلحوا .
( 2 ) في المصدر : زهاء ثمانين .
( 3 ) الفضائل : 60 - 62 .
( 4 ) الروضة : 33 .
( 5 ) اليقين في إمرة أمير المؤمنين عليه السلام باب 90 : 68 .

‹ صفحه 422 ›

ولج ( 1 ) على فاطمة عليها السلام ، فلما أبصرت به نادت : أدن لأحدثك بما كان وبما
هو كائن وبما لم يكن إلى يوم القيامة حين تقوم الساعة ، قال عمار : فرأيت
أمير المؤمنين عليه السلام يرجع القهقرى ، فرجعت برجوعه إذ دخل على النبي صلى الله
عليه وآله وسلم فقال له : أدن يا أبا الحسن ، فدنا ، فلما اطمئن به المجلس قال به :
تحدثني أم أحدثك ؟ فقال : الحديث منك أحسن يا رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم ، فقال : كأني بك وقد دخلت على فاطمة وقالت لك كيت وكيت ،
فرجعت ، فقال علي : نور فاطمة من نورنا ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم : أولا
( تعلم ) ؟ فسجد علي عليه السلام شكرا لله تعالى ، قال عمار : فخرج أمير المؤمنين
وخرجت بخروجه ، فولج على فاطمة عليها السلام وولجت معه ، فقالت : كأنك
رجعت إلي ( أبي ) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخبرته بما قلته لك ؟ قال :
كان كذلك يا فاطمة ، فقالت : يا أبا الحسن ! إن الله خلق نوري وكان
يسبح الله جل جلاله ، ثم أودعه شجرة من شجر الجنة فأضاءت فلما دخل أبي
إلى الجنة أوحى الله تعالى إليه إلهاما أن اقتطف الثمرة من تلك الشجرة
وأدرها في لهواتك ( 2 ) ، ففعل ، فأودعني الله صلب أبو ثم أودعني خديجة بنت
خويلد ، فوضعتني ، وأنا من ذلك النور ، اعلم ما كان وما يكون وما لم يكن ،
يا أبا الحسن ! المؤمن ينظر بنور الله تعالى ) ( 3 ) .
وفي الباب الخامس والتسعين بعد المأة من كشف اليقين عن محمد بن
جرير الطبري العامي في كتابه : كتاب مناقب أهل البيت عليهم السلام ، قال :
( حدثنا رواة بن يعلى بن أحمد البغدادي ، قال : أخبرني قتادة ) ( 4 ) ، عن أبي جعفر
عن محمد بن بكير ( 5 ) ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، عن سلمان الفارسي
قال : قلنا يوما : يا رسول الله ! من الخليفة بعدك حتى نعلمه ؟ قال لي :

000000000000000000

( 1 ) ولج : دخل .
( 2 ) اللهاة : اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى سقف الفم .
( 3 ) عيون المعجزات : 54 .
( 4 ) ليس في المصدر .
( 5 ) في الأصل : عن جعفر بن محمد بن بكير ، أقول : أبي جعفر كنية محمد بن جرير الطبري .

‹ صفحه 423 ›


( يا ) سلمان ! أدخل على أبي ذر والمقداد وأبي أيوب الأنصاري ( 1 ) ، وأم
سلمة زوجة النبي من وراء الباب ، ثم قال ( لنا ) : اشهدوا وافهموا عني ، إن
علي بن أبي طالب عليه السلام وصيي ووارثي وقاضي ديني وعداتي ، وهو
الفاروق بين الحق والباطل وهو يعسوب ( 2 ) المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر
المحجلين ( 3 ) والحامل غدا لواء رب العالمين ، هو وولد ( ا ) ه من بعده ، ثم من
( ولد ) الحسين ابني أئمة تسعة هداة مهديون إلى يوم القيامة ، أشكو إلى الله
هجر ( 4 ) أمتي لأخي وتظاهرهم عليه وظلمهم له وأخذهم حقه ، قال : فقلنا :
يا رسول الله ! ويكون ذلك ؟ قال : نعم ، يقتل مظلوما من بعد أن يملأ غيظا ،
ويوجد عند ذلك صابرا ، قال : فلما سمعت ذلك فاطمة ( عليها السلام ) أقبلت
حتى دخلت من وراء الحجاب وهي باكية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم : ما يبكيك يا بنية ؟ قالت : سمعتك تقول في ابن عمي وولدي
ما تقول ؟ قال : وأنت تظلمين وعن حقك تدفعين وأنت أول أهل بيتي
لحوقا ( 4 ) بعد أربعين ، يا فاطمة ! أنا سلم لمن سالمك وحرب لمن حاربك ، ( و )
استودعك الله ( تعالى ) وجبرئيل وصالح المؤمنين ، قال : قلت : يا رسول الله !
من صالح المؤمنين ؟ قال : علي بن أبي طالب عليه السلام ) ( 5 ) .
وعن كتاب العدد القوية لدفع المخاوف اليومية تأليف علي بن يوسف
أخي العلامة مرسلا عن سلمان الفارسي قال : ( أتيت أمير المؤمنين عليه السلام
خاليا ( 6 ) فقلت : يا أمير المؤمنين ! متى القائم من ولدك ؟ فتنفس الصعداء وقال :
لا يظهر القائم حتى يكون أمور الصبيان وتضيع حقوق الرحمن ويتغنى بالقرآن ،
فإذا قتلت ملوك بني العباس أولى العمى والالتباس ( 7 ) ، أصحاب الرمي عن

‹ صفحه 424 ›


الأقواس بوجوه كالتراس ( 1 ) ، وضربت البصرة ، هناك يقوم القائم من ولد
الحسين عليه السلام ( 2 ) .
وروى المفيد في الإرشاد عن زاذان ، عن سلمان رضي الله عنه قال :
( سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في الحسن والحسين عليهما السلام :
اللهم إني أحبهما ( فاحبهما ) وأحب من أحبهما ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم :
من أحب الحسن والحسين أحببته ومن أحببته أحبه الله ومن أحبه الله أدخله
الجنة ، ومن أبغضهما أبغضته ومن أبغضته أبغضه الله ومن أبغضه الله أدخله
النار ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن ابني هذين ريحانتاي من الدنيا ) ( 3 ) .
وروى الديلمي في الجزء الثاني من إرشاد القلوب مرفوعا من سلمان
رضي الله عنه قال : ( كنت جالسا عند النبي ( المكرم ) صلى الله عليه وآله وسلم ، إذ
دخل العباس بن عبد المطلب فسلم ، فرد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( عليه )
ورحب به ، فقال : يا رسول الله ! بم فضل علينا أهل البيت علي بن أبي طالب
عليه السلام ، والمعادن واحدة ؟ فقال ( له ) النبي ( المكرم ) : إذن لأخبرك يا عم ،
إن الله ( تبارك وتعالى ) خلقني وخلق عليا ، ولا سماء ولا أرض ، ولا جنة
ولا نار ، ولا لوح ولا قلم ، فلما أراد الله عز وجل بدء خلقنا ، فتكلم بكلمة فكانت
نورا ، ثم تكلم بكلمة ثانية فكانت روحا ، فمزج فيما بينهما ، فاعتدلا ، فخلقني
وعليا مهما ، ثم فتق من نوري نور العرش ، فأنا أجل من ( نور ) العرش ، ثم
فتق من نور علي نور السماوات ، فعلي أجل من ( نور ) السماوات ، ثم فتق من
نور الحسن ( عليه السلام ) نور الشمس ومن نور الحسين ( عليه السلام ) نور القمر ، فهما
أجل من ( نور ) الشمس و ( من نور ) القمر ، وكانت الملائكة تسبح الله

00000000000000000000

( 1 ) الأقواس جمع قوس من آلات الحرب في القديم ، التراس جمع ترس : صفحة من الحديد الفولاذ
تحمل للوقاية من السيف في الحرب .
( 2 ) العدد القوية : 75 ، عنه البحار 52 : 275 .
( 3 ) الإرشاد : 198 .

‹ صفحه 425 ›


( تعالى ) ( وتقدسه ) وتقول في تسبيحها : سبوح قدوس من أنوار ما أكرمها
على الله تعالى ، فلما أراد الله تعالى أن يبلو الملائكة أرسل عليهم سحابا من
ظلمة ، فكانت الملائكة لا تنظر أولها من آخرها ولا آخرها من أولها ، فقالت
الملائكة : إلهنا وسيدنا منذ خلقتنا ( 1 ) ما رأينا مثل ما نحن فيه ، فنسئلك بحق
هذه الأنوار إلا ما كشفت ( عنا ) ، فقال الله تبارك وتعالى ، وعزتي وجلالي
لأفعلن ، فخلق نور فاطمة ( عليها السلام ) يومئذ كالقنديل ، وعلقه في
قرط ( 2 ) العرش ، فزهرت السماوات السبع والأرضون السبع ، ومن أجل ذلك
سميت فاطمة الزهراء ، وكانت الملائكة تسبح الله وتقدسه ، فقال الله
( عز وجل ) : وعزتي وجلالي لأجعلن ثواب تسبيحكم وتقديسكم إلى يوم
القيامة لمحبي هذه المرأة وأبيها وبعلها وبنيها ، قال سلمان : فخرج العباس
فلقيه ( أمير المؤمنين ) ( علي بن أبي طالب ) عليه السلام فضمه إلى صدره فقبل ما بين
عينيه وقال : بأبي عترة المصطفى من أهل بيت ما أكرمكم على الله
( تعالى ) ( 3 ) .
وفي الفصل الثاني من الباب الرابع عشر من الخرائج : ( روي أن
سلمان قال : كانت فاطمة عليها السلام جالسة ، قدامها رحى تطحن بها الشعير ،
وعلى عمود الرحى دم سائل ، والحسين في ناحية الدار يتضور ( 4 ) من الجوع ،
فقلت : يا بنت رسول الله ! دبرت ( 5 ) كفاك وهذه فضة ! فقالت : أوصاني
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تكون الخدمة لها يوما ، فكان أمس يوم خدمتها ،
قال سلمان : قلت أني مولى عتاقة إما أنا أطحن الشعير أو أسكت الحسين
لك ؟ فقالت : أنا بتسكينه أرفق وأنت تطحن الشعير ، فطحنت شيئا من
الشعير ، فإذا أنا بالإقامة ، فمضيت وصليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،

0000000000000000000

( 1 ) في المصدر : خلقنا .
( 2 ) القرط - بالضم - : ما يعلق في شحمة الأذن من درة ونحوها .
( 3 ) إرشاد القلوب 2 : 403 ، عنه البحار 43 : 17 .
( 4 ) تضور : تلوى من وجع جوع .
( 5 ) دبر : جراحة تحدث من الرحل وغيره .

‹ صفحه 426 ›


فلما فرغت قلت لعلي عليه السلام ما رأيت ، فبكى وخرج ثم عاد فتبسم فسئله
عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : دخلت على فاطمة وهي مستلقية
لقفاها والحسين نائم على صدرها ، وقدامها رحى تدور من غير يد ، فتبسم
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال : يا علي ! أما علمت أن لله ملائكة سيارة في
الأرض يخدمون محمدا وآل محمد إلى أن تقوم الساعة . ( 1 )
وفي الجزء الثاني من إرشاد القلوب للديلمي ، عن سلمان
( الفارسي ) ( رضي الله عنه ) قال : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إن الله
عز وجل يقول : يا عبادي ! أوليس من كان له إليكم حاجة من كبار الحوائج
لا تجودون بها إلا إذا يحمل عليكم بأحب الخلق إليكم تقضونها ( كرامة )
شفيعهم ، ألا فاعلموا أن أكرم الخلق ( علي ) وأحبهم إلي محمد وأفضلهم لدي
محمد وأخوه علي من بعده ، والأئمة الذين هم الوسائل ، فليدعني من أهمته
حاجة يريد نفعها أو دهته داهية يريد كشف ضرها بمحمد وآله الطاهرين ،
أقضها أحسن مما يقضيها من تستشفعون إليه بأعز الخلق ( 2 ) ( إليه ) ، فقال له
قوم من المنافقين والمشركين وهم يستهزؤون به : يا أبا عبد الله ! ما لك لا تقترح
على الله وتتوسل بهم ( أن ) يجعلك أغنى أهل المدينة ؟ فقال لهم سلمان : ( قد )
دعوت الله ( تبارك وتعالى ) وسألته بهم ( ما هو أجل وأنفع وأعظم وأفضل
من ملك الدنيا بأسرها ، سئلته بهم ) أن يهب لي لسانا لحمده
وثنائه ذاكرا وقلبا لآلائه شاكرا ، وبدنا على الدواهي صابرا ، وهو عز وجل
( قد ) أجابني إلى ملتمسي من ذلك ، وهو أفضل من ملك الدنيا بحذافيرها
وما يشتمل عليه من خيراتها بمائة ألف ألف مرة ) ( 3 ) .
وفيه عن سلمان الفارسي ( رضي الله عنه ) قال : ( كنت جالسا بين
يدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في مرضه التي قبض فيها ، فدخلت فاطمة

00000000000000000

( 1 ) نسخة المطبوع من الخرائج ناقصة ، رواه في البحار 43 : 28 .
( 2 ) في المصدر : تشفعون إليه بأحب الخلق .
( 3 ) إرشاد القلوب 2 : 5 - 424 .

‹ صفحه 427 ›


عليها السلام ، فلما رأت ما بأبيها من الضعف بكت حتى جرت دموعها على
خديها ، فقال ( لها ) رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما يبكيك يا فاطمة ؟ قالت :
يا رسول الله ! أخشى الضيعة على نفسي وولدي بعدك ، فاغرورقت ( 1 ) عينا
رسول الله ( 2 ) ( بالبكاء ) ثم قال : يا فاطمة ! أما علمت إنا أهل البيت اختار الله
لنا الآخرة على الدنيا ، وأنه حتم الفناء على جميع خلقه ، وأن الله تبارك
وتعالى اطلع على الأرض اطلاعة فاختار منها أباك ، ثم اطلع اطلاعة فاختار
منها زوجك ، فأوحى ( الله ) إلي أن أزوجك إياه ( 3 ) وأن اتخذه وليا ووزيرا وأن
أجعله خليفتي في أمتي ، فأبوك خير أنبياء الله وبعلك خير الأوصياء ، وأنت
أول من يلحق بي من أهلي ( 3 ) ، ثم اطلع ( اطلاعة ) ثالثة فاختارك و ( اختار )
ولدك ، فأنت سيدة نساء أهل الجنة ، ( وولدك ) وابناك الحسن والحسين
سيدا شباب أهل الجنة ، وأبناء بعلك أوصيائي إلى يوم القيامة ، كلهم هادون
مهتدون ، فالأوصياء بعدي أخي علي ثم الحسن ثم الحسين ثم تسعة ( 4 ) من
ولد الحسين ( عليه السلام ) في درجتي ( ودرجة إبراهيم ) ، ليس في الجنة درجة
أقرب إلى الله تعالى من درجة أبي إبراهيم ) ، أما تعلمين يا بنية ، إن من كرامة الله
عز وجل إياك أن أزوجك بخير أمتي وخير أهل بيتي أقدمهم سلما وأعظمهم
حلما وأكثرهم علما ، فاستبشرت فاطمة وفرحت بما قال رسول الله صلى الله عليه
وآله .
ثم قال : يا بنية ! إن لبعلك مناقب : إيمانه بالله ورسوله قبل كل
أحد ، لم يسبقه إلى ذلك أحد من أمتي ، وعلمه بكتاب الله وسنتي ، وليس
أحد من أمتي يعلم جميع علمي غير علي ( عليه السلام ) ، فإن الله عز وجل علمني
علما لا يعلمه غيري ، وعلم ملائكته ورسله علما ، فكلما علم ملائكته ورسله
فأنا أعلمه ( 4 ) ، وأمرني ( ربي ) عز وجل أن أعلمه ، إياه ففعلت ، فليس أحد من

00000000000000000

( 1 ) اغرورقت العين : دمعت كأنها غرقت في دمعها .
( 2 ) في المصدر : عيناه .
( 3 ) في المصدر : أزوجه إياك ، أهل بيتي .
( 4 ) في المصدر : الأئمة ، اعلمني .

‹ صفحه 428 ›


أمتي يعلم علمي وفهمي وحكمي غيره ، وإنك يا بنية زوجته ، وابناه سبطاي
الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ( وهما سبطا أمتي و ) أمره بالمعروف ونهيه عن
المنكر ، وإن الله عز وجل آتاه الحكمة وفصل الخطاب ، يا بنية ! أنا أهل بيت
أعطانا الله ( تبارك وتعالى ) ست خصال لم يعطها أحدا من الأولين كان
قبلكم ولم يعطها أحدا من الآخرين غيرنا : نبينا خير الأنبياء والمرسلين وهو
أبوك ، ووصينا خير الأوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة بن
عبد المطلب ( وهو ) عم أبيك ، قالت : يا رسول الله ! هو سيد الشهداء الذين
قتلوا معه ؟ قال : ( لا ) . بل سيد شهداء الأولين والآخرين ، ما خلا الأنبياء
والأوصياء ، وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين ، الطائر في الجنة مع الملائكة ،
وابناي الحسن والحسين سبطاي ، وسيدا شباب أهل الجنة ، ومنا والذي
نفسي بيده مهدي هذه الأمة ( 1 ) ، الذي تملأ الأرض قسطا وعدلا كما
ملئت ظلما وجورا ، قالت : فأي هؤلاء ( الذين ) سميت أفضل ؟ قال : علي
( عليه السلام ) بعدي أفضل أمتي ، وحمزة وجعفر أفضل أهل بيتي بعد علي
و ( بعدك وبعد ) الحسن والحسين وبعد الأوصياء من ( ولد ) ابني - وأشار إلى
الحسين - ( و ) منهم المهدي ، إنا أهل بيت اختار الله عز وجل لنا الآخرة على
الدنيا .
ثم نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليها وإلى بعلها وإلى ابنيها فقال :
يا سلمان ! اشهد إني سلم لمن سالمهم ، ( و ) حرب لمن حاربهم ، أما إنهم
( ف‍ ) - معي في الجنة ، ثم أقبل على علي عليه السلام فقال : يا أخي ! إنك ستبقى
بعدي وستلقى من قريش شدة من تظاهرهم عليك وظلمهم لك ، فإن وجدت
عليهم أعوانا ، فقاتل من خالفك بمن أطاعك ووافقك ، و ( إن ) لم تجد أعوانا
فاصبر وكف يدك ولا تلق بها إلى التهلكة ، فإنك مني بمنزلة هارون من
موسى ، ولك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه ، فاصبر
لظلم قريش ، ( و ) إياك وتظاهرهم عليك ، فإنك بمنزلة هارون من موسى ومن

000000000000000000

( 1 ) في المصدر : والذي نفسي بيده منا مهدي الأمة .

‹ صفحه 429 ›


تبعه ، وهم بمنزلة العجل ومن تبعه ، يا علي ! إن الله تبارك وتعالى قد قضى
الفرقة والاختلاف على هذه الأمة ، ولو شاء لجمعهم على الهدى حتى
لا يختلف اثنان من هذه الأمة ولا ينازع في شئ من أمره ، ولا يجحد المفضول
ذا الفضل ( فضله ) ولو شاء لعجل النقمة ، وكان منه التغيير حتى يكذب
الظالم ويعلم الحق أين مصيره ، ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال والآخرة
دار القرار ، ( ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) ( 1 ) ، فقال
( علي ) عليه السلام : الحمد لله وشكرا على نعمائه وصبرا على بلائه ) ( 2 ) .
ورواه سليم بن قيس في كتابه إلى قوله : ( ولك بهارون أسوة
حسنة ) ، وزاد : ( أنه قال لأخيه موسى : إن القوم استضعفوني وكادوا
يقتلونني ) ( 3 ) .
وفيه مرفوعا عن سلمان ( الفارسي ) رضي الله عنه قال : ( قال لي
أمير المؤمنين ( علي بن أبي طالب ) عليه السلام : ( يا سلمان ! ) الويل كل الويل لمن
لا يعرفنا حق معرفتنا وأنكر فضلنا ، يا سلمان ! أيما أفضل محمد صلى الله عليه وآله
وسلم أو سليمان بن داود ؟ قال ( سلمان ) : بل محمد أفضل ، فقال :
يا سلمان ! فهذا آصف بن برخيا قدر أن يحمل عرش بلقيس من سبأ في طرفة
عين ، وعنده علم من الكتاب ، ولا أفعل أنا أضعاف ذلك ( 4 ) ، وعندي ألف
كتاب أنزل الله ( تعالى ) ، على شيث بن آدم ( عليه السلام ) خمسين صحيفة ، وعلى
إدريس النبي ( عليه السلام ) ثلاثين صحيفة ، وعلى إبراهيم ( الخليل ) عليه السلام
عشرين صحيفة ، والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان ؟ فقلت : صدقت
يا سيدي ، ( ف‍ ) - قال الإمام عليه السلام : ( إعلم ) يا سلمان ! إن الشاك في أمورنا
وعلومنا كالممتري في معرفتنا وحقوقنا ، وقد فرض الله ( تبارك وتعالى )
ولايتنا في كتابه في غير موضع ، وبين فيه ما وجب العمل به وهو غير

0000000000000000000

( 1 ) اقتباس من الكريمة النجم : 31 .
( 2 ) إرشاد القلوب 2 : 21 - 419 .
( 3 ) سليم بن قيس : 69 ، أقول : رواه في إكمال الدين : 262 نقلا عنه .
( 4 ) في المصدر : لأفعل إذا أضاف ذلك .

‹ صفحه 430 ›


مكشوف ) ( 1 ) .
وفيه مرسلا عن سلمان الفارسي ( رضي الله عنه ) قال : ( قال رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم ( 2 ) : ( يا سلمان ! ) من أحب فاطمة فهو في الجنة معي ، ومن
أبغضها فهو في النار ، يا سلمان ! حب فاطمة ينفع في ماءة من المواطن ، أيسر
تلك المواطن : الموت والقبر والميزان والحشر والصراط والمحاسبة ، فمن رضيت
عنه ابنتي رضيت عنه ، ومن رضيت عنه رضي الله عنه ، ومن غضبت عليه فاطمة
غضبت عليه ، ومن غضبت عليه ، غضب الله عليه ، وويل لمن يظلمها و ( يظلم )
بعلها أمير المؤمنين عليا عليه السلام ، وويل لمن يظلم ذريتها وشيعتها ) ( 3 ) ، ورواه
أبو الحسن محمد بن أحمد بن شاذان في المناقب ( 4 ) مثله .
وفيه عن سلمان الفارسي ( رضي الله عنه ) قال : ( دخل أبو بكر وعمر
وعثمان على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا : يا رسول الله ! ما بالك تفضل
عليا علينا في كل حال ؟ فقال : ما أنا فضلته بل الله تعالى فضله ، فقالوا :
وما الدليل ؟ ( ف‍ ) - قال : إذا لم تقبلوا مني ، فليس من الموتى عندكم أصدق
من أهل الكهف ، وأنا أبعثكم وعليا وأجعل سلمان شاهدا عليكم إلى
أصحاب الكهف ، حتى تسلموا عليهم ، فمن أحياهم الله ( له ) وأجابوه كان
الأفضل ، قالوا : رضينا ، فأمر ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فبسط بساط له ( 5 ) ، ودعا
بعلي عليه السلام فأجلسه في وسط البساط وأجلس كل واحد منهم على قرنة ( 6 )
من البساط وأجلس سلمان على القرنة الرابعة ، ثم قال : يا ريح ، احمليهم إلى
أصحاب الكهف ورديهم إلي .
قال سلمان : فدخلت الريح تحت البساط وسارت بنا وإذا نحن

000000000000000000000

( 1 ) إرشاد القلوب 2 : 7 - 416 .
( 2 ) في المصدر : قال النبي صلى الله عليه وآله .
( 3 ) إرشاد القلوب 1 : 294 .
( 4 ) مأة منقبة من مناقب أمير المؤمنين عليه السلام : 7 - 216 ، عنه البحار 27 : 116 ،
غاية المرام : 18 ، ينابيع المودة : 263 .
( 5 ) في المصدر : ببسط بساط له .
( 6 ) القرنة - بالضم - من البيت : زاويته .

‹ صفحه 431 ›

بكهف عظيم فحططنا ( 1 ) ( عليه ) ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : يا سلمان ! هذا
الكهف والرقيم ، فقل للقوم يتقدمون أو نتقدم ؟ فقالوا : نحن نتقدم ، فقام كل
واحد منهم وصلى ودعى ، وقال : السلام عليكم يا أصحاب الكهف ، فلم يجبهم
أحد ، فقام أمير المؤمنين بعدهم وصلى ركعتين ودعى ونادى : يا أهل
الكهف ! فصاح الكهف وصاح القوم من داخله بالتلبية ، فقال
أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : السلام عليكم أيها الفتية الذين آمنوا بربهم فزدناهم
هدى ، فقالوا : وعليك السلام يا أخا رسول الله ووصيه وأمير المؤمنين ،
لقد أخذ الله علينا العهد بعد إيماننا بالله وبرسوله محمد صلى الله عليه
وآله وسلم لك يا أمير المؤمنين بالولاء إلى يوم الدين ( 2 ) ، فسقط القوم على وجوههم
وقالوا ( لسلمان ) : يا أبا عبد الله ! ( ردنا ) ، فقال : ( و ) ما ذاك ( 2 ) ( لي ) ، فقالوا :
يا أبا الحسن ! ردنا ، فقال ( عليه السلام ) : يا ريح ! ردينا إلى رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم ، فحملتنا ، فإذا نحن بين يديه ، فقص عليهم رسول الله
كل ما جرى ، وقال : هذا حبيبي جبرئيل ( عليه السلام ) أخبرني به ، فقالوا :
الآن علمنا فضل علي علينا من عند الله ( عز وجل ) لأمتك ) ( 3 ) .
وفي إيضاح دفائن النواصب المشتمل على مائة منقبة ، للشيخ محم بن
أحمد بن علي بن شاذان ، في السابع والثمانون منها عن زاذان ، عن سلمان قال :
( أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسلمت عليه ، ثم دخلت ( على ) فاطمة
عليها السلام ( فسلمت عليها ) فقالت : يا أبا عبد الله ! هذان الحسن والحسين
جائعان يبكيان ، فخذ بأيديهما فاخرج بهما إلى جدهما ، فأخذت بأيديهما
وحملتهما ، حتى أتيت بهما إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : ما لكما
يا حسناي ( 4 ) ؟ قالا : نشتهي طعاما يا رسول الله ، فقال النبي صلى الله

0000000000000000000

( 1 ) حط : نزل وهبط .
( 2 ) في المصدر : يوم القيامة ، ذلك .
( 3 ) إرشاد القلوب 2 : 9 - 268 ، أقول : روى هذا الحديث أبسط مما نقل المصنف في اليقين في
امرأة أمير المؤمنين عليه السلام : 5 - 133 .
( 4 ) في المصدر : حبيباي .

‹ صفحه 432 ›


عليه وآله وسلم : اللهم أطعمهما - ثلاثا - ، ( قال : ) فنظرت فإذا سفرجلة
في يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شبيهة بقلة ( 1 ) من قلال هجر ، أشد بياضا
من الثلج ( 2 ) وأحلى من العسل ، وألين من الزبد ، ففركها ( 3 ) ( صلى الله عليه وآله وسلم )
بإبهامه ، فصيرها نصفين ، ثم دفع إلى الحسن نصفها وإلى الحسين نصفها ،
فجعلت أنظر إلى النصفين في أيديهما وأنا أشتهيها ، فقال ( لي ) : يا سلمان !
لعلك تشتهيها ( 4 ) ؟ قلت : نعم ( يا رسول الله ) ، قال : يا سلمان ! هذا طعام من
الجنة لا يأكله أحد حتى ينجو من ( النار و ) الحساب ، ( وإنك لعلى خير ) ( 5 ) .
أقول : قد تقدم في الباب التاسع : إن سلمان أكل من طعام الجنة
مرارا ، ويمكن الجمع بأن هذا طعام من طعام جنة الآخرة وما أكله من طعام
جنة الدنيا - والله العالم - .
وفي البحار ، عن بعض كتب المناقب عن الطبراني ، بإسناده عن
سلمان قال : ( كنا حول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجاءت أم أيمن فقالت :
يا رسول الله ! لقد ضل الحسن والحسين ، وذلك عند ارتفاع النهار ، فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : قوموا فاطلبوا ابني ، فأخذ كل رجل تجاه وجهه ،
وأخذت نحو الني صلى الله عليه وآله وسلم فلم يزل حتى أتى سفح الجبل ( 6 ) وإذا
الحسن والحسين عليهما السلام ، ملتزقان كل واحد منهما بصاحبه ، وإذا شجاع ( 7 ) قائم
على ذنبه ، يخرج من فيه شبه النار ، فأسرع إليه رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم ، فالتفت مخاطبا لرسول الله ثم انساب فدخل بعض الأحجرة ( 8 ) ،

000000000000000000

( 1 ) القلة - بالضم - : إناء للعرب كالجرة الكبيرة ، وقلال هجر شبيهة بالحباب ، وهجر قرية قريبة من
المدينة كانت تعمل بها القلاب .
( 2 ) في المصدر : اللبن .
( 3 ) فرك الجوز ونحوه : دلكه وحكه حتى ينقلع قشره .
( 4 ) في المصدر : أتشتهيها .
( 5 ) مأة منقبة : 3 - 162 ، عنه البحار 43 : 308 ، العوالم 16 : 62 ، مدينة المعاجز : 6 21 و 250 .
( 6 ) سفح الجبل : أصله وأسفله .
( 7 ) الشجاع - بالصم والكسر - : الحية .
( 8 ) كأنه جمع حجر ، وهو مكان تحتفره الهوام والسباع لأنفسهما ، والقياس في جمعه حجرة وأحجار .