‹ صفحه 460 ›


( سمعت حبيبي وسيدي ومولاي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : كنت
أنا وعلي بن أبي طالب عليه السلام بين يدي الله تعالى نسبحه ونقدسه ونمجده قبل
أن يخلق الله تبارك وتعالى آدم ، فلما خلق الله آدم وجعلنا في صلبه وجعل
ينقلنا من صلب طاهر إلى بطن طاهرة زكية ، فجعل النبوة في محمد والإمامة
في علي وأولاده من بعده ، وصورنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت عرشه
فأسكن ذلك النور في آدم ثم خلق شيعتنا من طينتنا وأبدانهم من طينة
مخزونة ) .
وفي الباب الثاني من الخرائج عن سلمان ( الفارسي ) : ( إن عليا
عليه السلام بلغه عن عمر ( عن ) ذكر شيعته ، فاستقبله في بعض طرقات بساتين
المدينة وفي يد علي عليه السلام قوس ( عربية ) ، فقال ( عليه السلام ) : يا عمر ! بلغني
عن‍ ( - ك ) ذكرك لشيعتي ، فقال : إربع علي ظلعك ! ( 1 ) فقال عليه السلام : إنك
لهيهنا ( 2 ) ، ثم رمى بالقوس على الأرض ، فإذا هي ثعبان كالبعير فأغرفاه وقد
أقبل نحوه ( 3 ) ليبتلعه ، فصاح عمر : الله الله يا أبا الحسن لا عدت بعدها في شئ
وجعل يتضرع إليه فضرب يده على الثعبان ، فعادت القوس كما كانت فمر ( 4 )
عمر إلى بيته مرعوبا ، قال سلمان : فلما كان ( في ) الليل دعاني علي عليه السلام
فقال : صر إلى عمر فإنه حمل إليه مال من ناحية المشرق ولم يعلم به أحد وقد
عزم أنه يحتسبه ( 5 ) فقل له : يقول لك علي عليه السلام : أخرج الذي جاء ( 4 )
إليك من ( ناحية ) المشرق ففرقه على من جعل لهم ولا تحتبسه ( 5 )
فأفضحك ، قال سلمان : ( فمضيت إليه ) فأديت الرسالة فقال : خبرني
أمر صاحبك من أين علم به فقلت : وهل يخفى عليه مثل هذا ، فقال :
0000000000000000000

( 1 ) الظلع : العيب ، يقال : إربع - أو ارق - على ظلعك ) أي لا تجاوز حدك في وعيدك وأبصر
نقصك وعجزك عنه ، وسكت على ما فيك من العيب .
( 2 ) قوله عليه السلام : إنك لهيهنا : أي تحسبني عاجزا عن مقاومتك فتقول لي مثل ذلك ، أو إني في
حضور الخلق إذ أريك ففي الخلوة أيضا هكذا ، أتكلمني مع معرفتك بمكاني وعلو شأني ؟
( 3 ) في المصدر : يحبسه ، أخرج ما حمل إليك .
( 5 ) في المصدر : تفرقه على من هو لهم ولا تحبسه .

‹ صفحه 461 ›


يا سلمان ! أقبل مني ما أقول لك ما علي إلا ساحر وإني لمشفق ( عليك )
منه والصواب أن تفارقه وتصير ( 1 ) في جملتنا ، قلت : بئس ما قلت لكن عليا
ورث ( من ) أسرار النبوة ما قد رأيت منه و ( عنده ) ما هو أكبر ( 1 ) ( مما رأيت
منه ، قال : ( إرجع ) إليه فقل : السمع والطاعة لأمرك ، فرجعت إلى علي
عليه السلام ( فقال : ) أحدثك بما جرى بينكما ؟ فقلت : أنت أعلم به ( مني ) ،
فتكلم بكل ما جرى ( به ) بيننا ( 2 ) ، ثم قال : إن رعب الثعبان في قلبه إلى أن
يموت ) ( 3 ) .
وفي الفصل الثالث من الباب الرابع عشر منه عن سليمان
الأعمش ، عن سمرة بن عطية ، عن سلمان الفارسي قال : ( إن امرأة من
الأنصار يقال لها : أم فروة ، تحض على نكث بيعة أبي بكر وتحض على بيعته
عليه السلام ، فبلغ أبا بكر فأحضرها فاستتابها فأبت عليه ، فقال : يا عدوة الله !
أتحضين على فرقة جماعة اجتمع عليها المسلمون فما قولك في إمامتي ؟ قالت : ما
أنت بإمام ! قال : فمن أنا ؟ قالت : أمير قومك اختارك فولوك فإذا كرهوك
( عزلوك ) فالإمام المخصوص من الله ورسوله لا يجوز عليه الجور ، وعلى الإمام
المخصوص أن يعلم ما في الظاهر والباطن وما يحدث في المشرق والمغرب من
الخير والشر ، وإذا قام في شمس أو قمر فلا فئ له ، ولا تجوز الإمامة لعابد وثن
ولا لمن كفر ثم أسلم ، فمن أيهما أنت يا ابن أبي قحافة ؟ قال : من الأئمة
الذين اختارهم ( الله ) لعباده ، فقالت : كذبت على الله ولو كنت ممن
اختارك الله لذكرك في كتابه كما ذكر غيرك فقال عز وجل : ( وجعلناهم
أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) ( 4 ) ، ويلك إن كنت إماما فما
اسم سماء الدنيا والثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة ؟
فبقي أبو بكر لا يحير جوابا ، ثم قال : اسمها عند الله الذي خلقها ! قالت :

00000000000000000000

( 1 ) في المصدر : تقر ، أكثر .
( 2 ) في المصدر : فتكلم بما جرى بيننا .
( 3 ) الخرائج : 213 ، بحار الأنوار 41 : 256 ، مدينة المعاجز : 200 .
( 4 ) السجدة : 24 .

‹ صفحه 462 ›


لو جاز للنساء أن يعلمن علمتك ، قال : قال : يا عدوة الله ! لتذكرن اسم سماء سماء وإلا
قتلتك ، قالت : أبالقتل تهددني ! والله ما أبالي أن يجري قتلي على يد مثلك
ولكني أخبرك ، ( أما ) السماء الدنيا : أيلول ، والثانية : ربعون ( 1 ) ، والثالثة :
سحقوم ، والرابعة : ذيلول ، والخامسة : ماين ، والسادسة : ماخير ، والسابعة :
ايعث ، فبقي أبو بكر ومن معه متحيرين ، فقالوا لها : ما تقولين في علي ؟
قالت : وما عسى أن أقول في إمام الأمة ووصي الأوصياء ، من أشرقت بنوره
الأرض والسماء ، ومن لا يتم التوحيد إلا بحقيقة معرفته ، ولكنك نكثت
واستبدلت وبعت دينك ، قال أبو بكر : اقتلوها فقد ارتدت ( فقتلت ) ،
وكان علي عليه السلام في ضيعة له بوادي القرى ، فلما قدم وبلغه قتل أم فروة
خرج إلى قبرها ، وإذا عند قبرها أربعة طيور بيض مناقيرها حمر ، في منقار كل
واحد حبة رمان ، وهي تدخل في فرجة في القبر ، فلما نظر الطيور إلى علي
عليه السلام ، رفرفن وقرقرن ، فأجابهن بكلام يشبه كلامهن ، ، وقال : أفعل
إن شاء الله ، ووقف على قبرها ومد يده إلى السماء وقال : يا محي النفوس بعد
الموت ويا منشئ العظام الدراسات ! أحي لنا أم فروة واجعلها عبرة لمن
عصاك ، فإذا بهاتف : إمض لأمرك يا أمير المؤمنين ، وخرجت أم فروة متلحفة
بربطة ( 2 ) خضراء من السندس الأخضر وقالت : يا مولاي ! أراد ابن أبي قحافة
أن يطفئ نورك فأبى الله لنورك إلا ضياء ، وبلغ أبو بكر وعمر ذلك ، فبقيا
متعجبين فقال لهما سلمان : لو أقسم أبو الحسن عليه السلام على أن يحيي
الأولين والآخرين لأحياهم ، وردها أمير المؤمنين عليه السلام إلى زوجها وولدت
غلامين له وعاشت بعد علي عليه السلام ستة أشهر ( 3 ) .
أقول : ورواه في ثاقب المناقب ( 4 ) ملخصا .
وفي فضائل المنجية في الفصل الأول منه عن أحمد بن حنبل ، عن

000000000000000000

( 1 ) ربعول ( خ ل ) .
( 2 ) الريطة - بفتح الراء وسكون الياء - كل ثوب يشبه الملحفة ، الكفن .
( 3 ) الخرائج : 83 ، رواه في البحار 41 : 201 - 199 مع اختلافات والزيادات منه .
( 4 ) ثاقب المناقب ، المخطوط : 168 ، روي في مدينة المعاجز : 37 عنه .

‹ صفحه 463 ›


سلمان الفارسي قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أوحى الله تعالى
إلي ليلة المعراج : يا محمد ! رفعت لك ذكرك بعلي صهرك ) .
وفي البحار عن المفيد في مجالسه عن محمد بن الحسين الجواني ، عن
مظفر العلوي ، عن ابن العياشي ، عن أبيه ، عن نصير بن أحمد ، عن علي بن
حفص ، عن خالد القطواني ، عن يونس بن أرقم ، عن عبد الحميد بن
أبي الخنساء ، عن زياد بن بريدة ، عن أبيه ، عن جده فروة الظفاري ، قال :
( سمعت سلمان رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : تفترق
أمتي ثلاث فرق : فرقة على الحق لا ينقص الباطل منه شيئا يحبوني ( 1 ) ويحبون
أهل بيتي مثلهم كمثل الذهب الجيد ، كلما أدخلته النار فأوقدت عليه اسم
يزده إلا جودة ، وفرقة على الباطل لا ينقص الحق منه شيئا يبغضوني ( 1 )
ويبغضون أهل بيتي مثلهم كمثل الحديد كلما أدخلته النار فأوقدت عليه لم
يزده إلا شرا ، وفرقة مدهدهة ( 2 ) على ملة السامري ، لا يقولون : لا مساس ،
لكنهم يقولون : لا قتال ، إمامهم عبد الله بن قيس الأشعري ( 3 ) . ( 4 ) ، دهدهت
الحجر : أي دحرجته .
وفيه عن ابن شهرآشوب في مناقبه : ( وفي حديث سلمان قال
صلى الله عليه وآله وسلم لعلي ( عليه السلام ) : إن الأمة ستغدر بك فاصبر لغدرها ) ( 5 ) .
وفي معدن الجواهر للشيخ أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان
الكراجكي ، في باب ما جاء في الستة ، قال سلمان الفارسي رضي الله عنه :
( أوصاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بستة خصال لا أدعهن على كل حال :
أوصاني أن أنظر إلى من دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي ، وأن أحب الفقراء
وأدنو منهم ، وأن أقول الحق وإن كان مرا ، وأن أصل رحمي وإن كانت

0000000000000000000

( 1 ) في الأصل : يحبوني ، يبغضوني ، شرارا .
( 2 ) لعله كناية عن اضطرابهم في الدين وتزلزلهم بشبهات المضلين ( البحار ) .
( 3 ) هو عبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري أحد الحكمين في قضية صفين .
( 4 ) بحار الأنوار 28 : 9 ، أمالي المفيد : 30 .
( 5 ) مناقب آل أبي طالب 3 : 216 .

‹ صفحه 464 ›


مدبرة ، وأن لا أسئل الناس شيئا ، وأن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم ) ( 1 ) .
وفيه ، في باب السبعة ، قال سلمان الفارسي رضي الله عنه : ( إن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : من ولي سبعة من المسلمين ( من بعدي ) ،
فلم يعدل فيهم ولم يستن بسنتي ، لقى الله تعالى وهو ( عليه ) غضبان ) ( 3 ) .
وروى الصفار في البصائر عن أبي الفضل العلوي ، عن سعيد بن
عيسى البصري ، عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير ، عن أبيه ، عن شريك بن
عبد الله ، عن عبد الأعلى التغلبي ، عن أبي وقاص ، عن سلمان الفارسي رضي الله
عنه قال : ( سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول في قول الله عز وجل : ( إن في ذلك
لآيات للمتوسمين ) : فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعرف الخلق بسيماهم
وأنا بعده المتوسم والأئمة من ذريتي المتوسمون إلى يوم القيامة ) ( 4 ) .
وفيه بهذا السند عن سلمان الفارسي ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال :
( سمعته يقول : عندي علم المنايا والبلايا والوصايا والأنساب والأسباب
وفصل الخطاب ومولد الإسلام ومولد الكفر ( 5 ) ، وأنا صاحب الميسم وأنا
الفاروق الأكبر وأنا صاحب الكرات ودولة الأول ( 5 ) ، فاسئلوني عما يكون إلى
يوم القيامة وعما كان على عهد كل نبي بعثه الله ) ( 6 ) .
وفيه بهذا السند عن سلمان الفارسي رضي الله عنه ، عن أمير المؤمنين
عليه السلام قال : ( قال : سلوني عما يكون إلى يوم القيامة ، وعن كل فئة تضل
مائة وتهدي مائة ، وعن سائقها وناعقها وقائدها إلى يوم القيامة ) ( 7 ) .

000000000000000000

( 1 ) معدن الجواهر ورياضة الخواطر : 54 .
( 2 ) في المصدر : لم يسر .
( 3 ) معدن الجواهر : 58 ، تنبيه الخواطر 2 : 110 .
( 4 ) بصائر الدرجات : 377 .
( 5 ) في المصدر : موارد الكفر ، دولة الدول .
( 6 ) بصائر الدرجات : 222 .
( 7 ) بصائر الدرجات : 318 .

‹ صفحه 465 ›


وروى الخوارزمي في الفصل السادس من مناقبه عن شهردار ، عن
عبدوس بن عبد الله ، عن المفضل بن محمد الجعفري ، عن أبي بكر بن مردويه ،
عن جده ، عن أحمد بن محمود ، عن أبي حصين القاضي ( 1 ) ، عن عبد الرحمن ، عن
محمد بن إسماعيل ، عن مطر ، عن أنس ، عن سلمان ( رضي الله عنه ) قال : ( قال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ينجز عداي ويقضي
ديني ) ( 2 ) .
وفيه عن البيهقي ، عن أبي عبد الله الحافظ ، عن أحمد بن عثمان المقري ،
عن أبي بكر بن أبي العوام ، عن سعيد بن أوس ، عن عوف ، عن أبي عثمان
النهدي قال : ( قال رجل لسلمان : ما أشد حبك لعلي ( عليه السلام ) ؟ قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من أحب عليا فقد أحبني ومن أبغض
عليا فقد أبغضني ) ( 3 ) .
وعن الحمويني في فرائد السمطين عن عبد الحميد بن فخار الموسوي ،
عن عبد الرحمن بن عبد السميع ، عن شاذان بن جبرئيل القمي ، عن محمد بن
عبد العزيز القمي ، عن محمد بن أحمد النظيري ، عن الحسن بن أحمد الحداد ،
عن أبي نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ ، عن أحمد بن يوسف النصيبي ، عن
الحرث بن أبي أسامة التميمي ، عن داود بن المحير ، عن قيس بن الربيع ، عن
عباد بن كثير ، عن أبي عثمان الزري ، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال :
( سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : خلقت أنا وعلي بن أبي طالب
من نور عن يمين العرش نسبح الله ونقدسه من قبل أن يخلق الله عز وجل آدم
بأربعة عشر ألف سنة ، فلما خلق الله آدم نقلنا إلى أصلاب الرجال وأرحام
النساء الطاهرات ، ثم نقلنا إلى صلب عبد المطلب وقسمنا نصفين فجعل
النصف في صلب أبي عبد الله وجعل النصف في صلب عمي أبي طالب ،
فخلقت من ذلك النصف وخلق على من النصف الآخر ، واشتق الله تعالى

0000000000000000000

( 1 ) في المصدر : أبي الحسين القاضي .
( 2 ) مناقب الخوارزمي : 27 .
( 3 ) مناقب الخوارزمي : 30 .

‹ صفحه 466 ›


من أسمائه اسما ، فالله عز وجل المحمود وأنا محمد ، والله الأعلى وأخي علي ،
والله فاطر وابنتي فاطمة ، وإنه حسن وابناي الحسن والحسين ، وكان اسمي
في الرسالة والنبوة ، وكان اسمه في الخلافة والشجاعة ، فأنا رسول الله وعلي
سيف الله ) .
وروى الشيخ الطوسي في المصباح عن سلمان الفارسي رحمة الله عليه
قال : ( دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في آخر يوم من جمادى الآخرة في
وقت لم أدخل عليه فيه قبله ، فقال : يا سلمان ! أنت منا أهل البيت ، أفلا
أحدثك ؟ قلت : بلى فداك أبي وأمي يا رسول الله ، قال : سلمان ! ما من
مؤمن ولا مؤمنة صلى في هذا الشهر ثلاثين ركعة ، وهو شهر رجب ، يقرأ في
كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات ، وقل
يا أيها الكافرون ثلاث ( مرات ) ، إلا محى الله تعالى عنه كل ذنب عمله في
صغره وكبره ، وأعطاه الله تعالى من الأجر كمن صام ذلك الشهر كله
وكتب عند الله من المصلين إلى السنة المقبلة ورفع له في كل يوم عمل شهيد
من شهداء بدر وكتب له بصوم كل يوم يصومه منه عبادة سنة ، ورفع له ألف
درجة ، فإن صام الشهر كله أنجاه الله عز وجل من النار وأوجب له الجنة ،
يا سلمان ! أخبرني بذلك جبرئيل عليه السلام وقال : يا محمد ! هذه علامة بينكم
وبين المنافقين ، لأن المنافقين لا يصلون ذلك ، قال سلمان : فقلت :
يا رسول الله ! أخبرني كيف أصلي هذه الثلاثين ركعة ومتى أصليها ؟ قال :
يا سلمان ! تصلي في أوله عشر ركعات ، تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة
واحدة وقل هو الله أحد ثلاث مرات وقل يا أيها الكافرون ثلاث مرات ، فإذا
سلمت فارفع يديك إلى السماء وقل ( 1 ) : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له
الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ
قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك
الجد ) . ثم أمسح بها وجهك وصل في وسط الشهر عشر ركعات ، تقرأ في كل

00000000000000000

( 1 ) في المصدر : رفعت يديك إلى السماء وقلت .

‹ صفحه 467 ›


ركعة فاتحة الكتاب ( مرة ) وقل هو الله أحد ( ثلاث مرات ) ، وقل يا
أيها الكافرون ثلاث مرات ، فإذا سلمت فارفع يديك إلى السماء وقل : ( لا إله إلا
الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت
بيده الخير وهو على كل شئ قدير ، ، إلها واحد ( أحدا ) فردا صمدا لم يتخذ
صاحبة ولا ولدا ) ، ثم امسح بها وجهك ، وصل في آخر الشهر عشر ركعات
تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة واحدة ، وقل هو الله أحد ثلاث مرات ،
وقل يا أيها الكافرون ثلاث مرات ، فإذا سلمت فارفع يديك إلى السماء وقل :
( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي
لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير ، وصلى الله على محمد وآله
الطاهرين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) ، ثم امسح بها وجهك وسل
حاجتك فإنه يستجاب لك دعاؤك ويجعل الله بينك وبين جهنم سبعة
خنادق ، كل خندق كما بين السماء والأرض ، ويكتب لك بكل ركعة ألف
ألف ركعة ، ويكتب لك براءة من النار وجوازا على الصراط ، قال سلمان
( رضي الله عنه ) : فلما فرغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الحديث خررت ساجدا
أبكي ، شكرا لله تعالى لما سمعت هذا الحديث ) ( 1 ) .
وفي الفصل الخامس من الباب الرابع من كتاب جامع الأخبار ،
الذي سنذكر الاختلاف في جامعه ، عن سلمان الفارسي ( رضي الله عنه ) ، عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم : قال : ( إن الرجل ليصلي ، وخطاياه توضع على
رأسه ، فكلما سجد تحاطت خطاياه ، فتفرغ حتى يفرغ وقد تحاطت خطاياه ) ( 2 ) .
وروى الشيخ في الجزء الثامن من أماليه عن المفيد ، عن علي بن
خالد ، عن العباس بن الوليد ، عن محمد بن عمر والكندي ، عن عبد الكريم بن
إسحاق الرازي ، عن بندار ، عن سعيد بن خالد ، عن إسماعيل بن
أبي أويس ( 3 ) ، عن عبد الرحمن بن قيس البصري ، قال : حدثنا زاذان ، عن

0000000000000000000

( 1 ) مصباح المتهجد وسلاح المتعبد 3 : 752 .
( 2 ) جامع الأخبار ، فصل الثالث والثلاثون : 73 .
( 3 ) في الأصل : إسماعيل بن إدريس .

‹ صفحه 468 ›


سلمان الفارسي ، قال : ( لما قبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتقلد أبو بكر
الأمر ، قدم المدينة جماعة من النصارى يتقدمهم جاثليق ، له سمت ومعرفة
بالكلام ووجوهه ، وحفظ التورية والإنجيل وما فيهما ، فقصدوا أبا بكر ، فقال
الجاثليق : إنا وجدنا في الإنجيل رسولا يخرج بعد عيسى ، وقد بلغنا خروج
محمد بن عبد الله ، يذكر إنه ذلك الرسول ففزعنا إلى ملكنا فجمع وجوه قومنا
وأنقذنا في التماس الحق فيما اتصل بنا ، وقد فاتنا نبيكم محمد ، وفيما قرأناه من
كتبنا : إن الأنبياء لا يخرجون من الدنيا إلا بعد إقامة أوصياء لهم ، يخلفونهم في
أممهم ، يقتبس منهم الضياء فيما أشكل ، فأنت أيها الأمير وصيه ، لنسألك عما
نحتاج إليه ، فقال عمر : هذا خليفة رسول الله ، فجثى الجاثليق لركبتيه وقال
له : أخبرنا أيها الخليفة عن فضلكم علينا في الدين ، فإنا جئنا نسئلك عن
ذلك ؟ فقال أبو بكر : نحن مؤمنون وأنتم كفار ، والمؤمن خير من الكافر
والإيمان خير من الكفر ، فقال الجاثليق : هذه دعوى تحتاج إلى حجة ، فخبرني
أنت مؤمن عند الله أم عند نفسك ؟ فقال أبو بكر : أنا مؤمن عند نفسي
ولا علم لي بما عند الله ، قال : فهل أنا كافر عندك بمثل ما أنت مؤمن ، أم أنا
كافر عند الله ؟ فقال : أنت عندي كافر ولا علم لي بحالك عند الله ، فقال
الجاثليق : فما أراك إلا شاكا في نفسك وفي ، ولست على يقين من دينك ،
فخبرني ألك عند الله منزلة في الجنة بما أنت عليه من الدين تعرفها ؟ فقال : لي
منزلة في الجنة أعرفها بالموعد ، ولا أعلم هل أصل إليها أم لا ؟ فقال له :
فترجو لي منزلة في الجنة ؟ قال : أجل أرجو ذلك ، فقال الجاثليق : فما أراك
إلا راجيا لي وخائفا على نفسك ، فما فضلك علي في العلم ؟ ثم
قال له : أخبرني هل احتويت على جميع علم النبي ، المبعوث إليك ؟ قال :
لا ولكني أعلم منه ما قضى له علمه ، قال : فكيف صرت خليفة النبي
وأنت لا تحيط علما بما تحتاج إليه أمته من علمه ، وكيف قدمك
قومك على ذلك ؟ فقال له عمر : كف أيها النصراني عن هذا العبث وإلا
أبحنا دمك ، فقال الجاثليق : ما هذا عدل على من جاء مسترشدا طالبا .
قال سلمان : فكأنما ألبسنا جلباب المذلة ، فنهضت حتى أتيت عليا عليه السلام

‹ صفحه 469 ›


فأخبرته الخبر ، فأقبل - بأبي وأمي - حتى جلس والنصراني يقول : رأوني على
من أسئلة عما أحتاج إليه ؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : سل يا نصراني ،
فوالذي ( 1 ) فلق الحبة وبرء النسمة لا تسئلني عما مضى ولا ما يكون إلا
أخبرتك به عن نبي الهدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال النصراني : أسئلك
عما سألت عنه هذا الشيخ ، خبرني أمؤمن أنت عند الله أم عند نفسك ؟ فقال
أمير المؤمنين عليه السلام : أنا مؤمن عند الله كما أنا مؤمن في عقيدتي ، فقال
الجاثليق : الله أكبر هذا كلام وثيق بدينه ، متحقق فيه بصحة يقينه ، فخبرني
الآن عن منزلتك في الجنة ، ما هي ؟ فقال : منزلتي مع النبي الأمي في
الفردوس الأعلى لا أرتاب بذلك ولا أشك في الوعد به عن ربي ، فقال
النصراني : فبماذا عرفت الوعد لك بالمنزلة التي ذكرتها ؟ فقال أمير المؤمنين
عليه السلام : بالكتاب المنزل وصدق النبي المرسل ، قال : فبما علمت
صدق نبيك ؟ قال : بالآيات الباهرات والمعجزات البينات ، قال الجاثليق :
هذا طريق الحجة لمن أراد الاحتجاج ، خبرني عن الله تعالى أين هو اليوم ؟
فقال عليه السلام : يا نصراني ! إن الله تعالى يجل عن الأين ويتعالى عن المكان ،
كان فيما لا يزل ولا مكان ، وهو اليوم على ذلك ، لم يتغير من حال إلى حال ،
فقال : أجل أحسنت أيها العالم وأوجزت في الجواب ، فخبرني عن الله تعالى
أمدرك بالحواس عندك فيسئلك المسترشد في طلبه استعمال الحواس ، أم كيف
طريق المعرفة به ، إن لم يكن الأمر كذلك ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : تعالى
الملك الجبار أن يوصف بمقدار وتدركه الحواس أو يقاس بالناس ، والطريق إلى
معرفته صنايعه الباهرة للعقول الدالة ذوي الاعتبار بما هو ( عنده ) مشهود
ومعقول ، قال الجاثليق : صدقت ، هذا والله هو الذي قد ضل عنه
التائهون في الجهالات ، فخبرني الآن عما قاله نبيكم في المسيح وإنه مخلوق من
أين ، أثبت له الخلق ونفى عنه الإلهية وأوجب فيه النقص ، وقد عرفت ما
يعتقد فيه كثير من المتدينين ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : ( أثبت ) له الخلق

000000000000000000

( 1 ) في الأصل : فوالله

‹ صفحه 470 ›


بالتقدير الذي لزمه والتصوير والتغيير من حال إلى حال ، والزيادة التي لم
ينفك منها النقصان ، ولم أنف عنه النبوة ولا أخرجه من العصمة والكمال
والتأييد ، وقد جائنا عن الله تعالى : إنه ( كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له
كن فيكون ) ( 1 ) .
فقال الجاثليق : هذا ما لا يطعن ألان ، غير أن الحجاج مما يشترك
فيه الحجة على الخلق والمحجوج عنهم ، فبم ينسب ( 2 ) إليها العالم من الرعية
الناقصة عندي ؟ قال : بما أخبرتك به ، من علمي بما كان وما يكون ، قال
الجاثليق : فهلم شيئا من ذكر ذلك أتحقق به دعواك ، فقال أمير المؤمنين
عليه السلام : خرجت أيها النصراني من مستقرك مستقرا لمن قصدت بسؤالك له
مضمرا خلاف ما أظهرت من الطلب والاسترشاد ، فأريت في منامك مقامي
وحدثت فيه بكلامي وحذرت فيه من خلافي وأمرت فيه باتباعي ، قال :
صدقت ، والله الذي بعث المسيح وما اطلع على ما أخبرتني به إلا الله تعالى
وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك وصي رسول الله
وأحق الناس بمقامه ، وأسلم الذين كانوا معه كإسلامه ، وقالوا : نرجع إلى
صاحبنا فنخبره بما وجدنا عليه هذا الأمر وندعوه إلى الحق ، فقال له عمر :
الحمد الله الذي هداك أيها الرجل إلى الحق وهدي من معك إليه ، غير أنه
يجب أن تعلم أن علم النبوة في أهل بيت صاحبها والأمر ( من ) بعده لمن خاطبت
أولا برضاء الأمة واصطلاحها عليه ، وتخبر صاحبك بذلك وتدعوه إلى طاعة
الخليفة ، فقال : عرفت ما قلت أيها الرجل وأنا على يقين من أمري فيما أسررت
وأعلنت ، وانصرف الناس وتقدم عمر أن لا يذكر ذلك المقام ( من ) بعد وتوعد علي
من ذكره بالعقاب وقال : أم والله لولا أنني أخاف أن يقول الناس قتل
مسلما لقتلت هذا الشيخ ومن معه ، فإنني أظن أنهم شياطين أرادوا الافساد
على هذه الأمة وإيقاع الفرقة بينها ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : يا سلمان ! أما

0000000000000000000

( 1 ) آل عمران : 59 .
( 2 ) في المصدر : بنت ، وفي المدينة المعاجز : فلم يثبت أيها العالم .

‹ صفحه 471 ›


ترى كيف يظهر الله الحجة لأوليائه وما يزيد بذلك قومنا عنا إلا نفورا ) ( 1 ) .
وفي أوايل الثلث الثاني من كتاب المحتضر للشيخ حسن بن سليمان
الحلي رحمه الله ، تلميذ الشهيد ، روى بعض علماء الإمامية في كتاب منهج
التحقيق إلى سواء الطريق ، بإسناده عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال :
( كنت أنا والحسن والحسين عليهما السلام ومحمد بن الحنفية ومحمد بن أبي بكر
وعمار بن ياسر والمقداد بن الأسود الكندي رحمة الله عليهم ، فقال له ابنه الحسن
عليه السلام : يا أمير المؤمنين ! إن سليمان بن داود عليهما السلام سأل ربه ملكا
لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه ذلك ، فهل ملكت مما ملك سليمان بن داود
شيئا ؟ فقال عليه السلام : والذي فلق الحبة وبرء النسمة ن سليمان بن داود
سئل الله عز وجل الملك فأعطاه ، وإن أباك ملك ما لم يملكه بعد جدك
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحد قبله ولا يملكه أحد بعده ، فقال الحسن
عليه السلام : نريد أن ترينا مما فضلك الله عز وجل به من الكرامة ، فقال
عليه السلام : أفعل إن شاء الله ، فقام أمير المؤمنين عليه السلام وتوضأ وصلى ركعتين
ودعى الله عز وجل بدعوات لم نفهمها ، ثم أومى بيده إلى جهة المغرب فما
كان بأسرع من أن جاءت سحابة ، فوقفت على الدار وإلى جانبها سحابة
أخرى ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أيتها السحابة ! اهبطي بإذن الله عز وجل
فهبطت وهي تقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك
خليفته ووصيه ومن شك فيك فقد هلك ، ومن تمسك بك سلك سبيل
النجاة ، قال : ثم انبسطت السحابة على الأرض حتى كأنها بساط موضوع ،
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : اجلسوا على الغمامة ، فجلسنا وأخذنا مواضعنا ،
فأشار إلى السحابة الأخرى فهبطت وهي تقول كالمقالة الأولى ، وجلس
أمير المؤمنين عليه السلام عليها منفردا ، ثم تكلم بكلام وأشار إليها بالمسير نحو
المغرب وإذا بالريح قد دخلت تحت السحابتين فرفعتها رفعا رفيقا ، فتأملت نحو
أمير المؤمنين عليه السلام وإذا به على كرسي ، والنور يسطع من وجهه يكاد

000000000000000000

( 1 ) أمالي الشيخ 1 ، الجزء الثامن : 222 ، عنه مدينة المعاجز : 129 .

‹ صفحه 472 ›


يخطف الأبصار ، فقال الحسن عليه السلام : يا أمير المؤمنين ! إن سليمان بن داود
كان مطاعا بخاتمه وأمير المؤمنين بماذا يطاع ؟ فقال عليه السلام : أنا عين الله في
أرضه ، أنا لسان اللهي خلقه ، أنا نور الله الذي لا يطفئ ، أنا باب الله
الذي يؤتى منه ، وحجته على عباده ، ثم قال : أتحبون أن أريكم خاتم
سليمان بن داود ؟ قلنا : نعم ، فأدخل يده إلى جيبه فأخرج خاتما من ذهب ،
فصه من ياقوتة حمراء ، عليه مكتوب : محمد وعلي ، قال سلمان : فتعجبت من
ذلك ؟ فقال عليه السلام : من أي شئ تعجبون وما العجب من مثلي ، أنا
أريكم اليوم ما لم تروه أبدا .
فقال عليه السلام : أريد أن تريني يأجوج ومأجوج والسد
الذي بيننا وبينهم ، فسارت الريح تحت السحابة فسمعنا دويا كدوي
الرعد وعلت في الهواء ، وأمير المؤمنين عليه السلام يقدمنا حتى انتهينا إلى جبل
شامخ في العلو ، وإذا شجرة جافة قد تساقطت أوراقها وجفت أغصانها ، فقال
الحسن عليه السلام : ما بال هذه الشجرة قد يبست ؟ فقال عليه السلام : سلها فإنها
تجيبك ، فقال الحسن عليه السلام : أيتها الشجرة ! ما بالك قد نرى حدثت بك
ما نراه من الجفاف ؟ فلم تجبه ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : بحقي عليك إلا ما
أجبتيه ، قال الراوي : والله لقد سمعتها وهي تقول : لبيك لبيك يا وصي
رسول الله وخليفته ، ثم قالت : يا أبا محمد ! إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يجيئني
كل ليلة وقت السحر وصلى عندي ركعتين ويكثر من التسبيح ، فإذا فرغ من
دعائه جائته غمامة بيضاء ينفح منها ريح المسك وعليها كرسي فتجلس عليه
فتسير به ، وكنت أعيش ببركته ، فأنقطع عني منذ أربعين يوما ، فهذا سبب ما
تراه مني ، فقام أمير المؤمنين عليه السلام وصلى ركعتين ومسح بكفه عليها
فاخضرت وعادت إلى حالها ، وأمر الريح فسارت بنا ، فإذا نحن بملك ، يده
بالمغرب والأخرى بالمشرق ، فلما نظر الملك إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال : أشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله
بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، وأشهد أنك
وصيه وخليفته حقا وصدقا ، فقلنا : يا أمير المؤمنين ! من هذا الذي يده في

‹ صفحه 473 ›


المغرب والأخرى بالمشرق ؟ فقال عليه السلام : هذا الملك الذي وكله الله
عز وجل بالليل والنهار ، لا يزول إلى يوم القيامة وإن الله عز وجل جعل أمر
الدنيا إلي وإن أعمال الخلق تعرض في كل يوم علي ثم ترفع إلى الله ، ثم
سرنا حتى وقفنا على سد يأجوج ومأجوج ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام للريح :
اهبطي بنا مما يلي هذا الجبل ، وأشار بيده إلى جبل شامخ في العلو ، وهو
جبل الخضر ، فنظر إلى السد إذا ارتفاعه مد البصر وهو أسود كقطعة ليل
( داج ) ، وتخرج من أرجائها الدخان ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : يا أبا محمد !
أنا صاحب هذا الأمر على هؤلاء العبيد ، قال سلمان : فرأيت أصنافا ثلاثة ،
طول أحدهم مأة وعشرون ذراعا ، والثاني طول كل واحد سبعون ذراعا ،
والثالث يفرش أحد أذنيه تحته والآخر يلتحف به .
ثم إن أمير المؤمنين أمر الريح فسارت بنا إلى جبل قاف ، فانتهينا إليه
وإذا هو من زمردة خضراء ، عليها ملك على صورة النسر ، فلما نظر إلى
أمير المؤمنين عليه السلام قال الملك : السلام عليك يا وصي رسول الله وخليفته ،
أتأذن لي في الكلام ؟ فرد عليه السلام وقال له : إن شئت تكلم وإن شئت
أخبرتك عما تسئلني عنه ، فقال الملك : بل تقول أنت يا أمير المؤمنين ، قال :
تريد أن آذن لك أن تزور الخضر ؟ قال : نعم ، فقال عليه السلام : أذنت لك
فأسرع الملك بعد أن قال : بسم الله الرحمن الرحيم ، ثم تمشينا على الجبل
هنية ، فإذا بالملك قد عاد إلى مكانه بعد زيارة الخضر عليه السلام ، فقال سلمان :
يا أمير المؤمنين ! رأيت الملك ما زار الخضر إلا حين أخذ أذنك ، فقال عليه السلام :
والذي رفع السماء بغير عمد لو أن أحدهم رام أن يزول من مكانه بقدر نفس
واحد لما زال حتى آذن له وكذلك يصير حال ولدي الحسن وبعده الحسين
وتسعة من ولد الحسين ، تاسعهم قائمهم ، فقلنا : ما اسم الملك الموكل بقاف ؟
فقال عليه السلام : ترحابيل ، فقلنا : يا أمير المؤمنين ! كسف تأتي كل ليلة إلى هذا
الموضع وتعود ؟ فقال عليه السلام : كما أتيت بكم ، والذي فلق الحبة وبرئ
النسمة إني لأملك من ملكوت السماوات والأرض ما لو علتم ببعضه لما
احتمله جنانكم ، إن اسم الله الأعظم على اثنين وسبعين حرفا ، وكان عند

‹ صفحه 474 ›


آصف بن برخيا حرف واحد ، فتكلم به فخسف الله عز وجل الأرض ما بينه
وبين عرش بلقيس حتى تناول السرير ، ثم عادت الأرض كما كانت أسرع
من طرف النظر ، وعندنا نحن والله اثنان وسبعون حرفا ، وحرف واحد
عند الله عز وجل استأثر به في علم الغيب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي
العظيم ، عرفنا من عرفنا وأنكرنا من أنكرنا ، ثم قام عليه السلام وقمنا ، فإذا نحن
بشاب في الجبل يصلي بين قبرين ، فقلنا : يا أمير المؤمنين ! من هذا الشاب ؟
فقال عليه السلام : صالح النبي عليه السلام ، فقال عليه السلام : وهذان القبران لأمه
وأبيه وأنه يعبد الله بينهما ، فلما نظر إليه صالح لم يتمالك نفسه حتى بكى
وأومى بيده إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، ثم أعادها إلى صدره وهو يبكي ،
فوقف أمير المؤمنين عليه السلام عنده حتى فرغ من صلاته ، فقلنا له : ما بكاؤك ؟
قال صالح : إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يمر بي عند كل غداة ، فيجلس
فتزداد عبادتي بنظري إليه ، فقطع ذلك مذ عشرة أيام فأقلقني ذلك ، فتعجبنا
من ذلك .
فقال عليه السلام : تريدون أن أريكم سليمان بن داود ؟ قلنا : نعم ، فقام
ونحن معه حتى دخل بستانا ما رأينا أحسن منه وفيه من جميع الفواكه
والأعناب ، وأنهاره تجري والأطيار يتجاوبن على الأشجار ، فحين رأته الأطيار
أتت ترفرف حوله حتى توسطنا البستان وإذا سرير عليه ثياب ملقى على
ظهره ، واضع يده على صدره ، فأخرج أمير المؤمنين عليه السلام الخاتم من جيبه
وجعله في إصبع سليمان بن داود فنهض قائما وقال : السلام عليك
يا أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين ، أنت والله الصديق الأكبر
والفاروق الأعظم ، قد أفلح من تمسك بك وقد خاب من تخلف عنك
وإني سئلت الله عز وجل بكم أهل البيت فأعطيت ذلك الملك ، قال سلمان :
فلما سمعنا كلام سليمان بن داود لم أتمالك نفسي حتى وقعت على أقدام
أمير المؤمنين عليه السلام أقبلها ، وحمدت الله عز وجل على جزيل عطائه ، بهدايته إلى
ولاء أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وفعل
أصحابي كما فعلت ، ثم سئلت أمير المؤمنين : ما وراء قاف ؟ قال : ورائه

‹ صفحه 475 ›


ما لا يصل إليكم علمه ، فقلنا : تعلم ذلك يا أمير المؤمنين ؟ فقال عليه السلام :
علمي بما وراءه كعلمي بحال هذه الدنيا وما فيها ، وإني الحفيظ الشهيد عليها
بعد رسول الله وكذلك الأوصياء من ولدي بعدي ، ثم قال عليه السلام : إني
لأعرف بطرق السماوات من طرق الأرض نحن الاسم المخزون المكنون ، نحن
الأسماء الحسنى التي إذا سئل الله عز وجل بها أجاب ، نحن الأسماء المكتوبة
على العرش ، ولأجلنا خلق الله عز وجل السماء والأرض والعرش والكرسي
والجنة والنار ، ومنا تعلمت الملائكة التسبيح والتقديس والتوحيد والتهليل
والتكبير ، ونحن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه .
ثم قال عليه السلام : أتريدون أن أريكم عجبا ؟ قلنا : نعم ، فقال : غضوا
أعينكم ، ففعلنا ، ثم قال عليه السلام : افتحوها ، ففتحناها ، فإذا نحن بمدينة ما رأينا
أكبر منها ، الأسواق فيها قائمة ، وفيها أناس ما رأينا أعظم من خلقهم على
طول النخل ، قلنا : يا أمير المؤمنين ! من هؤلاء ؟ قال : بقية قوم عاد كفار لا يؤمنون
بالله عز وجل ، أحببت أن أريكم إياهم ، وهذه المدينة وأهلها أريد أن
أهلكهم وهم لا يشعرون ، قلنا : يا أمير المؤمنين ! تهلكهم بغير حجة ؟ قال
عليه السلام : لا ، بل بحجة عليهم ، فدنا منهم وترآى لهم فهموا أن يقتلوه ، ونحن
نريهم وهم لا يرون ، ثم تباعد عنهم ودنا منا ومسح بيده عليه السلام على صدورنا
وأبداننا وتكلم بكلمات لم نفهمها ، وعاد إليهم ثانية حتى صار بإزائهم
وصعق فيهم صعقة ، قال سلمان : لقد ظننا أن الأرض قد انقلبت والسماء قد
سقطت وأن الصواعق من فيه قد خرجت ، فلم يبق في تلك الساعة أحد ،
قلنا : يا أمير المؤمنين ! ما صنع الله بهم ؟ قال عليه السلام : هلكوا وصاروا كلهم
إلى النار ، قلنا : هذا معجز ، ما رأينا ولا سمعنا بمثله ، فقال عليه السلام : أتريدون
أن أريكم شئ آخر أعجب من ذلك ؟ فقلنا : لا نطيق بأسرنا على احتمال
أزيد من ذلك ، فعلى من لا يتولاك ولا يؤمن بفضلك وعظيم قدرك على الله
عز وجل لعنة الله ولعنة اللاعنين والملائكة والخلق أجمعين إلى يوم الدين ، ثم
سئلنا الرجوع إلى أوطاننا ، فقال عليه السلام : أفعل ذلك إن شاء الله ، فأشار إلى
السحابتين فدنتا منا ، فقال عليه السلام : خذوا مواضعكم ، فجلسنا على سحابة

‹ صفحه 476 ›

وجلس عليه السلام على الأخرى وأمر الريح فحملتنا حتى صرنا في الجو ورأينا
الأرض كالدرهم ثم حطنا في دار أمير المؤمنين عليه السلام في أقل من طرف
النظر ، وكان وصولنا إلى المدينة وقت الظهر والمؤذن يؤذن وكان خروجنا منها
وقت علت الشمس ، فقلنا : بالله العجب كنا في جبل قاف مسيرة خمس
سنين وعدنا في خمس ساعات من النهار ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : لو أنني
أردت أن أجوب الدنيا بأسرها والسماوات السبع وأرجع في أقل من الطرف
لفعلت بما عندي من اسم الله الأعظم ، فقلنا : يا أمير المؤمنين ! أنت والله الآية
العظمى والمعجز الباهر بعد أخيك وابن عمك رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم ) ( 1 ) .
وعن السيد بن باقي في كتاب الاختيار عن سلمان رضي الله عنه قال :
( رأيت مكتوبا في حمايل سيف أمير المؤمنين عليه السلام ، فسئلت أمير المؤمنين
عليه السلام ما هذا المكتوب ؟ فقال عليه السلام : أحد عشر كلمة علمني رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم ، تريد أن أعلمك بها في السفر والحضر والليل والنهار
يكون نفسك ومالك وأولادك محفوظا من البلاء ؟ قلت : نعم ، قال عليه السلام :
إذا فرغت من صلاة الصبح فاقرأ هذا الدعاء : اللهم - إلى آخره ) ( 2 ) ، مذكور في
كتب الدعوات في تعقيب الصبح .
وفي مهج الدعوات : ( ومن ذلك دعاء جامع عن أمير المؤمنين عليه السلام
رويناه بإسنادنا إلى سعد بن عبد الله في كتابه كتاب فضل الدعاء قال :
حدثنا يعقوب بن يزيد ، يرفعه ، ( قال : ) قال سلمان الفارسي رضي الله عنه :
سمعت علي بن أبي طالب صلوات الله عليه يقول : قال ( لي ) رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم : يا علي ! لو دعى داع بهذا الدعاء على ماء جار ، لسكن حتى يمر عليه ،
( و ) والذي بعثني بالحق نبيا أنه من بلغ به الجوع والعطش ثم دعى بهذا

00000000000000000000

( 1 ) رواه في مدينة المعاجز عن كتاب منهج التحقيق مع تلخيص : 8 - 37 .
( 2 ) البحار 86 : 191 مع اختلافات .

‹ صفحه 477 ›


الدعاء أطعمه الله وسقاه ، ( و ) والذي بعثني بالحق نبيا لو أن رجلا دعى بهذا
الدعاء على جبل بينه وبين موضع يريده ، لانشعب الجبل حتى يسلك فيه
إلى الموضع الذي يريده ، ( و ) والذي بعثني بالحق نبيا لو يدعى به على مجنون ،
لأفاق من جنونه ، ( و ) والذي بعثني بالحق نبيا لو يدعى به على امرأة قد
عسر ( ت ) عليها ولادتها ، لسهل الله عليها الولادة ، ( و ) والذي بعثني بالحق نبيا
لو دعى بهذا الدعاء رجل على مدينة والمدينة تحترق ومنزله في وسطها ،
لنجا منزله ولم يحترق ، ( و ) الذي بعثني بالحق نبيا لو دعى به داع أربعين ليلة
من ليالي الجمع ، غفر الله له كل ذنب بينه وبين الآدميين ولو ( كان )
فجر بأمه غفر الله له ذلك ، ( و ) والذي بعثني بالحق نبيا إنه من دعى بهذا
الدعاء على سلطان جائر ، جعل الله ذلك السلطان طوع يديه ، ( و ) الذي
بعثني بالحق ( نبيا ) إنه من نام وهو يدعو به ، بعث الله إليه بكل حرف منه
ألف ألف ملك من الروحانيين ، وجوههم أحسن من الشمس والقمر
بسبعين ضعفا يستغفرون الله ويكتبون ( له ) الحسنات ويرفعون له الدرجات ،
قال سلمان : فقلت له : بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين ! أيعطى بهذه الأسماء كل
هذا ؟ فقال : قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : بأبي أنت وأمي يا رسول الله !
أيعطى ( الداعي ) بهذه الأسماء كل هذا ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
أخبرك يا علي ( 1 ) بأعظم من ذلك ، من نام وقد ارتكب الكبائر كلها وقد
دعى بهذا الدعاء ، فإن مات فهو شهيد عند الله ( 1 ) ، وإن مات على غير توبة
يغفر الله له ولأهل بيته ولوالديه ولولده ولمؤذن مسجده ولإمامه بعفوه
ورحمته ، يقول : اللهم إنك حي لا تموت وصادق لا تكذب - الدعاء ) ( 2 ) .
وروى الشيخ في مجالسه ، وهو غير أماليه الذي نسبناه إليه في
الأخبار المتقدمة تبعا للجماعة ، وإن كان هو لابنه على التحقيق ، عن جماعة ،
عن أبي المفضل ، قال : حدثنا ( الحسن بن ) محمد بن علي بن شاذان بن جناب

0000000000000000000

( 1 ) في المصدر : يا علي أخبرك ، عند الله شهيد .
( 2 ) مهج الدعوات : 8 : 137 .

‹ صفحه 478 ›


الأزدي الخلال بالكوفة ، قال : حدثنا الحسن بن أحمد بن عبد الله المزني
الخلال ، قال : حدثنا إسماعيل بن صح اليشكري ، عن أبي خالد الواسطي ،
عن أبي هاشم الرماني ، عن زاذان ، عن سلمان رضي الله عنه قال : ( دخل علي
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( يعودني ) وأنا مريض ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم :
كشف الله ضرك وعظم أجرك وعافاك في دينك وجسدك إلى مدة
أجلك ) ( 1 ) .
وعن العياشي ، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه ، عن أمير المؤمنين
عليه السلام في حديث له في فضل ( مسجد ) الكوفة : ( نجر نوح سفينته ، وفيه
فار التنور ، وبه كان بيت نوح ومسجده ) ( 2 ) .
وفي مكارم الأخلاق : ( قال سلمان الفارسي رضي الله عنه : سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : أيما امرأة منت على زوجها بمالها ، فتقول :
إنما تأكل أنت من مالي ، لو أنها تصدقت بذلك المال في سبيل الله ، لا يقبل الله
منها ، إلا أن يرضى عنها زوجها ) ( 3 ) .
وفيها عنه ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( إن الله ليستحي
من العبد أن يرفع إليه يديه فيردهما خائبين ) ( 4 ) .
وفي كتاب سليم بن قيس الهلالي من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ،
قال سلمان الفارسي : ( لما أن قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصنع
الناس ما صنعوا جاءهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح ، فخاصموا
الأنصار ، فخصموهم بحجة علي عليه اللام فقالوا : يا معشر الأنصار ! قريش أحق
بالأمر منكم لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قريش ، والمهاجرين خير
منكم ، لأن الله بدأ بهم في كتابه وفضلهم ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم : الأئمة من قريش ، قال سلمان : فأتيت عليا عليه السلام وهو يغسل

000000000000000000

( 1 ) أمالي الشيخ 2 ، مجلس 13 : 244 .
( 2 ) تفسير العياشي 2 : 147 ، بحار الأنوار 100 : 387 .
( 3 ) مكارم الأخلاق : 202 .
( 4 ) مكارم الأخلاق : 276 ، وشفيه ( فيردهما خائبتين ) .

‹ صفحه 479 ›


رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد كان ( رسول الله ) أوصى عليا أن لا يلي
غسله غيره ، فقال : يا رسول الله ! فمن يعينني على ذلك ؟ قال : جبرائيل ، فكان
علي عليه السلام لا يريد عضوا إلا انقلب له ( 1 ) ، فلما عسله وحنطه وكفنه أدخلني
وأدخل أبا ذر والمقداد وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، فتقدم علي
عليه السلام وصففنا خلفه نصلي عليه ، وعايشة في الحجرة لا تعلم ، قد أخذ
جبرئيل ( 1 ) ببصرها ، ثم أدخل عشرة من المهاجرين وعشرة من الأنصار
( فكانوا ) يدخلون ويدعون ثم يخرجون ، حتى لم يبق أحد شهد من المهاجرين
والأنصار إلا صلى عليه ، قال سلمان الفارسي : فأتيت عليا عليه السلام وهو
يغسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فأخبرته بما صنع الناس وقلت : إن
أبا بكر الساعة قد رقى في منبر رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يرضوا أن يبايعوه ( 2 ) بيد
واحدة وأنهم يبايعونه بيديه جميعا ، يمينه وشماله ، فقال علي عليه السلام :
يا سلمان ! وهل تدري من أول من بايعه على منبر رسول الله ؟ قلت : لا ، إلا أني
رأيته في ظلة بني ساعدة حين خصمت الأنصار وكان أول من بايعه
المغيرة بن شعبة ثم بشير بن سعد ، ثم أبو عبيدة ابن الجراح ، ثم عمر بن
الخطاب ، ثم سالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل ، قال عليه السلام : لست
أسئلك عن هؤلاء ولكن ( هل ) تدري من أول من بايعه حين صعد المنبر ؟
قلت : لا ، ولكني رأيت شيخا كبيرا متوكأ على عصاه وبين عينيه سجادة ،
شديدة التشمير ( 3 ) ، ( قد ) صعد المنبر أول من صعد وهو يبكي ويقول : الحمد لله
الذي لم يمتني ( في الدنيا ) حتى رأيتك في هذا المكان ، أبسط يدك
( أبايعك ) ، فبسط يده فبايعه ، ثم قال : يوم كيوم آدم ( 4 ) ، ثم نزل فخرج من

0000000000000000000

( 1 ) في المصدر : قلب له ، أخذ الله .
( 2 ) في المصدر : صنع القوم وقلت : إن أبا بكر الساعة لعلى منبر رسول الله وما يرضى الناس أن
يبايعوا له .
( 3 ) سجادة : أثر السجود في الجبهة ، شمر إزاره : رفعه ، ويقال : شم ، عن ساقه وشمر في أمره :
خف ، وفي البحار : أريد هنا إنه كان يبدو من ظاهر حاله الاهتمام بالعبادة .
( 4 ) المراد بها إن ما فعلت في هذا اليوم شبيه بما فعلت بآدم وأخرجته من الجنة في الغرابة وحسن
التدبير ( البحار ) .

‹ صفحه 480 ›


المسجد ، فقال ( لي ) علي عليه السلام : ( يا سلمان ! ) وهل تدري من هو ؟ قلت :
لا ، ولقد سائتني مقالته ، كأنه شامت بموت رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال علي
عليه السلام : فإن ذلك إبليس ( لعنه الله ) ، أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن
إبليس ورؤساء أصحابه شهدوا نصب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إياي
بغدير خم لما أمره الله تعالى ( 1 ) وأخبرهم أني أولى بهم من أنفسهم ، وأمرهم أن
يبلغ الشاهد الغئب ، فأقبل إلى إبليس أبالسته ومردة أصحابه فقالوا : إن هذه
الأمة ( أمة ) مرحومة معصومة ، فما لك ولا لنا عليهم سبيل ، قد علموا مفزعهم
وإمامهم بعد نبيهم ، فانطلق إبليس كئيبا ( 2 ) حزينا ، قال : أخبرني رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم ( بعد ذلك ) فقال : يبايع الناس أبا بكر في ظلة بني ساعدة
بعد تخاصمهم بحقنا وحجتنا ، ثم يأتون المسجد فيكون أول من بايعه على
منبري إبليس في صورة شيخ كبير مستبشر يقول كذا وكذا ، ثم يخرج فيجمع
( أصحابه و ) شياطينه وأبالسته فيخرون سجدا ( فيقولون : يا سيدنا
ويا كبيرنا ! أنت الذي أخرجت آدم من الجنة ، فيقول : أي أمة لن تضل بعد
نبيها ! ) ، ( ثم يقول : ) كلا ، زعمتم أن ليس لي عليهم سلطان ( 3 ) ، فكيف رأيتموني
صنعت بهم حين تركوا ما أمرهم الله به من طاعته وأمرهم به رسوله ، وذلك
قول الله تعالى : ( ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين ) ( 4 ) .
قال سلمان : فلما ( إن ) كان الليل حمل علي عليه السلام فاطمة على حمار
وأخذ بيدي ابنيه الحسن والحسين عليهما السلام ، فلم يدع أحدا من أهل بدر من
المهاجرين ولا من الأنصار إلا أتاه في منزله وذكر حقه ودعاه إلى نصرته فما
استجاب له من جميعهم ( 5 ) إلا أربعة وأربعون رجلا ، فأمرهم أن يصبحوا
( بكرة ) محلقين رؤوسهم مع سلاحهم ، على أن يبايعوه على الموت ، فأصبح ولم

0000000000000000000

( 1 ) في المصدر : يوم غدير خم بأمر الله .
( 2 ) في الأصل : أيسا .
( 3 ) في المصدر : كذا زعمتم أن ليس له عليهم سبيل .
( 4 ) السبأ : 20 .
( 5 ) في المصدر : فذكرهم حقه ودعاهم إلى نصرته فما استجاب له منهم .

‹ صفحه 481 ›

يوافه أحد ( 1 ) منهم إلا أربعة ، فقلت لسلمان : من الأربعة ؟ قال : أنا وأبو ذر
والمقداد والزبير بن العوام ، ثم عاودهم ليلا فناشدهم فقالوا : نصبحك بكرة ،
فما أتى أحد منهم ( 2 ) غيرنا ( ثم أتاهم الليلة الثالثة فما أتاه غيرنا ) ، فلما رأى
( علي عليه السلام ) غدرهم وقلة وفائهم ( له ) ، لزم بيته وأقبل على القرآن ، يؤلفه
ويجمعه ، فلم يخرج من بيته حتى جمعه ، وكان في الصحف والشظاظ ( 3 )
والأسيار ( 4 ) والرقاع ، فلما جمعه كله وكتبه ( بيده ) على تنزيله وتأويله والناسخ
منه والمنسوخ ، بعث إليه أبو بكر أن أخرج فبايع ، فبعث إليه علي عليه السلام
إني لمشغول وقد آليت على نفسي يمينا أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى
أولف القرآن وأجمعه ، ( فسكتوا عنه أياما ) ، فجمعه في ثوب ( واحد ) وختمه ،
ثم خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله صلى الله عليه
وآله ، فنادى ( علي عليه السلام ) بأعلى صوته : ( يا ) أيها الناس ! إني لم أزل منذ
قبض رسول الله صلى الله عليه وآله مشغولا بغسله ثم القرآن ، حتى جمعته كله في
هذا الثوب الواحد ، فلم ينزل الله ( على رسول الله صلى الله عليه وآله ) آية منه إلا
وقد جمعتها ، وليست منه آية وقد أقرأنيها رسول الله وعلمني تأويلها ، ثم قال
لهم علي عليه السلام : لئلا تقولوا يوم القيامة إني لم أدعكم إلى نصرتي ولم
أذكركم ( حقي ) ولم أدعوكم إلى كتاب الله من فاتحته إلى خاتمته ، فقال له
عمر : ما أغنانا بما معنا من القرآن مما تدعونا إليه ، ثم دخل علي عليه السلام
بيته ، فقال عمر لأبي بكر : أرسل إلى علي فليبايع ، فإنا لسنا في شئ حتى
يبايع ولو قد بايع أمناه ، فأرسل إليه أبو بكر ( أن ) أجب خليفة رسول الله ،
فأتاه الرسول فقال له ذلك ، فقال ( له ) علي عليه السلام : ( سبحان الله ) ما أسرع
ما كذبتم على رسول الله ، إنه ليعلم ويعلم الذين حوله أن الله ورسوله لم
يستخلفا غيري ، وذهب ( إليه ) الرسول فأخبره بما قال ( له ) ، قال : إذهب

0000000000000000000

( 1 ) في المصدر : معهم سلاحهم ليبايعوا على الموت فأصبحوا فلم يواف منهم أحد .
( 2 ) في المصدر : ثم أتاهم علي من الليلة المقبلة فناشدهم فقالوا : يضحك بكرة فما منهم أحد أتاه .
( 3 ) الشظاظ جمع أشظة : خشبة عقفاء تدخل في عروقي الجوالق .
( 4 ) السير - بالفتح - قدة من الجلد مستطيلة .

‹ صفحه 482 ›


فقل ( له ) : أجب أمير المؤمنين أبا بكر ، فأتاه فأخبره بذلك ، فقال ( له ) علي
عليه السلام : سبحان الله ! ما ( والله ) طال العهد فينسى فوالله إنه ليعلم أن هذا
الاسم لا يصلح إلا لي ، ولقد أمره رسول الله وهو سابع سبعة ، فسلموا علي
بإمرة المؤمنين ، فاستفهمه هو وصاحبه عمر من بين السبعة ، فقالا : من الله
ورسوله ( 1 ) ؟ قال ( لهما ) رسول الله : نعم ، حقا من الله ورسوله ، إنه أمير المؤمنين
وسيد المسلمين وصاحب لواء الغر المحجلين ، يقعده الله عز وجل يوم القيامة
على الصراط ، فيدخل أوليائه الجنة وأعدائه النار ، فانطلق الرسول فأخبره بما
قال ، ( قال : ) فسكتوا عنه يومهم ذلك ، فلما كان الليل حمل علي فاطمة
عليهما السلام على حمار وأخذ بيد ( ي ) ابنيه الحسن والحسين عليهما السلام ، فلم يدع
أحدا من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلا أتاه في منزله ، فناشدهم
الله حقه ودعاهم إلى نصرته فما استجاب ( له ) منهم أحد ( 2 ) غيرنا الأربعة ، فإنا
حلقنا رؤوسنا وبذلنا له نصرتنا ، وكان الزبير أشدنا نصرة ( 2 ) في نصرته .
فلما رأى علي عليه السلام خذلان الناس له ( 2 ) وتركهم نصرته واجتماع
كلمتهم مع أبي بكر ( وطاعتهم له ) وتعظيمهم له ( 2 ) لزم بيته ، فقال عمر
لأبي بكر : ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع فإنه لم يبق أحد إلا وقد بايع غيره
وغير هؤلاء الأربعة ( معه ) ، وكان أبو بكر أرق الرجلين وأرفقهما وأدهاهما
وأبعدهما غورا ، والآخر أفظهما ( وأغلظهما ) وأجفاهما ، فقال له أبو بكر : من
نرسل إليه ؟ فقال ( عمر ) : نرسل إليه قنفذا وهو رجل فظ غليظ جاف ( 3 ) من
الطلقاء ، أحد بني عدي بن كعب ، فأرسله ( إليه ) وأرسل معه أعوانا ، فانطلق
فاستأذن ( على ) علي عليه السلام ، فأبى أن يأذن لهم ، فرجع أصحاب قنفذ إلى
أبي بكر وعمر وهما جالسان في المسجد والناس حولهما ، فقالوا : لم يأذن لنا ،
فقال عمر : اذهبوا فإن أذن لكم وإلا فادخلوا ( عليه ) بغير إذن ، فانطلقوا
فاستأذنوا ، فقالت فاطمة عليها السلام : أحرج عليكم ( 4 ) أن تدخلوا بيتي ( بغير

0000000000000000000

( 1 ) في المصدر : فاسلفهم هو وصاحبه عمر من بين السبعة فقالوا : آمن الله ورسوله .
( 2 ) في المصدر : رجل ، بصيرة ، خذلان الناس إياه ، تعظيمهم إياه .
( 3 ) في الأصل : إذ كان رجلا فظا غليظا جافيا .
( 4 ) التحرج : التضييق وعدم الإذن والإلجاء .

‹ صفحه 483 ›


إذن ) ، فرجعوا وثبت قنفذ ( الملعون ) ، فقالوا : إن فاطمة قالت كذا وكذا ،
فتحرجنا أن ندخل ( عليها ) بيتها بغير إذن ، فغضب عمر فقال : ما لنا
وللنساء ، ثم أمر أناسا ( حوله ) أن يحملوا حطبا فحملوا الحطب وحمل عمر
معهم ، فجعلوه حول بيت علي ، وفيه فاطمة وعلي وابناهما ( 1 ) عليهم السلام ، ثم
نادى عمر حتى أسمع عليا وفاطمة عليهما السلام : والله لتخرجن ( يا علي )
ولتبايعن خليفة رسول الله وإلا لأضرمت عليك بيتك نارا ( 2 ) ، ( فقالت فاطمة
عليها السلام : يا عمر ! ما لنا ولك ، فقال : افتحي الباب وإلا أحرقنا عليكم
بيتكم ، فقالت : يا عمر ! أما تتقي الله تدخل علي بيتي ، فأبى أن ينصرف
ودعا عمر بالنار ، فأضرمها في الباب ثم دفعه فدخل ، فاستقبلته فاطمة
عليها السلام وصاحت : يا أبتاه ! ، يا رسول الله ؟ فرفع عمر السيف - وهو في غمده -
فوجأ بها جنبها ، فصرخت : يا أبتاه ! ، فرفع السوط فضرب به ذراعها ، فنادت :
يا رسول الله ! لبئس ما خلفك أبو بكر وعمر ، فوثب علي عليه السلام فأخذ
بتلابيبه ، ثم نتره ، فصرعه ووجأ أنفه ورقبته وهم بقتله ، فذكر قول رسول الله
صلى الله عليه وآله وما أوصاه به ، فقال : والذي كرم محمدا بالنبوة يا ابن صهاك !
لولا كتاب من الله سبق وعهد عهده إلي رسول الله لعلمت أنك لا تدخل
بيتي ، فأرسل عمر يستغيث فأقبل الناس حتى دخلوا الدار وثار علي عليه السلام
إلى سيفه ) ، فرجع قنفذ إلى أبي بكر وهو يتخوف أن يخرج علي عليه السلام ( إليه )
بسيفه ، لما قد عرف من بأسه وشدته ، فقال أبو بكر لقنفذ : ارجع فإن خرج
وإلا فاقتحم عليه بيته فإن امتنع فاضرم عليهم بيتهم نارا ( 3 ) ، فانطلق قنفذ
( الملعون ) ، فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن وثار علي عليه السلام إلى سيفه ، فسبقوه
إليه ( وكاثروه ) وهم كثيرون ، فتناول بعض سيوفهم فكاثروه ( وضبطوه ) ،
فألقوا في عنقه حبلا ، وحالت بينه وبينهم فاطمة عليها السلام عند باب البيت ،

0000000000000000000000

( 1 ) في المصدر : فجعلوه حول بيت علي وفاطمة وابناهما عليهم السلام .
( 2 ) في المصدر : وإلا أضرمت عليك النار .
( 3 ) في المصدر : النار .

‹ صفحه 484 ›


فضربها قنفذ ( الملعون ) بسوط ( 1 ) ( كان معه ، على عضدها ) ، فماتت صلوات الله عليها
( حين ماتت ) وإن في عضدها كمثل الدملج ( 2 ) من ضربته ( لعنه الله ) ، ثم
أنطلق بعلي يعتل عتلا ( 3 ) حتى انتهي به إلى أبي بكر ، وعمر قائم على
رأس أبي بكر بالسيف ( 4 ) وخالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى
أبي حذيفة ومعاذ بن جبل والمغيرة بن شعبة وأسيد بن حصين وبشير بن سعد ،
وساير الناس حول أبي بكر ، عليهم السلاح .
قال : قلت لسلمان : ادخلوا على فاطمة ( عليها السلام ) بغير إذن ؟ قال :
إي والله ، وما عليها خمار ، فنادت : يا أبتاه ! يا رسول الله ! فلبئس ما خلفك
أبو بكر وعمر وعيناك لم تتفقأ في قبرك ، تنادي بأعلى صوتها ، فلقد رأيت
أبا بكر ومن حوله يبكون ( وينتحبون ) ، وما فيهم إلا باك غير عمر وخالد ( بن
الوليد ) والمغيرة بن شعبة ، وعمر يقول : ( إنا ) لسنا من النساء ورأيهن في
شئ ، ( قال : ) فانتهوا بعلي عليه السلام إلى أبي بكر وهو يقول : أما والله لو وقع
سيفي ( في يدي ) لعلمتم أنكم لم تصلوا إلى هذا أبدا ، ( أما ) والله ما ألوم نفسي
في جهادكم ، ( و ) لو كنت استمكنت من الأربعين ( رجلا ) لفرقت جماعتكم
ولكن لعن الله أقواما بايعوني ثم خذلوني ( ولما أن بصر به أبو بكر صاح :
خلوا سبيله ، فقال علي عليه السلام : يا أبا بكر ! ما أسرع ما توثبتم على رسول الله
صلى الله عليه وآله ، بأي حق وبأي منزلة دعوت الناس إلى بيعتك ، ألم تبايعني
بالأمس بأمر الله وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله ) ! ؟ وقد كان قنفذ ( لعنه الله )
حين ضرب فاطمة عليها السلام بالسوط حين حالت بينه وبين زوجها ، ( و )
أرسل إليه عمر ، إن حالت بينك وبين علي فاطمة فاضربها ، فالجأ ( ها ) قنفذ
إلى عضادة ( باب ) بيتها ودفعها فكسر ضلعا من جنبها وألقت جنينها ( 5 ) من

00000000000000000000

( 1 ) في المصدر : بالسوط .
( 2 ) الدملوج : حلي يلبس في المعصم .
( 3 ) بالنباء للمجهول أي يجذب جذبا ويجر جرا عنيفا .
( 4 ) في المصدر : عمر قائم بالسيف على رأسه .
( 5 ) في المصدر : فألقت جنينا .

‹ صفحه 485 ›



بطنها ، فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت ( صلى الله عليها ) من ذلك شهيدة ،
( قال : ) فلما انتهى بعلي عليه السلام إلى أبي بكر انتهره عمر وقال له : بايع ودع
عنك هذه الأباطيل ، فقال لي علي عليه السلام : إن أنا لم أبايع ( 1 ) فما أنتم
صانعون ؟ قالوا : نقتلك ذلا وصغارا ، فقال : إذن تقتلون عبد الله وأخا
رسول الله ! فقال أبو بكر : أما عبد الله فنعم ، وأما أخو رسول الله فلا نقر لك
بهذا ، قال : أتجحدون ، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله آخا بيني وبينه ! ؟ قال :
نعم ، فأعاد ذلك عليه ثلاث مرات ، ثم أقبل ( عليهم ) علي عليه السلام فقال :
يا معشر المسلمين والمهاجرين والأنصار ! أنشدكم الله أسمعتم رسول الله صلى الله
عليه وآله يقول يوم غدير خم كذا وكذا ( وفي غزاة تبوك كذا وكذا ) ؟ فلم يدع
( عليه السلام ) شيئا قاله ( فيه ) رسول الله صلى الله عليه وآله علانية للعامة إلا ذكرهم
( إياه ) ، قالوا : ( اللهم ) نعم ، فلما تخوف أبو بكر أن ينصره الناس وأن
يمنعوه ، بادرهم فقال ( له ) : كلما قلت حق قد سمعناه بآذاننا ( وعرفناه )
ووعته قلوبنا ولكن ( قد ) سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول بعد هذا :
أنا أهل بيت اصطفانا الله ( تعالى ) ( وأكرمنا ) واختار لنا الآخرة على الدنيا ،
فإن الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوة والخلافة ، فقال علي عليه السلام : هل
أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله شهد هذا معك ؟ فقال عمر : صدق
خليفة رسول الله قد سمعت‍ ( - ه ) منه كما قال ، وقال أبو عبيدة وسالم مولى
أبي حذيفة ومعاذ بن جبل : ( صدق ) قد سمعنا ذلك من رسول الله ( صلى الله
عليه ) .
فقال ( لهم ) علي عليه السلام : لقد وفيتم بصحيفتكم التي تعاهدتم عليها
في الكعبة : إن قتل الله محمدا أو أماته لتزون ( 2 ) هذا الأمر عنا أهل البيت ،
فقال أبو بكر : فما علمك بهذا ( 3 ) ( ما ) أطلعناك عليها ؟ فقال علي عليه السلام :

00000000000000000

( 1 ) في المصدر : فإن لم أفعل .
( 2 ) في المصدر : مات لتزون ، وفي الإحتجاج : ان تزووا ، وقول : زوى الشئ : نحاه ومنعه وزوى عنه
حقه : منعه إياه .
( 3 ) في المصدر : بذلك .

‹ صفحه 486 ›


( أنت ) يا زبير وأنت يا سلمان وأنت يا أبا ذر وأنت يا مقداد ، أسئلكم بالله
وبالإسلام أسمعتم رسول الله صلى الله عليه وآله يقول ذلك ( لي ) وأنتم تسمعون : إن
فلانا وفلانا - حتى عد هؤلاء الخمسة - قد كتبوا بينهم كتابا وتعاهدوا فيه
وتعاقدوا ( أيمانا ) على ما صنعوا ؟ ( فقالوا : اللهم نعم ، قد سمعنا رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول ذلك لك : إنهم قد تعاهدوا وتعاقدوا على ما صنعوا وكتبوا
بينهم كتابا ) إن قتلت أو مت ، ( أن يتظاهروا عليك و ) أن يزووا عنك هذا
( الأمر ) يا علي ، قلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله فما تأمرني أن أفعل إذا
كان ذلك ؟ فقال ( لك ) : إن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم ونابذهم وإن
( أنت ) لم تجد أعوانا فبايع واحقن دمك ، فقال ( علي عليه السلام ) : أما والله لو
أن أولئك الأربعين رجلا الذين بايعوني وفوا لي ، لجاهدتكم في الله ، أما والله
لا ينالها أحد من عقبكما إلى يوم القيامة ، ( وفيما يكذب قولكم على رسول الله
صلى الله عليه وآله قوله تعالى : ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا
آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ) ( 1 ) ، فالكتاب النبوة والحكمة
السنة والملك الخلافة ونحن آل إبراهيم ، فقام المقداد فقال : يا علي ! بما تأمرني ؟
والله إن أمرتني لأضربن بسيفي وإن أمرتني كففت ، فقال علي عليه السلام : كف
يا مقداد واذكر عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وما أوصاك به ، فقمت وقلت :
والذي نفسي بيده لو أني أعلم أني أدفع ضيما وأعز لله دينا لوضعت سيفي
على عنقي ، ثم ضربت به قدما قدما ، أتثبون على أخي رسول الله صلى الله عليه وآله
ووصيه وخليفته في أمته وأبي ولده ؟ فأبشروا بالبلاء وأقنطوا من الرخاء ،
وقام أبو ذر فقال : أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها المخذولة بعصيانها ، إن الله
يقول : ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ، ذرية بعضها
من بعض والله سميع عليم ) ( 2 ) ، وآل محمد الأخلاف من نوح وآل إبراهيم من
إبراهيم والصفوة والسلالة من إسماعيل ، وعترة النبي محمد وأهل بيت النبوة

00000000000000000

( 1 ) النساء : 54 .
( 2 ) آل عمران : 33 .