مؤلفات الإمام الشهيد السيد محمد صادق الصدر ( قدس سره)

كتاب اليوم الموعود بين الفكر المادي والديني للسيد الشهيد محمد صادق الصدر - قد -

عنه، إذا فهم قد شاركوا ضمنا في إيجاد هذا الوعي. إذن فقد عملوا شيئا على خلاف مصالحهم الطبقية...
وإذا لم يصح الجواب الماركسي عن سبب رغبة الربح، يبقى هذا السؤال
مفتوحا إلى حـين عرض الراي الصحيح، من خلال التخطيط الالهي العام. النقطة الخامسة: إن ما قالته الماركسية من ان تضخم الرأسمالية أو الامبريالية يوجب قوة البروليتاريا وأهميتها... غير صحيح، بعد الالتفات إلى عدة امور:
الأمر الأول: إن الدولة على اي حال، أقوى من العمال العزل مهما كان
حالهم، وتستطيع ان تتصرف في أحوالهم ومصائرهم كيفما تريد.
الأمر الثايى: إن الدولة تستطيع أن تربي الفرد على الثقافة التي
تهواها، بما
فيها النزوع إلى تمجيد النظام الراسمالي، وإذا تربى الفرد على هذه
المفاهيم فمن الصعب ان يتخلى عنها بعد ذلك.
الأمر الثالث: إن قيام ال- ولة بإعطاء الحرية لهم في التعبير عن
ارائهم ومشاعرهم من ناحية، وضط ن مستوى معاشي احسن لهم، يرفع- لا محالة- ما في صدورهم من غل إلى حد كبير، تجاه الدولة والنظام الرأسمالي، ويهدىء من تصرفاتهم وتمرداتهم.
وهذا كله صحيح، لولا نقطة واحدة، هي الزخم ا اعقائدي والمد على

مختلف المستويات، الذي تبذله الدول الاشتراكية، لأجل تحويل العمال
إلى مذهبها، والشعور بالتمرد والسخط على المجتمع الذفي يعيشون فيه... إذن فما تدعيه افىازكسية، من ان هذا يحدث تلمائيا وطبقا للقوانين الموضوعية، لا يمكن ان يصح وسنسمع عند " نقد التلقائية دا ماركسيا- بعد قليل- ما يلقي ضوءا في هذا المجال.
285
نهاية الرأسمالية

-1-
طبقا لمفاهيم الديالكتيك الكوني والمادية التاريخية، لا بد
للراسمالية من نهاية، ليحل محلها النظام الأفضل في نظر الماركسية: الاشتراكية. وهو المرحلة الأخيرة من سلسلتها التاريخية.
ومجمل تطبيق هذه المفاهيم على الراسمالية
:
إنه من زاوية الديالكتيك تعتبر الطبقة البرجوازيـة او الراسمالية

"
أطروحة
" والطبقة البروليتارية " طباقا لا او نفيا اول للمجتمع الراسمالي، والمحتمع الاشتراكي " تركيبا ثم او نفي النفي، يم التركيب دائما يكون اكمل من كل من الأطروحة والطباق... وكذلك المجتمع الاشتراكي يكون اكمل من سوا بقه.
واما من زاوية المادية التاريخية، فإن الطبقة البرجوازية
الرأسمالية، بعد
ان كانت طبقة تقدمية بالنسبة إلى الاقطاع ومرتبطة مصلحيا بالشكل
الجديد من وسائل الانتات، وما تستلزمه من علاقات إنتاج... تصبح هذه الطبقة تدربا " قديمة "؟ لأن وسائل الانتاج تستمر يخا النمو،. فيحدث الجديد منها ضلو الجديد، فتبقى هذه الطبقة مرتبطة مصلحيا بالنوع الذي كانت مرتبطة به أولا، ولا يمكنها تغيير علاقات إنتاجها... وتحدث في نفس الوقت، طبقة جديدة مرتبطة مصلحيا بالوسائل الجديدة للانتاج، تفضل العلاقات الانتاجية التي تقررها وتفرضها هذه الوسائل. وهذه الطبقة الجديدة هي البروليتاريا. وحيث ان قانون المادية التاريخية يقتضي انتصار الوسائل الجديدة والجماعة المرتبطة بها بالضرورة، إذن، فلا بد للبروليتاريا- بالضرورة- أن تنكصر وتجهز على علاقات الانتاج الرأسمالية، وتبدلها بالعلاقات التي تفضلها هي- اي البروليتاريا- وهي العلاقات التي تقررها الالة الجديدة، وهي علاقات الانتاح ا لا شترا كية.
281

إذدن، فبالضرورة سوف يتحقق المجتمع الاشتراكي مولودا من أحشاء
المجتمع الراسمالي، كـما ولد المجممع الرأسمالي بالضرورة من أحشاء المجتمع ا لا قطاعي.
هذا هو
" التجريد " الماركسي، طبقا للقوانن الماركسية العامة.
وبالرغم من ان هذا البيان أو 2 التسلسل الفكري صحيح ماركسيا،
ومطابق مع قواعد الماركسية... إلا أنها لم تؤكد عليه في هذه المرحلة، كـما أكدت على تطبيقه في المراحل السابقة. بل لم تذكره المصادر الماركسية إلا لماما، كـما هو واضح لمن راجعها.
بل ذكرت ما يخالف ذلك إلى حد كبير، من زاوية أن قانون المادية
التاريخية، قانون تلقائي صارم وضروري الانتاج في نظر الماركسية. وهذا معناه إلغاء الوعي البشري في تبديل عهد إلى عهد، بما فيه تبديل عهد الراسمالية إلى الاشتراكية. وهذا ما تبنته وصرحت به الماركسية في المراحل السابقة، انها لم ترغب به يا هذه المرحلة. لأن فيه إلغاءا للجهود " الواعية يا التي تبذلها الأحزاب الشيوعية في العالم لمناهضة الرأسمالية.
ومن هنا اكدت الماركسية، بكل وضوح، على ما سنسمع بعد قليل على عنصر
الوعي البشري والعمل الاختياري في تبديل هذه المرحلة، وشجبت التلقائية بالرغم من أنها هي الناتج الضروري من قانونها الديالكتيكي والمادية ا لتا ريخية.
-3-
وقد ربطت الماركسية بين نمو الانتاج ووسائله في عصر الرأسمالية،
وبين
نمو البروليتاريا من ناحية، التناقض بـين الراسمالية ووسائل
الانتاج من ناحية اخرى.
وهذه النقطة من كـلام الماركسيـيئ، اقرب الأساليب لقـانون

المادية التاريخية، من حيث انطباقه على هذا الحقل
.
قال ماركس
:
"
ولكن الرأسمالية، بسبب تنميتها القوى المنتجة بنسبة هائلة، وقعت
في تناقضات
لا تستطجع حلها. فهي بإنتاجها كميات كبيرة من البضائع وبإنقاصها
أسعار هذه البضائع،
282

تزيد المزاحمة تفاق!أ واشتدادا، وترمي جاهير الملاكين الفردين
الصغار والمتوسطين في الخرا، والدمار، وتجعلهم في حالة البروليتاريين، وتخفض مقدرتهم الشرائية، وتكون النتيجة أن تصريف البضائع المصنوعة يضحى مستحيلا.
إن الراسمالية بتوسيعها الانتاج، وبجمعها ملايين العمال يا فبارك
ومعامل عظيمة،
تطبع عملية الانتاح بطابع اجتماعي، وبذلك تنخر قاعدتها بنفسها، لأن
الطايع الاجتماعي لعملية ألانتاج يتطلب ملكية اجتماعية لوسائل ألانتاح ولكن ملكية وسائل الانتاج تبقى ملكية خاصة راسمالية، غير متلائمة مع الطابع الاجتماعي لعملية الانتاج.
...
ومعنى هذأ، ان علاقات ألانتاح الرأسمالية، لم تعد مطابقة لحالة
القوى المنتجة،
بل دخلت معها في تناقض لايحل
.
معنى هذا، أن الرأسمالية تحل في صلبها ثورة مدعوة إلى إحلال
الملكية الاشتراكية في
مكان الملكية الرأسمالية الحالية لوسائل ألانتج دا (1
).
"
وهكذا ينتزع تقدم الصناعة الكبرى من تحت أقدام البرجوأزية نفس
الأسس التي شادت عليها نظام إنتاجها وتملكها. ان البرجوأزية تنتج قبل كل شيء حفاري قبورها، فسقوطها وأنتصار البروليتاريا، كلاهما أمر محتوم لا مناص منه " (2).
ومن هنا تنبثق في نظر الماركسية أهمية عمل البروليتاريا، في تقويض
الرأسمالية، وتوجيه الحزب الشيوعي نحو وعيها وثورتها.
ولعل أوضح من عرضر ذلك هو بوليتزر، حيث نسمعه يقول- فيما

قال
-:
"
نستطيع الآن إدراك مهمة نضال البر 9-ليتاريا الطبقي ا- ريخية
. وسنرى بأن هذه المهمة
هي حل التناقض الذي ظهر بين علاقات ألانتاج الراسمالية وبين قوى
الانتاج.
كانت البرجوازية تنمي البروليتاريا في نفس الوقت الذي كانت تنمي
فيه قوى جديدة للانتاج، حسبما تقتضيه طبيعة علاقات الانتاج الراسمالية... وكلما تجمعت وسائل الانتاج بين يدي البرجوازية، كلما ازداد عدد البروليتاريا وقوتها.
...
غير انه لا يمكن للعمال البروليتاري!! ان يؤمنوا معيشتهم، كـما
نعلم، إلا بالنضال المستمر ضد الطبقة التي تستغلهم. وهكذأ ولدت البرجوازية بتوليدها نقيضها " البروليتاريا المستغلة، جيشا من الأعداء يقومون بنضال طبقي ضد المستغلين! (3). !........- لمأ. ضا. !!-.:.....،
(1)
المادية الديالكتيكية والمادية التاريخيه: ستالين ص 52- 53
.
(2)
البيان الـثوعي، ماركس، انجلز صح54
.
(3)
اصول الفلسفة الماركسية: بولتزرص 111!2
.
283

(
حتى ما إذا تسرب علم المجتمعات الذي أسسه ماركس وانجلز (1) بين
صفوف البروليتاريا، ارتفع مستوى النضال الطبقي بفضل الحزب الثوري (2). لأن مهمة هذا الحزب الذي يضم تحت لواثه عناصر البروليتاريا الناهضة، أن يدخل الوعي الاشتراكي في الطبقة العاملة وأن يقودها هي وجميع الطبقات الكادحة المتضامنة معها، إلى دك صرح الرأسمالية. فهو يناضل من أجل مطالب العمال العاجلة. غير أنه لا يكتفي بذلك، بل يشرح لهم، بصورة علمية، مصدر الاستغلال " (3).
"
ولا يستطيع نضال البروليتاريا في هذه المرحلة إزالة الاستغلال
الرأسمالي بل يحد من تأثيره. حتى إذا لم تعد علاقات الانتاج الراسمالية مناسبة لقوى الانتاج، بسبب ازدهار هذه القوى، أي حين تدخل الرأسمالية في نزاع مع قانون الترابط الضروري بين الانتاج وعلاقات الانتاج، تتوفر حينئذ الشروط الموضوعية الجديدة لنضال البروليتاريا... وهكذا يسير نضال البروليتاريا الثوري في اتجاه التاريخ، ولهذا كان واثقأ من المستقبل، لأن النضال يسير حسب قانون المجتمعات الأساسي (4) 1.
يعني قانون المادية التاريخجة. وقال
:
إ ويعود الفضل إلى ماركس وانجلز بأنهما اكتشفا الوسيلة الوحيدة
التي تستطيع حل التناقض بين طابع قوى الانتاج الاجتماعي وبين الملكية الخاصة، هو نضال الطبقة العاملة ا لثوري " ().
"
وهكذا يحل نشاط الـت، س الواعي محل سير التطور العفوي، ويحل
الانقلاب العنيف
محل التحلور السلمي، وتحل الثورة محل التطور التدريجي
.
يقول ماركس: البروليتاريا، في نضالها ضد البرجوازية، تتكؤن حتما في
طبقة، وتنصب نفسها بالثورة طبقة ساثدة، وبصفتها طبقة سائدة، تحطم بالعنف نظام الانتاح القديم " (6).
"
إن حزب البروليتاريا السياسي، هو صاحب الدور القاثد والموجه في
نضالها الطبقي.
ويدون الحزب المسلح بالنظرية العلمية والمرتبطة ارتباطا وثيقا
بالجماهير، لا يمكن للبروليتاريا أن تحقق النجاح في نضالها ضد أعدائها الطبقيين " (7).
(1)
يقصد: المادية التاريخية
.
(2)
الحزب الثوري اي الحزب الشيوعي في هامث! الكتاب ص 114
.
(3)
المصدر نفسه ص 114
.
(4)
المصدرص 117
.
(5)
المصدر والصفحة
.
(6)
المادية الديالكتيكية والماثية التريخية: ستالين ص 60
.
(7)
المادية التاريخية: تعريب احمد داودص 249
.
284

وقال لينين متهكما
:
(
دع (اليساريين) يمتحنون أنفسهم في العمل في النطاق الوطني
والدولي. دعهم يحاودون التمهيد لديكتاتورية البروليتاريا (ثم تحقيقها) بدون حزب ذي مركزية قوية وطاعة حديدية " (1).
ومن هذه الزاوية، بالضبط، زاوية التركيز النظري على اهمية الحزب
مضافا إلى التركيز العملي... ومن زاوية الشعور با اساقع- على ما سنرى- أكدت الماركسية على نقد التلقائية.
قال بوليتزر
:
"
وضرورة مثل هذا الحزب، معطى اساسي من معطيات الاشتراكية العلمية،
وهو
يتفق مع تعاليم النزعة المادية الجدلية والتاريخية. فلماذا؟ لأنه
إذا صح ان البروليتاريا التي تستغلها البرجوازية مضطرة ماديا للنضال ضدها، فلا يعني ذلك قط ان وعيها الاشتراكي تلقائي. لأن نظرية التلقائية معارضة للماركـية، والنظرية الثورية علم وليس هناك من علم تلقائي.
ولقد قام لينيئ في كتابه (ما العمل؟! بنقد كلاسيكي للتلقائية
...
ويلاحظ لينين ان حركة البروليتاريا التلقائية، لا يمكن أن تؤدي
بالبروليتاري إلى أبعد
من مرحلة تأليف النقابات التي تضم العمال من مختلف المعتقدات
السياسية وتهدف للنضال من اجل رفع مستوى الحياة والأجور. ولكن ليس هناك من نقابة- بصفتها هذه- أن تحمل للعمال ما يحمله الحزب السياسي الماركسي، الا وهو أمل الثورة والعلم الثوري.
...
مصلحة البروليتاريا الثورية تأمرها بالدفاع عن الحزب الشيوعي
ضد أي هجوم وتقويته، لأن وجوده ضروري لانتصارها. اما نظرية التلقائية فهيئ تضع البروليتاريا تحت حماية البرجوازية.
لأن نظرية التلقائية هي الأسالس المنطقي لكل نزعة انتهازية! (2
)!.
إن التلقائية تجعل العامل محطا للتركيز الفكري البرجوازي الذي
يبعده من الاقتناع بضرورة الثورة الاشتراكية التي تستهدفقا الماركسية، والأحزاب الشيوعية.
"
لأن النظرية الفكرية التي تعرض تلفائيأ للبروليتاريا في النظام
الرأسمالي، هي النظرية الفكرية البرجوازية، كالدين- مثلا- والأخلاق اللذين يلقنان في المدرسة، ويدعوان (1) مختارات: لينين (مرض اليسارية الطفولي في المئيوعة) !4 ص 119.
(2)
أصرل الفلسفة الماركسية: برليتزر!1 ص 409- 412
.
285

البروليتاريا إلى
" التذرع بالصبر " لأنه لا بد من " ثواب الفضيلة ".
ولا تعتمد النظرية الفكرية البرجوازية على قوة التقاليد فقط، بل
تعتمد على الوسائل
المادية الضخمة التي تمتلكها البرجوازية الحاكمة لما (1
).
وبانتهاء العصر الرأسمالي، ينتهي عصر اهم وأطول، هو عصر الوجود
الطبقي الذي عانته البشرية منذ نهاية المشاعية الأولى ودخولها في عصر القنانة، إلى نهاية الراسمالية الامبريالية.
قال كوفالسون
:
لا تختتم الرأسمالية عهدأ هائلأ من تاريخ البشرية هو عهد المجتمع
التناحري " (2).
يعتي اا لتناحر الطبقي. ويدخل المجتمع ثا عصر الوئام الاجتماعي
الذي
لا تتعدد فيه الطبقات، بفضل الاشتراكية التي تسود المجتمع الجديد
. وسوف يكون للبروليتاريا شرف القيام بهذه المهمة العظيمة.
قال بوليتزر
:
"
ذلك لأن نهاية النضال الطبقي، وانقسام ألانسانية على نفسها،
يستطيع إعادة الانسجام إلى الانسان وحلول عهد الوعي السعيد. كيران إزالة النضال الطبقي لا يمكن أن تتم إلا بالاستمرار في النضال الطبقي حتى النهاية. ذلك: لأن الثورة البروليتارية، ولا شيء غيرها، هي التي ئعيد إلى الانسانية وحدتها الئي تتمثل في البروليتاريا والجماهير الشعبية. إذ يسئعيد البروليتاريون وحلفاؤهم، في نضالهم الظافر ضد ظلم الطبقات المستغله وانحطاطها، الانسانية من أجلهم، ويحققون بذلك غاية الانسان " (3).
(1)
المصدرص 410. قارن هذا وما قبله بما قناه في النقطة الخامسة من
مناقشة العصر الئالث
للرأ سما لية
.
(2)
المادية التاريخية: كوفالسون، كيلله ص 137
.
(3)
أصول الفلسفة الماركسية: بوليتزر جى 2 ص 67
.
286

المناقشة

ينبغي أن نتفق مع الماركسية، في أن الرأسمالية، ليست قدرا أبديا
على البشرية، بل هي- لا محالة- صائرة إلى زوال، مع ما تحمل من بلايا ودمار. كـما ينبغي أن نتفق معها، بأن المجتمع المتلائم العناصر، والأخوي لا
داخله هو الهدف الأساسي للبشرية. وهو الذي يختتم أتعاب البشرية
التي عانتها خلاله عمرها الطويل. وهذا هو أحد العناصر الرئيسية التي تتفق فيها الماركسية مع " التخطيط الالهي العام لما كـما ذكرنا في أول الكتاب.
كـما ينبغي ان نتفق معها أيضا على
" نقد التلقائية " وان ذلك اليوم السعيد
لا يسود البشرية عفويا، بل يحتاج إلى عمل واسع عظيم من أجل إيجاده
. ولكننا سنسمع الان أن نقد التلقائية غير منسجم مع القواعد الماركسية، بالرغم من تأكيدها عليه.
ومن هنا ينبغي أن تنطلق المناقشات من زاوية انطباق المفهوم
الماركسي التاريخي، على ما أرادت أن تقوله في هذا الحقل بالذات. وذلك ضمن نقاط: النقطة الأولى: ان قوانين المادية التاريخية، التي تعتقد الماركسية بضرورة إنتاجها، تقتضي " التلقائية يا بالضرورة... سواء على مستوى قانون " نفي النفي يا أو قانون " تطور وسائل الانتاح ثم. ومن الواضح انه لا يمكن للحزب الشيوعي " الثوري " ولا لأي فرد أو جماعة ان يغير القوانين الكونية القهرية او يقف في وجهها.
وهنا قد تقول الماركسية: انها اكدت على جانب الوعي إلى جانب
الضرورة كـما سبق أن سمعنا. ومعنى ذلك، انفتاح الفرصة المؤاتية التي يمكن أن تستغل الثورة خلال تلك القوانين الضرورية.
إلا ان هذا الكلام لا يمكن ان يكون صادقا، لعدة أجوبة
:
الجواب الأول: إن هذا التركيب بين الضرورة والحرية، قد سبق أن

ذكرنا بطلانه وعدم إمكان التسليم بصحته
.
97/
؟


الجواب الثاني: اننا نسأل عن أن القوانن الضرورية وحدها، هل هي

منتجة لانتقال المجتمع من الراسمالية إلى الاشتراكية اولا!؟
...
فإن لم تكن وحدها مؤثرة، فقد فشلت تلك القوانن بعد أن كانـت قد
نجحت في المراحل السابقة، مستقلة عن الوعي،، وإن كانت تعمل عملها مستقلة عن الوعي، كـما عملت في المراحل السابقة. إذن، فإنتاجها تلقائي بالضرورة، ولا حاجة إلى أعمال الأحزاب الشيوعية بالمرة.
الجواب الثالث: ان الوعي ليس ضروري الانتاج، كـما هو ألحال في
القوانن الكونية العامة. لأنه يعني الحرية وهي تنافي الضرورة، حتى بالفهم الماركسي.
فإن كان المجتمع لا ينتقل إلى الاشتراكية إلا بواسطة إعمال الوعي،

وليس بالقوانن الضرورية فقط (كما صرحت 1 أ، ركسية في هذه المرحلة
من تفكيرها)... إذن تصبح مرحلة الاشتراكية غير ضرورية الوجود، باعتبار ان احد اسبابها، وهو الوعي، ليس ضروري الوجود لانتاجها.
إلى اجودة اخرى غير هذه
...
ومعه يتعين القول بالتلقائية، طبقا للقوانين المادية الماركسيه
. ولا معنى
لنفيها أو نقدها ماركسيا. وهذا إلى جانب كونه
" تقديسا لا لهذه القوانين فانه يحتوي إلغاء مهمة الأحزاب الشيوعية. وهذا هو التهافت الذي وقعت فيه الماركسية بين عمل قوانينها وعمل احزابها. ومنه يتضح بجلاء منافاة وجود الأحزاب الشيوعية مع ا أغوانن الماركسية، وإن اكدت الماركسية على مطابقتها معها.
النقطة الثانية: إن ما سمعناه من الماركسية، لبل قليل، من ان زوال
المجتمع الراسمالي ينتج زوال الطبقية ووجود المجتمع الأفضل الذي هو الهدف الانساني الأعلى... هذا لا يمكن ان يكون صحيحا من زاوية ماركسية. لأن ما يحدث بعد زوال الماركة ليس هو (الطور الأعلى) للمجتمع الاشتراكي بل هو مرحلة (دكتارتورية البروليتاريا). وسنسمع عند الحديث عنه بعد قليل، ان الماركسية تصرح بوجود الطبقية والنضال الطبقي فيه... غيرأن الأكثرية هي التي تكون الطبقة السائدة يومئذ. إذن فالطبقية لن تزول بزوال المجتمع الراسمالي بل تبقى بعده خلافا لما أرادت الماركسية أن تقول.
288

النقطة الثالثة: ان الحزب الشيوعي لو انعقد في البلد الرأسمالي
انعقادا
(
أ تلص ئيا
" ليقود جماهير البروليتاريا إلى المستقبل الاشتراكي... لكان هذا امرا معقولا، لو استطعنا التنزل عن الاعتراضات السابقة. والمفهوم ان هذه هي الفكرة التي حاولمت الماركسية " تجريديا " إعطاع!ا.
إلا أن هذا التجريد، لا يصح من الناحية التطبيقية لعدة أسباب
:
أولا: ان الأحزاب الشيوعية في العالم لم تنعقد بعد الثورة الحمراء
ثاروسيا
من تلقاء نفسها، بل بتدخل وتخطيط من قبل الاتحاد السوفيتي، أولا،
والصين الشعبية الماوية ثانيا. ولم يصادف في أي بلد ان وجد الحزب الشيوعي تلقائيا وبدون هذا التدخل بعد الثورة الروسية.
ثانيا: ان هناك عددا من البلدان لا تتصف بالرأسمالية بالمرة، ومع
ذلك
وجد الحزب الشيوعي فيها. والواقع المعاش أوضح دليل على ذلك في اكـز
الدول النامية في العالم. فإذا كانت وظيفة هذا الحزب قيادة البروليتاريا وإذا كانت البروليتاريا لا توجد إلا في مجتمع راسمالي. فما هي وظيفة الحزب في البلدان غير ا لراسمالية؟!..
لعل وظيفته هو نقل البلد إلى الشيوعية قبل المرور بالعصر
الراسصالي، كما سمعنا تصريح لينين بذلك، وان ذلك أمر ممكن بتدخل من الاتحاد السوفييتي، والقوى الشيوعية العالمية. إذن، فوظيفة الحزب الشيوعي سوف تكون هي عصيان قوانين المادية التاريخية الضرورية، وليس تطبيقها، كـما تريد الماركسية أق تقول.
ولكن هذا التدخل مخالف لما اتفق عليه الرأي العام العالمي والقانرن
الدولي، من (حق تقرير المصيرلما للشعوب، الذي وافق الماركسيون على صحته.
قال لينين
:
(
إن حق الأمم في تقرير مصيرها يعني بوجه الحصر، حق الأمم في
الاستقلال بالمعنى السياسي " (1).
ومحاولة الماركسية لتفسير هذا الحق، بأنه انطلاق من نيى الاضطهاد
الرأسمالي بالخصوص، كـما يقول لينين عنه:
(1)
مختا رات: لينين !1 ص 252
.
19
289

!
ا
- !
به اأأ إن الحق
"في حرية الانفصال السياسي عن الأمة المتسدطة المضطهدة دا (1).
)
؟ا وهي الأمة الرأسمالية بالخصوص لارأيه. حال... هذه المحاولة لا
يمكن ان تكون ناجحة، فإن الرأي العام العالمي إنما رغب بهذا الحق، والقانون الدولي، إنما اعترف به، باعتباره معبراعن اختيار 11 الشعب لنظامه وحكامه بمحض رغبته واختياره، حسب مستواه الفكري والعقائدي والمدني الخاص. سواء كان مستواه واطئا أم عاليا.
ال وهذا المعنى، كما ينافي التدخل العسكري لغرض فرض وضع معين على
اا شعب ما، كذلك ينافي التدخل الفكري والعقائدي الذي تحاوله الأحزاب أن الشيوعية في العالم اليوم... فضلا عن ما تفكر به هذه الأحزاب من الثورة حين تعتقدبضرورتهافي مجتمع معيئ. فإن كل ذلك مماينافي حق تقريرالمصير، بالمعنى 11 الثابت قانونياوالمرغوب به عالميا.
وعلى اي حال، فمع وجودنقاط الاعتراض هذه، يصبح تفسيرالماركسية

+
أ لزوال الراسمالية غيرصحيح. ولوبعدالتجاوزعن اعتراضاتنا السابقة
على قانون الديالكتيك وقانون تطوروسائل الانتاج.
تفاصيلهابل ستزاولحدالرأل!ما التخطمط الالةلهي لليوسبا الموعوأخرى،
سنعرف أهم
(1)
المصدر والصفحة
.
295

الاشتراكية

تنقسم الاشتراكية، كـما تنقسم الرأسمالية إلى ثلاث مراحل: تتضمن
أولاها: دكتاتورية البروليتاريا. وتتضمن الثانية: عهد الاشتراكية الأول الممهد للطور الأعلى. وأما الثالثة: فهي المجتمع الشيوعي الكامل أو الطور الأعلى للاشتراكية، الذي به تتحقق امال البشرية (الماركسية) في إيجاد المجتمع الأمثل الذي تتحقق به السعادة التامة الكاملة للبشر أجمعن.
يشير إلى ذلك كوفالسون قائلا
:
"
إن العملية الطبيعية التاريخية لقيام وتطور التشكيلة الشيوعية
تشكل ثلاث لمحرجات معروفة تتعاقب نجصورة محتمة طبيعية، هي المرحلة الانتقالية التي ترسي الثورة الاشتراكية بدايتها، ومرحلة الاشتراكية، أي الطور الأدق من التشكيلة الشيـوعية، ومرحلة الشيوعية" (1).
وسوف تكون القاعدة الاقتصادية الرئيسية فيما قبل المجتمع الأخـير،
أو بالأخص يا المرحلة الثانية، هو المبدا التالي: " على كل فرد ان يؤدي حسب طاقاته وأن ينال حسب عمله دا. على حين تكون القاعدة الرئيسية في المجتمع الأخيرهو المبدأ التالي: " على كل فرد أن يؤدى حسب طاقاته، وأن ينال حسب حاجاته " على ما سنسمع (2).
وكـما ان الماركسية قد اكثرت الكلام في نقد الراسمالية، كذلك أكثرت
الكلام في وصف الاشتراكية، وذلك لعدة أسباب، كلها مفهومة من زاويتها: 1- إتمام نظريتها: المادية التاريخية، وبنائها الفكري بشكل متكامل واضح.
2-
الدعوة العالمية إلى مبدئها والترغيب بأهدافها
.
3-
تمييز اشتراكيتها عن الاشتراكيات الأخرى، وهي عديدة في

(1)
المادية التاريخية: كيلله، كوفالسون ص 138
.
(2)
انظر بهذا الصدد أصول الفلسفة الماركسية. بولتزر!2 ص 185
.
291

العالم. ومن هنا اصطلحت الماركسية على اشتراكيتها بالاشتراكية
العلمية. نظرا إلى انها ناتجة عن مبدا عام لفهم التاريخ، هو المادية التاريخية. وأما الاشتراكيات الأخرى فليست كذلك.
4-
إعطاء المبررات النظرية الكافية لتصرفات الحكومات الاشتراكية
باعتبار اقتران هذه الأفعال مع التطورات الحتمية للاشتراكية، باعتقاد ا لما ركسية.
وعلى أي حال، فالماركسية هي أولى بمبرراتها. و(نما المهم في هذا
الصدد
اننا ينبغي أن نبذل جهدا في تلخيص الفكرة الماركسية عن الأطوار
الاشتراكية، سواء من جهة " تاريخية لما أو من جهة (اقتصادية يا، متوخين في ذلك الاختصار مع الايضاج.
ويحسن بنا فيما يلي ان نم!ثحي مع هذه المراحل الثلاث، طبقا للتسلسك
الفكري الماركسي.
292

المرحلة الاشتراكية الأولى دكتاتورية البروليتاريا

-1-
اكدت الماركسية بوضوح على ضرورة مرور المجتمع بهذه المرحلة، لأجل
الانتقال من العهد الراسمالي إلى العهد الاشتراكي والشيوعي.
قال ماركس
:
"
بين المجتمع الراسمالي والمجتمع الشيوغي تقع ص حلة تحول المجتمع
الراسمالي تحولا
ثوريأ إلى المجتمع الشيوعي. وتناسبها مرحلة انتقالية سياسية لا
يمكن ان تكون الد، لة فيها سوى الدكتاتورية الثورية للبروليتاريا " (1).
وقال لينيئ
:
"
إن الانتقال من المجتمع الرأسمالي بسبيل التطور نحو الشيوعية،
إلى المجتمع الشيوعي، يستحيل بدون " مرحلة انتقال سيلسية، ولا يمكن لدولة هذه المرحلة ان تكون غ!هـ الدكتاتورية الثورية للبروليتاريا " (2).
وتتصف هذه المرحلة بوجود الطبقات، كـما كانت عليه في العهود
الساباتة عليها. ولكن بينما كانت الطبقة القليلة المتنفذة هي المسيطرة والمضطهدة للأكثرية، يكون الان الأمر بالعكس، فإن الأكثرية البروليتارية، هي التي تضطهد الأقلية الرأسمالية ومؤيديها، بل انها تقمعهم قمعا، وتبيدهم عن الوجوث في خلال صراع مرير.
قال لينين
:
"
في مرحلة الانتقال من الرأسمالية إلى الشيوعية يظل القمع أمرا
ضروريا، ولكنه يغدو
قمعا للأقلية المستثمرة من جانب الأكثرية المستثمرة
" (3".
(1)
مختا رات: لينين !2 ص 281
.
(3)
المصدر: نفس الصفحة وما بعدها
.
(3)
المصدرص 286
.
293

أ؟ حى

وقال ماركس
:
لا ولكن قبل أن يكون بالامكان تحقيق هذا التغيير، فلا بد من
دكتاتورية البروليتاريا، وشرطها الأول هو جيش للبروليتاريا. ان الطبقة الكادحة يجب أن تحصل على الحق في تحررها في ساحة القتال " (1).
وقال لينين ايضا
:
لا إن دكتاتورية البروليتاريا هي الحرب الأكثر بطولة والأشد قسوة،
التي تخوضها الطبقة الجديدة ضد عدو أقوى، ضد البرجوازية التي تتضاعف مقاومتها من جراء سقوطها بالضبط... فإن دكتاتورية البروليتاريا لا غنى عنها. وانه لمن المستحيل التغلب على البرجوازية دون حرب طويلة عنيدة مستميتة... " (2).
-3-
ومن اجل امرين مقترنين، لا بد من وجود الدولة خلال هذه المرحلة
:
أولا: من أجل وجود الطبقات. وقد أف!همتنا الماركسية ان الدولة اداة

طبقية للقمع. وما دامت الطبقات موجودة، فلا بد ان تكون الدولة
موجودة. ثائيا: من اجل الحاجة الملحة إلى هذا القمع، خلال هذه المرحلة:
قال انجلز
:
لا إن البروليتاريا بحاجة إلى الدولة لا من أجل الحرية، بل من اجل
قمع خصومهالا (3).
وقال لينين
:
لا ويبقى الجهاز الخاص، الآلة الخاصة للقمع
" الدولة " امرا ضرورلا " (4).
وسيكودن الحزب الشيوعي هو 41لقائد للطبقة البروليتارية ودولتها
.
قال كوفالسون
:
لا وبدون الحزب، بوصفه القوة القائدة، يستحيل تطبيق ديكتاتورية

ا لبر وليتا ريا
. " (،.
!
ن لأ 1) الشيوعية. العلمية ص 261 عن المؤلفات الكاملة لماركس!!7 ص
كل4.
(2
، المصدر نفسه ص 268 عن المؤلفات الكماملة للينين !31 ص 17-18
.
(3)
نحتارات: لينين بر 2 ص 285 (الدولة والثورة
).
(4)
المصدرص 286
.
(5)
المادية التاريخية: كيلله، كوفالسون ص 261
.
294

وستكون الدولة في هذه المرحلة انتقالية، تبعا لانتقالية المرحلة
ذاتها. وستكون من نوع جديد يختلف عن شكل الدولة الرأسمالية السابقة عليها، لأنها ستكون في طريق الفناء.
قال لينيئ
:
"
ولكنها تغدو دولة انتقالية، تكف عن أن تكون الدولة بمعنى الكلمة
الخاص، (1).
"
أولا: إنه لا يلزم البروليتاريا، في رأي ماركس، سوى دولة في سبيل
الفناء، يعني مشكلة بحيث تأخذ في ألاضمحلال على الفور، ولا يمكن إلا أن تضمحل.
ثانيا: إن الشغيلة يحتاجون إلى
" دولة، هي البروليتاريا المنظمة في طبضة سائدة " (2). -6-
وسيكون للديمقراطية وجود خلال المرحلة البروليتارية، ولكن لن يكون

معناها هو المفهوم الرأسمالي البرجوازي... بل معناها جلب أكثرية
الشعب إلى جانب البروليتاريا، وصهرهم في بوتقة ثورتهم ضد البرجوازية.
قال لينين
:
"
وعلى ذلك، نرى ان الديمقراطية في المجتمع الرأسمالي هي ثيهقراطية
بتراء حقيرة زائفه، هي ديمقراطية للأغنياء وحدهم، للأقلية. أما ديكتاتورية البروليتاريا، مرحلة الانتقال إلى الشيوعية فهي تعطي لأول مرة الديمقراطية للشعب، للأكثرية، بمحاذاة القمع الضروري للأقلية للمستثمرين " (3).
وقال أيضا
:
"
الديمقراطية من أجل الغالبية انعظمى من الشعب، والقمع بالقوة
يعني حرمان المستثمرين ومضطهدي الشعب من الديمقراطية. ذلك هو التبدل الذي تمر به الديمقراطية عند الانتقال من الرأسمالية إلى الشيوعية دا (4).
وقال كوفالسون
:
لا إن دكتاتورية البروليتاريا لا تقتصر على جهاز سلطة الدولة، جهاز
الحكم. فهي
معدة لأجل إشراك الجماهير في البناء الاشتراكي، لأجل اجتذاب
الكادحن إلى إدارة البلد.
(2) (3) (4)
نحتا رات: لينين !2 ص 286
.
الشيوعية العلمية ص 278 عن الدولة والثورة: لينين ط 2 ص مختارات
لينين !2 ص 286 (الدولة والثورة).
الشيوعية العلمية ص 275 عن الدولة والثورة ص 110- 111
.
295

وهي عبارة عن نظام كامل من منظمات جماهيرية (السوفيات، النقابات،
التعاون، اتحاد الشباب، والخ) يقودها الحزب الشيوعي " (1).
-7-
وبالرغم من الاجراءات القمعية ضد البرجوازية الرأسمالية، فإن
آثارها سوف تبقى خلال هذه المرحلة كلها، فإن الناس لا يمكن ان يتغيروا فجأة بالاتجاه الذي تريده لهم الماركسية، وتقتضيه قوانين المادية التاريخية.
قال كوفالسون
:
"
إن عدد أولئك الذين بوسعهم أن يحطموا ويفسدوا ويبددوا الأموال
العامة، لمجرد أنها ليست لهم بل حكومية، يقل أكز فأكثر في البلدان الاشتراكية. ولكن هذا لا يعني أن جمغ أفراد المجتمع قد تعودوا هنا على العمل بوعي وإدراك من أجل الخير العام. فحتى في عشية ثورة أثتوبر أشار لينين قاثلا: " إن المرء إذا لم ينسق مع الخيال لا يمكنه أن يفكر بأن الناس بعد إسقاط الرأسمالية، يتعلمون على الفور العمل للمجتمع بدون اية أحكام حقوقية. ناهيك عن أن إلغاء الرأسمالية لا يعطي فورأ ممهدات اقتصادية لمثل هذا التغير، (2 أ.
وقال لينين
:
"
إن تحويل الزارع الصغير، تحويل كل ذهنيته وعاداته، هو عمل أجيال
كاملة. وان القاعدة المادية والتقنية والاستخدام الكثيف للحارئات والآلات في الزراعة، والكهربة على نطاق واسع، تستطيع وحدها أن تحل هذه القضية ان تصلح ذهنيته نوعأ ما، هذا ما يمكن أن يحول رأسا على عقب بسرعة هائلة الزارع الصغير.
وحين أقول: انه لا بد لذاك من أجيال، فهذا لا يعني قرونا. وانكم
لتفهمون جيلإ ا انه
في سبيل الحصول على حارثات وآلات، وفي سبيل كهربة بلد شاسع
الأبعاد، لا بد على الأقل، مهما تكن الحال، من عشرات السنيئ، ذلك هو الوضع الموضوعي " (3). وقال أيضا:
إ وعلى ذلك فإن المرحلة الأولى من الشيوعية لا يمكنها ان تعطي
العدالة والمساواة. تبقى
فروق في الثورة، وهي فروق مجحفة ولكن استثمار الانسان للانسان يصبح
مستحيلا. لأنه يصبح من غير الممكن للمرء أن يستولي كملكية خاصة على وسائل الانتاج، على المعامل والماكينات والأرض وغير ذلك " (4".
(1)
المادية التاريخية: كيلله، كوفالسرن ص 261
.
(2)
المصدرص 266 وما بعدها
.
(3)
الشيوعية العلمية ص 278 عن المؤلفات الكاملة: لينين ب 32 ص
227.
(4)
مختلى ات لينين !2 ص 290! الدولة والثورة
).
296

واستطرد قائلا
:
(
وعلى هذه الصورة، فان
" الحق البرجوازي، في الطور الأول من المجتمع (الشيوعي) الذي يسمى عادة بالاشتراكية يلغي لا بصورة تامة، بل بصورة جزئية، فقط بالمقدار الذي بلغه الانقلاب الاقتصادي، أي فقط حيال وساثل الانتاح " (1).
إن دينييقصدبالطورالأول من المجتمع الشيوعي ما نعتبره في تقسيمنا
السابق بالمرحلة الثانية للاشتراكية، على ما سيأتي. و(ذا كان هذا صحيحا في المرحلة الثانية، فاخلق بصحته في المرحلة الأولى.
-8-
وستبدأ الدولة البروليتارية بزمام المبادرة إلى إيجاد تشريعات
وتطبيقات اشتراكية. ومن هنا اندرجت هذه المرحلة في العهد الاشتراكي، بالرغم من أن الماركسية اعتبرتها مجرد مرحلة انتمالية.
ونسمع من انجلز قائمة من التعاليم التي يجدر بهذه الدولة تطبيقها،
حيث يقول:
"
انها
" يعني ثورة البروليتاريا) ستقيم بادىء ذي بدء دستورأ ديمقراطيا وعن هذا الطريق، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، السيطرة السياسية للبروليتاريا.
ولن تكون الديمقراطية ذات نفع للبروليتاريا، إذا لم تستخدمها من
فورها لاتخاذ تدابير تتضمن طعنة مباشرة للملكية الخاصة، وتضمن وجود البروليتاريا، و(ن أهم هذه التدابير، كـما هي مبينة منذ الآن على أنها مترتبة بالضرورة على الوضع هي التالية:
1-
انقاص الملكية الخاصة بواسطة الضرائب التصاعدية والضرائب
المرتفعة على الارث. وإلغاء حق الميراث في خط جانبي (الأخوة، ابناء الأخوة،... الخ) والقروض ا لاجبارية... الخ.
2-
الاغتصاب التدريجي للملاكن العقارين والصناعين واصحاب السكك
الحديدية، وأحواض السفن. اما بواسطة منافسة صناعة الدولة، واما مباشرة، لقاء التعويض بسندات.
3-
مصادرة جميع أملاك المغتربين والمتمردين على غالبية الشعب
.
4-
تنظيم العمل واستخدام العمال في الميدين والمصانع والورشات
الوطنية، مع
إلغاء منافسة العمال فيما بينهم، وإجبار الصناعين الموجودين بعد،
على دفع نفس الأجر المرتفع الذي لدفعه الدولة.
5-
إلزام العمل بالشبة إلى جمغ افي اد المجتمع
" حتى القفاء التام على الملكية
(1)
المص!و ذاته ص 292
.
297

الفردية. تشكيل جيوش صناعية، وبصوره خاصة من أجل الزراعة
.
6-
مركزة نظام الائتمان وتجارة المال في أيدي الدولة، وذلك بواسطة
تشكيل مصرف وطني برأسمال دولي، والغاء جميع المصارف الخاصة.
7-
مضاعفة المصانع الوطنية، والورشات، والخطوط الحديدية والسفن
واستصلاح
جمغ الأراضي المزروعة من قبل، بصورة مطردة!م زيادة الرساميل والقوى
العاملة التي تملكها البلاد.
8-
تربية جميع الأولاد، منذ اللحظة التي يمكن فيها إبعادهم عن
الأحضان الأمومية، في مؤسسات وطنية، وعلى نفقة الأمة، (تربية وانتاج مصنع).
9-
بناء قصور كبيرة على الأراضي الوطنية التي تكون مسكنا لجماعات
من المواطنين المشتغلن في الصناعة والزراعة. وتكون جامعة لمحسنات الحياة المدينية والريفية دون أن يكون لها مساوئها.
10-
تدمير جميع المساكن والأحياء كير الصحية والسيئة البناء
.
11-
حق الميراث المتساوي للأبناء الثرعين وغير الشرعيين
.
12-
مركزة جمغ وسائط النقل بين أيدي الدولة... دا (1
).
-9-
واخيرا فإن البروليتاريا تمارس عملها كدولة، ضمن المجالس
السوفييتية.
وهنا يتحول الكلام الماركسي إلى
" التطبيق " بعد أن كان تجريديا.
ان تطبيق المجالس السوفييتية، واقع معاش في الدولة الاتحادية
الشيوعية المسماة باسمها... حيث تدعى بالاتحاد السوفييتي او (اتحاد جمهوريات روسيا السوفييتية). وفيه دلألة ضمنية على أن الواقع التطبيقي هناك يمثل العصر الذي نتحدث عنه، وهو مرحلة دكتاتورية البروليتاريا، ولم تصل بعد إلى المرحلة الاشتراكية الثانية أو الطور الشيوعي الأول. وسننظر في ذلك فيما بعد. المهم الآن، أن نفهم ان هذه المجالس هي النظابم الجديد الذي تفتقت عنه
أذهان الماركس!ن، وأكدوا عليه يخا مصادرهم تأكيدا كبيرا
.
قال لينيئ
:
"
ان الدكتاتورية تمارس من قبل البروليتاريا المنظمة في المجالس
السوفييتية والموجهة من
قبل الحزب الثيوعي البلشفي
" (2).
(1)
انظر الشيوعية العلمية ص 271- 272 عن مباثىء الثيوعية لانجلزص
23- 25. وانظر نصوص مختارة: انجلزص 47 مع اختلاف بسيط في الألفاظ يعود إلى الترجمة.
(2)
الشيوعية العلمية ص 336 عن (مرض الشيوعية الطفولي) للينين،
المؤلفات الكاملة ص
298

(
اق المجالس السوفييتية هي التنظيم المباشر للجماهير الكادحة
والمستثمرة الذي يسهل
لها إمكانية أن تنظم هي نفسها الدولة وأن تحكمها بجميع الوسائل
... ان التنظيم السوفييتي يسهل بصورة آلية اتحاد جميع الشغيلة المستثمرين حول طليعتهم، التي هي البروليتاريا! (1). إلى أن يقول:
"
ان الديمقراطية البروليتارية، هي مليون مرة أكثر ديمقراطية من أي
ديمقراطية برجوازية. وان سلطة المجالس السوفييتة هي مليون مرة أكز ديمقراطية من أكثر الجمهوريات البرجوازية ديمقراطية " (2).
"
ان المجالس السوفييتية العمالية والفلاحية، تشكل نمطا% رريدا
للدولة نمطا جديدا
وأعلى للديمقراطية. انها الشكل الذي ترتديه دكتاتورية البروليتاريا
وسيلة لادارة الدولة بدون البرجوازية وضد البرجوازية. للمرة الأولى تقوم الديمقراطية هنا في خدمة الشغيلة، لقد كفت عن كونها ديمقراطية من أجل الأغنياء لما (3).
"
إن سلطة المجالس السوفيتية من أجك الشغيلة ضد المضاربين
والملاكي!ن والرأسمالين وأصحاب الأراضي الكبار.
هنا تستقيم قوة المجالس السوفييتية وصمودها وجبروتها في العالم
أجمع لما (4).
ومن هنا نفهم، أن الشكل الجديد للدولة والديمقراطية، الذي بشرت به
الماركسية (تجريديا)، في هذه المرحلة... يتمثل (تطبيقيا) فقط في المجالس السوفييتية بشكل رئيسي. وبها تتمثل دكتاتورية البروليتاريا المتوقعة ماركسيا. وبالرغم من أنها مطبقة فعلا في بعض الدول الاشتراكية، غير أن الماركس!ن يتوقعون وجودها وانتشارها في العالم اجمع.
ولا يخفى كون فكرة المجالس السوفييتية، متأخرة عن ماركس وانجلز،

ومن هنا لن نتوقع أن نجد لها في كلامهما أي أثر. لأخها إنما وجدت
على اثر الثورة الروسية الحمراء بقيادة لينين وجماعته.
وبالرغم من ان الماركس!ن أكثروا الكلام عن هذه المرحلة بشكل موسع

جدا، باعتبارها مرحلتهم المعاشة ضد الرأسمالية؟ فإن ما ذكرناه
خلاصة كافية عن ذلك.
(1)
المصدرص كثر عن المؤلفات الكاملة للينين !28 ص 225- 227
.
(2)
المصدر وانصفحة عن المصدر والصفحة
.
(3)
الصدرص 329 عن مصدره !28 ص 69
.
(4)
المصدر والصفحة عن مصدره !3 ص 126
.
299
مناقشة

دكتاتورية البروليتاريا

يمكن أن ننطلق إلى المناقشة في هذه المرحلة من عدة نقاط
:
النقطة الأولى: إننا نتساءل عن مدى انطباق قانون الديالكتيك
الماركسي الكوني على هذه المرحلة، ومدى مشاركته في إيجادها، بعد التسليم- جدلا- بصحتلا.
اننا إذ نواجه هذا السؤال، نواجه إجمالا وغموضا في إمكان هذا
التطبيق.
إذ توجد عدة أطروحات أو احتمالات للجواب على هذا السؤال!: الأطروحة
الأولى: ان يكون الشيء في ذاته او (الأطروحة) هو الوضع الرأسمالي، ويكون (الطباق) هو البروليتاريا المتنافسية ضمن هذا الوضع ويكون (التركيب) هو الوضع الجديد لدكتاتورية البروليتاريا.
وهذه الأطروحة الأولى، هي المناسبة- على ما يبدو- مع الفهم
الماركسي العام... إلا أنها تواجه عدة اسئلة تكون الماركسية مسؤ ولة عن الجواب عليها، من خلال ذلك:
السؤال الأول: إن طبقة البروليتاريا كانت تنمو خلال عهد الرأسمالية
كلها، كما تذكر الماركسية، فإذا كانت عهود الرأسمالية عهودا متفاصلة ودوائر متخارجة، كـما فهمنا من ا!ار! سابقا،- فكيف يمكن لطباق واحد ان ينمو في عدة اطروحات؟! ومن الطريف انه لا يؤثر إلا في إفناء الأخيرة (1)!!.. السؤال الثاني: إن هذا الطباق غريب الأطوار، لأنه بقي بعد زوال الأطروحة أعني الراسمالية، له وجود واضح. فكيف كان ذلك؟ مع العلم ان الأطروحة وا!اق يزول وجودهما المتميز بعد حدوث التركيب، طبقا للقانون ا لما ركسي.
(1)
يعني المرحلة الراسمالية الثالثة
.
300

السؤال الثاك: إن التركيب- كـما تقول الماركسية- يتكون من عناصر
الأطروحة والطباق، ليكون شيئا ثالثا. فهل ان عهد الاشئرإكية الأول من الرأشمالية والبرو(يتاريا معا. مع العلم أن الراسمالية زالت بحدوث هذا العهد.
الأطروحه الثانية: ان تكون الأطروحة هي العهد الراسمالي والطباق هو

العهد الذي نتحدث عنه، والتركيب هو عهد الاشتراكية أو الطور
الشيوعي ا لأول.
وأهم ما يواجه هذه الأطروحة- بعد غض النظر عن التفاصيل-: ان

هذا الثالوث الديالكتيكي سوف يستوفي حاجته بعهد الاشتراكية
... وسيكون العهد الشيوعي الأعلى بدوره أطروحة تحتاح إلى طبات وتركيب، فما هو طباقها وتركيبها، وهل يعني ذلك زوال ذلك العهد، مبم العلم ان الماركسية أكدت على بقائه واعتبرته التاريخ النهائي للبشرية.
الأطروحة الثالئة: أن تكون الأطروحة هي العهد الاشتراكي الأول،
والطباق هو عهدها الثاني، والتركيب هو عهدها الأعلى.
وهذه الأطروحة لطيفة الشكل، من زاوية ماركسية، لأن الثالوث
الماركسي يكون قد انتهى بعهد الشيوعية الأعلى. إلا أنها على أي حال تواجه سؤالن مهمين:
السؤال الأول: إن هذا الثالوث، وإن كان قد استوفى غرضه، إلا ان

قانون نفي النفي يبقى ساري المفعول في الكون... فإذا صح ذلك، احتاح
الأمر إلى ثالوث جديد بعد عصر الشيوعية، فمن أين يبدا والى اين ينتهي؟!.-.
السؤال الثاني: إن عهود الاشتراكية الثلاثة متوافقة ومتصادقة،
وليست
متنافرة ومتنافية.-. يعتبر احدها تأكيدا وترسيخا لسابقه وليس نافيا
له.. كما وجدنا ذلك- أيضا- في عصور الرأسمالية الثلاث. ومعه فلا يمكن أن يكون الأول اطروحة والآخر طباقا ليكون الثالث تركيبا.
وهناك أطروحات اخرى محتملة لتطبيق قانون الديالكتيك على هذه
المرحلة، لا حاجة إلى استقصائها. وقد سبق ان قلنا في مناقشة عصر الراسمالية، أن تعدد الأطروحات على هذا الشكل،، بحيث ان الانسان يستطيع
301

-
كما يشتهي!- ان يجعل اي شيء أطروحة وشيئا آخر طباقا وشيئا ثالثا
تركيبا... إن هذا التعدد إن دل على شيء، فإنما يدل على ضحالة الفكرة من اساسها، وعدم قيامها على اساس منطلق مفهوم.
النقطة الثائية: إن ما سمعناه من الماركسية من أن طبقة البرجوازية
تكون موجودة خلال عصر دكتاتورية البروليتاريا... غير صحيح ماركسيا: أولا: إن تطور وسائل الانتاح يبدو هنا ضعيف التأثير، فبينما كان هذا التطور في عهد الرق يقضي على الارقاء والمالكين، وفي عهد الاقطاع يقضي على الاقنان والاقطاعيـن... لما يستطع الان هذا التطور أن يقضي على البرجوازلن. مع أنه- طبقا لسوابقه- يجب ان يقضي على البروليتاريين والبرجوازلن!!... انه الان ضعيف التأثير، فقد استطاعت قوة البروليتاريا أق تغير من سير القانون الماركسي العام!!...
ثانيا: إن وجود هذه الطبقة خلال عهد البروليتاريا، يعني امرين

لا مناص من أحدهما: فان الماركسية هل تقول ان وجود البرجوازية مع
البروليتارلن وجود منسجم، او تقول بأنه متنافر ومتنافي؟!...
فإن قالت أن وجودها منسجم! إذن، دقذ اجتمع الرأسماليون
والبروليتاريوز في عصر واحسد ة وهأ ا بعينه ما كان حاصلا في عصر الرأسمالية. فلم يحصل اي تغيير طبقي، بالرغم من تطور وسائل الانتاج وتغير نظام المجتمع!!...
وإن قالت الماركسية- كـما هو الأوفق بتفكيرها- ان وجود البرجوازية
في العصر البروليتاري، وجود متنافر. إذن، فسيكون هذا العهد " اطروحة يا، ويكون وجود الرأسمال!ن يومئذ طباقا. وقد افهمتنا الماركسية ضمنا بأن (التركيب) يكون أنسب بالطباق منه بالأطروحة، كـما هو الحال- مثلا- في الوضع الرأسمالي بالنسبة إلى برجوازس! عصر الاقطاع، حيث استطاعوا وهم (الطباق) أن يجعلوا (التركيب)، وهو العصر الراسمالي إلى جانبهم... والقانون لا يمكن ان يتغير. إذن فالراسماليون في عصر البروليتاريا فى ق، وسيكون التركيب مناسبا معهم... ومعناه ان العصر اللاحق لذلك هو الرأسمالية بشكل أوإخر، وليس هو الاشتراكية على أي حال.
الئقطة الثالثة: نتساءل من هم البروليتاريا التي أناطت بهم
الماركسية مهمة 302

القضاء على الراسماليين، و(قامة دولة على انقاضهم؟
!..
تجيب الماركسية، بـأنهم العمال العصريون، كـما عرفهم البيان
الشيوعى (1).
وقال لينين
:
"
إن طبقة معينة، ألا وهي عمال المدن، وعلى العموم عمال المصانع،
العمال الصناعيون، تستطيع وحدها أن تقود كتلة الشغيلة والمستثمرين في الصراع من اجل الاطاحة بنير الرأسمال " (2).
وإذا صح ذلك ترتبت عليه عدة نتائج
:
الئتيجة الأولى: إن هؤلاء البروليتاريا، بصفتهم هذه، مهما كانوا
مظلومين ومستثمرين، بل مهما كانت قيادتهم موجهة من قبل الأحزاب الشيوعية والدول الاشتراكية، لا يستطيعون بأي حال أن يحصلوا على فهم كاف لطرق القيادة السياسية، ما لم يكرس الفرد نفسه لهذا العمل، فلايكون من البروليتاريا يومئذ. وإنما تكون الأفكارالسياسية في أذهان القادة المشار إليهم فقط... وقد سمعنا من لينيئ التصريح بأنه لولا وجود الحزب القيادي لا يمكن لوعى البروليتاريا أن يصل إلى اكـز من تكوين النقابات، لا غير. النتيجة الثانية: إن الأحزاب الشيوعية التي تتكفل قيادة الركب ضد الراسمالية، ليست من البروليتاريا اساسا... ابتداءا من انجلز وماركس ومرورا بستالن ولينين وانتهاءا بمن جاء بعدهما إلى مركز القيادة. ليس واحد منهم ممن يصح وصمفه بهذا الوصف.
إن الأحزاب الشيوعية تقبل في صفوفها، كل نحلص لفلسفتها وسياستها

بغضر النظر عن طبقته بالمرة، كـما هو معلوم. بل ان أحزابا شيوعية
كثيرة تأسست في بلدان كثيرة ليس فيها بروليتاريا- بالمعنى المصطلح ماركسيا- على الاطلاق. اما لكون البلد اقطاعيا، ولا معنى- في رأي الماركسية- لوجود البروليتاريا في غير العصر الراسمالي، او قبله- بتعبير خاص-. واما لكون البلد، مهما كان نظامه الاجتماعي، خاليا من المعامل والمصانع الكبرى تماما، كـما هو الحال في الدول النامية عموما. ومع عدم المعامل لا معنى للبروليتاريا. (1) انظهـ ص 45.
(2)
التيرعية العلمية 280، عن المؤلفات الكاملة للينين !29 ص 424
.
303

ومع ذلك فإن الأحزاب الشيوعية في هذه البلدان موجودة ولها فى رجة
مهمة من النفوذ.
النتيجة الثالثة: إن هؤلاء البروليتارلن، ليسوا اكثرية حيثما وجدوا
على
أي حال، بل هم اقلية لا يبلغون نصف السكان في ارقى المدن صناعة
. نعم، قد يكون العمال بالمعنى العام يشكلون أكثرية مطلقة في مثل هذه المدن. إلا ان العمال البروليتاردن ليسوا كل العمال ولا اكثريتهم. ومن هنا لا يمكن ان يكونوا الأكثرية بأي حال من الأحوال.
وإذا لم يكونوا الأكثرية، كانت ثورضحـم ضد الرأسماليين، ثورة فئة
أقلية
ضد فئة اخرى. فكيف يتسنى للماركسية أن تدعي أن دكتاتورية
البروليتاريا هي ديكتانورية الأكثرية ضد الأقلية.
واما التحاق سائر العمال والمستثمرين وانصاف البروليتاري!ت وصغار
البرجوازيين وغيرهم، وجلبهم إلى صفوفهم، كـما تتوقبم الماركسية، فهذا: أولا: غير مضمون النجاح، وخأصة في ظروف معينة، كارتباطهم مصلحيا ضد الحزب الشيوعي. او أنهم وجدوا مبدأ وعقيدة أهل واعلى لديهم ضن الشيوعية، او لمجرد أن الفرد منهم لا يريد ان يحمل مبدأ معينا او ان يعمل عملا سياسيا. كـما هو الحال في الكثيرين.
ثائيا: انه لا ينتج شيئا في مصلحتهم، من زاوية النظرية الماركسية،
من
حيث انهم ليسوا بروليتاري!!ن، وقد أناطت الماركسية المهمة كلها
بالبروليتاريا وحدهم.
الئقطة الرابعة: عرفنا ان الماركسية اعترفت بإمكان تطبيق
الاشتراكية بعد الاقطاع مباشرة من دون مرور بعصر الراسمالية بالمرة، او مع وجود برجوازية صغيرة فقط. وقد أكد لينيئ على إمكان ذلك.
فإذا صح ذلك، وعرفنا إلى جانبه: ان البروليتاريا لا يمكن أن توجد
في
عصر الاقطاع، بل لا توجد ولا يمكن ان توجد إلا في عصر الرأسمالية،
وكان لتطور وسائل الانتاح إلى الحد الراسمالي، اثر كبير في وجودها.
قال انجلز
:
لا أفلم يكن في جميع الأزمنة بروليتاريا؟ كلا! لقد كانت توجد على
الدوأم طبقات فقيرة وكادحة... ولكن لم يكن يوجد دائما فقراء وعمال يعيشون على الظروف التي سبق إليها، اي
304

بروليتاريون... لقد ظهرت البروليتاريا عقيب الثورة الصناعية التي
حدئت في إنكلترا اثناء النصف اكاني من القرن الماك!ي (يعني القرن الثامن عثر) وتكررت بعد ذلك في جمغ أنحاء العالم المتمدنة. وهذه الثورة الصناعية قد استدعاها اختراع الآلة البخارية ومختلف ال* ت الغزل، ونول النسيج الآلي، وجملة كاملة من الأجهزة الآلية الأخرى... الخ " (1). فإذا ضممنا هاتن القضيتين إلى بعضهما، وهما: إمكان وجود الاشتراكية
عقيب الاقطاع، وعدم إمكان وجود البروليتاريا في عصر الاقطاع،
وانحصار وجودها في عصر الرأسمالية. نتج من ذلك بكل وضوح أن العصر الاشتراكي الذي يوجد عقيب الاقطاع سوف لن يكون بقيادة البروليتاريا بأي حال. ومعه يكون على الفكر الماركسي أن يتنازل عن احد أمرين: اما ان يتنازل عن إمكان حدوث الاشتراكية عقب الاقطاع، باعتبار أن عصر الاشتراكية منحصر بفعل البروليتاريين، وحيث لا يكون لهم وجود يثون عصر الاشترإكية متعذرا. واما ان يتنازل عن انحصار حدوث عصر الاشتراكية بفعل البروليتاريا ومن ثم عن عصر ديكتاتورية البروليتاريا جملة وتفصيلا. إذ لا معنى لدكتاتورية البروليتاريا بدون البروليتاريا. انها مخيرة في التنازل عن أحد هذين الأمرين!!.
النقطة الخامسة: حول مفهه!م الديمقراطية التي أكدت الماركسية محلى
وجوده، خلال عصر- كتاتورية البرواجتاريا.
إن الديمقراطية حسب الفهم القانوني العام هي ان يكون لكل فرد من
الأمة
أو الشعب حق الاختيار في شكل الحكم وأشخاص الحاكميئ والاشراف على
أعمالهم عن كثب بحرية لامة... ليكون بالتاني مفهوم (حكم الشعب لنفسه) متحققا بدرجة كافية، وان لم يكن بشكله المطلق ممكنا.
وهذا المفهوم، وإن كاد ننا بعض المنأقشات حوله، ليس هنا محل سردها،
ولكن الماركسية- على اي حال- اعتبرته مفهوما صحيحا، طبقا للرأي العام الذي يستهويه حمذا المفهوم استهواءا كاملا، وحاولت إدخاله يخأ عهودها المعترف بها من ماديتها التا الئحية.
إن الماركسية لم تنأق!ثر إلا فب تطبيق هذا المفهوم في العصر
الرأسمالي، من
زاوية انه تفبيق زأئف، لأ يتضمن إ الأ دطقراحلية وحرية الأغنياء
والرأسمالين، دودما عيرهم. وهداص!، ديما!فتلف ث عإلمار!.
11)
دصوص مختارة: انجلزص 34
.
25
305

ولكن هل يكون تطبيق الديمقراطية في عصر دبكتاتورية ا)سبروليتاريا،

تطبيقا حقيقيا غيرزائف؟
!..
إن الماركسية التي ترى ذلك، مسؤ ولة عن الجواب بالايجاب عن الأسئلة
االتالية:
1-
هل سوف تفسح مجالا للبرجوازلـن في اختياره ممثليهم بأنفسهم؟

2-
هل ستكون سيطرة الحكام على الحكم، نتيجة للانتخاب الشعبي الحر؟
.
3-
هل يكون تأييد الشعب غير البروليتاري للدولة البروليتارية عن
اقتناع وطيب خاطر... أو نتيجة للخوف تارة، وللطمع أخرى، وللمصلحة الشخصية ثالثة؟!...
4-
هل يكون للأفراد حرية النقد السياسي والاجتماعي خلال هذه
الفترة؟...
إن الحرب العنيدة والمستميتة التي سمعنا لينين يبشر بها خلال
دكتاتورية البروليتاريا، والتي طبقت فعلا في الاتحاد السوفييتي بعد ثورة اكتوبر الحمراء، تجيب عن هذه الأسئلة بالنفي، ومعه لا يبقى للديمقراطية بالمعنى القانوني وجود، كـما سنوضح الان.
أما السؤال الأول عن حرية البرجوازي!!ن، فهو واضح النفي، لأن الحرب
العنيدة ضدهم مباشرة، فلا معنى للحديث عن حريتهم.
وأما السؤال الثاني: فهو ايضا واضح النفي، فان البروليتاريا، أو
قادتها بالأخص، إنما يستولون على السلطة لا من خلال أي انتخاب، بل من خلال هذه الحرب العنيدة نفسها. وهذا هو الأنسب بالفكر الماركسي من لاحيتن: أولا: من أجل النفرة من الراسماليين، وإلغاء حقهم بالوجود.
ثائيا: من اجل أن هذه الثورة تعبر عن التغير الكيفي الذي يلي
التغيرات الكمية طبقا للقانون الماركسي، الذي قالت بضرورة (الطفرة) فيه، كـما سبق ان سمعنا، وفسرت هذه الطفرة اجتماعيا بالثورة. وحصول الانتخاب الحر لا يمثل (طفرة) على أي حال.
وأط الجواب عنالسؤال!!ن الثالث والرابع، فسيكون بالنفي أيضا، فان
الشعب حين يرى تلك الحرب العنيدة المستميتة الطويلة الأمد، لا يكون له
306

مناص من الناحمة النفسية إلا إبداء الموافقة على اراء الحكام
الماركسين وفلسفتهم والسكوت عن معارضتهم. فان الفرد أو الأكثر، إن أبدى شيئا من المعارضة، فانه سيتهم بالبرجزازية والرجعية وإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء، وسيلحق بالرجوازيين، مهما كان مصيرهم.
وهذا هو الأسلوب الذي طبقه ستالن لمدة ربع قرن من الزمن،؟لا زال
مطبقا بشكل مخفف ايضا، حيث لا يسمح ذأ البلدان الاشتراكية بأي رأي مخالف فضلا عن المعارض، ولا بأي إضراب أو مظاهرة استنكار.
ولعمري ان هذا الأسلوب هو الأنسب بمعنى الدكتاتورية التي تتبناها
البروليتاريا الماركسية، لكن يبقى الفكر الماركسي مسؤولا عن كيفية الجمع بين الدكتاتورية والديمقراطية في مجتمع واحد، بالرغم من تنافيهما الواضح في المصطلح القانوني العام.
الئقطة السادسة: ان المجالس الرود نت رية المسماة ب
"!سوفييت، هل ترى الماركسية ضرورة وجودها خلال هذا العهد الذي نتحدث عنه... بمعنى ان كل مجتمع يمربهذا العهد، فلا مناص له من أن يعقد هذه المجالس. ومعنى ذلك اندراجها في الأسلوب (ألتجريدي) العام للمادية التاريخية، ذلك الأسلوب الذي تفترض الماركسية شموله لكل مجتمع على الإطلاق.
وفهم هذه المجالس بهذا الشكل، هو المفهوم عن عبارة لينين السابقة،

حيث يقول
:
"
ان الدكتاتورية تمارس من قبل البروليتاريا المنظمة في المجالس
السوفيتية " (1).
بحيث يكون حديثه عنها، كالحديث عن سائر فقرات الماثية ألتاريخية
الضرورية الحدوث، وخاصة وهو يرى لزوم انتشار هذه المجالسة ثا العالم أجمع عند حدوث عصرها.
...
أم ترى الماركسية، ان وجود هذه المجالس ليس ضروريا، وإنما هي
الأسلوب الأفضل لممارسة البروليتاريا الحكم خلال عصر دكتاتوريتها.
وهذا الفهم هو الذي يعرب عنه لينين أيضا حين يقول في عبارة سابقة
- أيضا-:
(1)
انظر الفقرة السابعة من حديثنا عن دكتاتورية البروليتاريا
.
307

"
ان المجالس السوفيتية هي التنظيم المباشر للجماهيى الكادحة
والمستثمرة الذي يسهل
لها إمكانية ان تنظم هي نفسها الدولة... ان التنظيم السوفييتي يسهل
بصورة آلية اتحاد جميع الشغيلة... الخ " (1).
إذن، فالمسألة لا تعدو السهولة في الحصول على النتائج المتوخاة
...
اننا نجهل بعد ان تهافت كلام لينين، ما الذي يمكن ان يختاره
الماركسيون
من هذين الرايين، او يختارون رايا ثالثا وهو اختيار شكل آخر من
التنظيم غير الذي اختاره لينين قائدهم ومفكرهم.
وعلى اي حال، فهناك ما ينافي رأي هذا المفكر، على كلا احتماليه، من
زاويتيئ:
الزاوية الأولى: إن نظام مجالس السوفييت غير عام في جميع الدول
الاشتراكية، بل يختص ببعضها.
قال كوفالسون
:
"
وفي روسيا صارت السوفييتات شكل ديكتاتورية البروليتاريا. وبعد
الحرب العالمية
الثانية انجثق شكل الديمقراطية الشعبية للانتقال إلى الاشتراكية
" (2).
ومعه فلا دليل على أن هذا اننظام مطبق في غير الاتحاد السوفييتي
نفسه.
ومن الواضح من زاوية ماركس!ية، انه لا يمكن المول بأن النظام
الاشتراكي الموجود في الدول غير المطبقة لهت ا النظام، هي غيرناجحة في اشتراكيتها، اوانها خارقة للضرورة التاريخية.
الزاوية الثانية: قال كوفالسون
:
"
لقد اشار لينين إلى ان مسألة اشكال الدولة تحل حسب الظروف
الملموسة. فان الماركسية لم تضع يومأ نصب عينيها مهمة " كشف 6 اشكال المستقبل السياسية. وانه لمن الخطأ والخرافة التقيد بتحديد صارم فذه الأشكال. ففي وسع النظرية أن تتنبئ بجوهر التطور، ولكن يستحيل التنبؤ باشكاله. ولا يمكن اكتشافها إلا في مجرى الحياة بالذات. وبما ان نضال الطبقة العاملة في سبيل الإشتراكية يجري في اوضاع تاريخية متنوعة، فان النظرية تتنبأ بأن هذه الأشكال متنوعة جدأ " (3)
وإذا كان هذا صحيحا، كان القول بالضرورة التاريخية لمجالس
! السوفييت
(1)
انظر الفقرة ذاتها
.
21)
المادية التاريخية: كملله، كوفالسه ن ص 262
.
(3)
المصدر السابق ص 261- 262
.
308
واضح الانتفاء، كما ان الالتزام بكونها أفضل أشكال الحكم وأسهلها
حصولا على النتائج، ايضا مما لا معنى له، فان الأفضل هو الذقي يعينه مجرى الحياة بالذات، وليس للنظرية ان تقول اية كلمة بهذا الصدد.
النقطة السابعة: لقد سمعنا التركيز الشديذ من ماركس ولينيئ، على
ضرورة الحرب العنيدة المستمرة في استئصال الوجود الراسمالي من المجتمع. ومع ذلك نسمع كوفالسون يقول:
"
ان مسألة اشكال الانتقال إلى الإشتراكية مرتبط بالظروف الملموسة
لتطور الثورة الإشتراكية، وبحدة النضال الطبقي، وبالقدر الذي يمكن به في الظروف المعينة، الانتقال إلى الإشتراكية مع اللجوء أو عدم اللجوء إلى العنف المسلح.
ان الماركسية، كـما سبق وقلنا، لا شفي البتة، من حيث المبدا،
إمكانية الإنتقال السلمي إلى الإشتراكية، إذا توفرت الظروف الملائمة، ففي " مباديء الشيوعية " (عام 1847) أجاب انجلز عن السؤال التالي: " هل يمكن القضاء على الملكية الخاصة بالسبيل السلمي دا. فقال: " من الممكن أن نتمنى لو تسير الأمور على هذا النحو، وان الشيوعيين سيكونون- بالطبع- آخر من يعترض على هذا " (1).
إن كلام انجلز عير واضح بالموافقة، فإن إمكان التمني بعيد عن
التمني نفسه، والتمني بعيد عن الواقع نفسه... ذلك الواقع الذي تتحدث عنه الماركسية دائما. ان كلام انجلز عن ذلك كلام يائس، وكلام لينين وماركس واضح بضرورة اللجوء إلى العنف المسلح... وهو الأنسب بالتغير الكيفي او الطفرة التي تؤمن بها الماركسية. ومع ذلك اباج كوفالسون لنفسه أن يؤكد على عدم اللجوء إلى العنف المسلح.
النقطة الثامنة: بالنسبة إلى التعاليم الاشتراكية التي اعطاها
انجلز لهذه
الفترة من عصور الماركسية
.
إن هذه التعاليم أمور تشريعية لا تمت إلى تفسير التاريخ بصلة، ولا
حاجة
إلى الإيمان بدخلها الضروري في المادية التاريخية. كل ما في الأمر
ان انجلز يرى ان هذه التشريعات هي أصلح للمجتمع خلال هذه المرحلة من تشريعات الرأسمال!ن البرجوازيين.
فهل يصح هذا الرأي منه تماما، او ان بعض هذه التعاليم على غير
صوأب... هذا يمبعي ان نؤجله إلى حيى الحديث عن المذهب الاقتصادي و (1) نفس المصدرص 262.
309

مجتمع (اليوم الموعود) من زاوية التخطيط الإلهي، في القسم الثالث
من هذا الكتاب.
إن بعض هذه التعاليم ستكون صحيحة، كمضاعفة المصانجع الوطنية
واستصلاح الأراضي وبناء بيوت للعمال. كـما سيكون بعضها خاطئا تماما كإلغاء الملكية الخاصة والتصرف في قانون الارث. وأما تفاصيل ذلك فستأتي هناك.


المرحلة الاشتراكية الثانية

الطور الشيوعي الأول

المسمى بالإفشراكية

تدل بعض كلمات الماركسيين، على أن طور الاشتراكية هذا هو المرحلة

الأولى التي توجد بعد الرأسمالية مباشرة
.
قال ماركس
:
"
ان ما نواجه هنا، إنما هو مجتمع شيوعي لا كـما تطور على أسسه
الخاصة بل بالعكس،
كـما يخرج لتوه من المجتمع الرأسمالي دا (1
).
واضاف لينين على ذلك موضحا
:
"
إن هذا المجتمع الشيوعي المنبثق لتوه من أحشاء الرأسمالية، والذي
يحمل من جمغ النواحي طابع المجتمع القديم، يسميه ماركس بالطور الأول أو الأسفل من المجتمع الشيوعي " (2).
وهذا ينالا بكل وضوح التأكيدات السابقة التي سمعناها بأن المرحلة
الأولى اللاحقة للرأسمالية، والتي لها القسط الأوفى في الاجهاز عليها، إنما هي دكتاتورية البروليتاريا... بعد العلم بأن طور الاشتراكية الذي نتحدث عنه، (1) نحتارات: لينين !2 ص مهـ 2 (الدولة والثورة).
(2)
المصدر نفسه ص 289
.
310

ليس هو طور دكتاتورية البروليتاريا، بل ان بينهما بعض الفروق، كـما
سنسمع بعد قليل من المصادر الماركسية.
إن ذلك يمكن ان يفسر بأحد شكلين
:
الشكل الأول: إن مرحلة دكتاتورية البروليتاريا، مرحلة إعدادية أو
انتقالية، لا ينبغي الالتفات إليها أو التركيز عليها عند الحديث عن الاشتراكية. بل ينبغي الدخول في ما هو المهم رأسا، وهو الطور الأول ثم الثاني للاشتراكية. إن اجابت الماركسية بهذا الشكاة، قلنا ان غير صحيح، لأن دكتاتورية البروليتاريا قد تطول زمانا كبيرا، بحيث لا يمكن غض النظر عنها بأي حال. على ان الإشتراكية نفسها مدينة لهذه الدكتاتورية بالوجود، فمن الغبن إهدار دورها في ذلك. على أن الماركسية لم تغض النظر عن ذلك بل ركزت عليه وأكدت، ولم تهمله إلا في هذه المرحلة من تفكيرها.
الشكل الثاني: إنه ليس هناك حدود حقيقية ملموسة بذهن المرحلة
الأولى والثانية، فلا يمكن أن يقول القائل: كنا بالأمس (يوم الجمعة) في المرحلة الأولى ونحن اليوم (يوم السبت) في المرحلة الثانية. إذن، فيمكن بمجرد دخول عصر دكتاتورية البروليتاريا ومنذ أول الثورة العمالية، يمكن أن نقول: إنه دخل عصر الاشتراكية.
أقول: إن انعدام الحدود الحقيقية بين المرحلتين، قد يكون أمرا
صحيحا
إلا ان ذلك لا يعني الخلط بين المرحلتين... فإن التشريعات
الاشتراكية تكون دائما مسبوقة بالاجهاز على الدولة الراسمالية وسيطرة رأس المال وعزل الرأسماليين اجتماعيا، إن بقوا على قيد الحياة. وهذه المرحلة من دكتاتورية البروليتاريا، تكون خالية عن التشريعات الاشتراكية وعن إمكان تطبيقها. إذن، فمهما بولغ في دمج المرحلتين وتوحيدهما، فان لدكتاتورية البروليتاريا في اولها، فترة " غير اشتراكية دا ريثما يتم الاجهاز على العصر ال سابق عليها، وهذه الفترة لا يمكن أن تكون من اطوار الاشتراكية، بعد افتراض انها لي!ست اشتراكية، وهي الفترة الرئيسية التي تنفذ فيها البروليتاريا مهمتها. ومعه لا يمكن للدمج بين المرحلتيئ ان يكون صحيحا... كـما لا يمكن أن
يكون القول: بأن عصر دكتاتورية البروليتاريا كله اشتراكي... صحيحا
. ومما يدعم ذلك، ما سنسمعه من توقف وجود الاشتراكية على شرائط
311

منها: زياثة الانتاح الصناعي زيادة هائلة. ومن الواضح ان منل هذه
الشرائط لا يمكن ان توجد في أول عصر دكتاتورية البروليتاريا. وإنما تعمل البروليتاريا على إيجادها تدريجا.
ومن الطريف ان ماركس ولينين، وخاصة الأخـيى، قد أكدا على دكتاتورية
البروليتاريا تأكيدا كبيرا. ومع ذلك أل!مقطاها من مراحل التاريخ!!...
تتفق المرحلة الثانية مع المرحلة الأور اربع صفات، منها نقطتا ضعف

ونقطتا قوة، من وجهة نظر ماركسية
.
النقطة الأولى: وهي نقطة قوة، وهي استمرار سيطرة البروليتاريا على
المجتمع. بعد ان تم قيامها بمهام المرحلة السابقة... وهي تصفية الوجود الرئيسي للمجتمع الرأسمالي، وتنفيذ بعض التشريعات الاشتراكية، التي من اهمها ما اقترحه انجلز فيما سبق، وجلب أكبر عدد ممكن من الطبقات التي كانت مستثمرة (بالفتح) إلى جانبها.
النقطة الثانية: وهي نقطة قوة ايضا، وهي ارتفاع الاستغلال
الرأسمالي
بشكل اكد وأشد مما كان عليه لا مرحلة دكتاتورية البروليتاريا. وهذا
هو المفروض كلما تم تقليص آثار الرأسمالية وترسيخ الاشتراثية تدريجا.
النقطة الثالثة: هي نقطة ضعف، وهي ان آثار الرأسمالية مهما تقلصت

ولا زالت تتقلص باستمرار، إلا انها موجودة على أي حال، وبهذا نطقت
المصادر الماركسية.
قال بوليتزر
:
"
ولهذا تظل طريقة الانتاج الراسمالية لفترة معينة، جانبا من
الأقتصاد دا (1).
وقال
:
"
ولا يزال في المجتمع الاشتراكي شيء من التفاوت في الممتلكات،
غيرأنه لا يوجد في المجتمع الاشتراكي قط بطالة ولا استغلال ولا اضطهاد للقوميات " (2).
وقال ماركس
:
"
ان المرء إذا لم ينسق مع الخيال، لا يمكنه ان يفكر بأن الناس،
بعد إسقاط الرأسمالي
(1)
أصول الفلسفة الماركسية: بوليتزيـب 2 ص 161
.
(2)
المصدرص 191
.
312

يتعلمون على الفور العمل للمجتمع بدون أية أحكام حقوقية. ناهيك عن
إلغاء الراسمالية لا يعطي فورا ممهدات اقتصادية لمثل هذا التغييرأ (1).
وقد سمعنا خلال الحديث عن المرحلة السابقة، ما قاله لينين عن هذه
المرحلة التي بأيدينا، وكان من ذلك قوله:
"
فإن المرحلة الأولى من الشيوعية لا يمكنها أن تعطي العدالة
والمساواة. تبقى الفروق مجحفة. رلكن استثمار الانسان للانسان يصبح مستحيلا " (2).
وعرفنا أن المراد بالمرحلة ا الأولى من الشيوعية: المرحلة الثانية
التي نتحدث
عنها من الاشتراكية
.
النقطة الرابعة: وهي نقطة ضعف من وجهة نظر ماركسية، وهي بقاء
الدولة، وإن كانت في طريقها إلى الاضمحلال، فانها لا تضمحل إلا عند وجود المرحلة الثالتة العليا للمجتمع الشيوعي.
قال لينين
:
ولكن الدولة لا تضمحل بعد بصورة تامة، لأنه تبقى صيانة
" للحق البرجوازي " الذي يكرس اللامساوإة الفعلية. ولاضمحلال الدولة، يقتضي الأمر الشيوعية الكاملة " (3). -3-
ولوجود الطور الأول للشيوعية عدة شرائط تتلخص في أمور
:
الأمر الأول: الانتاج الضخم الواسع النطاق، بشكل لم تكن تحلم به
الراسمالية بكل قواها.
قال نجوليتزر
:
لا لا اشتراكـة- إذن- بدون زيادة الانتاج بصورة هائلة ة لا يمكن
تخيلها في النظام الراسمالي وهذه ضرورة موضوعية " (4).
الأمر الثاني: انه لأجل وجود مثل هذا الانتاج الضخم، لا بد من وجود
صناعة تكنيكية عالية، ووسائل إنتاح ضخمة.
قال بوليتزر، بعد كلامه الأخير
:
لا بيد أنه كي نستطيع إنتاج سلع للاستهلاك بكميات كبيرة وزيخادة
حجمها باستمرار،
(1)
الماثية التاريخية: كوفالسون، كيلله ص 266
.
(2)
مختارات: لينين !2 ص 290 (الدولة والثورة
).
(3)
المصدرص: 293
.
(4)
أصول الفلسفة المركسية: بوليتزر!2 ص 162
.
313

لا بد من البدء بانتاج وسائل الانتاج بكميات كافية، والعمل على
تبديلها وازدهارها. ولهذا وجب أن يبدأ ارتفاع الانتاج بازدياد إنتاج وسائل ألانتاج. وهذا يعني أن أحد شروط الاشتراكية الموضوعية هو إيجاد صناعة ثقيلة " (1).
الأمر الثالث: انه لأجل وجود هذا النمو الصناعي الضخم، لا بد من
إيجاد أيدي عمالية صانعة له ومدبرة لشؤونه.
قالت بوليتزر
:
"
ويتطلب هذا النمو التقني، أت يبلغ تخصمر العما أ وثقافتهم درجة
أسمى من
الدرجة التي بلغوها فى الرأسمالية، التي تحيم الجماهير من الئتافة
والعلم " (2).
فيكون الأمر الثالث من شروط وجود الاشتراكية وجود العامل الكفؤ
فكريا
وثقافيا وعلميا بكمية كافية ووافرة في العالم
.
هذا مضاشا إلى الشرط المهم الآخر، وهو
:
الأمر الرابع: وهو وجود دكتاتورية أ)جروليتاريا، التي لا يمكن
بدونها
تحقيق أي اشتراكية... كـما سمعنا من لينين يقول
:
"
لكن الاشتراكية لا يمكن أن تتحقق بطريق آخر إلا من خلال
دكتاتورية البروليتاريا،
التي تشارك العنف ضد البرجوازية... الخ
" (3).
ينتهي بالقضاء على الثقل المهم للبرجوازية، وظيفة دكتاتورية
البووليتاريا
ومعه تبقى دكتاتوريتهم ونضالهم ضد الطبقات الأخرى بلا معنى. وهنا
تكف البروليتاريا عن النضال.
قال كوفالسون
:
"
أما في مرحلة الاشتراكية، فان الطبقة العاملة لا تبقى بحاجة إلى
النضال من أجل الفلاحـن. لأن التحولات الاشتراكية في الزراعة قد غيرت من طبيعة الفلاحـن الاجتماعية، ولأن البرجوازية قد صفيت. ولهذا لا تبقى الطبقة العاملة في مرحلة الاشتراكية، بحاجة إلى ديكتاتورية البروليتاريا لما (4).
وإذا ارتفعت دولة دكتاتورية البروليتاريا، بقيت الدولة موجودة
بقيادة
(1)
المصدر والصفحة
.
(2)
المصدرص 187
.
(3)
الشيوعية العلمية ص 269
.
(4)
المادية التلى يخية: كيلله كوفالسون ص 267
.
314

الحزب الشيوعي
.
قال كوفالسون
:
"
ان دور الطبقة العاملة في المجتمع الاشتراكي يتجلى عبر قيادة
الحزب الشيوعي أو. العمالي " (1).
فبعد ان كانت هناك إثنينية بين الدولة والحزب، ولو من الناحية
الشكلية،
خلال عصر دكتاتورية البروليتاريا. لا يبقى لهذه الاثنينية وجود
خلال عصر الاشتراكية وإنما تتمحض الدولة في دولة الحزب الشيوعي وقيادته. وسنتحدث بعد قليل عن سر الاثنينية اورع4 الموجودة يومئذ وارتفاعها بعد ذلك. وستكون هذه الدولة شعبية تشارك كل الجماهير فيها! قال كوفالسون:
"
ان تطور الدولة الاشتراكية يعني اشتراك الجماهير على نطاق أوسع
فأوسع في إدارة الدولة، وتطوير الديمقراطية ألاشتراكية على نطاق أوسع " (2).
وقد تلخصت مما سبق الفروق الاتية بين عهدي اصلاشتراكية: الأول

وا لثا ني
.
أولا: زوال الثقل المهم للبرجوازية في العهد الاشتراكي الثاني، بعد
أن
قضت عليه البروليتاريا. بينما كان موجودا في عهد دكتاتوريتهم
.
ثانيا: زوال دكتاتورية البروليتاريا التي اصبحت بعد زوال
البرجوازية غير
ذات معنى كـما عرفنا
.
ثالثا: اتصاف الدولة في العهد الثاني بصفة تختلف بها عما سبقها من
الدول
فهي دولة في طريقها إلى الفناء، ولا يمكن إلا ان تكون كذلك، كـما
سمعنا من الماركس!ن. بينما كانت في العهود السابقة بما فيه عصر دكتاتورية البروليتاريا تبدو وكأنها ذات استمرار وبقاء.
رابعا: تركيز التعاليم الاشتراكية اكثر من العصر السابق، وتطبيقها
في
مختلف الميادين، وخاصة بعد أن نجحت البروليتاريا في مهمتها وازالت
ا لبرجوا زية.
ولا بد لنا- جما هدا الخ دد- أن نحيط ىل دا!الم المارة للالت!تراقي
(1) المصدر 268.
(2)
المصدر والصفحة
.
315

واهم تطبيقاتها خلال هذه الفترة
.
ونحن- أولا- ينبغي أن نطلع على التعريف الماركسي للاشتواكية، وخاصة
تعاريف اشتراكية الطور الأول الذي نتحدث عنه.
قال انجلز
:
"
الثيوعيه هي تعليم شروط تحرر البروليتاريا
" (1).
وقال كوفالسون
:
"
الشيوعية هي نظام اجتماعي لا طبقي تقوم فيه الملكية الواحدة
للشعب بأسره على وسائل الانتاج " (2).
وقال لينين
:
(
ان الاشتراكية هي إلغاء الطبقات
" (3).
وقال
:
يا ان الاشتراكية تتميز بالملكية الاجتماعية العامة لوسائل الانتاج
وبعلاقات التعاون الرفاقي بين أناس أحرار من الاستثمار سواء في الانتاج أم في سائر ميادين النشاط الاجتما عي " (4).
وقال بوليتزر
:
(
الاشتراكية- كـما تحددها الماركسية علميا- هي القضاء على استغلال
الانسان لأخيه الانسان، والقضاء في نفس الوقت على طبقات المجتمع المتناحرة دا (5).
وقال ايضا
:
"
الاشتراكية هي- حقا- حكم الجماهير الشعبية وملايين الناس الذين
كانوا ضحايا الاضطهاد، وحرموا- بواسطة الاستغلال- من كل نمو إنساني لما (6).
وقال أفاناسييف
:
"
الشيوعية هي المستقبل المثرق للانسانية جمعاء. ان الشيوعية هي
حلم الانسانية طيلة
قرون
" (7).
(1)
نصوص مختارة: انجلزص 34
.
(2)
المادية التاريخية: كيلله كوفالسون ص 142. وانظر أيضاص 399
منه.
(3)
الشيوعية العلمية ص 382
.
(4)
ائصدرص 139
.
(5)
اصول الفلسفة الماركسية ب 2 ص 153
.
(6)
المصدرص 183
.
(7)
اصس! الفلسفة الملىكسية ص 195
.
316

وقال لينيئ بصدد التفريق بين الاشتراكية والشيوعية
:
(
بيد ان الفرق العلمي بين الاشتراكية والشيوعية واضح. فما يدعونه
بالمعتاد بالاشتراكية، قد سماه ماركس بالطور الأول أو الأسفل من إلمجتمع الثيوعي. فبمقدار ما تصبح وسائل الانتج ملكا عاما يمكن تطبيق كلمة الشيوعية على هذا الطورلضا، شريطة ألا ينسى المرء أن هذه الكلمة ليست بالشيوعية الكاملة.
ثم قال
:
"
فالثيوعية في طورها الأول، في درجتها الأولى لا يمكن أن تكون
ناضجة تماما من الناحية الاقتصادية، لا يمكن ان تكون خالية تماما من تقاليد أو اثار الراسمالية لما (1). وسنعرض لتمحيص هذه التعاريف، وملاحظة الفروق بينها، بعد ذلك.
اما كارل ماش كس، فلا نجد له تعريفا واضحا للاشتراكية او الشيوعية
.
ولعل له العذر من ذلك فيما ذكره لينين عن الفرق بين طوري
ال!ثميوعية حيث قال:
(
أغلب الظن أن الفرق السياسي بين الطور الأول او الأسفل والطور
الأعلى من الشيوعية سيصبح مع الزمن كبيرا. ولكن من المضحك الاهتمام به في الوقت الحاضر، في الرأسمالية، ولا يمكن لأحد أن يضعه في المقام الأول، أللهم إلا بعض الفوضوييئ " (2). وحيث يكون ماركس خلال العصر الرأسمالي، وليس من الفوضودن ايضا. إذن، فلا ينبغي ان يتورط فيما هو المضحك من الاهتمام بتعريف الاشتراكية او الشيوعية، او إيجاد الفرق بينهما... لو كان منفذا لنصيحة لينين...
-7-
وأهم خطوة يتخذها الماركسيون في سبيل توطيد الاشتراكية هو التصرف
في الملكيات الخاصة عموما وملكية وسائل الانتاح خصوصا. ويكون إلغاء ملكية وسائل الانتاح لأجل رفع التناحر الطبقي في المجتمع، الذي كان ناتجا من تلك الملكية، حسب راي الماركسية. واما رفع الملكية الخاصة عموما، فباعتبار التوصل إلى إلغائها الكلي في الطور الأخير.
قال لينين
:
(1)
مختارات لينيئ !2 ص 297 (الدولة والثورة
).
(2)
المصدرص 297
.
317

"
فان وسائل الانتاج لاتبقى س!ساخماصا لأفراد. ان وسائل الانتاج
تخص المجتمع كله.
وكل عضو من أعضاء المجتمع يقوم بقسط معين من العمل الضروري
اجتماعيا، ويخال من المجتمع بمقدار كمية العمل الذي قام به " (1).
واعطى كوفالسون من جملة خصائص المجتمع الاشتراكيئ في طوره

ا لأ ول
:
"
تصفية الملكية الراسمالية و(قامة الملكية الاجتماعية العامة
لوسائل ألانتاج الأساسية، تحويل الزراعة تدزيجا على اسس اشتراكية " (2).
وقد سمعنا من جملة فقرات تعاليم انجلز خلاله عصر دكتاتوريـة
البروليتاريا: لزوم إنقاص الملكية الخاصة، والاغتصاب التدريجي للملاكين العقاريين والصناعيين واصحاب السكك الحديدية وأصحاب السفن ومصادرة جميع املاك المغتربين والمتمردين على غالبية الشعب: ومركزة نظام الائتمان ووسائط النقل بيد الدولة (3). والمفروض خلال العهد اللاحق لدكتاتورية البروليتاريا، إن هذا كله اصبح ناجزا تماما، نتيجة جهود البروليتاريا الماركسية في توطيد اسس الاشتراكية.
وقال آخرون
:
"
ان سيطرة الملكية الاشتراكية الجماعية لوسائل ألانتاج بلا منازع
هي الخاصة الأساسية والسمة الرئيسية المميزة الاشتراكية " (4).
-8-
إن الملكية العامة او الاجتماعية خلال عصر الاشتراكية تنقسم إلى
قسمين
هما: ملك!ية الدولة والملكية التعاونية
.
قال افاناسييف
:
"
والملكية ألاجتماعية توجد على شكلين: ملكية الدولة أي ملكية
الشعب كله في شخص الدولة الاشتراكية والملكية الكولخوزية التعاونية أي ملكية كولخوزات معينة أو أتحادات تعاونية. وشكلا الملكية هذان شكلان اشتراكيان للملكية يضـمان حل مثهمات بناء الشيوعية. ان الشكل الأساسي والغالب للملكية في المجتمع ألاشتراكي هو ملكية (1) المصدرص 289.
(2)
المادية الناريخية ص 139
.
(3)
انظر الفقرة السابعة س حديثنا عن ثكتاتورية البروليتاريا
.
(4)
الاقتصاد السياسى للاشتراكية ص 62
.
318

الدولة
" (1).
وأضاف آخرون
:
"
ولم يظهر هذان الشكلان من الملكية الاشتراكية بالصدفة، فان
وجودهما ضروري موضوعيا.
وبهذا ربطت الماركسية بين أشكال الملكية والضرورة المافى ية
التاريخية اتي
تؤمن بها، كـما ربطت بين وجود المجتمع الاشتراكي وتطور وسائل
الانتاج.
"
تشمل ملكية الدولة جميع الأراضي (في الاتحاد الـوفييتي وجمهورية
منغوليا الشعبية)
وباطن الأرض والمياه والغابات والمصانع والمناجم واستثمارات الدولة
والسوفخوزات في الزراعة والنقليات الحديدية وغيرها من النقليات ووسائل المواصلات والمؤسسات التخارية والتخزينية الحكومية والقسم الأساسي من المباني السكنية في المدن والمراكز الصناعية وشبكة المؤسسات العلمية والثقافية " (2).
"
وتشمل الملكية التعاونية الكولخوزية قسما من الأراضي في البلدان
الاشتراكية (ما عدا
الاتحاد السوفييتي وجمهورية منغوليا الشعبية) والآلات الززاعية وأ
الأبنية والمالثية التعاونية، والمؤسسات المساعدة لتحويل المواد الأولية الزراعية والمحاصيل المنتجة في التعاونيات. وفضلا عن ذلك تشمل الملكية التعاونية شبكة المؤسسات التجارية التابعة لتعاونيات الاستهلاك، مع احتياطياتها البضاعية، وكذلك التعاونيات الحرفية مع مالها من المنتوج والتجهيزات، (3).
"
ويعتبر كلا شكلي الملكية الاشتراكية... وحيدي الطراز من حيث
طبيعتهما ألاجتماعية الاقتصادية، إذ أنهما يعبرأن عن انطابع الاجتماعي لتملك نتائج العمل ويرفضان استثمار الانسان للانسان ويشرطان علاقات التعاون والتعاضد ويتطلبان المبدأ ألاشترإكي للتوزيع، ويتطوران تطورا منهاجيا.
ومع ذلك توجد فروق معينة بين ملكية الدولة والملكية التعاونية
الكولخوزية. والفرق الأساسي هو في درجة تشريك وسائل الانتاح. فملكية الدولة هي ملكية الشعب بأسره... والملكية التعاونية الكولخوزية هي ملك جماعات منفردة من الكادحن، وهي لذلك ملكية جماعية.
...
ثم ان قسما من وسائل الانتاج يبقى في حوزة الملكية الشخصية لأ
. ءضاء التعاونيات
!
ب ألاستثمارات الشخصية للكولخوزيين
.
وينجم عن هذا أن ملكية الدولة... بالمقارنة مع الملكية التعاونية
الكولخوزية، الشكل
(1)
الاقتصاد السياسي للاشتراكية ص ملأ. (2) المصدرص 69
.
(3)
المصدرص 70
.
319

الأكز كمالأ للملكية الاشتراكية، وهي تجسد مستوى أعلى لتشريك
الانتاج " (1).
يكون الأسلوب الاقتصادي الأسا9سي خلال هذه الفترة للعمل المأجور
قائلا
على القاعدة القائلة: من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله. وهو من
الفوارق الكبيرة عن الطور الأعلى حيث يكون لكل عامل حسب حاجته لا حسب عمله. ولعل أفضل من شرح هذه القاعدة من زاوية ماركسية وذكر مميزاتها، واعتبرها مميزات مرحلية تمثل مرحلة ما بعد الراسمالية وما قبل الشيوعية. هو بوليتزر حيث نجده يقول:
"
لا شك ان العثرة الرئيسية التي تحول دون ان ينال كل فرد حسب
حاجاته في العالم الحديث، هي الاستغلال الرأسمالي التي يبذر ثروات العمل الانساني. والنتيجة الأولى لازالة امتغلال ألانسان لأخيه الانسان هي أن العامل يستطيع أن ينال حسب عمله الذي يؤديه دون أن يسلب جزءا من الثروة التي انتجها) (2".
وبذلك تلافت الماركسية ما تورطت به الرأسمالية في نظرها من سرقة
أرباج
العامل وغمط أجرة عمله، متمثلة ني (القيمة الزائدة) التي يأخذها
الرأسمالي من العامل قهرا. وهو العنصر الدي تكونت منه الرأسمالية اساسا في رأي كارل ماركس، كما سبق ان عرفنا مفصلا.
فإن العامل في هذه المرحلة الاشتراكية سيعطى بمقدأر عمله، وسوف لن

يغمط من أجرة عمله شيئا، كـما كان عليه الحال في المرحلة
الرأسمالية.
وفي نفس الوقت، حيث يخملف العمل يختلف الأجر، وبذلك يتفاوت

العمال في مقادير دخلهم. والى ذلك أشار بوليتزر دائلا
:
"
ولهذا كانت المساواد في المجتمع، هي في ان تعطي كل فرد حسب عمله
اي بصورة غير متساوية بين الأفراد، بعد أن يؤمن كل فرد أسباب معيشته (بفضل إزالة الاستغلال) ولهذا لا يجب مساواة الاشتراكية بنزعة خيالية للمساواة بين الاس.
كتب موريس توريمز يقول: أما فيما يتعلق بنزعة المسماواة التي تقوم
على قيلس الناس
بنفس المقياس، فهي استحالة أجتماعية، لأن هناك تفاوتا طبيعيأ بين
الناس، سببه كفاءاتهم البيولوجية والنفسية. أما التفاوت الذي يسعى الشيوعيون لازالته فهو التفاوت الذي ينشأ عن (1) المصدر 70- 71.
(2)
اصول الفلسفة الماركسية!2 ص 185
.
325

وجود األطبظ ت
" (1).
وتلحق بهذه القاعدة، قاعدة أخرى هي
: " ان من لا يعمل لا يأكل "
ذلك أن الماركسية تستهدف في المجتمع الاشتراكي أن تحول المجتمع كله
إلى شغيلة، او عمال يعيشون بأجور عملهم،: بالرغم من أن ذلك مهمة صعبة وطويلة ا الأمد.
قال لينين
:
"
وفي سبيل القضاء على الطبقات يجب ثانيا: القضاء على الفارق بين
العامل والفلاح، وتحويلى المجتمع كله إلى شغيلة. ولا يمكن القيام بذلك دفعة واحدة. تلك مهمة أصعب بما لا يقاس ت وبالتأكيد مهم!!ويلة الأمد لما (2).
وإذا تم ذلك، يكودن من الطبيعي أن
" من لا يعمل لا يأكل "، لأنه غريب على المجتمع، إن هذه القاعدة أساسية في بناء الاشتراكية الماركسية. وقد أكد عليها لينين أكثر من مرة.
قال مرة
:
"
ان ذلك الذي لايعمل يجب أن لأ يأكل
" (3).
وقال مرة أخرى
:
"
من لايعمل لا ينبغي أن يأكل
" (4).
وبذلك !لافت الماركس!ية تارة اخرى، بعض نقائص الرأسمالية، من

زاوية ان الرأسماليين لم يكونوا يعملون، ومع ذلك فهم
" يأكلون " بك يعيشون أرغد عيش، أما الان، فليس هناك راسماليون، بل كلهم عمال، وليس هناك من يأكل بدون عمل، بل كلهم يعيشون على ما يؤدونه من أعمال.
ولا بد، خلال الحديث عن هذه المرحلة، من أن نحمل فكرة كافية عن
ربطها الماركسي بتطور وسائل الانتاح... بصفتها حلقة من حلقاتـه الضرورية، من زاولة المأدية التاريخية.
(1)
المصدرص 189- 190
.
(2)
الشيوعية العلمية ص 382 عن المؤلفات الكاملة: لينين جى 30 ص 8
0 1- 9 0 1.
(3)
المصدرص 284
.
(4)
غتارات لينين !2 ص 292 (الدولة والثورة
).
21
321

+-
قال كوفالسون
:
"
وكـما في جميع التشكيلات السعابقة، تنبثق التناقضات في ظل
الاشتراكية ألضا، بين القوى المنتجة وعلاقات الانتاج، من جراء تطور القوى المنتجة. ولكن طابع هذه التناقضات واشكال تطورها واساليب حلها، تختلف في ظل الاشترأكية اختلافا مبدئيا عنها فى ظل التشكيلات السابقة " (1).
وقد وجدت الماركسية نفسها مسؤ ولة عن الجمع بين فكرتين لتطور وسائل
الانتاج.
الفكرة الأولى: التطور الضروري الذي امنت به من خلال المادية
التاريخية. ذلك التطور الذي أوجد كل ظواهر التاريخ، فهو موجد بالضرورة هذه المرحلة منه أيضا.
الفكرة الثالية: التطوير الواعي لوسائل الانتاج الذي تقوم به
البروليتاريا
خلال محصر دكتاتوريتها تطويرا هائلا يكون ممهدا لزياده الانتاج
الممهدة لتطبيق المجتمع الشيوعي.
يمثل الفكرة الأولى قول بوليتزر
:
"
تستحيل الاشتراكية بدون شروط موضوعية مرتبطة بمرحلة تاريخية
معينة. ففي بلد،
لم تنم فيه الصناعة نموا كبحرأ، كالصين مثلا، لا تستطيع
البروليتاريا، وقد أصبحت في الحكم، أن تانكر في إقامة الاننشراكية قبل إيجاد الأسس التي تقوم عليها، أي إيجاد صناعة قومية كبرى لما (2).
وكذلك يمثل الفكرة الأولى كلام ستالن، حين يتحدث عن الاتحاد
الـح!فييتي فيقول:
"
استخدمت الطبقة العاملة قانون الترابص الضروري بين الانتاج وبين
طابع قوى الانتاج، ولم تستطع القيام بهذا بفضل مواهبها الخاصة. بل لأن ذلك كان مهما بالنسبة إليها" (3).
ويمثل الفكرة الثانية، قول كوفالسون
:
"
إن مفعول قانون التطابق في ظل الاشترأكية، يتميز بخاصة رئيسية
قوامها أنه تتوفر للمجتمع في ظل ألاشترأكية إمكانية اتخاذ الاجراءات في الوقت المناسب لجعل علاقات الانتاج
(1)
ال دية التاريخية. كيلله كوفالسون ص 120
.
(2)
أصول الفلسفة الماركسية: بوليخزر!2 ص 161. (3) المصدر صر 162
.
322

تتطابق مع القوى المنتجة النامية، أي إمكانية حل التناقضات الناشئة
بينهما حلا وأعيا. إن علاقات الانتاح الاشتراكية تخلق الامكانيات لانماء القوى المنتجة وتطويرها وحافزا
للتقدم التكنيكي، وتربية الموقف الشيوعي من العمل وإنما إنتاجية
العمل بسرعة.
ولكن هذه الأمكانيات لا تتحول من تلقاء ذاتها إلى واقع ولا تتحقق
أتوماتيكيا. ولهذا
كان تطوير نشاط الشعب في ميدان العمل- أي نشاط العمال والفلاحـن
الحعاونيين والمثقفين- أهم شرط في ظل الاشتراكية لتطوير ألانتاح وللحد الأقصى من تعجيل التقدم العلمي والتكنيكي " (1).
وهذا، وأما إمكان الجمع بـين هاتين الفكرتين، أو عدم إمكانه، فهو
ما سنتعرض له خلال المناقشة.
- 12-
وتسرد المصادر الماركسية عدة خصائص متوخاة، لا بد من تحقيقها خلال

عصر الاشتراكية. وأهم هذه الصفات، إيجاد مستوف ثقافي عال جدأ،
وخاصة الثقافة الصناعية التي تيسر ريادة الانتاج بشكل خاص.
قال بوليتزر
:
"
تهتم الدولة نفسها بالثورة الثقافية وإذاعة الأفكار والعلم
التقدمي بين الشعب، وأنتصار الأفكار الاشتراكية على الأفكار البرجوازية. وذلك حسب تعاليم المادية الجدلية حوك مهمة الأفكار يخا الحياة ألاجتماعية... ومهمة الدولة هي التوفيق، بقدر الامكان، بين وعي الجماهير وبين الظروف الجديدة الموضوعية، الاشتراكية، وأن تسرع في/1 لعملية التي تساعد على ظهور صور جديدة من الوعي تتفق والمحتوى الجديد.
وكذلك يجب دفع الوعي الاشترأكي إلى الأمام، في نفس الوقت، وذلك
بفضل معرفة
قوانين المجتمع، حتى تستطير معرفة سير النمو والتعجيل في النمو
الاقتصادي وذلك بتأثيرها بدورها في الشروط الموضوعية.
وهكذا نرى أن الشروط الموضوعية والشروط الذاتية، في المجتمع
الاشتراكي
لأ تتناقض بل تؤثر تأثيرأ متجادلا تدعم كل منهما الأخرى
" (2).
"
ومن ثم تعمل الاشتراكية، نتيجة لهذه القوانين الموضوعية، على
تنمية العلم لا
محالة، من علم الآلة (ح لما ا، أول راح*) الميكانيك، حتى علم
الحيضيات (ح أ* ه ول 35!*) بمقادير أ تعرفها البلاد الرأسمالية. وكذالك تتطلب الاشترأكية ارتفاع صفة العامل بحيث يتسرب الفكر شيئا فشيئا إلى العمل أليدوي في اتصاله بتقنية عليا! (3).
(1)
المثالية التاريخية: كيلله، كوفالسون صر 120
.
(2)
أصول الفلسفة الماركسية: بوليتزهـ واخرين !2 ص 178
.
(3)
المصدرص 164
.
313

"
وهكذا، ليست الاشتراكـيما (مدنية تقنية) تتلهف للقيام بأعمال
مادية رائعة، دون
أن تعبأ بالانسان، كـما يديئ المفكرون البرجوازيون. ذلك لأن
الانسان في تمام ئفتحه هو مركز الاشتراكية، وليس لجميع الأعمال الماديه من هدف سوى سد حاجاته على افضل وجه (1).

مناقشة

الطور الاشتراكي الأول

ينبغي لنا قبل الدخول في تفاصيل المناقشات، أن نلتفت إك عدة أفكار،

نحدد بها موقفنا العام من هذه المرحلة
.
الفكرة الأولى: إن بعض ما ذكرته الماركسية من التطبيقالص خلال هذه
المرحلة، لو لوحظ مستقلا عن غيره... فهو صحيح ومنتج اجتماعيا، لا ينبغي أن نختلف مع الماركسية في ذلك، كأخذ الدولة بزمام بعض التصرفات الاقتصادية، والاعتراف بملكيتها، والا هتما ا بالمستوى الثقافي للشعب عموما، بحيث تنبثق كل تصرفات الناس واهتماماتهم من زاوية علمية.
الفكرة الثانية ة إن مناقشاتنا السابقة للأصول الموضوعية لوجود هذه
المرحلة، اعتي الديالكتيك والمادية التاريخية، تقتضي بكل وضوح عدم صحة هذه الاستنتاجات الماركسية جميعا، لوضوح انه لا مجال للنتيجة مع بطلان ا لمقدمات.
غيراننا في مناقشاتنا الآتية لهذه المرحلة، سنغض النظر موقتا عن
الطعن بالأصول الموضوعية، لنرى بعين مستقلة صحة الموقف ألاجتماعي الماركسي ثا هذه المرحلة وعدمه.
الفكرة الثالثة: إن ما ذكرته الماركسية من جميل الصنع في هذه
المرحلة،
مهما كان لطيفا ومعجبا، إنما يكون ملفتأ للنظر، مع انحصار الأمر
بهذا النظام بعد الاستغناء عن الرأسمالية والتخلص منها. واما مع وجود البديل الأصلح عن هغ ا النظام برمته، واليقيئ بما ليه من مميزإت تموق التعاليم الماركسية بكثير، (1) المصدرص 166.
324

فلا يبقى لكل هذا الصنع الجميل أي موضوع. وسنعطي فكرة كافية عن
البديل عند التعرض لتفاصيل التخطيط الالهي لليوم الموعود.
وقي هذه المناقشات، سوف ننقد هذه المرحلة بغض النظر عن البديل،

لنرى انها في نفسها وباستقلالها هي صالحة أم لا. وهل تترتب على
الأفكار الماركسية المسبقة ترتبا ضروريا، كـما تريد الماركسية أن تقول، ام لا.
فإذا تمت هذه الأفكار الثلاثة، بدانا المناقشة في عدة نقاط
:
الئقطة الأولى: ان ندرس مدى انطباق قوانين المادية التاريخية
والديالكتيك الكوني على هذه المرحلة. وذلك ضمن عدة مستويات:
المستوى الأول: ان ترتب المرحلة الاشتراكية الثانية على المرحلة
الأولى
ليس ترتبأ ديالكتيكيا تناقضيا، وإنما هوترتب
" سلس يا. لأنهما منسجمان يؤكد احدهما الآخر، ويعاضده، وليس بينهما اي تناف أو تناقض.
وبكلمة اوضح: إن المرحله الثانية هي ترسيخ وتأ!كيد للاشتراكية
المتوخاة
في المرحلة الأولى، وليست نافية لها، لكي يمكن تطبيق قانون
الديالكتيك عليها.
المستوى الثاني: مستوى علاقة هذه المرحلة بتطور وسائل الانتاج
. وتواجهنا بهذا الصدد الشرائط الماركسية التي ذكرناها في الفقرة الثالثة، مما سبق. وهذا ما سنعقد له نقطة مستقلة.
المستوى الثالث: إن إنتاج الاشتراكية من تطور وسائل الانتاح، لو
سلمناه، ليس إنتاجا ضروريا بل هوأمر اختياري يعود إلى آراء المشرف!!ن على دولة البروليتاريا، من ان هذا التشريع او ذاك هو الأصلح للمجتمع دون غيره، وان هذا الأسلوب ثا الحكم هو الأكـز فاعلية دون سواه، وإن هذا المشروع أكز إنتاجا من غيره، وهكذا. وهذه الآراء لم تنشأ عن تطور وسائل الأنتاح، كـما هو معلوم.
نعم، للماركسية أن تقول: إن المستوى المعن الذي بلغته وسائل
الانتاج، أوحى للقائمين بالحكم آراءهم ة ليكون هذا الحكم منسجما مع قواعدها في المادية التاريخية.
إلا أنه قول غير صحيح، لأن هذا الايحاء إن كان اختياريا، فهوينافي

عنصر الضرورة التي سارت عليه الماركسية في ال دية التاريخية. وان
كان
325

اضطراريا، فهو ينافي عنصر الاختيار والوعي الذي أكدت عليه
الماركسية يا عهود الاشتراكية.
وبهذا يتضح عدم إمكان الجمع بين الفكرتن اللتين جمعت بينهما
الماركسية
وقد ذكرناهما في الفقرة الحادية عشرة من الحديث عن هذه المرحلة،
فليرجع القارىء إلمط هناك.
المستوى الرابع: إن الماركسية ذكرت فى القواعد العامة لماديتها
التاريخية،
ان تطور وسائل الانتاج ينتج تغييرا، في كل ظواهر المجتمع وتياراته
ومؤسساته. فهل تتوقع حصول هذا الانقلاب الشامل باستمرار:
أولا: بعد التحول من عهد الراسمالية إلى عهد دكتاتورية
البروليتاريا. وثانيا: بعد التحول إلى عهد الاشتراكية.
وثالثا: بعد التحول إلى عهد الشيوعية
.
وهل ظواهر المجتمع بهذه البساطة التي يمكن أن تتبع التغيير
المستمر.
إن تغيير الأسلوب الزراعي إلى الاشتراكية امر صعب (1)، كـما ان
تحويل المجتمع كله إلى شغيلة امر صعب ايضا (2)، كـما اعترف بكلا الأمرين لينين... ولم يكن يتحدث إلا عن بعض ظواهر التغير الأول من هذه الثلإثة. فكيف بكل الظواهر، وكيف بكل التغيرات في العهود الثلاثة وكيف بظواهر المجتمع الأكز رسوخا وثباتا، كاللغة والدين وبعض واضحات الأخلاق. إن الماركسية سلمت سلفا على ان هذا الوضع الاشتراكي ملازم مع ترك
الدين ومواكب مـع العلمانية والالحاد. وهذا الأمر منسجم مع فهمها
للكوذا والحياة. ولعله يكون صحيحا لو وجد هذا الوضع تحت قيادة الحزب الماركسي- اللينيني. ولكنه- بكل تأكيد- سوف لن يكون صحيحا لو لاحظنا أي مرحلة من مراحل تطور وسائل الانتاج. إن اي مرحلة منه، عالية كانت او منخفضة، ليس لها اي مساس بتطوير الدين اوتغيير المعتقد، بغض النظر عن التوجيه الماركسي الالحادي.
المستوى الخامس: إن هذه المرحلة لم تأت عن طريق الطفرة التي امنت
بها الماركسية، أو التغير الكيفي الفجائي بعد التغيرات الكمية الكثيرة. لأن هذه (1) الشيوعيه، أعلمية ص 377.
(2)
المصدرص 382
.
326

الطفرة تمثلها على صعيد المجتمع الثورة. على حتى ان هذه المرحلة لا
تحصل عن طريق الثورة بالمزة. بل قد لا يتحدد أول زمن وجودها بزمن معين، وإنما هي تحصل حصولا تدرمجيا، ولا نجد ثورة ولا تغيم ا كيفيا بعد عصر دكتاتوريىيه ا لبروليتاريا.
النقطة الثانية: أن ننظر إلى الشروط التي ذكرتها الماركسية لوجود
الاشتراكية، في مرحلتها الثانية... مما ذكرناه في الفقرة الثالثة من الحديث عنها. بعد التسليم أن معنى الشرط هو الملازمة والتوقف، بحيت لا ممكن أن يوجد الشيء بدونه شرطه. فكما أن عصر الاقطاع- مثلا كان متوقفا على وجود الطاحونة الهوائية، ولا يمكن أن يكون له بدونها حظ من الوجود. فكذلك تحقق هذه المرحلة متوقف على هذه الشروط، ولا يمكن أن تتحقق بدونها. فهل هذا الأمر صادق بالنسبة إلى الاشتراكية ام لا؟!..
إننا نجد بعد استيعاب الشروط السابقة فهما، أنه ترد عليها
الايرادات التالية:
الايراد الأول: إن الماركسية أفهمتنا في مجال آخر، إن هذا المستوى
المطلوب في هذه الشروط، هو ما تقوم به الدولة ألاشتراكية نفسها. فهي تقوم بتوسيع الانتاح والتثقيف العام على علم الآلة وعلم الحمضيات وغيرها. وهذا يعني ان الدولة الاشتراكية موجودة سلفا لتقوم بهذه الفعاليات.
في حين ان معنى الشرائط. ان الدولة ألاشتراكية لا يمكن أن توجد
بدون
وجود ذلك المسحوى. فلا بد أن يوجد هذا المستوى سلفا لتوجد تلك
الدولة. فكيف نستطيع الجمع بين هاتن الفكرتين المتهافتتي!ن.
فنحن سمعنا بوليتزر يقول
:
"
لا اشتراكية، إذن، بدون زيادة في ألانتاخ هائلة، لا يمكن تخيلها
في النظام الرأسمالي، وهذه ضرورة موضوعية " (1)
ويقول
:
"
ويتطلب هذا النمو التقني أن يبلغ تخصمر العمال وثقافتهم درجة
أسمى من الدرجة
التي بلغوها في الرأسمالية لما (2
).
(1)
أصول الفلسفة الماركسية: بوليتزر وآخرين !2 صر 163
.
(2)
المصدر: ص 187
.
327

هذا معناه ان كل ذلك مما يجب ان يحدث قبل أن تحدث الاشترابهية
.
ومع ذلك يقول هو نفسه
:
(
وكذلد يجب دفع الوعي الاشتراكي، إلى الأمام في نفس الوقـت، وذلك
بفضل،
معرفة قوانين المجتمع، حتى تستطيع معرفة سير النمو والتعجيل في
النمو الاقتصادي وذلك بتأثيرها بدورها في الشروط الموضوعية " (1).
وهذا معناه، ان المجتمع الاشتراكي قد وجد فعلا وانه هو الذي يقوم
بتحقيق المستوى المنشود. إن هاتين الفكرتين متناقضتان، فكيف جمع بوليتزر بينهما؟!..
الايراد الثاني: إن هذه الشرائط لو كانت صحيحة لما وجدت الاشتراكية

إلا في الدول ذات المستوى العألي جدا من وسائل الانتاج. في حـيئ
اننا نشاهد فعلا أن كثيرا من الدول النامية الفقيرة المتخلفة اقتصاديا وحضاريا قد أعلنت فيها الاشتراكية وأخذت بالنمو. بل ان الاتحاد السوفييتي نفسه والصيئ ايضا، اعلنت فيهما الاشتراكية ونمت قبل بلوغهما إلى هذا المستوى العالي الذي تشرحه الماركسية.
الايراد الثالث: إن هذا المستوى العالي لتطور وسائل الانتاج، متوفر
فعلا
في عدد من الدول الراسمالية، ومع ذلك فإن احتمال وجود الاشتراكية
فيها ضعيف جدا ويكفي أن نلتفت إلى ان المستوى العلمي والانتاجي لدول المعسكر الاشتراكي ودول المعسكر الراسمالي، متشابه إلى حدبعيد... ومع ذلك لم تحصل الاشتراكية، فى الدول الراسمالية، متمثلة في عصرها الأول فضلا عن عصرها الثاني. النقطة الثالثة: ان ننظر إلى القاعدتين الاقتصاديتين الاشتراكيتيئ: (من
كل حسب طاقته ولكل حسب عمله)، و (من لايعمل لايأكل
).
...
فإنهما بالرغم من نفعهما ضد الراسمالية، كـما علمنا، غيى انهما

لا يصحان تماما، بل ترد عليهما الايرادات التالية
.
الايراد الأول: إنه لا معنى للالزام بالعمل. كـما هومؤدى كلا
القاعدتين
ومآلهما إذ لعل للفرد مالا موروثا او مذخورا، او انه يعيش على
إيراده الشخصي غر المربوط بالدولة، كتوالد الأغنام أو صيد السمك او بعض الحرف الأخرى. وإنما الملزم بالعمل دائما هوحب الذات الذي يحث على ضماد إيراد معيى
(1)
المصدر نفسه ص 178
.
328

يكفل إشباع الحاجات الضرورية على الأقل. ولا حاجة للقانون او
الدولة ان تجعل دافعا نفسيا أكز من ذلك. وهذا الدافع الذي ذكرناه، إنما يؤثر في الحث على العمل عند عدم وجود دخل آخر لدى الفرد كـما هو واضح إذ مع ضمان المعيشة لا حاجة أو لا ضرورة- على الأقل- للعمل في ضمن برنامج الدولة. وهناك من الدخول ما تعترف به الماركسية، قبل زوال الملكية الخاصة، كالذي ذكرناه قبل لحظات.
الايراد الثاني: إن قاعدة (من لا يعمل لا يأكل)، ناتجة من المبدا
الاقتصادي الذي أسسه ماركس نفسه في كتابه (راس المال) وهو توقف القيمة التبادلية على العمل. إذ من الطبيعي حينئذ أن من لا عمل له لا يكون له اي إيراد مالي. ولكننا سبق أن ناقشنا هذا المبدا. ومعه فلا مجال لتلك القاعدة المستنتجة منه.
الايراد الثالث: ان قاعدة (من كل حمسب طاقته) ينافي ما وافق عليه

كارل ماركس من كون العمل ثمان ساعات في كل يوم. وقد اصبح مطبقا، في
عالمنا اليوم حتى في الدورا الاشتراكية... ينافيه من جهتيئ:
الجهة الأولى: إن طاقة الفرد قد تكون أقل من ثمان ساعات،

بل قد لا يكون له طاقة للعمل على الاطلا!ا، اولا تكفي لسد حاجاته
الضرورية. فماذا تقول الماركسية الذا الفرد. إن جوابها المطابق لمبادئها: انه سوف يموت جوعا. ولم تشر المصادر الممارس المتوفرة إلى قانون النك!مان الاجتماعي بالمرة. الجهة الثالية: ان طاقة الفرد قد تكون أكثر من ثمان ساعات، فيكون، مقتضى هذه القاعدة الاقتصادية، استنزاف كل طالة الفر*، وان زادت على ذلك بكثير. وهذا اوفق بزيادة الانتاج ورفع مستوى الشعمب الاقتصادي!! على حين لا يرضى ماركس عن ذلك من خلال اقتراحه، وهواسلوب راسمالي تجتج عليه الماركسية بطبيعة الحال.
على ان الفرد إذا كان له من الطاقة أكثر من ثمان ساعات، وأراد
بذلها
اختيارا من أجل غرض مفهوم كخدمة مجتمعه، أو حاجته إلى المال
باعتبار زيادة أفراد أسرته، أو مروره بظروف اقتصادية استثنائية. فماذا تقول له الماركسية لو اراد ذلك؟!...
329

الايراد الرابع: انه ما دام الاختلاف بين طاقات الأفراد كبيرا جدا،

باعتبار قواهم العقلية والجسمية والفكرية والثقافية، وغيى ذلك، وما
دام الأجر يتحدد بقدر العمل، إذن سيكون الاختلاف في الأجور ثابتا وكبيرا جدا. وقد قال لينين بهذا الصدد:
"
أن الاقتصاديين السطحيي!ن، ومنهم الأساتيذ البرجوأزيين،
... يلومون الاشتراكيين
على الدوأم زأعيم أنهم ينسون أن الناس غيرمتساوين ويحلمون بإزالة
هذه اللامساواة. وهذا اللوم ان برهن على شيء فإنما يبرهن كـما نرى على أن الساث ة المفكرين البرجوازيين جهال جهلا !مطبقا.
إن ماركـر، عدا انه يحسب الحساب بدقة لحتمية عدم المساواة بين
الناس، يأخذ بعين الاعتبار كذلك أن مجرد انتقال وسائل الانتاج إلى ملكية عامة للمجتمع كله (ألاشتر اكية بمعنى الكلمة المعتاد) لا يزيل نواقص التوزيع وعدم المساواة في الحق البرجوازي الذي يظل سائدا ما دامت المنتوجات توزع حسب العمل، (1).
ويؤسفنا أن نكون مق هؤلأءالجهالجهلامطابقا!!، د! بجواب لينين في
واقعه اعتراف بالاشكال وببقاء التفاوت بين الناس... ليس هذا فحسب، بل هو اعتراف بأن الاشتراكيين وماركس بالخصوص، لم يطلبوا المساواة بين الناس في هذه المرحلة من الاشتراكية، بل سلموا بالواقع على واقعه.
فإن الفروق بين الناس، سوف لن تكون مجحفة فقط، كـما عبر لينين في

عبارته التي سمعناها، بل سيكون الفرق قريبا جدا من الفرق بين طبقات
المجتمع الرأسمالي. وسيبقى الصراع طبقا لذلك حادا وشديدا... ولن تكون العلاقات علاقات صفاء ومحبة، كـما تتوقع الماركسية (2). وسنذكر في النقطة التالية ما يزيد هذا وضوحا.
النقطة الرابعة: إن سيطرة الدولة على وسائل الانتاج، وإن كان يعني

نظريا ان هذه الوسائل اصبحت ملكا للشعب كله، إلا أنه من الناحية
العملية ليس كذلك. بل تكون- عمليا- ملكا خاصا للحكام المسيطرين على الدولة. والفرد العادي مهما كان نزيها في حياته العادية، سوف لن يكون كذلك حـين يرى ما، يين 11 نانير تصب في حجره، ويتصرف بها برأيه. وهل الحكام- في (1) مختارأت: لينين جى 2 صح291 (الدولة والثررة).
(2
، أسس الفلسفة الماركسية: أفانا سييف ص 191
.
335

واقعهم- إلا أفراد عاديون؟! ان مظنة السيطرة على قسط مهم من هذه
الأموال موجودة، ان لم يكن الأمر قطعيا وواضحا.
وقد تعرضت بعض المصادر الماركسية لهذا الاشكال، منسوبا إلى
البرجوازيين. وأجابت عنه: بأن ملكية الدولة لوسائل الانتاج أمر ضروري تقتضيه الدرجة المعينة من تطور هذه الوسائل نفسها.
ولكن الحقيقة ان هذا وحده ليس جوابا كافيا. لأن معنى ذلك أن هذه
الدرجة من التطور أوجبت أن يصبح رجال الدولة مسيطرين على الملايين، تماما كـما أوجب ذلك التطور الآلي الذي أوجد عصر الرأسمالية، في رأي الماركسية،... مع اختلاف بسيط في صفة المالكين، وكيفجة التوزيع. فنقطة التخلصر من هذا الاشكال هو ان يدعي المفكر الماركسي، ان
حكام الدولة الاشتراكية، ليسوا أناسا عاديلاب، بل فم درجة كافية من
الصيانة و " العصمة يا عن التلاعب بأموأ أن الدولة!! 14 ن هذه " العصمة 11 مما تقتضيه الدرجة المعينة من تطور وسائل الانتاج. إلا أن الماركسية لم لا4 بذلك، ولا يمكنها أن تفوه به بحال، بعد التجربة التي خاضتها بعد الثورة الحمراء في روسيا من ثبوت الخيانة والانحراف على كثيرين ممن شارك في الثورة وازرها مؤازرة فعلية، بشكل لا حاجة إلى الدخول في تفاصيله حفظا للمستوى العاطفي لهذا البحث.
ومن هنا نفهم كيف تصبح الدولة الاشتراكية راسمالية من الدرجة
الأولى. ففي أعلى الهرم يستقر رجال الدولة المالكين- عمليا- لزمام التصرف في الملايين من الأموال والملالن من الناس. وفي أسفل الهرم يستقر هؤلاء البروليتاريون الذين تبنتهم الاشتراكية الماركسية؟ يؤخذ منهم العمل بمقدار طاقاتهم، ويعطون من الأجر بمقدار أعمالهم، التي لا تستطيع ان تسد حاجاتهم في عدد من الأحيان. وهل الرأسمالية والطبقية إلا ذلك!!...
النقطة الخامسة: في استيضاح حقيقة شكلي الملكية العامة، اللذين
ذكرناهما في الفمرة الثامنة مما سبق.
إن ملكية الدولة أمر مفهوم، بل وضروري احيانا، ولسنا الان بصدد
الخوض في تفاصيله أكـز مما سبق. وإنما المهم هو التساؤل عما إذا كانت الملكية التعاونية الكولخوزية شكلا مختلفا عن ملكية الدولة، كـما تقول الماركسية، أو انه 331

في واقعه شكل من أشكاله
.
لا شك ان هناك فردا قانونيا في الآثار التي تترتمب على شكلي
الملكية. فانه
بينما يحق للحاكميئ ان يستعملوا ممتلكات الدولة لمصلحة كل الشعب،
كـما ترى الماركسية... لايحق لهم اذ يستعملوا الملكية التعاونية إلا في مصلحة الكولخوزات او كولخوز معين.
ولكننا إذا دققنا النظر،
"هـجدنا أن هذا الفارق فارق شكلي صرف لا يعود
إلى تعدد شكلي الملكيه، فإن الملكية التعاونية إن عادت إلى الأشخاص
المشتركين في كولخوز معين- مثلا- بصفتهم الشخصية، كان ذلك فارقا بين الملكيتن. ولكن الماركسيه لا ترى ذلك. بل ترى ان معنى الملكية التعاونية كون هذه الأموال محقوظة ومرصودة لمصلحة هذا الكولخوز. فلو تبدل شخص أو عدة أشخاص منه، كان الأشخاص الجدد هم المستحمن للاستفادة من هذه الأموال، دون الأشخاص القدماء.
ومعنى هذا أن هذه الأموال راجعة إلى الى* مة نفسها، كـما هي صفة
الأموال المملوكة للدولة تماما، لا فرق بينها من ناحية الملكية أو المالك. كل ما قي الموضوع، هو أن الدولة تشترط شرطا قانونيا ثانويا، هو لزوم استخدام هذه الأموال في مصلحة الكولخوزات، واستخدأم أموال اخرى في مصلحة الأمة ككل. وهذا لايعتي اختلافا في حقيقة الملكية بين الشكلين.
وهذا هوسر الاختلاف يخا التشريك بين الملكيتين، الأمر الذي راته
بعض المصادر الماركسية، كـما سمعنا. وإلا فان الشركاء في الملكية التعاونية، ليسوا هم اعضاء الكولخوز، بل كل أفراد الشعب، لكن بشرط قانوني ثانوي هو: ان يصبحو! كولخوزي!!ن ليستفيدوا من هذه الملكية.
هذا، وينبغي ان نتجاوز هنا عن بعض النقاط الثانوية التى عرفناها في

تلك الفقرة السابقة، والتي منها: اختلاف الدول الاشتراكية، في
. ملكية الأرض. فبعضها تجعلها ملكأ للدولة، وبعضها تجهطها ملكا للتعاونيات. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ان النظرية الماركسية خالية من (تعليم) معين في هذا الحقل المهام من حقول الاقتصاد والاجتماع.
ومنها: ما ذكره ذلك المصدر من بقاء بعض وسائل الانتاج ملكا شخصيأ
لأعضاء الكولخوزات، فإن ذلك مخالف لتأكيد الماركسية على لزوم تأميم كل
332

وسائل الانتاح. وقد سمعنا قول لينين
:
"
فإن وسائل الانتبع لا تبقى ملك خاصـى ا للأفراد، ان وسائل
الانتاج تخص المجتمع
كله
" (1).
ومنها: انها اعتبرت الآلات الزراعية ملكا تعاونيا، في حـين انها من
وسائل الانتاح التي هي ملك للدولة في منطق الماركسية. وإن دل هذا الاتجاه على شيء، فإنما يدل على عدم وجود فارق حقيقي بين الملكيتين، بحيث صح للماركسية ان تقول:- بأن الآلات الزراعية ملك تعاوني، ولكنها في عين الوقت ملك للدولة، بصفتها من وسائل الانتاج.
النقطة السادسة: في التعرض إلى نقد التعاريف التي ذكرتها المصادر
الماركسية للاشتراكية.
إننا لو لاحظنا هذه التعاريف لوجدناها متعارضة ومختلفة ومرتبكة إلى
حد
بعيد. فإن التعريف إنما يكون صحيحا فيما إذا حمك صفات مفهومية
محددة غير قابلة للزيادة والنقص. وأما التطبيق والوقائع التي كانت أو يمكن ان تكون، فهذا ليس من وظيفة التعريف سرده. ومن الخطأ التعرض له خلاله. فمثلا: تعريف الشيوعية بأنها نظام اجتماعي لا طبقي تقوم فيه الملكية الواحدة للشعب بأسره على وسائل الانتاج. حامل لصفات مفهومية... على حين أن تعريف الشيوعية بأنها: المستقبل المشرق للانسانية، او انها حلم الانسانية، بعيد عن هذا المجال، ومن هنا يمكن اعتباره تعريفا خاطئا.
كما ان التعرض إ اوية واحدة من صفات الشيء الذي يراد تعريفه او

بعض زوايا محددة لا تستوعبه، يعتبر نقصا في التعريف، يخرجه عن كونه
تعريفا صحيحا.
وهذا موجود في اكـز التعاريف السابقة: كتعريف انجلز الشيوعية
بأنها:
تعليم شروط تحرر البروليتاريا، وتعريف لينين الاشتراكية، بأنها
: إلغاء الطبقات. أو تعريفها: بأنها حكم ملايين الناس من المضطهدين. او تعريف الشيوعية، بأنها: الانسان وقد تحرر من اوصاب الملكية الخاصة، ومن عبودية الماضي الروحية (2). فانها كلها تعاريف تعرضت إلى زوايا محدودة واهملت (1) مختارات لينيئ، !3 ص 289.
(2)
أصول الفلسفة الماركسية: بوليتزر وآخرين ص 214
.
333

الزوايا المهمة الأخرى، كـما هو غير خفي على مق دقق فيها
.
هذا، ومن المعلوم ان التفريق بين الاشتراكية والشيوعية، أو ذكر
مميزات الاشتراكية، وانها تتصف بالتعاون الرفاقيئ، او انها غر ناضجة، ونحو ذلك، لا يمكن اعتبارها من التعريف البتة.
إذن، فلم يصف لنا من تعاريف الاشتراكية تعريف صحيح فنيا، وإنما

هي عبارات لعرضت لخصائص مختلفة لهذا العهد، وكذلك تعاريف الشيوعية،
غير أننا سندقق فى تعاريف الشيوعية عند الحديث عن مرحلتها فيما يلي من البحث. وإنما ذكرناها مع تعاريف الاشتراكية، لنعطي فكرة كافية عن الأسلوب الماركسي في صياغة التعاريف.
وبمناسبة هذه التعاريف، يحسن بنا أن نتساءل عن المعاتي الأصلية
للاشتراكية والشيوعية في لغة العالم اليوم، بغض النظر عما تلقيه هذه التعاريف من ظلال.
أما الاشتراءجة، فتحتمل عدة معان
:
أولا: اشتراك جماعة في امر معين كعمل واحد أو سكنى واحدة، أو
(ملكية خاصة) واحدة لشيء ما.
ثانيا: تساوي أفراد المجتمع في الحقوق والواجبات وفرص الحياة، سواء

من الناحية الاقتصادية أو غيرها
.
ثالثا: تساوي افراد المجتمع من زاوية اقتصادية، وتندرج في هذا
المعنى
كل المذاهب الاشتراكية بما فيها الماركسية
.
رابعا: مذهب الاشتراكية العلمية الماركسي. وهذا يشمل العهود
الثلاثة
التي عرفناها
.
خامسا: التطبيق الاشتراكي فيما بعد عهد البروليتاريا. ويشتمل على
مرحلتي الاشتراكية والشيوعية.
سادسا: العهد الثاني من مراحل الاشتراكية، وهو الذي نتحدث عن
مناقشته الآن. وهذا المعنى غير شامل للطور الأعلى.
والمعنيان الأولمان ليسا اقتصادلن بطبيعتهما.. فلو قصدنا من
الاشتراكية
معنى اقتصاديا، كان الأمر منحصرا بالمعاني الأربعة الأخيرة، وهي
تتدرج من الأعم إلى الأخص. وكلها معان مشهورة ومستعملة في لغة اليوم. ولا يمكن 334

ترجيح أحدها على الاخر. ولا يخفى ما في إجمال معنى اللفظ وعدم
تحديده من إمكان الدعاية له تارة والدعاية ضده اخرى، عن طريق صياغات لفظية معينة، وبالتالي يفقد الاصطلاح صفته العلمية.
وأما الشيوعية، فهي ايضا تحتمل عدة معان
:
أولا: الاشاعة والتروي الاباحي في الميادين البارزة في الحياة
كالجنس والمال، وهذا معنى يشتمل على الماركسيه والمزدكية وغيرها من المذاهب الشيوعية.
ثائيا: التساوي الاباحي في الميدان الاقتصادي فقط، نتيجة لانكار

الملكية الخاصة، وهو يشمل كل الاراء التي اعتبرت الملكية الخاصة
مصدر الشر في العالم، وان إزالتها هي أول خطوة نحو الصواب، بما فيها الماركسية نفسها. ثالثا: مرحلة الاشتراكية الماركسية بعهودها الثلاثة.
رابعا: مرحلتي الاشتراكية الثانية ؤالثالثة، أو الطور الأول والطور

الأعلى للمجتمع الشيوعي
.
خامسا: الطور الأعلى للمجتمع الشيوعي فقط
.
سادسا: الجناح السياسي من الماركسية أو الماركسيين. أما الماركسي

الذي لا يعمل عملا سياسيا أو حزبيا فليس شيوعيا، كما يرى بعض
الماركسيين أنفسهم.
وكل هذه المعايى مستعملة وموجودة في لغة العالم اليوم. ونقطة الضعف

من عدم تحديد المعنى موجودة فيها أيضا، كما كان في لفظ الاشتراكية
. والمعنى الثالث للشيوعية يساوي تماما المعنه! الرابع للاشتراكية، كـما ان
المعنى الرابع لها يساوي المعنى الخامس للاشتراكيه... فتكون ا!ظتان
بكلاهذين المعنون مترادفتن... على حين أنهما بالمعنى الأخير للاشتراكية وبالمقايسة إلى المعنون الأخيرين للشيوعية، متباينان.
وإذا طبقنا هذد المعايي على التعاريف السابقة، وجدنـا الأمر
العجيب!!.. فقد استخدم عدم تحديد اللفظين إلى ابعد مداه. فبنحو النموذح يكون تعريف الشيوعية بأخها نظام اجتماعي لا طبقي وتعريف الاشتراكية بأنها إلغاء الطبقات، يشيران إلى المعنى الخامس للشيوعية أعز الطور الأعلى فقط. و(ن كان إطلاق لفظ الاشتراكية عليه ينبغي أن يكون مجازيا من زأوية ماركسية. 35 صح

وتعريف الاشتراكية بأنها القضاء على الاستغلال او الاضطهاد، يشير
في إلأغلب إلى المعنى الثاني للاشتراكية، وربما يشمل المعنى الثالث لها أيضا، كما قد يشمل الثاني، أو هو والثالث من معاني الشيوعية، على غير تحديد. وتعريف الشيوعية بأنها المستقبل المشرق وانها حلم الانسانية، مردد بين المعاني الثلاثة الأخيرة للاشتراكية، والمعاني: الثالث إلى الخامس للشيوعية. على غير تحديد. فان مراحل الاشتراكية الماركسية بأي شكل لاحظناها، كانت هي مستقبل البشرية وحلمها الذهبي الجميل، في رأي الماركسية.
النقطة السابعة.: في محاولة فهم مكونات الدولة الاشتراكية، باعتبار
ما ذكرناه في الفقرة الرابعة من الحديث عن هذه المرحلة.
إن قيادة الحزب الشيوعي، موجودة خلال العهود الاشتراكيه الثلاثة
...
لأنه هو الذي يستطيع ان يقود هذه العهود قيادة (واعية) نشطة. فهو
الذي يوجد ثورة البروليتاريا أو دكتاتوريتها، وسحق الراسمال!ن، وهو الذي يقوم باختيار التشريعات والتطبيقات الاشتراكية في العهدين اللاحقين له.
كل ما في الموضوع انه خلال عصر دكتاتورية البروليتاريا، يكون
دلدولة
وجود بارز، كأنه مستقل عن الحزب، كما سبق ان اشرنا. وحين يبدا وجود
الدولة بالتضاؤل- في راي الماركسية- تبرز قيادة الحزب اكثر فأكثر، إذ لا بد للنشاط الاشتراكي من قائد، وحيث لا تصلح الدولة لقيادته في العهدين، اما لضعفها او لانعدامها في النهاية، لا يبقى من قائد سوى الحزب نفسه. زواضح لمن استقرأ المصادر الماركسية، يجد ان التركيز على قيادة الحزب
شديد في مرحلة الاشتراكية الوسطى، ولكنه في المرحلة الأولى مقرون
بالتركيز على الدولة البروليتاريه إلى جانبه. واضعف من هذا التركيز ما ذكرته المصادر من قيادة الحزب في الطور الشيوعي الأعلى... إلى حد لا تكاد تجد له ذكرا إلا قليلا. ولكل من هذه (الأوضاع) في المصادر ال ربة، تفسيران: نظري وعملي.
فالسر النظري من زاوية ماركسية على التركيز على قيادة الدولة في
عهد دكتاتورية البروليتاريا، وضعف التركيز على الحزب، هو: وضوح وجود الدولة وقيامها ككيان طبقي يقمع بدكتاتورية البرجوازية الرأسمالية.
ولا يكفي الوجود الحزبي وحده للقيام بهذه المهمة. 336


والسر (العملي) أو السياسي لذلك، هو ان الحزب يريد أن يبدو أكز
إنسانية في تعامله مع المجتمع من دولة البروليتاريا الدكتاتورية ذات الحرب العنيدة المستميتة ضد البرجوازيين. فهو يعلن إعلانا ضمنيا: إذ ما يقع خلال هذا العهد من اعمال قمع صارمة تتحمل الدولة مسؤ وليته دون الحزب. وبذلك يحفظ لنفسه درجة من الصفاء الاجتماعي تمكنه من البقاء بعد زوال الدولة ا لبروليتارية.
واما استقلال الحزب بالقيادة خلال عصر الاشتراكية، دون الدولة
...
فالسر (النظري) الماركسي فيه: ان الدولة و(ن كانت موجودة، إلا انها
في طريق الاضمحلال والفناء، فتكون قيادتها ضعيفة لا محالة، ويكرن الوجود القيادي الأقوى والأهم للحزب بطبيعة الحال، الذي هو صاحب النظرية الماركسية الأساسية والمتكفل تطبيقها على طول الخط.
والسر (العملي) لاستقلال الحزب بالقيادة: هو ان الجزء المهم من
التشريعات الاشتراكية، سوف تسن ويبدأ تطبيقها خلال هذا العهد، وهذا ما يريد الحزب! التشرف) بتحمل مسؤوليته الاجتماعية، التي هي مسؤوليته الكبرى وهدفه الأعلى من الأول. فمن غيى المناسب أن يعمل هو ويعطي النظريات والتشريعات، على حين تنسب الأعمال إلى غيره.
واما في عصر الشيوعية الأعلى، فالمبرر (النظري) لقلة التأكيد على
الحزب
هو: انعدام معنى الحزبية بالشكل المعهود المعاصر، مع انعدام
الطبقات. فان الأحزاب إنما توجد، في راي الماركسية، لى خضم النضال الطبقي، فإذا زالت الطبقات كان حريأ بالأحزاب أن تزول ايضا. إلا أن هذا من الناحية العملية مطبق ماركسيا على كل الأحزاب إلا الحزب الشيوعي نفسه.
قال كوفالسون
:
9
ان سير المجتمع الاشتراكي نحو الشيوعية يتوقف بصورة حاسمة على
صانعيه بالذات، على لحمتهم ووحدتهم وموهبتهم ونشاطهم ومبادراتهم ورجولتهم وشجاعتهم وتفانيهم وانضباطهم ومسؤوليتهم، ومعارفهم وخبرتهم ونضوجهم الأخلاقي وثقافتهم. إن الحزب الشيوعي هو القوة القاثدة والموجهة لكل العملية المتنوعة الجوانب لبناء المجتمع الجديدا (1).
(1)
المادية التاريخية: كيلله، كوفالسون ص 144
.
22
337

إن الحزب سوف يبقى لا على اساس طبقي، بل على أساس بذل النشاط

المنظم والمتواصل لتطبيق النظرية الماركسية التي وجد من أجلها
. وبالجملة، فالحزب الشيوعي لم يستوف أغراضه حيئ يوجد الطور الأعلى، بل عليه ان يبقى ما دام هذا الطور موجودا.
ومع ذلك فالكلام عن قيادة الحزب في المصادر الماركسية خلال الطور
الأعلى قليلة كما قلنا. والمبرر (العملي) لذلك هو الجهل بالوضع الحقيقي في ذلك او الجهل بما سيحدث في المستقبل.
قال لينين
:
أ ولذا لا يحق لنا أن نتكلم إلا عن حتمية اضمحلال الدولة، مشيرين
إلى ان هذا السير يستغرق وقتا طويلا، وإلى توقفه على مدى سرعة تطور الطور الأعلى من الشيوعية تاركين مسألة وقت هذا الاضمحلال او اشكاله الملموسة معلقة، لأنه لا توجد معلومات تسمح بحل هذه المسألة! (1).
وهذأ الجهل قرين دائما مع عدم وضوح الرؤ ية في مقدار إمكانيات
الحزب
في ذلك الحن، الأمر الذي يزرع الشك في مدى صلاحيته للقيادة يومئذ
. هذا... وينبغي لنا أن نختم المناقشة مع الطور الأدق للاشتراكية، بعد
أن اتضحت الخطوط العامة، محيلين المناقشات الأخرى إلى مجال آخر
. وستتضح بعض المناقشات ايضا لدى خوض غمار المناقشات مع الطور الأعلى الذي سنشرحه فيمايلي.
(1
، مختارات لينين !2 ص 294
.
338

المرحلة الاشتراكية الثالثة الطور الشيوعي الأعلى

اطلعنا فيما سبق على بعض ما أعطته الماركسية من تعاريف للشيوعية او

الطور الشيوعي الأعلى
.
قال انجلز
:
"
الشيوعية هي تعليم شروط تحرر البروليتاريا
" (1).
وقال أفاناسييف
:
"
الثيوعية هي المستقبل المثرق للانسانية جمعاء. ان الشيوعية هي
حلم الانسانية طيلة
قرون
" (2).
وقال أيضا
:
"
ان الشيوعية هي الهدف العظيم للحزب الثيوعي والشعب السوفييتي
" (3).
وقال بوليتزر
:
"
الشيوعيلأ هي الانسان وقد تحرر من أوصاب الملكية الخاصة ومن
عبودية الماضي الروحية " 41).
وهناك تعريف رسمي مفصل للشيوعية يخا برنامج الحزب الشيوعي في

الاتحاد السوفييتي، يقول
:
(
الثيوعية هي نظام اجتماعي لا طبقي، تقوم فيه الملكية الواحدة
للشعب بأسره على وسائل الانتاج، والمساواة الاجتماعية التامة بين جميع أعضاء المجتمع، حيث، إلى جانب تطور الناسر من جممع النواحي، ستنمو أيضا القوى المنتجة على أساس العلم التكنيك (1) نصوصر مختارة: انجلز صر 34.
(2)
أص النل!فة الماركسية: أفانا سييف صر 195
.
(3)
المصدر صر 194
.
(4)
أص ل ال!ملسفة الماركسية. بوقي ر واخرين !2 صر 214
.
339

المتطورين على الدوام؟ وتتدفق مصادر الثروة الأجتماعية سيلا كاملا،
ويتحقق المبدا العظيم " من كل حسب كفاءاته ولكل حسب حاجاته!.
إن الشيوعية إنما هي مجتمع عالي التنظيم لكادحن احرار وواعن سترسخ
فيه الارادة الذاتية الاجتماعية، ويغدو فيه العمل لخير المجتمع الحاجة الحيوية الأولى في نظر الجميع، وأمرا يدركون ضرورته، وتطبق فيه كفاءات كل فرد بأفيد وجه في صالح الشعب) (1). وقال كوفالسون:
"
إن الشيوعية إنما هي تنظيم إجتماعي عاقل يعتمد على قاعدة تكنيكية
عالية التطور، ويوحد الناعم في إطار وحدة تضامنية من أجل إخضاع قوى الطبيعة باطراد، ويوطد سيادة الانسان على علاقاته الاجتماعية بالذات، ويوجه النظام الاجتماعي كله، والثقافة المادية والروحية كلها نحو تطوير الانسان، نحو تطوير الفرد تطويرا متناسقأ متناغا.
إن الثيوعية إنما هي فض سر التاريخ، ودرجة عالية من التقدم
الاجتماعي وظاهرة تاريخية عالمية. إن الشيوعية وحدها تدل البشرية على مخرج من تلك النزاعات الفاجعة التي تتخبط فيها. ولهذا لا بد أن تصل جميع الشعوب إلى الشيوعية عاجلا ام آجلأ. ولا مراء في أن التشبهبلة الشيوعية ستكون عامة شاملة، وان جميع الشعوب ستبلغ في
آخر المطاف مستوى واحدأ، فيبدأ آنذاك تاريخ واحد لبشرية واحدةا
! (2".
وقال لينين
:
"
ان الشيرعية هي السلطة السوفييتية زائدة كهربة البلاد بأسرهاا
(3).
ولماركس تعريف للشيوعية اقرب إلى الأسلوب الفلسفي منه إلى الأسلوب
الاجتماعي، يقول فيه:
إ إن الشيوعية التي هي الالغاء الايجابي للملكية الخاصة (وهي نفسها
ضياع انساني للذات) وبالتالي تملك فعلي للماهية الانسانية من قبل الانسان ومن اجل الانسان... إنها الحل الحقيقي للتضاد بين الانسان والطبيعة، بين الانسان والانسا- ن، الحل الحقيقي للصراع بين الوجهد والماهية بين الموضعة وتأكيد الذات، بين الحرية والضرورة، بين الفرد والجنس. انها اللغز إلمحلول للتاريخ، وهي تعرف ذاتها على انها هذا الحلأ (4).
وهي من الكلمات القليلة لماركس، التي يبدو منها انها شرج للطور
الأعلى
(1)
الماثية التاريخية: كيللة، كوفالسون ص 142 وانظر أسس الفلسفة
الماركسية: أفانا سييف ص
196.
كلاهما عن برنامج الحزب الشيرعي
.
ا (2) المادية التاريخية ص 399
.
(3)
الشيوعيه العلمية ص 6
"ه عن المزلفات الكاملة: لينين !31 ص 537.
(4)
المصدرص 4 50 عن مخطوطات عام 1844 لماركـى ص 87
.
345

وستزول الدولة في هذه المرحلة تماما، باعتبارها أداة طبقية للصراع
الطبقي
وبعد زوال الطبقات لا يبقى للدولة موضوع. وتتحدث الماركسجلى ممن
هذه الظاهرة بوضوج وتفصيل.
قال انجلز
:
(
وهكذ!، فالدولة لم توجد منذ الأزل. فقد وجدت مجتمعات كانت في غنى
عن الدولة، ولم يكن لديها أية فكرة عن الدولة وسلطة الدولة. وعندما بيغ التطور الاقتصادي درجة معينة اقترنت- بالضرورة- بانقسام المجت!يبم إلى طبقات، غدت الدولة بحكم هذا الانقسام أمرا ضروريا.
ونحن نقترب الآن بخطوات سريعة من ثوجة في تطور الانتاح لا يكف
عندها وجود هذه الطبقات عن ان يكون ضرورة وحسب، بل ويصبح عائقا مباشرا للانتاج. وستزول الطبقات بالضرورة كما نشأت في إلماضي بالضرورة ومع زوال الطبقات ستزول الدولة بالضرورة، والمجتمع الذي ينظم الانتاج تنظيما جديدا على اساس اتحاد المنتجين بحرية وعلى قدم المساواة. سيرسل آلة الدولة بأكملها حيث ينبغي ان تكون حينذاك إلى متحف العاديات بجانب المغزل البدائي والفأس البرونزية " (1).
وقال لينين في خلال حديثه الطويل عن الدولة
:
"
وأخيرا، الشيوعية هي وحدها التي تجعل الدولة أمرا لا لزوم له
البتة، لأنه لا يبقى عندئذ أحد ينبغي قمعه، أحد بمعنى الطبقة، بمعنى النضال المنتظم ضد قسم معين من السكان.
واضاف
:
"
نحن لسنا بخيال!ن، ونحن لا ننكر أبدا إمكانية وحتمبة وقوع
مخالفات من أفراد، كما
لا ننكر ضرورة قمع هذه المخالفات. ولكن هذا الامر لا يحتاح، أولا،
إلى آلة خاصة للقمع، إلى جهازخاص للقمع، فالشعب المسلح نفسه يقوم به ببساطة ويسر. كما تقوم كل جماعة من الناس المتمدنين حتى في المجتمع الراهن بتفريق متشاجرين، أو بالحيلولة دون الاعتداء على امرأة.
وئانيأ: نحن نعلم أن السبب الاجتماعي الجذري للمخالفات التي تتجلى
في الاخلال بقواعد الحياة في المجتمع هو استثمار الجماهير وعوزها وبؤسها. وعندما يزول هذا السبب الرثيسي تأخذ المخالفات لا محالة بالاضمحلال.
(1)
اصل العائلة: انجلزص 229- 230
.
341

1
أا ا
- !
نحن لا نعلم، بأية سرعة وبأي تدرج؟ ولكننا نعلم انها ستضمحل. ومع
اضمحلالها تضمحل الدولة أيضا " (1).
وقال
:
9
ان تعبير-: الدولة تضمحل... هوتعبير اختير بتوفيق كبير، لأنه
يشير بوقـت معا
إلى تدرج هذا السير والى عفويته
" (2).
وقال
:
(
ان الأساس الاقتصادي لاضمحلال الدولة اضمحلالا تاما هو تطور
الشيوعية تطورا
كبيرا يزول معه التضاد بين العمل الفكري والعمل الجسدي، ويزول
بالتالي ينبوع من اهم ينابيع اللامساواة الاجتماعية الراهنة. ح العلم أنه ينبوع تستحيل إزالته استحالة تامة بمجرد تحويك وسائل الانتاج ملكا اجتماعيا، بمجرد مصادرة املاك الرأسمال!ن. واضاف:
"
ولذا لا يحق لنا أن نتكلم إلا عن حتمية اضمحلال الدولة، مثيرين
إلى ان هذا السير يستغرق وقتا طويلا، والى توقفه على مدى سرعة تطور الطور الأعلى من الشيوعية، تاركين مسألة وقت هذا الاضمحلال او أشكاله الملموسة معلمة، لأنه لا توجد معلومات تسمح لحل هذ المسألة " (3).
وقال كوفالسون
:
(
ان اضمحلال الدولة إنما هوتصفية الجهاز الخاص للعنف وجميع الهيئات
المرتبطة باداء وظائفها السياسية اما هيئات الدولة المرتبطة باداء وظائفها الاقتصادية التنظيمية والثقافية التربوية فلا يمكن ان تزول.
ففي ظل الثيوعية لن تكون ثمة دولة ولكن هذا لا يعني ان المجتمع
الثيوعي لن يحتاج
إلى تخطيط الانتاج والاستهلاك، وحساب الحاجات، وتنظيم الأشكال
الجماعية للحياة والنشاط وإلى اشياء كثيرة اخرى. وكل هذا يتطلب التنظيم الدقيق. ولكن هذا التنظيم سيقوم به افراد المجتمع على مبدأ المبادرة. ومن هنا ينجم انه ستكون هناك في المجتمع الشيوعي هيئات للادارة الذاتية. وهذا يعني أن عملية اضمحلال الدولة تتلخص في تحول دولة الشعب بأسره إلى إدارة ذاتية اجتماعية شيوعية " (4).
واخيرا، فان الماركسية لا توافق على فكرة إلغاء الدولة، بل انما هي

(1)
نحتارات: لينين، !2 ص 287 (الدولة والثورة
).
(2)
المصدرص 285
.
(3)
المصدرص 294
.
(4)
المادية التاريخية: كيللة، كوفالسون ص 269. 342


تضمحل من تلقاء نفسها، ولذا سمعنا من لينيئ ان التعبيربالاضمحلال
موفق جدا، وقال انجلز:
"
فالدولة لم تلغ بل تضمحل
" (1).
-3-
يرتفع القانون بارتفاع الدولة، وتكون الأخلاق الشيوعية العوض عنه
.
قال كوفالسون
:
9
إن نمو!رر الأخلاق مرتبط أيضا، بكون الانتقال إلى الثيوعية يفترض
تلاشي القانون لدريجا، كمنظم للعلاقات بين الناس في المجتمع الثيوعي ليتعاظم دور الأخلاق وتحل محله. يقول لينين: ففي المجتمع الشيوعي فقط، سوف يعتاد الناس تدريجا، على مراعاة قواعد الحياة الجوهرية، التي تكررت وعرفها الناس على مر القرون، على مداعاتها طوعا، ودون إلزام و(رغام واضطرار، وبدون الجهاز الخاص الذي يلزم الناس بها، والذي يسمونه الدولة " (2).
ولكن ماذا يكون عوض الدولة الزائلة؟

إن هذا مما يمكن استفادته من بعض كلمات الماركسيين
!...
فقد أكد لينين على القيادة الجماعية، بحيث يظهرمنه ان الجميع هم
الذين يمارسون قيادة المجتمع قال:
9
ومذ يتعلم جميع أعضاء المجتمع او- على الأقل- أكثريتهم الكبرى
إدارة الدولة بأنفسهم، مذ يأخذون هذا الأمر بأيديهم ويرتبون الرقابة على أقلية الرأسمال!ن الضئيلة، على السادة الراغبن في الاحتفاظ بالعادات ألرأسمالية، على العمال الذين أفسدكم الرأسمالية حتى أعماقهم، تأخذ بالزوال إلى كل إدارة بوجه عام. وبمقدار ما تتكامل الديمقراطية يقترب وقت زوال الحاجة إليها...
ذلك لأنه عندما يتعلم الجميع الادارة ويديرون في الواقع بصورة
مستقلة الانتاح الاجتماعي. ويحققون بصورة مستقلة الحساب ورحابة الطفيلسن والأفندية والمحتالن ومن على شاكلتهم من حفظة تقاليد الرأسمالية- عندئذ يصبح التهرب من حساب الشعب ورقابته على التأكيد أمرا عسير المنال وأمرا نادرأ جدأ، يصحبه في أكبر الظن عقاب سريع وصارم، لأن العمال المسلحين اناس عمليون، وليسوا من نوع المثقفين العاطفين، ولا نحسب أنهم (1) المادية التاريخية. ترجمة أحمد داود. ص 190.
(2)
المصدر نفسه ص 480
.
343

يطيقون المزح من احد. بحيث أن ضرورة مراعاة القواعد الأساسية
البسيطة للحياه ني كل مجتمع بشري ستتحول بسرعة كبيرة إلى عادة.
وعندئذ ينفمح على مصراعيه باب الانتقال من الطرر الأول للمجتمع
الشيوعي إلى طوره الأعلى، وفي الوقت نفسه "إلى اضمحلال الدولة اضمحلالا تاماأ (1).
واشار كوفالسون إلى ان الذي يتسلم الزمام هو المنظمات الاجتماعية
حين
قال
:
"
وهذه العملية، مرثبطة بنهضة لا يعرف لها مثيل في نشاط
الجماهيرومبادراتهم الخلاقة، وبالتحقيق الكامل للديمقراطية الاشتراكية وبتقوية دور المنظمات الاجتماعية التي سوف تتسلم كثيرا من مهام الدولة) (2).
وقد سمعنا من كوفالسون قبل قليل قوله
:
"
ومن هنا ينجم انه ستكون هناك في المجتمع الشيوعي هيئات للادارة
الذاتية. وهذا
يعني أن عملية اضمحلال الدولة تتلخص في تحؤل دولة الشعب بأسره إلى
إدارة ذاتية اجتماعية شيوعية) (3).
وسنسمع قول ستالين في أوصاف الطور الأعلى، حين يقول
:
ا لن يكون هـاك طبقات ولا سلطة دولة، بل سيكون هناك عمال في
الصناعة والزراعة، يديرون) نفسهم بأنفسهم، اقتصاديا، كجمعية حرة للعمال! (4).
هذا مضافا إلى قيادة الحزب الشيوعي، كما سمعنا ني الحديث عن الطور
السابق وسنوضحه ايضا في بعض الفقرات التالية، والتي هي البديل الحقيقي عن الدولة.
والذي يبدو- ماركسيا- من كيفية اضمحلال الدولة، هو: أن دولة

الطور الشيوعي الأول حين تؤسس المنظمات الاجتماعية العمالية، وتشعر
بنضجها وصلاحيتها للقيادة تحت إشراف الحزب الشيوعي، تبدأ بالتناذل عن صلاحياتها لهذه المنظمات، تدريجأ، حتى تتخلى تماما عن القيادة، وبذلك تضمحل الدولة اضمحلالا تاما. وبذلك يبدا الطور الأعلى نفسه.
(1)
غتارات: لينيئ !2 ص 302 (الدولة والثورة
!.
(2)
المادية التاريخية. ترجمة أحمد داودص 187
.
(3)
الماديه التاريخية: ك!للة، كوفالسون ص 269
.
(4)
اصول الفلسفة الماركسية: بوليتزر واخرين !2 ص 198
.
344

وستزول في هذا المجتمع الطبقات، وبذلك يزول الصراع الطبقي وتسود

الحرية والديمقراطية الحقيقية
.
قال لينيئ
:
"
في المجتمع الشيوعي فقط، عندما تحطم مقاومة الراسمال!ن بصورة
نهائية عندما يتلاشى الرأسماليون عندما تنعدم الطبقات (أي عندما ينعدم التباين بين اعضاء المجتمع من حيث علاقاتهم بوسائل الانتاج الاجتماعية) عندئذ فقط تزول الدولة، ويصبح بالامكان الحديث عن الحرية. عندئذ فقط تصبح في الامكان تحقق الديمقراطية الكاملة حقأ، الديمقراطية الخالية حقا من كل قيد! (1).
وقال أيضا
:
"
وعلى ذلك نرى أن الديمقراطية في المجتمع الرأسمافي هي ديمقراطية
بتراء حقيرة زائفة، هي ديمقراطية للأغنياء وحدهم، للأقلية. أما ديكتاتورية البروليتاريا، مرحلة الانتقال إلى الشيوعية، فهي تعطي لأول مرة الديمقراطية للشعب، للأكثرية بمحذاة القمع الضروري للأقلية للمستثمرين والشيوعية وحدها هي التي تستطيع أن تعطي الديمقراطية كاملة حقا، وبمقدار ما تتكامل بمقدار ما تزول الحاجة إليها، فتضمحل من نفسهاأ (2). وقال:
(
فما بقيت الدولة، لا وجود للحرية، وعندما توجد الحرية تنعدبم
الدولة " (3). وأضاف:
ة إن الأساس الاقتصادي لاضمحلال الدولة اضمحلالا تاما، هو تحور
الـثوعية تطورا
كبيرا يزول معه انتضاد بين العمل الفكري والعمل الجسدي ويزول
- بالتالي- ينبوع من أهم ينابيع اللامساواة الاجتماعية الراهنة " (4).
وقال كوفالسون
:
ا إن الانتقال إلى الشيوعية يفترض تصفية الفوارق الاجتماعية
والاقتصادية والثقافية بين
المدينة والقرية، وإزالة الفوارق الجوهرية بين العمل الجسدي، وكذلك
محو الحدود بين . الطبقات والفئات الاجتماعية في المجتمع، إن تحقيق هذه المهام الاجتماعية الفائقة الشأن يعني بناء المجتمع الشيوعي اللاطبقي، و(قامة المساواة الفعليه بين الناس، ويشكل مكسبا من (1) مختارات: لينين ص 2 ص مهـ 2 (الدولة والثورة).
(2)
المصدرص 286
.
(3)
المصدرص 293
.
(4)
المصدرص 294
.
345

أعظم مكاسب الشيوعية
.
إن الانتقال إلى الثيوعية مرتبط باضمحلال الدولة، وبنمو ثروات
المجتمع الروحية باطراد، وبازدهار العلم والثقافة، وبارتفاع مستوى الجماهير الثقافي التكنيكي ارتفاعا كبيرا جدآ وتطرر نشاطها ومبادراتها، وبتوطيد المبادىء والقواعد الجماعية والانسانية والمفاهيم الأخلاقية الشيوعية في العلاقات بين الناس! (1).
وقال لينين
:
(
عندما لن تكون طبقات في المجتمع الشيوعي، فلن يبقى إذن سوى منتجين
عاملين،
ولن يكون هناك عمال وفلاحون
" (2).
وستكون القاعدة الاقتصادية الأساسية في الطور الأعلى، هي
: " من كل حسب طاقته، ولكل حسب حاجته ".
قال ماركس- كـما ينقل عنه لينين- وهو يتحدث عن هذا الطور الأعلى
: (حينذاك فقط يصبح بالامكان تجاوز الأفق الضيق للحه! البرجوازي تجاوزا تاما، ويصبح بإمكان المجتمع أن يسجل على رايته: من كل حسب كفاءاته، ولكل حسب حاجاته ! (3).
وقال لينين
:
9
ان الاشتراكية يجب أن تتحول بصورة حتمية شيئا لـثئا إلى الشيوعية
التي كتب على رايتها:! من كل حسب قدراته ولكل حسب حاجاته " (4).
وسمعنا من التعريف الرسمي للشيوعية انه قال
:
ويتحقق المبدأ العظيم: من كل حسب كفاءاته، ولكل حسب حاجاته
".
ومن الطريف أنه يظهر من بوليتزر ان لكل شخص حسب إرادته، لا حسب
حاجاته فقط حيث قال بصدد حديثه عق الطور الأول:
"
والنتيجة الأولى لازالة استغلال الانسان لأخيه الانسان هي أن
العامل يستطيع ان ينال حسب عمله الذي يؤديه دون أن يسلب جزءا من الثورة التي انتجها. اما أن ينال كل فرد حسب إرادته وحاجاته، فيجب أن يصل المجتمع إلى إنتاح كمية كافية من وسائل الانتاح،
(1)
المادية التاريخية: كيلله، كوفالسون ص 144
.
(2)
الـبوعية العلمية ص 521
.
(3)
مختارات: لينين جى 2 ص 293 (الدولة والثررة
).
(4)
الثيوعية العلمية ص 510. عن المؤلفات الكاملة للينين !4 ص

346
77- 78.

تحقيق هدف الشيوعيةأ (1
).
-7-
وسيكون العمل أهم نقل الحياة للناس، ويكون مجانيا بدون أجره
.
قال ماركس- بنقل لينين عنه
-:
(
في الطور الأعلى من الى ت الـثوعي، بعد أن يزول خضوع الأفراد
المذل لتقسيم العمل... وحن يصبح العال. لا وسيلة للعيش وحسب، بل الحاجة الأولى للحياة أيضأأ (2).
وقال لينين
:
(
إن الشيوعية هي المرحلة العليا للاشتراكيه، حـث يعمل البشر لأنهم
واعون لضرورة العمل من أجل الخير العامأ (4.
وقال ايضا
:
1
إن ما ندعوه بالشيوعية، هو النظام حيث يعتاد البشر على إنجاز
واجباتهم الاجتماعية
دون أجهزة خاصة للالزام، وحب العمل لا أجرة له، في سبيل الخير
العام يصبح ظاهرة عامة!41).
وقال أيضا
:
9
إن العمل الشيوعي بمعي الكلمة الأضيق والأدق، هو عمل بلا أجرة في
صالح المجتمع، وهيلاينفذ لا بوصفه. إعانة معينة ولا من أجل الحصول على الحق في بعض المنتجات، ولا وفقا لقواعد محد* ت مسبقا. انه عمل مقبول بملء الحرية، بصورة خارجة عن أية قاعدة، ومقدم دون توقع يب مكافأة، وبلا أجرة ممفق عليها " 51،.
إذن، فالفرد يؤدي ما يستطيع من أعمال حسب كفاءاته وقدراته، مجانا

بدون مقابل، سوى شعوره ! العام، ويأخذ بإزاء ذلك، من الأموال ما
يكفي حاجاته كلها، ولعله يأخذ بمقدار ما يريد من الأموال.
-8-
وانما يصبح العمل حرأ إلى هذه الدرجة، وحاجة من حاجات الحياة، فيما

إذا توفرت شروط معينة
.
(1)
أصول الفلسفة الماركسيه. بولتزر وأخرين !2 ص 185
.
(2)
نحتارات: لينين جى 2 صر 293 (الدولة والثورة
).
(3)
الـيوعية العلمية ص 507، عن المؤلفات الكاملة. لينجت !3 صح205
.
(
لا) المصدرص 508 عرضا ض!كى
" ص 295.
(5)
المصدرص 509 عن. ض!ثث! صر 535. 3407


قال بوليتزر
:
"
يتضح أنه، إذا لم يصبح ألانسان عاملا نشيطا واعيا للنمو
الاجتماعي، وإذا ا يكن
حرا في اختيار عمله- فاق الملكية- الاجتماعية لن تصبح قط عادة ولن
يصبح العمل حاجة. ماذا يجب كي نصل إلى هذه النتيجة؟ يجب تغييرات جدية في حالة العمل:
ا) تخفيض ساعات العمل اليومي إلى 6 ساعات على الأقل ثم إلى 5
ساعات. مما يسمح لكل فرد أن يكون له متسع من الوقت لتلقي ثقافة شلملة. غيرأنه يجب من أجل ذلك: ب) جعل الثقافة البوليتكنيكية جبرية، كما تنبأ بها فورتييه وماركس...
بر) تحسين ظروف السكن بصورة جذرية. وأخيرا
:
د) مضاعفة اجر العمال الحقيقي، وربما زيادته فوق ذلك، وذلك برفع
الأجر مباشرة وتخفيض سعر السلع الكثيرة الاستهلاك " (1).
وسينال الفرد بمقدار حاجاته
" الحكيمة ":
فإن
" الفوارق بين الأدمغة والقدرات الذهنية على العموم- كما قال ماركس- لا تتطلب
البتة فوارق بين المعد والحاجات الحكيمة
.
ويترتب على ذلك ان الحكمة المغلوطة، المرتكزة على قواعد المجتمع
الحالي ا لكل حسب قدراته " يجب أن تصبح بقدر ما تتعلق بالاستهلاك بمعنى هذه العبارة الضحق، هذه الحكمة الأخرى " لكل حسب حاجاته ".
أو بكلام آخر: ان فارقا في الثـاط او العمل لأ يستتبع أي تفاوت او
أي امتياز على صعيد الملكية والاستهلاكا (2).
والملكية الخاصة ستزول تماما، فا1 نها كانت- في راي الماركسية
- سبب الويلات في العالم، وستزول هذه الويلات بزوالها، وش!عد العالم كله. قال كوفالسون:
ا كذلك جان جاك روسو، الفيلسوف والكاتب الفرنسي من القرن الثامن
عشر. قال بمرارة: ان الانسان يولد حرا ولكنه مقيد بالسلاسل. وهذه السلاسل إنما علاقات الملكية الخاصة هي التي تقيد بها الناس) (3).
وقال البياد ال!ثيوعي
:
(1)
اصرل الفلسفة الماركسية: بوليتزر وآخرين !2 ص 211 وما بعدها
.
(2)
المصدرص 9 هـ ه. عن ماركـى وانجلز: المؤلفات الكاملة ص 542
.
(3)
المادية التاريخية: كيلله، كرفالسون ص 66
.
348
 

السابق || التالي