فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس

فهب لي من لدنك وليا
بينات من الآيات
دعاء زكريا

[ 1] [ كهيعص ]

اختلف المفسرون في هذه الحروف وما ترمز اليه ، و ربما كانت اشارة الى الألفاظ التي تدل على الذكر أو الحديث الذي كان زكريا (ع) يناجي به ربه ، وجاء في حديث ان هذه الكلمات رموز الى أسماء الله الحسنى ، فقد روى سفيان بن سعيد الثوري عن الامام الصادق عليه السلام - حديثا مفصلا جاء فيه - :

" ( كهيعص ) : معناه أنا الكافي الهادي الولي العالم الصادق الوعد " (1)وجاء في حديث مأثور عن الامام المهدي عجل الله فرجه :

" ان هذه الحروف ترمز الى واقعة كربلاء الفجيعة ، فالكاف اسم كربلاء ، و الهاء هــلاك العتــرة ، و الياء يزيد - لعنه الله - و هو ظالم الحسين ، و العين عطشه ، و الصاد ،(1) تفسير نور الثقلين / ج 3 / ص 320.


صبره " (1)

[ 2] [ ذكر رحمت ربك عبده زكريا ] بين الانسان و ربه خطان - صاعد و نازل - فالخط الصاعد هو الدعاء ، أما الخط النازل فهو الوحي السماوي ، و حسب ما أتصوره فان هذه الآية تشير الى كلا الخطين ، فمن جهة ذكر الله لعبده عن طريق الوحي أو الكتاب السماوي ، و منجهة ثانية ذكر زكريا ربه طالبا رحمته عن طريق الدعاء ، و قد قال المفسرون في معنى هذه الجملة : " اذكر كيف رحم الله عبده زكريا " و بتعبير آخر : هذا ذكر عن رحمة الله لعبده زكريا .

[ 3] [ إذ نادى ربه نداء خفيا ]

في غمرة الأحداث الرسالية ، و الصراعات المبدئية ، لم ينس أن له شعورا آخر هو الشعور الانساني ، وأن له رغبة أخرى هي رغبته في الامتداد عبر الاولاد ، يحملون رسالته من بعده ، فقد كبت هذا الشعور طويلا ، و حينما أظهره كان خفيا ، ربما لسببين :

الأول : حذرا من ألسنة الناس ، فقد كان رجلا مسنا ، و كانت امرأته عجوزا عاقرا .

الثاني : إن من شأن العبد الصالح ان لا يرى لنفسه حقا على الله ، بل يؤمن بأن كل ما يعطيه الرب فهو تفضل منه و احسان .

[ 4] [ قال رب إني وهن العظم مني ]

عنــدما يشيخ الانسان فان عظامه تصبح متراخية هشة و يشعر بالضعف الداخلي .


(1) المصدر .


[ و اشتعل الرأس شيبا ]

أي تحول الى البياض ، و التعبير بكلمة " اشتعل " تعبير بلاغي يلفت النظر الى المشاق و الصعوبات التي لاقاها في عمره الطويل ، كما توحي أيضا بسرعة الشيب في رأسه .

[ و لم أكن بدعائك رب شقيا ]

أي لم أكن شقيا بسبب دعائك ، فكلما طلبت منك حاجة أجبتها لي ، وهذا الاسلوب يمثل غاية التأدب في التوجه بالدعاء الى الله سبحانه .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس