فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
شروط الوراثة
[ 5] [ وإني خفت الموالي من وراءي ]
و الموالي هو أولاد العم و الخال و الأقارب البعيدون ، و يبدو انهم لم يكونوا موضع رضى زكريا لفسقهم أو ضعف ايمانهم .
[ و كانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا ]
[ 6] [ يرثني و يرث من آل يعقوب و اجعله رب رضيا ]
لم يكن أحد من موالي زكريا (ع) أهلا لوراثته ، لذلك طلب من الله سبحانه و تعالى ان يرزقه وليا تكون فيه هذه الصفات الثلاث :
1 / أن يرث ماله و علمه ظاهرا و واقعا .
2 / أن يرث عائلته ، فبعض خصائص الفرد شخصية ، بينما بعضها الآخر مرتبط بالعائلة التي تمثل خطا معينا في الحياة .
3 / أن يكون مرضيا عند الله و عند الناس .
و هذه هي الصفات التي ينبغي أن تكون في الوارث ، و زكريا لم يقل ولدا بل قال وليا ، وهذا طلب عام ، فليس المهم الولد بل المهم أن يكون الوارث امتدادا للموروث حتى لو كان من غير ولده .
[ 7] [ يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا ]سوف نرزقك ولدا ، يحمل مواصفاتك ، و رسالتك ، و سوف يقوم بعمل جديد لم يسبقه اليه أحد ، و هذا منتهى رغبة الانسان في الولد : أن يكون وارثا له و مكملا لخطه ، فإذا قام بعمل اسلامي ولم ينتصر فيه ، فان ابنه يواصل هذا العمل ، بنفس الاندفاع و الحماس الذي كان عنده حتى يكتب له النصر ، وكان زكريا وارث أموال كثيرة عبر زوجته التي كانت من نسل النبي سليمان ( الذي وهب له الله ملكا عظيما ، ولم يكن له مثيل ) ، وكان يخشى على هذه الأموال أن تصرف في أي طريق غير طريق الله ، و كان في ذات الوقت الحبر الأعظم ، و خشي انيرثه في هذا المقام الديني واحد من أولاد عمه غير اللائقين بمقام قيادة الأمة .
و قد استجاب الله له دعاءه ، و آتاه من لدنه فضلا حيث رزقه يحيى . ذلك الولي الذي ليس فقط ورث أمجاد الماضي التليدة ، بل و يفتح عهدا جديدا حافلا بالمكرمات ، إذ لم يجعل الله له سميا ، و لعل في الآية اشارة الى أمرين :
أولا : ان يحيى (ع) سوف يحقق المزيد من الانجازات ، لا توجد في التأريخ الرسالي السابق له ، بلى .. ان يحيى قاوم السلطات الجائرة التي استولت على قيادة النصارى ، و ضحى بنفسه في هذا السبيل ، و كان مثله بين أتباع عيسى ( عليه السلام ) مثل الامام الحسين (ع) في أمة جده محمد (ص) .
ثانيا : ان على الانسان أن يتطلع الى ولد يرث الماضي ، و يصنع المستقبل كما يحيى (ع) .
[ 8] [ قال رب انى يكون لي غلام و كانت امرأتي عاقرا و قد بلغت من الكبر عتيا ]كيف يكون لي ولد ، بينما الشروط الطبيعية اللازمة غير متوفرة ، فامرأتي عاقر لا تلد أساسا ، وأنا عجوز قد تجاوزت مرحلة الفتوة و الشباب كثيرا ؟!
[ 9] [ قال كذلك قال ربك هو علي هين ]
فالله عز وجل الذي خلق الكون كما خلق القوانين الطبيعية الحاكمة فيه ، و هو قادر على تغييرها حين يشاء بلا صعوبة .
[ و قد خلقتك من قبل و لم تك شيئا ]
حينما يفكر الانسان في نفسه : كيف خلقه الله و أوجده من العدم ؟! فانه يدرك أن الله على كل شيء قدير ، و بالتالي يتلاشى تعجبه من بعض الظواهر الغريبة غير المألوفة . فلما سكن روع زكريا ، و أطمأنت نفسه قال : آمنت بك ، ولكن كيف أواجه الناس اذا قالوا : منأين أتت هذه الأسرة العجوز بهذا الولد ؟!