فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس

الارهاب في المحيط العائلي
[ 46] [ قال أراغب انت عن ءالهتي يا إبراهيم ]

لم يقل أراغب أنت عن الحق يا إبراهيم ، لأن الحق و الباطل لم يكن محورا لعمل " آزر " عم إبراهيم ، إنما قال عن آلهتي لأنه أراد أن يفرض سيطرته و هيمنته .

[ لئن لم تنته لأرجمنك ]

هذا هو الارهاب العائلي يقول : لأن لم تنته لأرجمنك ، وأرجمنك اما بمعنى ان اقذفك بالحجارة كما يرجم مرتكبوا الكبائر ، وهو أشد أنواع الاعدام ، و اما بمعنى اني لأرجمنك بالضلالة فأقول إنك مارق ، أو أتهمك بتهمة كبيرة أمام المجتمع . و من سياق الآية يتبينأن المقصود هو المعنى الثاني للرجم و ليس الاعدام .

[ و أهجرني مليا ]

في البداية هدده بالرجم و التشهير ، ثم أمره بأن يهجره ، أي يخرج من بيته نهائيا وهذه عملية نراها اليوم عادة بين الآباء ، حيث يقوم الواحد منهم بطرد ولده إذا وجد لديه عملا ثوريا أو أنه ينتمي الى حركة إسلامية أو يقوم بنشاطات سياسية ..


مواجهة الارهاب :

[ 47] عندما رأى إبراهيم إن الأمر قد وصل الى هذا الحد ، وإنه هجر أسرته فانه سوف تتكرس فيهم ضلالتهم ، لذلك :

[ قال سلام عليك ]

لعل إبراهيم (ع) كان يريد أن يتبع تكتيكا آخر بعد أن وصلت مواجهته الصريحة مع أبيه الى طريق مسدود ، وهو أن يبحث عن وسائط خير يمكن أن يقنع الأب بدعوته الحقة ، وهذه الفكرة التي نستوحيها من الآية تفيدنا كثيرا في حياتنا العملية ، إذ أن كثيرا من الشباب الذين تنفتح بصائرهم على الهداية و الايمان يريدون أن ينقلوا تلك الهداية الى آبائهم أو أعمامهم أو اخوانهم الكبار ، ولكنهم غالبا ما يصطدمون بالحواجز التقليدية التي تحول دون تقبل هؤلاء ممن هم أصغر منهم سنا و تجربة ، فلا يكون أمام الأولاد إلا أن يلجأوا الى الطرق غير المباشرة فيبحثون عن أصدقاء أو معارف لآبائهم يشترط فيهم كبر السن و الوعي الثوري ، ليقوموا بدور الوسيط في تبليغ الرسالة .

[ سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا ]

قال إبراهيم لأبيه سأطلب لك المغفرة من الله ، فهو يحبني و يبر إلي ، وكان إبراهيم في استغفاره يريد هداية أبيه ، كما جاء في آية أخرى ، فلما تبين له إن أباه لا يريد أن يهتدي وأنه مصر على الضلال تركه و شانه .

[ 48] [ وأعتزلكم و ما تدعون من دون الله و أدعوا ربي عسى الا أكون بدعاء ربي شقيا ]يقــول إبراهيم لأبيه أنت تريد أن تطردني من البيت ، و تقول لي و أهجرني مليا ، حسنا - فأنا بدوري سوف أعتزلكم و أترككم ، ولكن حين أترككم فأن عندي ملجأ آخر ألتجأ إليه وهو الذي يبعد عني الشقاء حينما أدعوه و ألتجأ إليه ، بلى إنه الله ربي .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس