فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس

الأسرة الفاضلة
[ 49] [ فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق و يعقوب ]

لقد أصبح إبراهيم مؤسسا لحضارة ، و لخط فكري ، فوهب له الله من رحمته إسحاق و يعقوب .

[ وكلا جعلنا نبيا ]

إن الله وهب لابراهيم إسحاق و اسماعيل اخوين ، ولكن القرآن يقول وهبنا له إسحاق و يعقوب ليبين إستمرارية الخط الرسالي .

[ 50] [ و وهبنا لهم من رحمتنا و جعلنا لهم لسان صدق عليا ]لقد أصبح هؤلاء مضرب الأمثال في العالم ، فحينما يريد الناس ان يضربوا مثلا لأسرة فاضلة ، فانهم يضربون إبراهيم و أبناءه مثلا لذلك ، ولا يزال هذا الأمر منذ أكثر من خمسة آلاف سنة وإلى هذا اليوم ، فهناك أكثر من ألفي مليون إنسان في العالم يكرمون إبراهيم(ع) عبر التأريخ ، وهذا بعض معاني لسان صدق عليا أي ان الناس يلهجون بذكرهم ، و صحيحا ما يلهجون و صادقا ما يقولون .

وهكذا نجد إبراهيم (ع) ترك والده و قومه و هجرهم ولكن بعد أن أتم الحجة عليهم ، و حاول بكل جهده هدايتهم ، و حين تركهم عوضه الله بأفضل منهم ، و جعلهم قدوة صالحة للآخرين .

إذن فعلاقتنا بآبائنا و بمن حولنا يجب ان تكون علاقة رسالية يوجهها التوحيد و الايمان بالله تعالى .

و فكرة أخيرة : إن المجتمعات الثورية الرسالية هي المجتمعات التي لا تخضع للارهاب ، ولكن كيف يمكن للانسان أن يتحرر من الارهاب و كيف يقاومه ؟

إن ذلك يكون عن طريق بناء اسرته على أساس الحرية ، لأن الفرد الذي يخضع في بيته لارهاب والده ، لا يمكنه أن يقاوم إرهاب النظام ، فأرهاب النظام صورة لأرهاب الأسرة ، وإذا تحرر الانسان من إرهاب الأسرة و استطاع ، أن ينقذ نفسه من ذلك المجتمع الضيق الخانق ،فانه يستطيع غدا أن يقاوم إرهاب السلطات الجائرة ، و أما الذي يخضع لوالده كليا خشية بطشه اليوم فكيف لا يخضع للنظام الفاسد غدا ؟!

إن الأسرة هي الأم الحقيقية للمجتمع لذلك فأن قصة إبراهيم مع والده تبين لنا : إن الخطــوة الأولــى في تحرير المجتمع هي تحرير الأسرة من الارهاب و الضغط الفكري ..


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس