فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
ادريس الصديق
[ 56] [ و اذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا ]
اما إدريس فان القرآن يذكرنا بصفة من صفاته التي يجب أن تتوفر عند الانسان وهي كونه صديقا . و الصديق صيغة مبالغة من صفة الصادق وهو الذي يصدق في المواقف الصعبة ، و يكون الصدق صبغة لحياته كلها .
يمكن ملاحظة ان ذكر الانبياء في عدة آيات يكون مسبوقا بصفات مختلفة ، فترى مثلا ( و كان رسولا نبيا ) ( و كان صادق الوعد و كان رسولا نبيا ) ، ( انه كان صديقا نبيا ) . مما يوحي الينا فيما يبدو : ان من اسباب نبوة هؤلاء هي تلك الصفات الفاضلة التي تحلوا بها .
فمن دواعي نبوة أحدهم رسالته فحينما يبدأ شخص بحمل رسالة الله بفطرته ، فان الله يختاره نبيا ، لقد كان إبراهيم منذ طفولته يحاور والده و يتكلم معه حول عبادة الاصنام ، و كثير من الانبياء كانوا يحملون الرسالة قبل النبوة ، و ذلك لان الرسالة موجودة في وجدانهم ، فإذا حملها الانسان و رأى الله منه الصدق فانه يرزقه النبوة . وأما لماذا سبقت كلمة ( الرسول ) كلمة ( النبي ) في الآية ( رسولا نبيا ) للاشارة الى ان وسام الرسالة اقدس من وسام النبوة واعلى درجة .
وبالنــسبة لاسماعــيل ربما كان صدقه لوعده هو السبب الذي أهله لحمل الرسالة ، كما أن صفة الصدق هي التي أهلت ادريس لحمل رسالة الله ، حيث ان الله يختار رسله من الصادقين العاملين ، ولا يختار من لا تتوفر فيهم هذه الصفات فيقول ربنا : " الله اعلم حيثيجعل رسالته " .
[ 57] [ و رفعناه مكانا عليا ]
أذا أردت العلو ، فكن صديقا مثل ادريس ، لان الصادق يحبه الناس و يرفعونه فيرتفع بين جماعته الى منزلة عالية .
الذرية الصالحة و الخلف الصالح :
[ 58[ [ أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية ءادم وممن حملنا مع نوح و من ذرية إبراهيم و إسرائيل و ممن هدينا و اجتبينا ]هؤلاء هم الذرية الصالحة التي يجب أن تكيف اسرتك وفق هداها . و لعل تأكيد القرآن الحكيم على كلمة الذرية هنا يشير الى هذه الفكرة .
[ إذا تتلى عليهم ءايات الرحمن خروا سجدا و بكيا ]
ان الصفة الهامة التي وجدت في هؤلاء بعد هداية الله و اجتبائه لهم هي علاقتهم بالله و قربهم الروحي منه ، و هذا اعلى و سام يحمله الانسان المؤمن الصادق .
ان المؤمنين حينما تتلى عليهم آيات الرحمان و ما فيها من أوامر و نواهي و برامج و اخلاقيات ، فانهم يسجدون دلالة على تقبلهم ، و علامة على استعدادهم لتطبيقها .
ان السجود هو اظهار الخشوع خارجيا ، اما البكاء فهو اظهار الخشوع نفسيا ، لان نفسية الانسان تتفاعل مع الموعظة فتجري دموعه ، و هؤلاء قد خشعوا بهيأتهم و كذلك بنفوسهم فخروا سجدا و بكيا .
[ 59] [ فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ]و هؤلاء هم النموذج الآخر و هم الأمثلة السيئة ، فقد اضاعوا الركن الاساسي للذين مما سبب فساد حياتهم ، و الركن الأساسي هو الصلاة .
و القرآن لم يقل تركوا الصلاة ، بل أضاعوا الصلاة ، و هذا يشمل بالاضافة الى معنى ترك الصلاة معنى آخر و هو تحويل الصلاة الى هيئة فارغة لا محتوى فيها ، فالصلاة الحقيقية هي صلاة المؤمنين الذين يقول عنهم ربنا سبحانه : " و الذين هم في صلاتهم خاشعون" . و هؤلاء الذين اضاعوا الصلاة و اتبعوا أهواءهم و شهواتهم فانهم سوف يسيرون في طريق الغواية و الضلالة بدل الهدى ..