فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
جزاء الكافرين
[ 83] [ ألم تر أنا ارسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا ]
إن الشياطين يدفعون الكافرين دفعا الى العذاب ، الى حيث النقمة و الشقاء . هكذا يفعل الشياطين بالكافرين ، و لكن الله ليس بظلام للعبيد ، فهو لا يبعث(1) تفسير نور الثقلين / ج 3 / ص 357
الشياطين على المؤمن المخلص الذي أنتهج منذ البدء طريق الهدى ، و الشيطان لا يقدر عليه مهما حاول جهده ، أما ذلك الانسان الذي كفر بالله ابتداء ، و ترك الأعتصام بحبله ، و ظل بدون محور صحيح يدور عليه ، ولا قاعدة ثابتة يعتمد عليها ، فأن الله يرسل عليه شيطانايدفعه الى النار في الآخرة ، و العذاب في الدنيا ، والآية هذه شاهدة على الآية السابقة ، إذ إن الشياطين وهم الحكام الظلمة ، و الآحزاب الكافرة ، و إبليس و جنوده ، لا يزالون ينخسون مريديهم و تابعيهم ، و يحرضونهم على طاعتهم حتى يوردونهم نار جهنم .
[ 84] [ فلا تعجل عليهم ]
لذلك لا تعجل على هؤلاء الذين يمشون في هذا الطريق ، و ينتمون الى هذه الأحزاب المشبوهة الباطلة ، في سبيل تثبيت الأنظمة الفاسدة : فان الشيطان سوف يدفعهم الى مصيرهم المحتوم . جاء في حديث عن قوله : " ألم تر انا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا " قال : نزلت في مانعي الزكاة و المعروف يبعث الله عليهم سلطانا أو شيطانا فينفق ما يجب عليه من الزكاة في غير طاعة الله ، و يعذبه على ذلك " (1)[ إنما نعد لهم عدا ]
إن كل خطوة يخطونها ، وكل سعي يسعونه ، يتحول الى عذاب يعده الله لهم ، و يحصيه عليهم ، وقد جعل لدى كل واحد منهم رقيبا من الملائكة ، يسجل عليه كل حركاته و سكناته بدقة بالغة ، بحيث لا يفوته أدق الأمور ، و هذا الرقيب لا يمل ، ولا يتعب ، ولا يعتريه الخلل أو العطل ، و ربما لذلك يستغرق عذاب الآخرة وقتا طويلا ، قد يبلغ ملايين السنين ، وهي الفترة اللازمة لمعاقبة المجرم على كل ما اقترفه في الدنيا من آثام .
(1) المصدر .
فنفس واحد يتنفس المجرم في مجلس الشيطان ، أو في مجلس الظالمين ، أو في مجلــس الســوء أو .. أو . يسجل عليه اثما ، فكيف إذا كان يدفع الجنود الى الحرب ؟!
إن كل عمل تقوم به مهما كان صغيرا سوف يتحول الى عقرب يلدغه يوم القيامة ، وسواء كان يؤمن بهذا الشيء أو لا يؤمن ، فذلك غير مهم ، فليس من الضروري أن تؤمن بأن هذا لشيء الذي تاكله إنما هو سم قاتل حتى يضرك ، فاذا أخذت قرصا و بلعتها زاعما انها قطعة سكر وكان سما ، فهل ذلك يدفع عنك تأثير السم ؟ كلا ..
هكذا إذا كنت تخدم الظالم ولا تؤمن بانك تقوم بجريمة ؛ فان ذلك سوف يكتب عليك جريمة ؛ لأنك اخترت طريق الخطأ ، و سواء رضيت أو لم ترض ، فهذا قدر الله و قضاؤه ، و يجب أن تخضع لأمر الله سبحانه .
إن من يريد أن يخلص نفسه يجب عليه أن يتوب سريعا ، أما إذا جاءه الموت أو الساعة ، و قرر أن يتوب فتوبته ستكون غير مقبولة . جاء في حديث شريف حول هذه الآية :
" قال لي : ما عندك ؟ قلت : عندي عدد الأيام قال : لا ، إن الآباء و الأمهات ليحصون ذلك ، ولكن عدد الأنفاس " (1)(1) المصدر .