فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
شفاعة الرسل
[ 26] [ و قالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون ]
هنــاك أناس طيبون صالحون ، و لكن هؤلاء ليسوا أولادا لله ، إنما هو عباد الله ، وإن صفتهم الوحيدة هي صفة الكرامة من الله ، فلا تتصور - أيها الانسان ! - أن يأتي أحد من هؤلاء يوم القيامة لينقذك من عذاب الله إذا كنت اسخطته في حياتك .
[ 27] [ لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون ]
عباد الله لا يقولون الكلام الذي لا يقوله الله ، فهم امتداد لرسالة الله و سلطته لذلك فانهم لا يشكلون تناقضا مع إلوهية الله و سلطته المطلقة .
[ 28] [ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ]في بعض الحكومات الفاسدة ، تفرض السلطة قانونا ما ، ولكن اي متلاعب يستطيع خرق هذا القانون بأن يضع مبلغا من المال في يد احد المسؤولين ، فيساعده على مخالفة هذا القانون و الالتفاف حوله .
ولكن الانسان لا يستطيع أن يفعل مثل ذلك أمام الله و سننه ، فملائكة الله و عباده المكرمون لا يأخذون الرشوة ، ولا يحاولون ان يفعلوا أي شيء خارج نطاق مشيئة الله سبحانه .
[ و هم من خشيته مشفقون ]
الرسل و الملائكة هم بدورهم يخافون الله ، و يعرفون إنه محيط بهم فكيف يشفعون لأحد و يدخلونه الجنة من دون أمر الله و علمه ؟!
جاء حديــث مأثــور عــن النبــي (ص) فــي ذكــر ما رأى فــي المعراج و فيه قال (ص) :
" ثم امررنا بملائكة من ملائكة الله عز وجل خلقهم الله كيف شاء ، و وضع وجوههم كيف شاء ، ليس شيء من اطباق اجسادهم إلا وهو يسبح الله و يحمده من كل ناحية بأصوات مختلفة ، أصواتهم مرتفعة بالتحميد و البكاء من خشية الله ، فسألت جبرئيل عنهم فقال : كماترى خلقوا ، إن الملك منهم الى جنب صاحبه ، ما كلمه قط ، ولا رفعوا رؤوسهم الى ما فوقها ، ولا خفضوها الى ما تحتها ، خوفا و خشوعا ، فسلمت عليهم فردوا علي إيماء برؤوسهم ولا ينظرون إلي من الخشوع ، فقال لهم جبرئيل : هذا محمد نبي الرحمة ارسله الله الى العبادرسولا و نبيا ، وهو خاتم النبيين و سيدهم أفلا تكلموه ؟ قال : فلما سمعوا ذلك من جبرئيل أقبلوا علي بالسلام و أكرموني و بشروني بالخير لي ولأمتي " (1)إذا لتسقط كل التبريرات السخيفة التي يحاول بها الانسان تبرير تنصله من مسؤوليات أفعاله في الدينا ، و ليبقى عاريا أمام أعماله ، وآنئذ فقط يصلح عمله و تزكو نفسه .
[ 29] إن اولئك الذين لهم ميزة في الحياة من عباد الله الصالحين ، إنما هم مكرمون بعبادتهم لله و خضوعهم لحاكميته المطلقة ، ولو قال أحد منهم بأني إله من دون الله للقي مصير الظالمين .
[ ومن يقل منهم إنى إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين ]فلا يمكن إذن أن نتوسل بآلهة أخرى لتنقذنا من عذاب الله ، و هكذا يهدم القرآن فكرة الأصنام التي يتشبث بها الانسان لكي يبعد نفسه عن المسؤولية ومن ثم الجزاء .
(1) نور الثقلين / ج 3 / ص 417 .