فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس

نفحات العذاب علائم المسؤولية
هدى من الآيات

في سياق حديث القرآن الحكيم عن مسؤولية الانسان في الحياة ، المرتكزة على الجدية و الهدفية ، تذكرنا آيات هذا الدرس ، بأن من علائم المسؤولية هي نفحات العذاب ، التي يتعرض لها البشر بسبب سوء أفعالهم ، فلكي تعرف الآخرة ، و ما فيها من عذاب أو ثواب ، لابدان تتفكر في الدنيا و مافيها من آثار العذاب و الثواب و نفحاتها ! إلا إن الموازين القسط التي تحســب كل صغيــرة و كبيرة فيجازى الشخص بها ، مؤجلة الى يوم القيامة ، حيث لا تظلم نفس شيئا ، حتى ولو كان بوزن خردلة .

و لقد جاءت رسالات الله تترى لتعطي الناس ميزانا يفرق به بين الحق و الباطــل ، و ضـياء يهتدى به في ظلمات الحياة ، و يذكر المتقين ليزدادوا إيمانا و عزما .

فمن أبرز غايات الرسل تذكير الناس بيوم القيامة - حيث الموازين القسط - ، و لكن المتقين هم الذين يخشون ربهم بالغيب و يخافون أهوال الساعة .

و هذا الكتاب هو الآخر ذكر مبارك أنزله الله لذات الغاية .

و السؤال ما الذي يحجب الانسان عن الأخذ بالفرقان ، و الإيمان بالرسالات الالهية التي تذكر بالآخرة ، و تنبه الغافلين عن نومهم في الدنيا ؟

إنه و كما يتضح من القرآن التقليد ، و تبعية الآباء من دون تبصر ولا تدبر . هكذا يضرب لنا القرآن مثلا من حياة إبراهيم (ع) الذي وقف أمام قومه الذين اتبعوا منهج آبائهم ففقدوا إحساسهم بالمسؤولية ، و صرخ في وجوههم قائلا : ما هذه الأصنام التي تتمسكون بعبادتها ، و تلازمونها على الدوام ؟! فلم يكن عندهم جواب منطقي يردون به على هذه الصرخة ، إلا أن قالوا : إنما وجدنا آباءنا يعبدونها فحذونا حذوهم .

و لكي يثبت لهم إمكان تحدي الانسان لتأريخه الباطل بقوة إرادته ، أخذ معولا و ذهب الى معبدهم في يوم عيدهم ، و حطم الأصنام ، و احدا تلو الآخر ، ثم و ضع المعول في عنق أكبرها حجما ، و ذهب الى بيته ، بانتظار أن يعودوا ، فيروا إن التماثيل قد حطمت ، فيكون ذلك نقطة بدء لهم لكي ينفصلوا عن تاريخهم السيء المنحرف ، و يعيشوا واقعهم بعقلية متفتحة و بصيرة مستنيرة .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس