فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
هكذا ينصر الله رسله بالغيب
هدى من الآيات
هنالك سؤالان يتبادران الى الذهن عندما يقرأ الانسان القرآن ، و هما :
أولا : لماذا يكثر القرآن من قصص الأنبياء في آياته ؟
ثانيا : لماذا يذكر القرآن قصص الأنبياء بصورة متفرقة و في سور مختلفة ؟
الجواب على السؤال الأول هو :
أ - لكي يبين لنا بأن رسالات جميع الأنبياء تسير في خط واحد ، و تدعو في جوهرها الى شيء واحد و هو منهج التوحيد .
ب - لكي يكرس كونهم قدوة و أئمة لنا ، و بالتالي نستفيد من أقوالهم و أفعالهم و مواقفهم و نطبقها في واقع حياتنا العملي الذي نعيشه .
و الجواب على السؤال الثاني باختصار :
أ - إن القصص التي يوردها القرآن ليست هدفا في حد ذاتها حتى يسردها مرة و احدة .
ب - إن تكرار القصة في مواضع متعددة يشعر بأهميتها ، و يلفت النظر الى ضــرورة التفكر فيها و دراستها جيدا ، و من ثم الاقتداء بأخلاق الأنبياء و مواقفهم فيها .
ج - عندما يكرر القرآن ذكر القصة الواحدة ، فانه لا يكرر جزئياتها ، و إنما في كل مرة ينقل جانبا معينا منها يتناسب مع المواضيع التي يعالجها السياق ، و هذا الاسلوب يلقي أضواء كاشفة على أحداث القصة ، و يظهر العبر المطلوبة منها ، و كذلك يجعلها شيئا فشيئا تتكامل في الأذهان لتكون - بالتالي - برنامج عمل في الحياة بالنسبة الى المؤمنين .
و في سورة الأنبياء يضرب القرآن الحكيم مثلا من واقع مسؤولية الانسان في الحياة ، و هي على جانبين :
الأول : مسؤولية أعماله السيئة ، و يقابلها العقاب الصارم ، كما حدث لقوم لوط و نوح .
الثاني : مسؤوليته تجاه أعماله الحسنة ، و يقابلها الثواب الجزيل ، كما حدث للوط و نوح و من آمن بهما .
كما يبين لنا أن الأنبياء كانوا في ساعات الشدة يتوجهون الى ربهم بالدعاء فينجيهم من بطش أعدائهم ، و هذا يكشف لنا إن حياة الأنبياء - أساسا - لم تكن مفروشة بالورد ، بل كان ملؤها الآلام و المشاكل ، و لكنهم انتصروا عليها باذن الله ، مما يعطينا شحنة من الأمل و الاندفاع في مواجهة صعوبات حياتنا و تحدياتها ، إذ سنكون على يقين من إنه ، إن عجزت قدراتنا عن الصمود أمامها فان هناك من يمدنا بالعون اللازم و هو الله العزيز القدير .