فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
لعلكم تهتدون
هدى من الآيات
بعد ان ذكرنا الرب بآياته . من خلق السموات و الأرض ، ثم خلق الأنسان من نطفة ، و اعطائه النطق ثم خلق الأنعام . و الخيل و البغال و الحمير . مبتدء بالخلق الأعظم فالأعظم و انعمه الأكبر فالأكبر . اقول : بعد ان ذكرنا الرب بها في الدرس السابق لعلنا نخلص العبادة لله ، و نترك الشركاء من دونه .
أخذ السياق - بعدئذ - يتدرج عبر سائر النعم الأقرب منها الينا فالأقرب . فذكرنا بالمنافع التي جعلها في المطر . و تغيير الأنواء و اختلاف الليل و النهار . و ما فيها من منافع و نتساءل من الذي انزل المطر من السماء فاخرج المراعي و الثمرات و وفر الماء للشرب ؟
إنه الله .
و من الذي انبت في الأرض زرعا بماء السماء ، و انبت اشجار الزيتون و النخيلو الاعناب و ألوانا من الثمرات الأخرى ؟
انه الله ، و لكن المتفكرين من الناس هم الذين يهتدون بهذه الآيات و سخر الليل و النهار للانسان ، و سخر الشمس و القمر كما سخر النجوم . كل تجري في فلك . أن هذه الآيات ينتفع بها من ينتفع بعقله ، و هيء في الأرض للبشر الوان المنافع ، فمن تذكر اهتدى بهذهالآيات الى الله . خالقها و مدبرها .
و جعل الله البحر بحيث يستفيد منه الانسان لحما طريا ، كما اودع في قاعه انواع الزينة ، و هيأه للسفن التي تمخر فيه ، كل ذلك لكي يسعى الانسان من اجل رزقه ثم يشكر الله عليه .
و اذا خرجت الى البر رأيت الجبال التي تقوم بدور المراسي (1) تحافظ على تعادل الأرض و تمنع ميلانها ، و اودع فيها مخازن المياه التي تتفجر انهارا ، كما جعل فيها طرقا يسلكها البشر و يهتدي فيها بعلمه ، و لعله يهتدي الى ربه بذلك العلم .
و اللـه سبحانـه اودع في السماء علامات يهتدي بها البشر ، و وراء كل آية حقيقة ، و وراء آيات الكون حقيقة الالوهية ، فهل الذي يخلق كمن لا يخلق ، لماذا لا نتذكر ؟
كــل تلــك النعم - التي لو عديتها لما احصيتها - شاهدة على ان الله غفور رحيم بعبــاده .
|