فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
الرسول في السماوات
يقـول رسول الله (ص) : " ثم صعدنا الى السماء الثانية فاذا فيها رجلان متشابهان . فقلت : من هذا يا جبرائيل ؟ فقال : ابناء الخالة يحيى و عيسى ، فسلمت عليهما و سلما علي ، و استغفرت لهما ، و استغفرا لي ، و قالا ، مرحبا بالاخ الصالح ، و اذا فيها منالملائكة و عليهم الخشوع ، و قد وضع الله وجوههم كيف شاء ، ليس منهم ملك الا يسبح الله بحمده بأصوات مختلفة .
ثم صعدنا الى السماء الثالثة ، فاذا فيها رجل ، فضل حسنه على سائر الخلق ، كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم ، فقلت : من هذا يا جبرئيل ؟ فقال : هذا(1) يعني أن المرأة تلد من الزنا فتجعله للزوج .
اخوك يوسف ، فسلمت عليه و سلم علي ، و استغفرت له ، و استغفر لي ، و قال : مرحبا بالنبي الصالح ، و الاخ الصالح ، المبعوث في الزمن الصالح ، و اذا فيها ملائكة عليهم من الخشوع مثلما وصفت في السماء الاولى و الثانية ، فقال لهم جبرئيل في أمري ، ما قال للآخرين، و صنعوا في مثلما صنع الآخرون ، ثم صعدنا الى السماء الرابعة ، و اذا بي رأيت رجلا ، فقلت : من هذا يا جبرئيل ؟ فقال : هذا ادريس رفعه الله مكانا عليا ، فسلمت عليه ، و سلم علي ، و استغفرت له ، و استغفر لي ، و اذا فيها من الملائكة الخشع مثلما في السماواتالتي عبرناها ، فبشروني بالخير لي و لامتي ، ثم رأيت ملكا جالسا على سرير و تحت يديه سبعون الف ملك ، تحت كل ملك سبعون الف ملك ، فوقع في نفس رسول الله انه هو ، فصاح به جبرئيل فقال : قم ، فهو قائم الى يوم القيامة .
ثم صعدنا الى السماء الخامسة فاذا فيها رجل كهل عظيم العين ، لم أر كهلا اعظم منه ، حوله ثلة من أمته ، فاعجبني كثرتهم فقلت : من هذا يا جبرئيل ؟ فقال : هذا المحبب في قومه هارون بن عمران ، فسلمت عليه و سلم علي ، و استغفرت له و استغفر لي ، و اذا فيها منالملائكة الخشع مثلما رايت في السماوات .
ثم صعدنا الى السماء السادسة و اذا فيها رجل آدم ( اي اسمر اللون ) طويل كأنه من شنوة (1) و لو ان له قميصين لنفذ شعره فيها ، و سمعته يقول : يزعم بنو اسرائيل اني اكــرم من ولد آدم على الله و هذا رجل اكرم على الله مني ( و اشار الى رسول الله ) فقلـت : من هذا يا جبرئيل ؟ فقال : هذا اخوك موسى بن عمران ، فسلمت عليه و سلم علــــي ، و استغفرت له ، و استغفر لي ، و اذا فيها من الملائكة الخشع مثلما في السماوات . (2)(1) شنوة قبيلة عربية معروفة طوال القامة .
(2) و هكذا فاننا نرى بان الرسول (ص) يلتقي في كل سماء بنبي أو أكثر تعبيرا عن وحدة الرسالات السماوية و عن الاخوة بين الانبياء ، و عن اختلاف درجات الانبياء .
ثم صعدنا الى السماء السابعة فما مررت بملك من الملائكة الا قال : يا محمد احتجم ، و أمــر أمتك بالحجامة (1) و اذا فيها رجل اشمط الرأس و اللحية ، جالس على كرسي ، فقلت : يـا جبرئيل من هذا الذي في السماء السابعة على باب البيت المعمور . في جوار الله ؟ فقال: هذا يا محمد ابوك ابراهيم ، و هذا محلك و محل من اتقى من أمتك ، ثم قرأ رسول الله : " ان اولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه و هذا النبي و الذين آمنوا و الله ولي المؤمنين " فسلمت عليه و سلم علي وقال : مرحبا بالنبي الصالح ، و الابن الصالح ، المبعوث في الزمن الصالح ، و اذا فيها من الملائكة الخشع مثلما في السماوات فبشروني بالخير لي و لأمتي . (2)قال رسول الله (ص) : " و رأيت في السماء السابعة بحارا من نور تتلألأ . تلألؤها يخطف بالابصار و فيها بحار من ظلمة ، و بحار من ثلج ترعد ، فكلما فزعت و رأيت هؤلاء سألت جبرئيل فقال : ابشر يا محمد ، و اشكر كرامة ربك ، و اشكر الله بما صنع اليك ، قال: فثبتني الله بقوته و عونه حتى كثر قولي لجبرئيل و تعجبي ، فقال جبرئيل : يا محمد تعظم ما ترى ( هل تراه عظيما ) ؟! انما هذا خلق من خلق ربك فكيف بالخالق الذي خلق ما تراه ، و ما لا تراه اعظم من هذا !!
ان بين الله و بين خلقه سبعين الف حجاب ، و اقرب الخلق الى الله انا و اسرافيل ، و بيننا و بينه اربعة حجب : حجاب من نور و حجاب من الظلمة و حجاب من الغمامة و حجاب من الماء .
و قال رأيت من العجائب التي خلق الله ، و سخر على ما اراده ، ديكا رجلاه في(1) الجحامة تعني ان يأخذ الانسان مقدارا من دمه كل عام .
(2) اننا نجد ان الانبياء في حديثهم مع النبي محمد (ص) يقولون له : المبعوث في الزمن الصالح و هذا يدل على ان البشرية قد تكاملت عبر رسالات الله حتى بلغت مرحلة النضج في عهد رسول الله (ص) و العهود التالية لعهده ، و انسان اليوم انما يتقدم في مدارج الكمال بفضل رسالات الله .
تخوم الارض السابعة و رأسه عند العرش و هو ملك من ملائكة الله تعالى ، خلقه الله كما اراد ، ثم اقبل مصعدا حتى خرج في الهواء الى السماء السابعة ، و انتهى فيها مصعدا حتى انتهى قرنه الى قرب العرش ، و هو يقول سبحان ربي حيث ما كنت .. لا تدري اين ربك من عظم شأنه ، و له جناحان في منكبه اذا نشرهما جاوزا المشرق و المغرب ، فاذا كان في السحر نشر جناحيه و خفق بهما ، و صرخ بالتسبيح و يقول : سبحان الله الملك القدوس ، سبحان الله الكبير المتعال لا إله الا الله الحي القيوم ، و اذا قال ذلك سبحت ديوك الارض كلها ، و خفقت بأجنحتها و أخذت بالصراخ ، فاذا سكت ذلك الديك في السماء سكتت ديوك الارض كلها ، و لذلك الديك زغب خضر (1) و ريش ابيض شديد البياض .. ما رأيت مثله قط و له زغب اخضر ايضا تحت ريشه الابيض كاشد خضرة ما رأتيها قط .
قال : ثم مضيت مع جبرئيل ، فدخلت البيت المعمور ، فصليت فيه ركعتين و معي اناس من اصحابي عليهم ثياب جدد ، و آخرين عليهم ثياب خلقان ، فدخل اصحاب الجدد و جلس اصحاب الخلقان (2) ثم خرجت فانقاد لي نهران ، نهر يسمى الكوثر ، و نهر يسمى الرحمة ، فشربت من الكوثر و اغتسلت من الرحمة (3) ثم انقادا لي جميعا حتى دخلت الجنة و اذا على حافتيها بيوتي و بيوت اهلي ، و اذا ترابها كالمسك ، و اذا جارية تنغمس في انهار الجنة فقلت : لمن انت يا جارية . فقالت لزيد بن حارثة . (4)(1) و الزغب هو الريش الصغير .
(2) و القرآن الحكيم يقول في سورة البقرة " و تزودوا فان خير الزاد التقوى " فلباس التقوى خير لباس و زاد التقوى خير زاد ، و كلما كنت تقيا كان ثوبك في يوم القيامة اجد و انئذ يمكنك ان تدخل مع رسول الله (ص) الى البيت المعمور فتصل فيه .
(3) يعني استوعب رسول الله الخير الكثير و لفته الرحمة .
(4) الذي تبناه رسول الله (ص) وهو والد اسامة و قد استشهد في معركة مؤتة ، التي استشهد فيها عبد الله بن رواحة و جعفر الطيار .
و اذا رمانها مثل الدلي العظام (1) و اذا شجرة لو ارسل طير في اصلها ما دارها سبعمائة سنة و ليـــس في الجنة منزل الا وفيه غصن منها ، فقلت ما هذه يا جبرئيل ؟ فقال : هذه شجرة طوبى قال الله : " طوبى لهم و حسن مآب " قال رسول الله : فعندما دخلت الجنة رجعت الى نفسي فسألت جبرئيل عن تلك البحار و هولها و أعاجيبها ، فقال : هي سرادقات الحجب التي احتجب الله تبارك و تعالى بها ، و لولا تلك الحجب لهتك نور العرش كل شيء فيه .
و انتهيت الى سدرة المنتهى فاذا الورقة منها تظل أمة من الأمم ، فكنت منها كما قال تعالى : " قاب قوسين او أدنى " فنادى الله سبحانه و تعالى : " آمن الرسول بما انزل اليه من ربه " فقلت انا ، مجيبا عني و عن امتي : " و المؤمنون كلآمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله لا نفرق بين أحد من رسله و قالوا سمعنا و اطعنا غفرانك ربنا و اليك المصير " فقال الله : " لا يكلف الله نفسا الا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت " فقلت : " ربنــا و لا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا " فقال الله : " لا حملتـك " .
فقلت : " ربنا لا تحملنا مالا طاقة لنا به و اعف عنا و اغفر لنا و ارحمنا انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين " .
فقال الله تبارك و تعالى : " قد اعطيتك ذلك و لامتك " .
قال الصادق (ع) :
" ما وفد على الله تعالى أحد أكرم من رسول الله حين سأل لأمته هذه الخصال " (2)(1) حيث أن رمان الجنة كالدلو ، و دلي جمع دلو .
(2) و تلك هي الآيات الاخيرة من سورة البقرة ، و قد جاء ذلك في مضمون حديث عن رسول الله (ص) حيث قال : " رفع عن امتي تسع : الخطأ و النسيان و مالا يعلمون و ... و الى آخر الحديث " .
فقال رسول الله : " يا رب اعطيت انبياؤك فضائل فاعطني ! فقال الله : قد اعطيتك فيما اعطيتك كلمتين من تحت عرشي : " لا حول و لا قوة الا بالله ، و لا منجى منك الا اليك " قال : و علمتني الملائكة قولا اقوله اذا اصبحت و امسيت : " اللهم انظلمي اصبح مستجيرا بعفوك ، و ذنبي اصبح مستجيرا بمغفرتك ، و ذلي اصبح مستجيرا بعزتك و فقري اصبح مستجيرا بغناك ، و وجهي الفاني اصبح مستجيرا بوجهك الباقي الذي لا يفنى " .
ثم سمعت الاذان و اذا ملك يؤذن لم ير في السماء قبل تلك الليلة .
فقال : الله اكبر - الله اكبر .
فقال الله : " صدق عبدي انا اكبر من كل شيء " .
فقال : اشهد ان لا اله الا الله - اشهد ان لا اله الا الله .
فقال الله : " صدق عبدي انا الله لا اله الا انا و لا اله غيري " .
فقال : اشهد ان محمدا رسول الله - اشهد ان محمدا رسول الله .
فقال الله : " صدق عبدي ان محمدا عبدي و رسولي . انا بعثنه و انتجبته " .
فقال : حي على الصلاة - حي على الصلاة .
فقال الله : " صدق عبدي دعى الله فريضتي ، فمن مشى اليها راغبا محتسبا كانت له كفارة لما مضى من ذنوبه " .
فقال : حي على الفلاح - حي على الفلاح .
فقال الله : " حي الصلاح و النجاح و الفلاح " .
ثم اممت الملائكة في السماء كما اممت الانبياء في بيت المقدس .
و للحديث بقية حول ان الرسول (ص) كلف بخمسين صلاة ، و حين جاء الى موسى (ع) و اخبره بذلك ، فقال له موسى (ع) ان امتك لا تطيق ذلك ، فارجع الى ربك فليقللها ، فعمل بذلك و قللها الله حتى خمس صلوات ، فقال له موسى (ع) : ان امتك لا تطيق ذلك ايضا ، لكن النبي(ص) خجل من ربه و استحيا ان يطلب من الله التقليل . و قال (ص) اصبر عليها و تصبر امتي و قال الله : " ان أديت ذلك انت و امتك فاني ساحسب الصلاة الواحدة بعشرة صلوات " .
و هناك احاديث اخرى في هذا المجال يمكن الرجوع اليها في الكتب التي احتوت على النصوص الاسلامية .
|