فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


الحجب و ضرورة التصحيح
هدى من الآيات

حينما يتخذ الانسان موقفا تجاه فكرة ما ، فانه لا يستطيع ان يعرف الحقيقة لانه قد ينظر اليها من وراء حجاب . و هذه صفة الكافرين بالحياة الآخرة ، و هذه سمة الكثير من الناس ، فلا يتلون آيات القرآن الا من وراء حجاب ، و لا يستمعون اليه الا عبر مجموعة من الاحكام المسبقة التي اصدرتها أنفسهم .

و يبقى السؤال : كيف يمكن للانسان ان ينظر الى رسالة الله نظرة مجردة عن المواقف المسبقة ؟

الاجابة علــى ذلك : ان قوة العقل محدودة عند الانسان ، فاذا تراكمت الشهوات على قلبه ، و تكاثفت غيوم الجهل و الضلالة و الخرافات عليه ، فانه بحاجة الى عملية صعبة و مجهدة حتى يتجاوز هذا الركام من الترسبات ، كما يحتاج الى هزة عنيفة ليهدم البناء الفكريالفاسد و ثم يقيم محله بناءا قويما و ليس ذلك بالامر اليسير . و نتساءل : كيف تتصلب الارادة ، و ينمو العقل . و ما هي الهزة العنيفة التي تهدمبناء الافكار الفاسدة ، و المتراكمة فوق بعضها في قلب البشر ؟

الجواب :

بالايمان بالحياة الآخرة ، حيث انها قوة التعادل ، و ثقل السكينة عند الانسان ، فمن آمن بالآخرة سلى عن الشهوات ، و تعالى فوق الضغوط ، و تجاوز العقد النفسية ، و كل ذلك يحفظ قلبه عن الافكار التي تمليها الشهوات و الضغوط و العقد و .. و ..

اما الذي لا يؤمن بها ، فان الله تعالى يجعل بينه و بين القرآن حجابا لا يراه ، و لا يمكنه إذا اختراقه ، كيف ؟ فاذا قلبه مستور ان يفقه ، و اذا اذنه ثقيلة بالوقر و اذا به يهرب عن حقيقة التوحيد ، و يبحث عن الآلهة الكاذبة ، و اذا به لا يستمع - و هم يناجون بعضهم - ان هذا الرسول مسحور ، و ليس بعاقل ، و بسبب هذه الامثال يضلون الطريق و لا يهتدون الى سبيل الحق .

و جذر مشكلتهم كفرهم بالآخرة اذ يقولون : هل نحن نعود الى الحياة بعد ان نكون عظاما و رفاتا ، دعهم يكونون حجارة أو حديدا ، او اي شيء كبير في نظرهم ، فان الذي خلقهم اول مرة يعيدهم أما متى ؟ فان علمه عند الله فعسى ان يكون قريبا ، يوم يدعوهم الله ، فاذابهم يستجيبون لداعي الله و هم يحمدون ربهم ، و يزعمون انهم ما لبثوا في القبر الا قليلا .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس