فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
نصرة الله
[80] [ و قل رب ادخلني مدخل صدق و أخرجني مخرج صدق ]
الالتزام بالصدق في المواقف ، في كل مدخل و مخرج منها هو أهم واجبات الرسول و الرسالي ، ولان الانسان يحتمل ان يدخل فيما يكرهه الله ، أو يخرج عما يحبه الله ، فهو بحاجة الى حاجز يمنعه عن الانحراف ، و هذا الحاجز انما هو من عند الله سبحانه ، و المراد منهذه الآية : يا رب ادخلني في الامور ادخالا صادقا ، و اخرجنيمنها اخراجا صادقا .
[ و اجعل لي من لدنك سلطان نصيرا ]
اذا التزم الانسان بالواجبات الشرعية ، و جسد الشخصية القرآنية آنئذ يصبح تحت ظلال رحمة الله في الارض ، فيصبح سلطانا من قبل الله ، بالطبع ليس سلطانا ماديا ، بل سلطانا ربانيا رحمانيا ، و يبعث الله من ينصره من المؤمنين و الملائكة .
اذا اردت ان تكــــون قائدا اصلح نفسك و كن مع الله ، لانه من كان مع الله كان الله معــه .
جاء في وصية الامام الحسن (ع) لجنادة :
" يا جنادة من اراد عزا بلا عشيرة ، و هيبة بلا سلطان فليخرج من ذل معصية الله الى عز طاعته " .
و لو عمل المسلمون بهذه الآية الكريمة لاغنتهم عما في ايدي اعدائهم ، و هيأت لهم استقلالا اقتصاديا ، و ثقافيا ، و سياسيا ، كيف ؟
لقد اودع الله في الانسان معادن لا تنفد و لا تحد ، و سخر له الطبيعة بما اعطاه من علم و ارادة و قوة . و من اعظم المواهب التي أتاها الرب للخلق الطموح ، فكل واحد يتطلع الى العظمة ، ويحب الكمال و هــذا التطلع هو جناح المرء في تحليقه في فضاء التقدم . الا ان الشيطان يغويه ، و يوجه طموحه في الاتجاه الخاطئ ، انه يلوي مقود سيارته عن الشارع المعبد الذي يمهده الجهد الصادق باتجاه الصخور الوعرة ، و يهمس في اذنه هذا هو طريق المجد ، الكذب ، الغش ، السرقة ، و انتهاب ثروات الآخرين ، و استغلالهم ، أو استجداء العون منهم ، و هكذا يخدعه مرتين حين يسلب عنه عزيمته ، و حين يخيل اليه ان الآخرين ينفعونه .
اما المؤمن فأنه يعلم ان قوة ساعده ، و نفاذ بصيرته ، و مضاء عزمه كل اولئك كفيل بتقدمه ، وا ن رزقه موجود في الطبيعة ، في الارض التي يزرعها ، في المعادن التي يستخرجها و يسخرها ، و بالتالي في التعامل الشريف مع الناس .
و هكذا يبني بناءه على الصدق ، فان دخل في عمل ، في مشروع ، في حركة ، في شركة ، دخل بنية صادقة لم يدخل ليستغــل جهـد الآخرين ، و لا ليستريح من بذل الجهد ، ثم لا يخرج الا بصدق فيكمل مسيرته حتى النهاية ، و يتم عمله باحسن وجه دون ان يخدعه الشيطان ، فيدفعه لترك العمل . متى ما رأى فيه صعوبة .
و لعل صدق العمل في المدخل و المخرج هو التحدي المناسب لخطة ابليس في مشاركة الاموال و الاولاد ، حيث قال الله سبحانه في آية مضت بينت مكر ابليس في تضليل البشر قال : " و شاركهم في الاموال و الاولاد و عدهم و ما يعدهم الشيطان الا غرورا " .
إذ ان صدق المؤمن لا يدع مجالا لمشاركة ابليس الذي يهدف افساد الاقتصاد و التربية ، و كيف يفسد اقتصاد قوم لا يأكلون الحرام ، و لا يسرقون جهد بعضهم ، و لا يتعاملون بغش ، أو تطفيف ، أو تغرير ، أو كذب !
و نستوحي من تواصل بداية الآية و خاتمتها ان الصدق في الدخول و الخروج وسيلة لنزول نصر الله ، و بلوغ القوة ( السلطان ) و العزة ( النصر ) .
و الصدق في البداية هو خلوص العمل ، بينما الدعاء في الخاتمة هو التوكل وهما العمل الصادق و التوكل على الله يتكاملان فلا توكل من دون عمل ، و لا ينفع العمل من دون التوكل .
[81] [ و قل جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ]سبب ارتفاع الباطل هو خفوت نور الحق و تقوقعه ، متى ما وجد الحق غاب الباطل .
و هذه الآية تعطي الثقة بالمستقبل و لعلها تعالج غرور الشيطان الذي أشير اليه ، و قول ربنا سبحانه : " و عدهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا " فبينما الشيطان يخدع الانسان ، و يمنيه بالمستقبل كذبا ، فان الله سبحانه يعده صادقا ، اذ انه يبشره بانالعاقبة للمتقين ، و ان الحق منتصر و ان الباطل كان زهوقا .
وهكذا يقاوم المؤمن كل مكر شيطاني بخطة رشيدة ، و عمل مبارك :
1 - يتحدى صوته المضلل ببصائر الوحي .
2 -خيله و رجله و بالتالي ارهابه بالصلاة و التهجد .
3 - 4 - مشاركته في الاموال و الاولاد بالصدق و التوكل .
5 - وعوده و غروره بالثقة بوعد الله و الامل في المستقبل .
عاذنا الله من شر الشيطان و كيده و مكره .
|