فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


الشخصية و نهج العمل
[84] و يختلف الناس في مدى انتقاعهم بالوحي ، و ينبع الاختلاف من شخصياتهم الداخلية ، التي تكونت بالصفات و العادات المتبانية .

و بالرغم من ان الله قد وهب للانسان من القدرة و المعرفة ما يمكنه من صياغة شخصيته حسب ما يشاء ، الا انه لو لم يفعل ذلك فسوف يقاد بلجام شخصيته ، و ستكون اعماله في تجاه شخصيته ، حتى مواقفه من المعارف الالهية سوف تتأثر بنوع شخصيته ، و صفاته ، و عاداتهو ملكاته .

[ قل كل يعمل على شاكلته ]

الشاكلة مشتقة من كلمة ( الشكل ) وهو الجام الدابة ، و الشكل لجام الدابة ،و يبدو ان المعنى المناسب لهذه الكلمة بالنظر الى اصل معناها اللغوي و سياق ذكرها هنا هو الطريقة و المذهب ، أو الطبيعة أو الخلقة ، فيكون معنى الآية كل شخص يعمل حسب طريقته و طبيعته ، و بالتالي فان مظهر عمله ينبئ عن مخبر ضميره و نيته ، و هكذا تكون اعمال الناس تعبيرا عن طرائفهم ، و مذاهبهم ، و طبائعهم ، و عاداتهم ، و علينا ان نكتشف من خلالها نياتهم ، و نصبغ اعمالهم بها .

من هنا جاء في الحديث المأثور عن الامام الصادق (ع) :

" النية افضل من العمل ، الا و ان النية هي العمل " .

ثم تلا " قل كل يعمل على شاكلته " .

و قد تكون الاعمال متشابهة الا ان اختلاف النيات ، و شخصيات العاملين ، و اهداف العمل يجعلها متناقضة ، فالصلاة و الصيام و الحج قد يقوم بها المخلص فتكون معراجا و جنة و جهادا أكبر ، و قد يقوم بها المرائي فتكون وبالا على صاحبها .

والله سبحانه و تعالى هو الحكم الذي يقضي بسلامة النية أو الغل فيها .

[ فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا ]

و اذا كنت تحب عملا ، أو تهوى طريقة أو تعودت على سلوك و مذهب فلا يعني ان كل ذلك حق ، بل مقياس الحق و الباطل هو الله الذي اوحى بالكتاب ليكون فرقانا ، و يهدينا الى سبل السلام ، فلا تزك نفسك ، ولا تجعلها مقياس الحق و الباطل .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس