فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


قل الروح من أمر ربي
[85] من انزل القرآن من عند الله على قلب الرسول ؟ و من يسدد الانبياء و يؤيدهم باذن الله ؟


أوليس هو الروح الذي قال عنه ربنا سبحانه و تعالى :

" نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين " ( الشعراء / 193 )فما هو الروح و من أين يأتي و من يسوقه ؟

[ و يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ]

و هذا الروح ملك من ملائكة الله ، مخلوق مدبر ، و هو الذي ينزل في ليلة القدر حيث يقول ربنا سبحانه .

" تنزل الملائكة و الروح فيها " و هو الذي يسدد الله به الانبياء و هو اعظم من جبرئيل و ميكائيل ، و كذلك جاء في الاحاديث و اضاف بعضها :

" له سبعون الف وجه لكل وجه سبعون الف لسان يسبح الله بجميع ذلك " (1) .

و يرى بعض المفسرين ان الروح هنا هو روح الانسان ، و الكائنات الحية ، بيد ان سياق الآية يدل الى ان المراد منه هو روح القدس ، أو ليس الحديث لا يزال عن القرآن و هو الذي نزل به الروح الأمين ، بلى لا يمكننا ان نقول روح الانسان ، و جميع الاحياء بل حتـــىارواح الملائكة تقتبس الحياة من ذلك الروح ، و الروح واسطة بين الانسان و الحياة ، و هناك العقل هو ظل من ظلال الروح ، و العلم الانساني جزء من علم الروح ، ذلك الملك العظيم ، و هكذا اختلفت الاحاديث المأثورة عن مصادر الوحي في معنى الروح هنا ، فبينما نجد بعضها يؤكد على انه الملك العظيم ، يقول : بعضها بانه روح الانسان ، و الواقع انهما معا من مشكاة واحد ، تعال نقرأ معا بعض تلك النصوص :


(1) راجع كتاب نور الثقلين / ج 3 - ص ( 215 - 219 )1 - يروي حمران عن ابي جعفر ( الباقر ) و ابي عبد الله ( الصادق ) عليهما السلام بعد السؤال عن قوله يسألونك عن الروح . قالا : " ان الله تبارك و تعالى احد صمد ، و الصمد الشيء الذي ليس له جوف ، فانما الروح خلق من خلقه ( له ) بصر و قوة و تأييد يجعلهفي قلوب المؤمنين و الرسل " .

2 - و روى ابو بصير عن احدهما الباقر أو الصادق (ع) قال : سألته عن قوله : " و يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي " ما الروح ؟

قال : " التي في الدواب و الناس " قلت : وما هي ؟ قال : " هي من الملكوت ، من القدرة " .

3 - و روى ابـو بصير ايضا قال : سألت ابا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل " يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي " قال : " خلق اعظم من جبرئيل و ميكائيل ، كان مع رسول الله ، و هو مع الأئمة و هو من الملكوت " (1) .

و هكذا نجد الروح من الملكوت ، سواء الذي يؤيد الله به الرسول أو الذي يحيي به الله البشر و الاحياء ، إلا ان الله يعطي منه لمن يشاء كيف يشاء بقدر ما يشاء ، و هو اعلم بحقيقته لذلك قال ربنا :

[ و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا ]

[86] و لئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا ]ان القرآن ليس من صنع الرسول ولا غيره من البشر ، انما اوحي اليه عن طريق(1) المصدر


الروح ، و الدليل على ذلك : ان باستطاعة ربنا سبحانه أخذ هذا الوحي من نبيه ، و لا يستطيع النبي ان يفعل شيئا ، و هذا دليل على قدرة الله .

[87] [ إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرا ]

و من رحمة الله بعباده تنزيله الوحي عبر الروح على رسوله ، و هذه هي اكبر النعم على امة الرسول حيث يتبعون منهاجه و يستضيؤون بقبسات هديه ، و العقل و العلم ظلال لتلك الروح و مثل هذه الروح لا تقهر ، و مثل هذا القرآن لا يهزم .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس