فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
توحيد الله
[110] [ قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ]
كتب العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان بحثا مطولا في هذه الآية فقال ما محتواه : ان البوذيين و المجوس و غيرهم من اتباع الاديان ، و من تأسى بهم يعتقدون ان لله مظهرا و جوهرا ، و ان مظهر الله يختلف عن جوهره ، فمظهره هي اسماؤه و هي منفصلة عن جوهره ، أو بمعنى آخر منفصلة عن ذاته ، و يعتقدون بان الله اجل من ان يسمى بهذه الاسماء ، و اسماؤه انما هي الملائكة ، فكل ملك من الملائكة يحمل صفة من صفات الله ، فاحد الملائكة يمثل العلم ، و آخر يمثل العزة ، و آخر يمثل القدرة ، فهم يعبدون الملائكة و يجسمونها بتجسيمات مختلفة ، و بالتالي فهم لا يعبدونها الا
لتقربهم الى الله زلفى ، فصنعوا لله ثلاثمائة و ستين إلها ، كل إله يختلف عن الآخر ، فجمــال الله يختلف عن عمله و علمه يختلف عن جلاله ، و جلاله يختلف عن قدرته و هكـذا ..
هذه هي الوثنية ، أما عقيدة التوحيد فترفض ذلك و ترى ان اسماء الله تشير الى الحق الواحد فالله رحيم عزيز ، و بيد ان العزة و الرحمة تشيران الى ذات واحد ، و هكذا جبار و كريم ، و رؤوف .. الخ ، و هذه الاسماء مجرد آيات تشير اليه سبحانه فعندما نقول : سميعبصير ، فهو سميع بصير بدون آلة سمع أو بصر ، و قد قال الشاعر :
عباراتنا شتى و حسنك واحد و كل الى ذلك الجمال يشيرقال كفار قريش عن الرسول (ص) مرة : انظروا الى هذا الصابئي يأمرنا ان نعبد إلها واحدا و هو يعبد إلهين ، يقول : الله ، الرحمن ، فجاءت الآية لتقول : سواء قلت الله أو الرحمن أو الرحيم او الواحد أو القهار فان ذلك يدل الى شيء واحد ، و ان الاسماء الحسنى كلها لله و هي ليست بعيدة عنه - فهي صفات له ، و هي غير ذاته .
جــاء في الحديث عند سؤال هشام بن الحكم الامام الصادق (ع) عن اشتقاق كلمة ( الله ) فقال له : " يا هشام ! " الله " مشتق من " اله " و " إله " يقتضي مألوها ، و الاسم غير المسمى فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا ، و من عبد الاسم و المعنى فقد كفــر و عــبد اثنين ، و من عبد المعنى دون الاسم فذلك التوحيد ، ، افهمت يا هشام ؟ " قال : فقلت : زدني فقال : " ان لله تبارك و تعالى تسعة و تسعين إسما ، فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها الها ، و لكنالله معنى يدل عليه هذه الاسماء ، و كلها غيره ، يا هشام ! الخبز اسم للمأكول ، و الماء اسم للمشروب ، و الثوب اسم للملبوس ، و النار اسم للمحروق ، افهمت يا هشام فهما تدفع به و تناضل اعداءنا ، و المتخذين مع الله عز وجل غيره ؟ " قلت : نعمقال : فقال " نفعك الله به و ثبتك " قال هشام : فو الله ما قهرني احد في علم التوحيد حتى قمت مقامي هذا " (1)[ و لا تجهر بصلاتك و لا تخافت بها و ابتغ بين ذلك سبيلا ]جاء في الحديث المأثور عن الامام الصادق (ع) :
" الجهر بها رفع الصوت ، و التخافت بها ما لم تسمع نفسك ، و اقرأ بين ذلك " (2)و لعل الآية تشير الى فكرة هامة هي انه لا ينبغي الصراخ في الصلاة لان الصراخ ليس من آداب الدعاء و لا يجوز الاخفات الى درجة بعيدة صحيح ان الله بعيد عنك بعلوه و جلاله الا انه قريب منك بلطفه و علمه ، و كما جاء في الدعاء ( الذي بعد فلا يرى ، و قرب فشهدالنجوى ) و لذلك شرع في الصلوات الاخفات في الصلاة النهارية ، و الجهر في الصلاة الليلية .
|