فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


و وجدوا ما عملوا حاضرا
هدى من الآيات

ان سورة الكهف تبين العلاقة بين الانسان و بين الدنيا و زينتها الزائلة .

و قد ضربت لنا في آيات سابقة مثلا في قصة الرجلين اللذين كان لاحدهما جنتان من نخيل و أعناب و زروع ، فاغتر بهما و اعتمد عليهما ، و كانت عاقبته ان خسر الدنيا و الآخرة .

و يلخص القرآن في هذه الآيات العبرة من هذه القصة ، فيبين ان مثل الحياة الدنيا و ما فيها من زينــة ، كمثل الربيع الذي لا يلبث ان ينقضي ، و انما لا تنقضي الباقيات الصالحات .

و يصور القرآن لنا مشهدا من مشاهد يوم القيامة ، حيث لا يستطيع الانسان ان يمسك بيده شيئا الا ما قدم من عمل ، فان كل ما عمل صالحا ، فهو خير ثوابا و خيرأملا ، و الا فجزاؤه جهنم و لا يظلم ربك احدا . و هكذا يحدد لنا نظرة ( مسؤولة ) الى زينة الحياة و ان المراد من تطوراتها هو فتنة البشر و ابتلاؤه ليعلم مدى مسؤوليته .

و المثـل الذي يضربه القرآن عن الحياة الدنيا و زينتها ، مستوحى من دورة الربيع ، حيث ينزل الماء من السماء فاذا بالنباتات المختلفة تخرج من الارض ، و تجعل الانسان يزعم بانها باقية و دائمة ، و اذا بايام الربيع تنقضي و يأتي الصيف فتحرق الشمس اللاهبة كلتلك النباتات ، و تحولها الى هشيم متفتت تذروه الرياح .

فما الذي يبقى بعد كل هذه الدورة ؟

الشيء الوحيد الباقي هو قدرة الله التي تغير و لا تتغير ، تلك القدرة التي كانت و لا تزال و لن تزول ، و كما تتغير الطبيعة . بفعل تقدير الرب الحكيم . فان الدنيا كلها تنقلب في كف القدرة الإلهية ، و تعود كما بدأت ، و تقوم الساعة و يسير الله الجبال على عظمتهــــا ، و تبرز الأرض بلا زينة و لا نتوءات . و يحشر الله الناس جميعا دون استثناء ، و يقف الناس مصطفين امام رب العزة ، و يقرر النداء الإلهي واقعهم الضعيف انهم عادوا كما خلقهم الله لا يملكون اي شيء . و ان هذه هي الساعة التي كفروا بها . و اذا بكتاب أعمالهم موضوع أمامهم يشفق منه المجرمون و يزعمون لأنفسهم الويل لأن الكتاب لم يغادر صغيرة من أفعالهم ولا كبيرة الا أحصاها .

هكذا تتجلى مسؤولية البشر و التي هي الغاية من زينة الحياة الدنيا .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس