فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس
بينات من الآيات
نسائم البشرى

[94] حينما تحركت القافلة التي تحمل قميص يوسف (ع) تجدد الأمل في قلب يعقوب برؤية ابنه المختطف بعد طول المعاناة فقال لمن حوله اني اجد ريح يوسف .

[ و لما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف ]

بيد ان من حوله لم يكونوا يصدقوه .

أولا : لأنهم إعتقدوا أن أمل يعقوب نابع من حبه العميق لأبنه يوسف .

ثانيا : لأنه لم يكن معقولا عندهم ان يجد أحد ريح ابنه من بعيد خصوصا من مسافة عشرة أيام سيرا لذلك قال يعقوب :

[ لو لا أن تفندون ]

أي تضعفون رأيي . و تحاولون إبطاله .. و يبقى هذا السؤال هل ان الحاسة السادسة .. التي هي قد تكون تركيزا لمجمل القوى العلمية عند البشر هي التيكشفت ليعقوب تحرك العير بقميص يوسف . أم انه كان إعجازا غيبيا ؟!

[95] و بالرغم من ان يعقوب أكد لهم ان تفنيدهم لرأيه لا يؤويه عنه و هو متشبث برأيه بالرغم من مخالفتهم و بالرغم من ذلك نجدهم يؤكدون له معارضتهم و يحلفون بالله أنه في ذات الضلالة القديمة التي كانت عنده .

[ قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم ]

حيث أنه لا يزال ينتظر ابنه الذي ضاع في دنيا المآسي و في عالم الانسان أقل قيمة فيه من أي شيء آخر .


فارتد بصيرا :

[96] ما لبث أن وصل البشير يحمل قميص يوسف . و ربما بعد عشرة أيام من السير الحثيث لقطع المسافة بين فلسطين و مصر .. فأخذ القميص و القاه على وجه يعقوب فعاد اليه بصره ربما بسبب الفرح الذي طرأ بصورة مفاجئة أو بسبب غيبي الهي .

[ فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله مالا تعلمون ]حيث علم يعقوب بتفسير رؤيا يوسف انه يبقى حتى يصبح ملكا تخضع له أعناق اخوته كما علم بالغيب ان يوسف لم يمت و لقد وعده الله باعادته اليه .

[97] و هنالك فقط اعترف اخوة يوسف - و يبدو أنهم الباقون منهم عند أبيهـــم يعقوب - اعترفوا بذنبهم ، و طلبوا من أبيهم ان يشترك في الاستغفار لهم .

[ قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين ][98] و وعدهم يعقوب الاستغفار مستقبلا و أملهم في مغفرة ربهم كما فعل يوسف بسائر اخوته ! و كما يفعل الصالحون بالمذنبين ، و السبب ان اليأس من جنود الشيطان . ومن عوامل الانحراف .

[ قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم ]

و يبقى سؤال - لماذا أخر الاستغفار ؟

و الجواب : ان للاستغفار شروطا : إصلاح ما فسد و العزم على عدم التكرار ، و تزكية النفس و تطهيرها من رواسب الذنب ، ثم الاستغفار في اوقات خاصة . بعد صلاة خاشعة . و هكذا لذلك جاء في الحديث المأثور عن الصادق عليه السلام :

" إن يعقوب أخر أبناءه الى وقت السحر لأنه أقرب الى إجابة الدعاء " (1)ثم أن الذنب لا يكفيه مجرد طلب المغفرة مرة واحدة بل لابد من الاستمرار على الاستغفار المرة بعد الاخرى هذا لا يحصل الا عبر أيام متطاولة ، ولذلك قال يعقوب لهم سوف ... و قالوا : ان يعقوب كان يصف أولاده عشرين سنة يدعو و يؤمنون على دعائه و إستغفاره لهم .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس