فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس
عظمة الله تتجلى في الطبيعة
هدى من الآيات

السياق القرآني يذكرنا بطبيعة الأختلاف الموجود في الكون ، و أن في هذا الاختلاف دلالة واضحة على قدرة ربنا سبحانه .

ان ما في هذه الحياة يدل على أن الله رب كل شيء ، و ما من إله غيره ، كما أن توحيد الله يتجلى في الاختلاف الموجود في الكون .

لقد مد الله الأرض و جعل فيها رواسي شامخات لتحفظها من الميلان و التحرك ، و خلق فيها من كل شيء زوجين اثنين ، و أولج النهار في الليل ، و الليل في النهار الا يدعونا ذلك الى البحث عمن ينظم هذا الكون ، والا يدلنا ذلك على وحدة المنظم ، فلو كان المنظم اكثر من واحد هل حدث مثل هذا التناسق العجيب في الكون ؟!

و كما ان في كلية الحياة عبرة ، فان في تفاصيل الحياة عبرة اخرى ، فمثلا طبيعة الأرض الواحدة ، و اختلافها برغم تجاورها الا تقودنا الى رحاب الأيمان بالله ، فهذهالأشجار تتفاضل على بعضها في الأكل ، بعضها مفردة و بعضها ازواج .. علما بأن هذه الاشجار تشرب من ماء واحدة و تنمو في أرض واحدة .

ان هذه الآيات كفيلة بتنبيه الغافلين ذلك لمن ألقى السمع و هو شهيد ، و لكن بالرغم من كثرة هذه الآيات و انتشارها في أرجاء الكون ، يبقى الانسان يرتاب في قدرة ربه على احيائه بعد مماته .

ان خلق الأشياء و ابتداعها من العدم أصعب من إعادة بنائها ، و من جهة ثانية انهم انما انكروا البعث لأنهم كفروا بربهم ، فلم يعرفوه حق معرفته .

إن هولاء و ضعوا غل الشهوات على افئدتهم فلم يستطيعوا أن يفكروا بحرية ، و لذلك تراهم يوم القيامة ، نزلاء النار خالدين فيها أبدا ، و هؤلاء الذين كفروا بربهم لم تكن الحياة في صالحهم لأنهم كانوا و لا زالوا يستعجلون بالسيئة قبل الحسنة ، و لو لا أن رحمةالله سبقت غضبه بأن يمهل الانسان إذا لأخذهم بعذاب بئيس .

و هم عندما يطالبون الرسول بالآيات لا يعلمون بأن الرسول ليس سوى منذر لا يملك ان يأتي بآية إلا بأذن الله ، ثم انهم حين كفروا بما عندهم من الآيات ، فمن يضمن ايمانهم بآيات جديدة لو جاءتهم ، اليس هناك احتمال كبير بأن يكفروا بها كما كفروا بما قبلها ؟!


إذن فالمشكلة عند الانسان هي المنهجية في التفكير ، و لو صحت هذه المنهجية لاستطاع أن يفكر تفكيرا سليما من دون حجاب يمنعه من الوصول الى المعرفة ، و المعرفة تعطيه الحكمة التي قال عنها الله : " و من أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا " ، و القرآن الكريم عبر آياته يهدف اصلاح منهجية الانسان في التفكير بعد ان يبصره بالقوى الضاغطة عليه ، كما أنه يصور لنا الطبيعة من جديد حتى يلفتنا اليها و كأننا لم نرها من قبل .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس