هدى من الآيات يـذكرنا السياق القرآني في سورة الرعد بآيات الله في الكون ، و يوجهنا الى النظر " العبري " اليها لكي نصل من خلالها الى معرفة الله سبحانه ، لأن الغاية التي خلق الله من أجلها هذا الكون هي معرفته في الدرجة الأولى ، و آيات الله في الطبيعة أقربما تكون الى الانسان و تصوره ، لأن الانسان تراب و يحن الى أصله ، و كل شيء في الكون تجسيد لاسمائه سبحانه ، و ينحرف الانسان اذا ما اتبع عقله في كشف حقائق الكون . و هذا الدرس يذكر ببعض صفات الله ، و يذكر الانسان بهذه الحقائق التي يغفل عنها و ينساها دائما فالله سبحانه يعلم ما تحمل الأناث في بطونهن من ذكر أو أنثى - ليس ذلك فحسب - بل يعلم تفاصيل حياة الجنين و ما يحمل من صفات وراثية . و غيرها و علم الأجنة هو أحد العلوم الخمسة التي لا يعلمها غيره ، قال تعالى : " ان الله عنده علم الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما في الأرحام ، و ما تدري نفسماذا تكسب غدا ، و ما تدري نفس بأي أرض تموت ، إن الله عليم خبير " (34 / لقمان )و علـــم الله لا يقف عند حدود الأجنة ، بل هو يعلم كل مكنون من القول و كل ظاهر منه ، و كل من سار بالليل أو سرب في النهار ، و علم الله ليس الشهود وحده أو الغيب و حده ، بل علمه محيط بهما معا ، فعلمه بالغيب كعلمه بالشهادة ، و كيف لا وهو مع كل شيء ، وأقرب الى كل شيء من أي شيء ، وهو معنا اينما كنا ، و اقرب الينا من حبل الوتين ، فسبحان الله الكبير المتعال : اكبر من التصور ، متعال عن مجانسة الخلق . و من آياته ان جعل مع كل نفس ملائكة تحفظها من الأخطار ، فاذا جاء أجلها خلوا بينها و بين الأجل .. الا يدل ذلك على رحمة ربنا ، و أنه أرحم بنا منا ، و أنه كيف نحفظ أنفسنا ونحن لا نستطيع ان ندفع عنها ضرا أو نجلب لها نفعا ، ولو قلنا بأننا نستطيع أن ندفع عن أنفسنا حال غفلتنا و انشغالنا ، اذا فالانسان ليس سيـــد نفسه ، بل الله سيده على نفسه ، و ان له الولاية المطلقة ، ولكن الله سبحانه مع حفظه للانسان يسمح بمرور العذاب و البلاء بمقدار ما تستحق كل نفس " ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " . و من آيات الله ان يرافق السحب الثقال البروق و الرعود خوفا من عقابه و رجاء لرحمته ، فهذا الرعد الذي يسبح بحمده يهز ضمائرنا ، و يذكرنا بعظمة الجبار ، و سر عظمة الرعد أنه خاضع لله ، مسبح بحمده ، وليس الرعد وحده هو الذي يسبح بحمده ، بل أن الملائكة التي تقوم بأمر الرعد و السحاب تسبح كذلك خشية منه .. " أنه شديد المحال " . أبعد هذه الآيات يكفر الانسان بالله و يشرك به غيره ؟! إن هو آمن بالله وفقـــه للخيرات ، و ان اشرك به لم يوفق للخيرات و لن يصل الى غاية حميدة فسوف يبقى فــــــيعطش ، و لن ترويه الآلهة الاخرى ، و دلالة اخرى علم علم الله و مقدرته أنه يستجيب لمن يؤمن به ، لأنه في موقع العلم بالمسألة و موقع القدرة على الاجابة ، اما الآلهة الأخرى فهم اعجز من ان يحيطوا علما بما تكن نفس البشر ، و اعجز من أن يستطيعوا تلبية مطالبه . |
|