بينات من الآيات لنهلكن الظالمين [13] تطور الصراع الى التهديد المباشر للرسل . [ و قال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا ]أي في ديننا الذين نميل اليه ، و هكذا اظهروا طبيعتهم الارهابية ، و عبادتهم للقوة مقام الحق . و حين لا ينفع القول الحق ويعاند الكافر ، يستخدم اصحاب الحق القوة لردع الباطل ، و لأن الرسل لا يعتمدون على قواهم الذاتية في مواجهة عناد الكفار ، بعد ان صبروا على أذاهم بل على ربهم . لذلك لم يتركهم ربهم طويلا . بل أوحى اليهم بكل وضوح أنه سيهلك بالتأكيد الظالمين . [ فأوحى اليهم ربهم لنهلكن الظالمين ] و هذه سنة الله مع الرسل و الرساليين جميعا ، أنه يتركهم يواجهون عدوهم بصبرهم و ارادتهم حتى يجر بهم ، و لكن اذا حانت ساعة المواجهة الجدية ، فان نصره يهبط عليهم بردا و سلاما . [14] و بشرهم الله بانه مع هلاك الظالمين ينزل الرفاه و الرحمة لهم . [ و لنسكننكم الأرض من بعدهم ] و لكن ليس جميع الناس يثقون بالكلام الذي فيه انذار و بشارة ، بل فقط الذين يخشون ربهم ، و يتذكرون مقامه ، و مقامتهم أمامه للشهادة . ولا يستمـــر النصر الا باستمرار أسبابه ، و هو الخوف من مقام الله و سمو جلاله ، و الخشية من وعيده و انذاره . [ ذلك لمن خاف مقامي و خاف وعيد ] [15] و بثمن الخضوع التام لله ، دفع الله اليهم هدية النصر ، كما ان اعداءهم خابت ظنونهم و آمالهم و ذهبت جهودهم سدى بسبب عنادهم ، و كلما طلبوا الفتح املا و عملا . [ و استفتحوا و خاب كل جبار عنيد ] التجبر طلب علو المنزلة بما ليس له غاية في الوصف ، و اذا وصف العبد بانه جبار كان ذما ، لانه طلب للعلو لا لهدف بل للتعالي ، و لاشباع نهـــم الاستعلاء بحق أو بغير حق ، و هذا هو معنى العنيد ، و هو الأمتناع عن الحق باستمرار . [16] و الله يقابل عناد هؤلاء بجهنم تلهب اكبادهم عطشا ، و لا يسقون إلا بماء كالقيح الذي يصدر من الجروح المتعفنة . [ من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد ] و قد يكون هذا القيح هو لعاب السنتهم المعاندة ، التي لا تنطق الا بالباطل . [17] و هــم يشربون الجرعة بعد الجرعة دون اي يجري ذلك في مريئهم بسهولة ، و لكنهم يحاولون ذلك بسبب عطشهم الملتهب . [ يتجرعه و لا يكاد يسبغه و يأتيه الموت من كل مكان و ما هو بميت ]ذلك أن الموت ينعدم في الدار الآخرة . [ و من ورائه عذاب غليظ ] أي امامه عذاب كثيف . |
|