فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس
المنهج الالهي حصن الحضارة
[18] و أعمال هؤلاء تذهب عبثا ، لأنها لا تجري مع سنن الله في الارض ، كمثل الذي يحث الخطى بعد أن ضل الطريق و تاه في الصحراء ، فهل يبلغ هدفه ؟!

[ مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد أشتدت به الريح في يوم عاصف ]اي يوم أشتدت الرياح فيه عصفا ، منذ بدايته الى نهايته ، ان الرماد ينبث في الفضاء ، بسبب عدم استقراره على اساس ثابت ، و عدم وجوده في حصن منيع ، كذلك العمل الذي لا ينبعث من أرض الأيمان الصادق ، و لا يحصنه المنهاج السماوي .

[ لا يقدرون مما كسبوا على شيء ]

بالرغم من ان اساس الكون قائم على ان للأنسان ما سعى ، و لكن السعي الذي يتبع الهوى ، و يخضع لضغط الطبيعة ، و لشهوات الناس يكون كالرماد الذي تشتد به الريح لتجد كل جزء منـه في اتجــاه بينما السعي الذي يستقيم في الخط الصاعد ، يستمــر .

[ ذلك هو الضلال البعيد ]

الذي لا ينفعه الكسب ، و هو أفضل ثمرات العمر .


[19] و السؤال : لماذا لا تقدر عدالة الله ، مكاسب هذا الفريق من البشر ؟ ذلك لأن الله قد بنى السماء و الارض على أساس سنن و انظمة و مناهج و سبل سماها جميعا بالحق ، فمن عرفها و سخرها قدر على ما أكتسب ، و من تحداها بهواه و بضلالته لم يقدر على شيء مما كسب .

[ ألم تر أن الله خلق السموات و الأرض بالحق ]

كل شيء خاضع لسنة و نظام لا يمكن تجاوزه و لا تسخيره الا عبرذلك النظام ، و من الأنظمة ما هو واضح كالجاذبية و قوانين الفيزياء و الكيمياء و الأجتماع ، و من الحق ما هو غامض و يذكر به الشرع مثل آثار الصلاة و الزكاة و الأرث و ما أشبه .

و أنك لابد ان تخضع لهذه الانظمة ، و تأتي الحياة من بابها لتسخرها .. اليس كذلك ، فانك لا تسخر الحياة بالتجبر و العناد ، و باتباع اهوائك المتغيرة ، و بالخضوع لضغوط الشهوات .

انك محكوم في هذا الكون ، و ليس بحاكم و لابد ان تعترف بهذه الحقيقة ، و أبرز شواهد حاكمية الله عليك أنه اذا شاء أذهبك و جاء بخلق جديد . أي حاكم أنت الذي لا تملك نفسك ؟! فلماذا العناد و لماذا التجبر ؟!

[ إن يشأ يذهبكم و يأت بخلق جديد ]

[20] و يفعل ذلك كله دون ان تقدر على شيء .

[ و ما ذلك على الله بعزيز ]

ليس بصعب .. فانت لو تجبرت سوف تصبح أهون هالك لا يسأل عنك أحد ، و لا تتعب من يهلكك بشيء سبحانه .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس