فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس
الشكر الحقيقي
[31] أما المؤمنون بالرسالة فانهم يشكرون هذه النعمة .

أولا : باقامة الصلاة و تنمية روح الايمان بالله ، لكي يزدادوا ثباتا و استقامة .

ثانيا : بالانفاق الذي هو بدوره يزيد النعم .


[ قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة و ينفقوا مما رزقناهم ]فانفاق العلم بتعليمه ، و انفاق الجاه ببذله ، و انفاق القوة بالتعاون مع البؤساء ، كل ذلك يزيد النعم ، و ليكن الأنفاق سرا لضمان الاخلاص ، و علانية لتحدي الكفار .

[ سرا و علانية ]

و ليكن لانفاق باخلاص تام ، و خشية من النار .

[ من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه و لا خلال ]

فـلا تستطيع ان تبدل بما عندك شيئا ، كما لا تنفعك الشفاعة من قبل الأخلاء و الاصدقــاء .


توالي النعم :

[32] لماذا تكفر بالنعم ؟ و لماذا لا نؤمن بالله ، و نشكره ؟ و هل كنا في غنى عن رحمته ؟!

ان اعظم النعم هي نعمة الخلقة الاولى ، ثم نعمة تسخير السماوات و الأرض لنا بحيث نقدر على الأستفادة منها ، و لو كانت ممتنعتان عنا ، أو كنا عاجزين عن الأنتفاع منهما بجهل أو بضعف فمن الذي كان يسخرهما لنا ؟

[ الله الذي خلق السموات والأرض و أنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم ]انظر الى الطبيعة المخلوقة نظرا جديدا و عبريا ، فهل ترى غير نعم الله تحيط بك ..


لماذا لا يهز ضميرك منظر المطر يهبط لك من السماء نعماء و رحمة ، من الذي رفع ملايين الأطنان من مياه البحر بعد تصفيتها بالتبخير ، و مزجها بأكسجين الفضاء ، و بنتروجين الرعود ، و نشره في كل جهة ، من الذي جعل في الارض الأملاح و الخصوبة و البذور لتتحول الامطار فيها الى ثمرات مختلفة ؟!

[ و سخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره ]

أو تزعم ان السفن تبحر في البحار بأمرك ، فلو ان الرياح ركدت أو ان الأمواج تصاعدت ، فهل جرت السفن حيث تشتهي .

[ و سخر لكم الأنهار ]

[33] و الشمس التي هي اكبر من أرضنا بكثير ، و القمر الذي هو اصغر من أرضنا كل يجري في فلك و نظام بحيث ينفع الحياة فوق كوكبنا بضوئها و بجاذبيتها و طريقة دورانهما ، من الذي سخرهما أفلا نشكره ؟!

[ و سخر لكم الشمس و القمر دائبين و سخر لكم الليل و النهار ]فعندما يعم الظلام الارجاء تخلد الى النوم براحة نفسية ، و عندما ينبعث ضياء النهار ، تنبعث حيوية و همة .

[34] و بالرغم من ان طموحات البشر لا تتحقق عادة جميعها ، و لكن هناك تناسب بين هذه الطموحات و بين عطاء الله سبحانه ، فبقدر أملك في الله ، و سؤالك منه ينشر عليك نعمه .

[ و أتاكم من كل ما سألتموه ]

ففي ضيق الشدائد ، و عند المدلهمات تجد فرج الله و روحه " امن يجيب المضطراذا دعاه و يكشف السوء " و عندما تتعب سفينة أمالك ترسو على شاطئ رحمة الله الذي يقول لك : " و اذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع اذا دعان " . و هناك تجد تحقيق امالك و تخاطب ربك قائـــلا : " الهـــي طمــوح الأمال قد خابت الالديك و معاكف الهمم تعطلت الا عليك و مـذاهب العقــول قد سمت الا اليك فأنت الرجاء و اليك الملتجأ " . (1)و أي نعمة تحصيها عددا ، أجل لو كانت الأشجار اقلاما ، والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ، لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي .

[ و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ]

ان كـــل خلية في بلايين الخلايا التي تشكل جسمي نعمة كبرى يعجز القلم عن الاحاطة بها ، - فأي نعمة تحصيها - و كيف ، و لكن انت ترى الانسان كيف يظلم نفسه بالكفر بنعم الله .

[ إن الأنسان لظلوم كفار ]

فأكثر الناس يظلمون أنفسهم و الآخرين بالنعم فيتخذون من نعمة اللسان وسيلة التشهير و البهتان ، و من نعمة اليد البطش و الاعتداء ، و من نعمة المال البخل و الترف و الاستعـلاء ، و من نعمة القوة الأستكبار و القهر و الديكتاتورية ، و هكذا يكفرون بنعم الله، و لا يحققون بها اهدافها النبيلة و لو فعلوا لكان ذلك شكرا عمليا منهم .


(1) من أدعية ليلة الجمعة مفاتيح الجنان قسم أعمال ليلة الجمعة .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس