دعوة ابراهيم لأبنائه [37] ابراهيم رجل الرسالة ، الذي قضى عمره يجاهد من أجل التوحيد ، فلم يستجب له الا قليل ، فرزقه الله اولياء يرثون دعوته ، بعد ان بلغ من الكبر عتيا ، و ها هو يؤمر ان يسكن بعض ذريته في صحراء قاحلة فيستجيب لربه شاكرا ، و هدفه من الذرية لم يكن سوى أن يحملوا مشعل التوحيد من بعده ، و لذلك يطلب من ربه بالنسبة الى ذريته امرين : أولا : ان تهوي اليهم أفئدة من الناس ، و بسبب حب الناس لهم يستمعون الى تعاليم ربهم . ثانيا : ان يكفيهم الله أمور الدنيا ، فيرزقهم من الثمرات حتى لا ينشغلوا بطلب الدنيا عن تبليغ الرسالة . [ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غيره ذي زرع عند بيتك المحرم ]و ترك بأمر الله هاجر و ابنها الرضيع اسماعيل في أرض مكة ، و كانت قفرا ذلك اليوم بسبب جذبها . [ ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ]و هذا يدل على ان هدف الحج الى الكعبة ليس فقط الطواف حول الأحجار المرصوصة الى بعضها تخشعا لله ، بل و أيضا التمحور حول اوليائها ، الذين هم ورثة ابراهيم ، و حملة مشعل الرسالة ، و هم أئمة الهدى ، و العلماء بالله ، و الأمناء على حلالهو حــرامه ، و هم بـالتالي القيادة الرسالية التي هي امتداد لقيادة الرسل عليهم صلوات اللــه . [ و ارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ] يشكرون حج الناس ، و رزق الله بخدمة الحاج ، و توجيههم و عدم التسليم لضغوط الغزاة الثقافيين . كيف نشكر الله ؟ [38] و ينبغي ان يكون الشكر مخلصا لله ، فلا تتجرد خدمة الحجاج عن دعوتهم الى الله ، و لا يجعل سقاية الحاج و عمارة المسجد وسيلة المفاخرة و التعالي ، و بالتالي لا تصبح طقوس الحج قشورا فارغة ، بل وسيلة للزلفى الى الله و الانابة اليه سبحانه . [ ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن و ما يخفى على الله من شيء في الأرض و لا في السماء ][39] و عاد ابراهيم يذكر نعمة الذرية ، ربما لان أهل مكة في عهد النبي (ص) كلهم من ذرية اسماعيل الذي هو استجابة دعاء ابراهيم ، فلماذا يكفرون بنعمة الله و لماذا ينسون أصولهم . [ الحمد لله الذي وهب لـي على الكبر إسماعيل و إسحاق إن ربي لسميع الدعاء ]فلــو شكرنا ربنـا و دعوناه لاستجاب دعاءنا كما استجاب لأبينا ابراهيـم عليه السلام . [40] و ابراهيم ( عليه السلام ) ذاته كان مقيم الصلاة ، و مجده كان بالصلاة فلا نجعل نحــن ابناءه انتمائنا اليه نسبيا مجدا من دون اتباع تعاليم السماء ، و هو يريد ان نكون مثلــه . [ رب اجعلني مقيم الصلاة و من ذريتي ربنا و تقبل دعاء ][41] و ابراهيم عليه السلام كان منتميا بذاته الى تجمع ايماني أكبر ، و لابد ان نتخذ ذلك التجمع محورا لتحركنا لا الأنتماء الى نسبه ، و دعاءه للمؤمنين جميعا . [ ربنا اغفرلي و لوالدي و للمؤمنين يوم يقوم الحساب ]و هكذا ضرب الله لنا مثلا من واقع ابراهيم ، كيف شكر الله على نعمائه ، و دعاءه بتحقيق طلباته ، فشكره الله و استجاب له ، و كذلك يستجيب للمؤمنين . |
|