بينات من الآيات دليل الله في الأرض [19] أحب البشر أرضه ، التي نبت فيها ، و ارتضع من خيراتها ، و دب عليها ، و من أجـل الدفاع عن بضعة أشبار منها أرخص دمه . أو لا يعلم ان الأرض هذه خلقها الله ، و مدها من تحته من بعد ان كانت كتلة ملتهبة ، ثم قرر الجبال فيها ، و وضعها حيث تحافظ على توازنها على أدق نظام ، و هو الذي احاط علما بوزن الجبال . [ و الأرض مددناها و ألقينا فيها رواسي ] الرواسي ، الثوابت و واحدها راسية و المراسي ما يثبت به (1) . [ و أنبتنا فيها من كل شيء موزون ] الوزن أدق من الكيل ، و كل شيء له وزنه الخاص ليس فقط كمجموع بل كما نعلم ان كل مادة كيمياوية تتركب من ترتيب نسب معينة من المواد الاخرى . لا تزيد و لا تنقص بحيث لو زادت أو نقصت لأصبحت مادة أخرى تختلف بل تتناقض(1) مجمع البيان 332 - ج 5 -6 خصائصها و ميزاتها مع المادة السابقة . [20] و جعل الله ، للانسان معايشه في الأرض ، فعلمه كيف يعيش ، و خلق أنواع الصيد في البر و البحر ، و علمه كيف يصيد و يزرع ، و اودع في الارض كنوز الخير يستخرجها البشر بالزراعة ، و علمه كيف يحول مواد الارض بحيث يستفيد منها ، كما أنه وفر لكل حي رزقا يناسبه هل يرزق البشر بعض انواع الهوام و الحشرات و الدواب و الطيور ، و الأسماك . [ و جعلنا لكم فيها معايش ] معايش جمع معيشة و هي طلب اسباب الرزق مدة الحياة (1) . [ و من لستم له برازقين ] و قد تفسر الآية : بان ربنا قد ضمن رزق من لا يملك حولا مثل المرضى و المقعدين . و .. و .. [21] و بالرغم من ان الانسان يسعى من اجل رزقه ، فهو مثلا : يحرث الأرض و يطلب الصيد ، و لكن هذا السعي ليس سوى وسيلة لأستدرار رحمة الله . ذلك لأن خزائن الله مليئة بالرزق ، و تنتظر أوامر الله التي لا تأتي الا بحكمة ، و متى تقتضي الحكمة ؟ عندما يسعي البشر . [ و إن من شيء إلا عندنا خزائنه و ما ننزله إلا بقدر معلوم ]فلو أعطى الله البشر من دون سعي لشجعه على الكسل و الترف ، و اذا أنزل عليه(1) المصدر أكثر من حاجته طغى في الارض . [22] و من خزائن رحمة الله بركات السماء ، فالرياح تهب بسبب حركة الشمس ، فتلقح السحب . تجمعها ، و تربط السالب و الموجب فيها ، و تجعلها مهيأة للمطر . [ و أرسلنــــا الرياح لواقــــح فأنزلنـــا من السماء ماء فاسقيناكموه و ما أنتم له بخازنين ]إنما ربنا الذي يخزن بقية المياه في خزائن جوف الجبال . قدرة الله و حكمته : [23] و المـــــوت و الحياة بأمر الله ، و لو لا الحياة هل كانت اموال الانسان تنفعه شيئا ؟! [ و إنا لنحن نحي و نميت و نحن الوارثون ] فالأموال تعود بالتالي الى الله . [24] و هكذا ينبغي الا نعبد الأرض و ما فيها ولا معايشنا ، بل نعبد الله ربنا لاسيما و ربنا يحيط علما بالبشر الخلف و السلف . [ و لقد علمنا المستقدمين منكم و لقد علمنا المستأخرين ][25] و أنه سوف يحاكم الجميع بعد ان يحشرهم اليه ، و هو حكيم لا يجازيهم الا بما كسبوا ، عليم بما فعلوا . [ و إن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم ] |
|