المرحلة الأخيرة [36] و انتهت المرحلة الثانية من قصة الخليقة ، و بقيت المرحلة الأخيرة التي هي عبرتها ، و ما يلتصق بحياتنا أكثر فأكثر ، ذلك ان ابليس طلب من الله فرصة الى يوم البعث ، فاعطاه الله فرصة معينة الى يوم معلوم ، قد يكون قبل يوم البعث أو هو يوم البعث ذاته . [ قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون ] و هنا كشف القرآن عن فلسفة المسافة الزمنية التي تفصل بين الجزاء و بين العمل في الدنيا . [37] [ قال فإنك من المنظرين ] و البشر بدوره يعطى مهلة الى أجل محدود . [38] و ينتهي الأجل الى وقت معلوم عند الله . مجهول عند صاحبه . [ إلى يوم الوقت المعلوم ] قال البلخي : " فأبهم و لم يبين لأن في بيانه اغراء بالمعصية " (1) . [39] أخذ يهدد إبليس بني آدم الذي كان سبب إختباره و بالتالي لعنته . [ قال رب بما أغويتني ] (1) المصدر ص 338 لم يضل الله إبليس إلا بعد أن أختار بكامل وعيه و بسابق قصده عصيان أمر الرب و يكفي في معنى السبب الذي توحيه كلمة " باء " ، هذا القدر من العلاقة و خلاصة معناه رب كما انك اختبرتني ففشلت ، فاني سوف أهيء لهم وسائل الأختبار فيفشلون ، و هكذا أنتقم منهم - و كان الله يريد ان يختبر عباده - و هذا إبليس رشح نفسه لهذه المهمة ، كما ان اللـــــه يريــد ان يعذب القوم الظالمين فيرشح من هو اظلم منهم نفسه للانتقام فيتركه الله - بينه و بينهم - فيصدق الحديث القدسـي : " الظالم سيفي أنتقم به و أنتقم منــه " . أما كيف و بأية وسيلة اراد إبليس اغواء البشر ؟ فلقد كشفها لنا قائلا : [ لأزينن لهم في الارض و لأغوينهم أجمعين ] أي سوف أجعل الأرض جميلة في أفئدتهم حتى تستهويهم . [40] اغواء إبليس كاغواء الله لأبليس . مجرد اختبار و ليس اجبار ، و يشهد عليه ان عباد الله المخلصين يتمردون عليه . [ إلا عبادك منهم المخلصين ] [41] و صراط الله مستقيم و هو الى الله ، و على الله المحافظة عليه مستقيما ، و الا يدع التشويه و الأنحراف يصيبه كما قال سبحانه في الآية العاشرة من هذه السورة : " انا نحن نزلنا الذكر و أنا له لحافظون " . [ فان هذا صراط علي مستقيم ] فمهما كان لأبليس من قوة الأغراء و من جمال التزيين ، فان الله لن يدع له المجال لتحويل الحق الى الباطل ، و بطمس معالم الدين كليا . [42] و أنه لن يدعه يجبر الانسان على اتباعه ، نعم من تبعه يضله الله ، و لا يعينه على الشيطان الغوي . [ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ]و هم اختاروا سلطة إبليس اختيارا و لم يجبرهم عليها الله ، فحرام تبرير البعض خطأهم و انحرافهم بأنهم كانوا مجبورين . [43] أما الغاوون فان الله أجل عذابهم الجماعي الى جهنم . [و أن جهنم لموعدهم أجمعين ] [44] حيث تختلف ابواب الضلالة و لكنها بالتالي تنهي الى ذات المصير الواحد . [ لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ] |
|