فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس
بينات من الآيات
[45] من هم المتقون و ما هو جزاءهم ؟

المتقون هم الذين لا يستجيبون لأغواء ابليس ، و يتجنبون مصائده ، و يعرفون كيف يزين لهم في الدنيا ، و جزاءهم كالتالي :

أولا : يأكلون و يشربون بلا تعب .

[ إن المتقين في جنات و عيون ]

[46] ثانيا : يشعرون بسلام أبدي .

[ ادخلوها بسلام آمنين ]

و كل الناس يبحثون عن عاقبة أجسادهم و أعراضهم ، و عن ضمان مستقبلهم ، و لكن المتقين هم وحدهم الذين يدركون كل ذلك .

[47] ثالثـا : بعد أن يشعر الفرد باطمئنان كـــاف ، يبحث عن مؤمنين يتقاسم معهم النعماء ، فالمؤآنسة غــذاء الروح ، و العطــــاء راحـــة القلــب ، و يوفر الله للمتقين هذا الطموح ، فينزع كلما في صدورهم من مرض قلبي - كالحسد و البخل و الطمع و .. و .. - حتى تكون نفوسهم متلاقية متسامية عن الحجب ، ثم يجلسون على سرر متقابلين ، و ما أحلى مقعدهم (!) .

[ و نزعنا ما في صدروهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ][48] رابعا : ليسوا بحاجة الى إتعاب أنفسهم أو الخوف من المستقبل .

[ لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين ]


النصب : التعب ، و ربما ارتبط التعب بالخوف من المستقبل في الآية ، بسبب ان أكثر تعب الناس في الدنيا أنما هو للحرص على الدنيا ، و الخوف من المستقبل .

[49] كم يبعث السكينة في النفس البشرية التي تعيش القلق على المستقبل المجهول ، و الخوف من آثار الأخطاء و الذنوب حين يطمأنه رب العالمين بانه هو الغفور الرحيم ، بكلمات ملؤها الحنان فيقول :

[ نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ]

لقد أعلن الرب رسميا لمن وصفهم بانهم عباده قد خلقهم رحمة بهم لانه هو الغفور ، يمحي آثار الذنوب الماضية ، الرحيم يزيد من يتوب من رحمته .

[50] و لكنه في ذات الوقت ينبغي أن يكون مرهوب الجانب .

[ و أن عذابي هو العذاب الأليم ]


ضيف ابراهيم :

[51] و كشاهد على ذلك ، قصة ضيف إبراهيم ، حيث جاءت الملائكة إبراهيم بالبشرى بينما حملت الى قوم لوط ، العذاب الأليم .

[ و نبئهم عن ضيف إبراهيم ]

[52] [ إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون ]ربما لأنهم جاؤوا في وقت غير مناسب ، أو لأنهم لم يأكلوا من طعامه ، و كانت العادة تقضي بان من يأكل طعاما في بيت لا يلحق بأهله أذى احتراما للزاد و الملح ، فاذا لم يأكل يعتقد انه ينوي شرا .


[53] [ قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم ]

فلقد جئناك مبشرين لا منذرين ، و نحن ملائكة ربك ، و الملائكة كما نعرف تتمثل في صورة بشر سوي كما تمثل لمريم .

[54] و كان إبراهيم ينتظر بفارغ الصبر هذا الحدث السعيد ، و قد أشرف على اليأس بسبب طول الإنتظار ، و ها هو الرب يبشره ليس بالغلام فقط و إنما أيضا بانه صاحب فضل و علم ، و بالتالي هو الولي الذي ينتظره منذ وقت ليكون وارث علمه و هداه ، و لأن ابراهيم فوجئبالأمر فقد كان رد فعله الأولي التعجب و الاستغراب .

[ قال أبشرتموني على أن مسني الكبر ]

فانا قد احتواني عمري الطويل ، و قد شارفت على مرحلة الشيخوخة التي لا تقل عن المرض الذي يمس صاحبه . فكيف تبشروني ؟!

[ فبم تبشرون ]

هل هذه مجرد أماني و كلمات ترحاب يتبادلها الناس ، أم وعد مؤكد من الله .

[55] [ قالوا بشرناك بالحق ]

و بأمر من الله ، و ليس مجرد أمنية حلوة نتمنى لك تحقيقها .

[ فلا تكن من القانطين ]

ذلـك ان رحمة الله واسعة ، و تنزل على البشر بقدر أملهم في الله ، و ثقتهم فيه ، فلماذا اليأس .


[56] و نفى إبراهيم أن يكون تساؤله بسب قنوطه و يأسه من رحمة الله ، بل ربما كان بسبب عدم معرفة جدية البشارة ، لذلك نراه يؤكد ان الضالين الذين لا يعرفون إحاطة الله بقدرته و علمه و رحمته على الكون ، هم وحدهم الذين يقنطون ، فما دام ربك واسع الرحمة ، قريب مجيب الدعاء ، و قادر على كل شيء . فلماذا القنوط ؟!

[ قال و من يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ]

[57] و لما اطمأنت نفس إبراهيم الى أن ضيوفه ملائكة الله سألهم عن وجهتهم ؟ و لماذا هبطوا الى الأرض هل لمجرد بشارته ، أم لأمر جلل .

[ قال فما خطبكم أيها المرسلون ]

الخطب : الأمر العظيم .

[58] [ قالوا إنا ارسلنا إلى قوم مجرمين ]

[59] و عرف إبراهيم انهم ملائكة العذاب مبعوثون الى قوم لوط و تساءل عن مصير لوط ، فقالوا له :

[ إلا ءال لوط إنا لمنجوهم أجمعين ]

هو و من آمن معه من أهله و قومه .

[60] و ليس النجاة لآل لوط لأنهم ينتسبون اليه - لان عذاب الله أليم ، و لا تحيد عن الظالمين - لذلك فان إمرأته جزاءها الله الهلاك .

[ إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين ]

أي الهالكين .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس