فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
سحب الشرعية عن المنافقين :
[ 84] صحيح ان الفرد الذي يموت يستقطب العطف و الشفقة ، ولكن المنافق حين يموت يجب الا يحترم ، لان في ذلك تكريما لسيرته و لأعماله الفاسدة التي ارتكبها ، و بالتالي لخطه التحريفي ، لذلك نهى القرآن رسوله (ص) عن اعطاء الشرعية لخط النفاق التحريفي في الامةعبر تكريمه للمنافقين بعد موتهم .
[ ولا تصل على احد منهم مات ابدا ولا تقم على قبره ]اي لا تجري عليه السنة التي كان الرسول (ص) يجريها على قبور المؤمنين حيث يقف على قبر امواتهم ساعة يستغفر لهم ، وعندما جاء هذا الأمر الحاسم لم يصل النبي (ص) على قبر منافق ابدا حتى قبض . (1)[ انهم كفروا بالله و رسوله وماتوا وهم فاسقون ]
أي انهم منحرفون فكريا بالله و رسوله ، وعمليا حيث انهم فاسقون لا يطبقون احكام الشريعة .
(1) المصدر 57
و الصلاة و الدعاء لمثل هؤلاء قد تعطي شرعية للكفر و الفسق داخل المجتمع الاسلامي مما يعرض اساس هذا المجتمع لخطر كبير . ان وجود مثل هؤلاء داخل المجتمع قضية قد تفرضها واقعيات الحياة ، ولكن علينا الا نساوي بينهم و بيــن المؤمنــين الصالحين .
لا شرعية للعدة و العدد :
[ 85] قد يستهوي القائد الاسلامي الذي يستهدف تجميع القوى داخل مجتمعه ، و تعبئة الطاقات من اجل بناء دولة الاسلام بعض المنافقين بما يملكونه من ثروة عريضة ومن مؤيديــن ، ولكــن القرآن الحكيم يحذر من ذلك و يعطينا رؤية واضحة تجــاه المال و الاولاد ( العدد والعدة ) هي ان كل ما في الحياة و سيلة الانسان و أداته لتحقيق قيمه و اهدافه فان كانت اهدافه و قيمه صالحة فأن الوسيلة سوف تصبح صالحة و نافعة والا فهي وبال عليه .
[ ولا تعجبك اموالهم و اولادهم انما يريد الله ان يعذبهم بها في الدنيا ]فالمال و الولد ، و بتعبير اخر : العدة و العدد اذا لم يكونا و سيلتي خير و صلاح فهما عذاب و خبال ليس لصاحبهما فقط بل وايضا لمن يتقرب اليه بسببهما ، فالذي يعجبه مال الاغنياء او اولاد و انصار الاقوياء ولا ينظر الى اعمالهم و اهدافهم . فسوف يجر الى نفسه الويلات لانه سوف يخضع لهم و سيرضيهم و يتنازل عن قيمه من اجلهم ، واذا كان الحاكم الاسلامي هكذا و أراد مثلا استرضاء الاثرياء و الاقوياء فعلى حساب من سيكون هذا الاسترضاء . او ليس على حساب الفقراء و المستضعفين ، او ليس يستدرجه الاغنياء و الاقوياء الى التحيز لهم و اعطائهم امتيازات غير قانونية ؟! وبالتالي يجر المجتمع الى ذات العذاب الذي تورط فيه الاغنياء و الاقوياء غير المؤمنين منهم بسبب المال و الانصار من غرور و فساد بسببوجود الثروة و القوة من دون وجود قيم محددة و موجهة لهما .
ثم ان الثروة و القوة تكونان سببا لاستمرار الكفر حتى الموت ، و بالتالي للعذاب .
[ و تزهق انفسهم وهم كافرون ]
مواقف المجتمع من الجهاد :
1 - المنافقون :
[ 86] موقف هؤلاء الاغنياء من الجهاد و تحمل مسؤولياتهم كأعضاء في المجتمع الاسلامي انما هو موقف اللامبالاة و الميوعة ، فهم من جهة يريدون ميزات هذا المجتمع ، ولكنهم من جهة اخرى يرفضون اي عمل ايجابي من اجل هذا المجتمع . خصوصا في ايام الشدة .
[ واذا انزلت سورة ان ءامنوا بالله و جاهدوا مع رسوله استاذنك اولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين ]فأغنياء المنافقين - اصحاب الطول - وهو المال و القوة ، يحاولون اضفاء صفة الشرعية على تقاعسهم عن الجهاد و بذلك يحاولون اخذ الاجازة من الرسول حتى يحسبهم الرسول من ذوي الاعذار ، و القاعدين عن الجهاد ، وهذا نوع من الامتياز الذي يطالب به اصحاب المال و القوة في المجتمع ، ولكن هل يمنحهم الاسلام ذلك ؟ كلا .
[ 87] قبل كل شيء يرفع الاسلام من قيمة الجهاد ويجعلها فوق قيمة الغنى و القوة ، ويذكرنا بان الذين يتقاعسون عن الجهاد لا يفقهون ما الذي يعملونبانفسهم ، انهم يهبطون بانفسهم الى مستوى الخوالف من النساء و الضعفاء الذين اسقطوا من حساب المجتمع بسبب ضعفهم و عجزهم ، فكيف يريد هؤلاء الانتماء الى طائفة العجزة و الضعفاء ؟!
[ رضوا بان يكونوا مع الخوالف ]
قال الزجاج : الخوالف النساء لتخلفهن عن الجهاد و يجوز ان يكون جمع خالفة في الرجال و الخوالف و الخالفة الذي هو غير نجيب . (1)[ وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون ]
فلا يعرفون قدرهم الحقيقي ، وانه مع الجهاد و تحمل المسؤولية يرتفع الفرد داخل المجتمع المسلم .
2 - المؤمنون :
[ 88] وفي الطرف الاخر من الصورة نجد المؤمنين الذين يجاهدون بكل ما يملكون في سبيل الله ، و بذلك يرتفع شأنهم عند الله وعند الرسول (ص) و الناس في الدنيا و الاخرة .
[ لكن الرسول و الذين ءامنوا معه جاهدوا بأموالهم و انفسهم و اولئك لهم الخيرات و اولئك هم المفلحون ]فلهم المكاسب المادية التي ليست عذابا كما كانت عند المنافقين بل هي فلاح و سعادة ذلك لان هذه الخيرات اكتسبت عن طريق عمل الخير ، وسوف تصرف في(1) المصدر 57
سبيل المعروف و الصلاح .
وبهذه الكلمة تكتمل رؤية الاسلام التي تحدث عنها القرآن في الاية السابقة حول المال و الانصار ، وهي انهما ان كانا قد اكتسبا بعمل صالح و وظفا من اجل اهداف صالحة فهما صالحان و يكونان سببا للسعادة و الفلاح ، فالاسلام اذا لا يعطي حكما مطلقا و واحدا للثروةو القوة ، فلا يمجدهما مطلقا ولا يرفضهما مطلقا ، كما لا يصدر حكما كاسحا و واحدا على جميع الاغنياء و الفقراء ، بل يربط حكمه على الثروة و القوة و اصحابهما بالأطار الذي وضعا فيه . فالحكم ايجابي اذا كانا نضيفين ، والا فهما عند الاسلام وبال و عذاب .
[ 89] هكذا يرفع الاسلام قيمة العمل الصالح ، الذي يعتبر الجهاد القمة السامقة له داخل المجتمع المسلم و يربط سائر الظواهر به ، و يكمل الصورة ببيان عاقبة العمل الصالح في الاخرة و يقول :
[ اعد الله لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم ]فعلينا ان نبحث عن الفوز العظيم في الجهاد و العمل الصالح لا في المال و الاولاد .
|