فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
الكفر بعد المعرفة :
[ 34] الذي يتبع السلطان الجائر ، والذي يخضع للغني المستغل ، أو لصاحب الشهــرة و النفــوذ ، يعلم أن قائده لا يستطيع ان يهب الحياة ، أو يعيدها بعد أن يسلبها الله ، و هو يعلم يقــينا ان موهب الخلق و معيده بعد الفناء هو الله ، الواسع القدرة و العلم ، وهنا يتساءل القرآن اذا لماذا الخضوع للشركاء من دون الله ؟!
[ قل هل من شركائكم من يبدؤا الخلق ثم يعيده ]
و يأتي الجواب : كلا ..
[ قل الله يبدؤا الخلق ثم يعيده ]
انه يبدء الخلق من غير مثال سبقه اليه أحد ، ولا معالجة ولا لغوب ، فليس ربنا كما البشر يحتاج الى تجربة حتى يخلق الخلق بهذه الدقة المتناهية ، ولو احتاج الى التجربة لأحتاج الى بلايين التجارب من أجل خلق خلية حية واحدة ، كما يؤكد على ذلك العلم الحديث و الله يعيد الخلق حتى يسوي بنان الانسان بذلك الشكل الذي لا يتشابه مع بنان احد في العالم !!
[ فانى تؤفكون ]
أي أين تصرف بكم الأهواء ، و تتحرك بكم الشهوات ؟ ولماذا تتركون الخالقالعظيم الى بعض المخلوقين الضعفاء ؟!
الصلاح من الله
[ 35] و الله يعطي كل شيء خلقه و يهديه الى ما فيه صلاحه ، إنك تجد النملة كيف تفتش عن رزقها حتى تلتقطه و تحافظ عليه من الصيف للشتاء ، و تبني بيتها بطريقة هندسية غريبة ، و كما النملة تفعل النحلة ببيتها ، و تفتش عن رحيق الزهور ، و تنظم نفسها في خلاياهابأفضل تنظيم ، ثم تصنع عسلا و تحافظ عليه لرزقها أيام السنة ، فمن الذي أوحى اليها بذلك و هداها لصلاحها غير الله ؟ ؟
وكما النمل و النحل فكذلك سائر الأحياء ، و النباتات تنشط باتجاه مصالحها في سبل متعددة و باساليب شتى ، أو ليس الله الذي هداها الى ذلك ، كما هدى الانسان طبيعيا و حضاريا ؟!
[ قل هل من شركائكم من يهدي الى الحق قل الله يهدي للحق ]فهو الذي خلق البشر و الطبيعة وفق الأنظمة الفطرية ، وهو الذي علم الانسان كيف يستفيد من الطبيعة و فق تلك الأنظمة دون ان يصطدم بها .
[ افمن يهدي الى الحق احق ان يتبع امن لا يهدي الا ان يهدى ]الشركاء لا يهتدون الا اذا هداهم الله ، فهذا الطاغوت الذي يعبد من دون الله لو سلب الله منه هداه ، و سلب منه عقله و علمه ، اولا يصبح مجنونا يطرده أهله ؟! وهذا الثري الموغل في الفخر و الغرور ، لو سلب الله منه عقله و علمه ، اولا يصبح مثارا للسخرية ؟!
وهذا الصنم الحجري الذي يعبده الجاهلون هل يهدي أحدا ؟!
[ فما لكم كيف تحكمون ]
ولماذا تقيسون الشركاء برب العالمين ؟ و يبدو لي ان الآية الكريمة تشير الى أولئكالشركاء الذين يتخذهــم الناس أربابا فكريين ، و يأخذون منهم علومهم و ثقافتهم من دون الله ، ومن دون تمحيص ، فقد جاء في حديث شريف :
" من استمع الى ناطق فقد عبده فان كان الناطق عن الله فقد عبد الله ، وان كان الناطق ينطق عن ابليس فقد عبد ابليس " (1)وجاء في حديث آخر في تفسير الآية الكريمة :
" اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله " قال : " و الله ما صلوا لهم ولا صاموا ولكن اطاعوهم في معصية الله " (2)وجاء في حديث ثالث :
" من دان الله بغير سماع من عالم صادق ألزمه الله التيه الى الفناء ، ومن ادعى سماعا من غير الباب الذي فتحه الله لخلقه فهو مشرك ، و ذلك الباب هو الأمين المأمون على سر الله المكنون " (3)و في حديث آخر :
" من دان الله بغير سماع عن صادق ألزمه الله التيه الى يوم القيامة " (4)و جاء في تفسير قول الله عز وجل :
" ومن أضل ممن اتبع هواءه بغير هدى من الله قال : عنى الله بها من اتخذ دينه(1) بحار الانوار للعلامة المجلسي / ص 94 / الجزء الثاني .
(2) المصدر / ص 97
(3) المصدر / ص 100
(4) المصدر / ص 93د
رأيه من غير امام من أئمة الهدى " (1)
ان اتباع احد بصورة مطلقة ومن دون الانتفاع بعقولنا ، إنه نوع ظاهر من أنواع الشرك بالله ، لأن أهم اضرار الشرك هو اضلال الانسان في الحياة .
بين الظن و الحق :
[ 36] ولان الشرك و الطاعة العمياء للأصنام و كهنتها ، و رموز السلطة و الثروة و الرجعية - لأنه يسلب العقل ويلغي دوره - فان المشركين يتبعون التصورات و الظنون وهي لا تجديهم شيئا ، ذلك لأن الظن يعكس حالة صاحبه النفسية ، و لا يعكس الحقيقة الخارجية ، و الانسان زود بالعقل من أجل ان ينسق بين واقعه و بين الحقائق الخارجية ، و يدرء عن نفسه أخطار هذا الواقع ، و مثل هؤلاء كمن يرسم خريطة وهمية عن منطقة ثم يسير عليها دون أن يعتمد على عينه و أحاسيسه .
[ وما يتبع اكثرهم الا ظنا ان الظن لا يغني من الحق شيئا ]والسؤال : لماذا يتبع هؤلاء الظن بينما زودوا بالعقل و البصيرة ؟
الجواب : إن المشركين يتبعون أهواءهم ، و يجعلون هوى الذات و حب النفس محورا لتحركهم ، فهم لا يهدفون ابدا الوصول الى الحق حتى يبحثون عن السبيل الذي يوصلهم اليه ، و هو العلم ولذلك فهم يرتكبون الجرائم بوعي و اصرار .
[ ان الله عليم بما يفعلون ]
(1) المصدر / ص 93
و الله يجازيهــم على افعالهم ، ولكن يذكرها ايضا بأن اتباع الظن هو طريق الخطايا ، لكي يتجنب المؤمنون ذلك ، و يبحثوا ابدا عن المعرفة التي توصل الى الحقيقة .
|