فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
استحالة افتراء القرآن :

[ 37] ان لكل حق حقيقة ، وعلى كل صواب نورا ، ومن يرى الحقائق بعين بصيرة و قلب نظيف بعيدا عن الحجب و النظارات السوداء ، و بعيدا عن العقد النفسية فانه لا يخطأ ، و القرآن ذاته دليل صحته وأنه من الله ، فهو لا يمكن افتراءه اذ هو أسمى من أن يقدر أحد على صنعه ، انه صنع الله الذي لا يقدر على مثله البشر ، هل يستطيع أحد ان يخلق طيرا كما خلق الله ؟ كلا .. كذلك لا يقدر أحد على افتراء القرآن .

[ وما كان هذا القرآن ان يفترى من دون الله ]

ولكن القرآن حلقة في سلسلة رسالات سماوية تصدق بعضها بعضا ، وهو خط ممتد يؤمن الناس به مجملا ، بالرغم من ان شهواتهم تدعوهم الى الكفر بالرسالة الجديدة لنقص في ذاتهم .

[ ولكن تصديق الذي بين يديه و تفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ]فالقرآن يصدق الرسالات السابقة ، مما يدل على ٍأنه في خطها، ومن يؤمن بها لا بد ان يؤمن به ايضا ، وهو لا يرقى اليه ريب ، لأنه من وحي الله الذي لا يرقى اليه ريب أو نقص سبحانه . والله رب العالمين الذي أعطى كل شيء خلقه و تصاعده ،فخلق السمــوات و الأرض في ستة أيام ، وفي كل يوم يضيف خلقا جديدا و نعمة جديدة اليها ، وهو رب الانسان الذي يعطيه تكامله بطرق شتى و منها الوحي ، فواهب العقل هو منزل القرآن ، و الانسان غير المعقد يفهم هذه الحقيقة بوضوح .

[ 38] ولكنهم يصرون على اتهام الرسول بأنه قد افترى القرآن كله ، إذا قل لهم ليفتروا هم بدورهم قرآنا ، و ليأتوا ولو بسورة واحدة مثل القرآن في علمه و بلاغته ، و ليستعينوا بمن شاؤا من الجن و الأنس من أجل صنع سورة واحدة !ٍ[ أم يقولون افتراه قل فاتوا بسورة مثله و ادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين ]وكما لا يستطيع احد أٍن يخلق نملة واحدة فهو لا يقدر على أن يأتي بجزء بسيط من القرآن ، لأن خالق النملة هو موحي القرآن ، و القرآن بذلك المستوى الأرفع الذي لا يحيط به علم البشر و قدراته .


دوافع الفكر :

[ 39] وأحد العوامل النفسية التي تقف أمام ايمان هؤلاء هو جهلهم ، و ضيق صدورهم ، و قلة استعدادهم ، لذلك تراهم يكذبون بأي شيء لا يعرفون كل أبعاده و خصائصه ، ولا يفكرون أن الحقيقة التي يرونها و يعرفون صحتها جديرة بالايمان ، ولا يجوز لهم انكارها بمجرد انهم لا يعرفون كل أبعادها .

[ بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ]

وهذه صفة عامة للبشر ، وقد عبر عنها الامام علي (ع) بقوله :

" الناس اعداء ما جهلوا "


وهــذه من أسوأ الصفات الجاهلية و المتخلفة التي تقف عقبة في طريق تقدم البشرية ، وعلى الانسان ان يربي نفسه و مجتمعه على استقبال كل جديد بروح إيجابية ، ولا يرفض أي شيء جديد بمجرد انه لا يعرف عنه شيئا .

ومن الصفات الجاهلية هي انتظار تحول الحقيقة الى واقع ، فاذا أنذر الجاهلي و المتخلف حضاريا بالمجاعة بسبب التكامل او الاختلاف لم يؤمن بالحقيقة ، و انتظر قدوم المجاعة فعلا حتى يؤمن بها ، ولكن ما فائدة الايمان آنئذ .

إننا نريد العلم لنستبق به الأحداث ، و نمنع عن أنفسنا الاخطار ، اما بعد مجيئه فان الايمان لا يجدي شيئا ، بل سوف يحيط الواقع السيء بالانسان و يقضي عليه كما دلت على ذلك أحداث التأريخ .

[ ولما يأتيهم تاويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظــالمين ][ 40] ومرة أخرى يؤكد القرآن ان احد العوامل الأساسية للكفر بالقرآن الحكيم هو العمل السيء الذي ران على قلوب الكافرين ، فلم يدعهم يؤمنون بالرسالة ، ذلك العمل هو الفساد في الارض .

[ ومنهم من يؤمن به ]

في المستقبل اذا كان مصلحا طيب القلب ، ينتظر المزيد من الآيات ، أو بعض الحالات النفسية التي يتغلب بها على ضغوط المجتمع الفاسد او الشهوات العاجلة .

[ ومنهم من لا يؤمن به ]

وهذا الفريق لا يؤمن بالرسالة بسبب توغله في الفساد ، و بناء حياته على اساسمنحرف وشاذ .

[ و ربك اعلم بالمفسدين ]


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس