فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
مبدئية العلاقات :
[ 41] يبدو ان بعض الناس يريدون الابقاء على علاقتهم مع رسل الله بعد قطع علاقتهم مع رسالاتهم ، فيكذبون الرسول و لكنهم يريدون ان يكونوا هم و الرسول من قوم واحد ، وهكذا الأمر بالنسبة الى علاقة الناس بأصحاب المابدىء ، بيد ان الله يأمر رسوله بقطع العلاقةمع من يكذب بالرسالة .
[ وان كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم انتم بريؤن مما اعمل وانا بريء مما تعملون ]فالكل يعمل حسب وجهته و يتحمل وحده مسؤولية عمله ، و المبدأ هو الذي يفصل هذه الجماعة عن تلك ، وليس أي شيء آخر ، وحين يفصل المبدأ بين قوم و اخرين لا ينفع وحدة الأرض و اللغة ، أو حتى القرابة في ربط بعضهم ببعض .
الذات منطلق الاهتداء :
[ 42] ومن الناس من يزعم ان الرسول هو الذي يعطيهم الرؤية من دون أن يسعى هو من أجل ذلك ، وهذا غلط فظيع ، ذلك لأن الهداية او الضلالة بقدر من الانسان نفسه ، والذي لا يبدأ الخطوة الأولى في هذا الطريق لا يجديه شيء آخر ، و يكون مثله كمثل أصم يطلب من الآخرين أن يسمعوه شيئا بينما النقص من
ذاته ، وانه مهما كانت قوة الصوت فانه لا يسمع !!
[ ومنهم من يستمعون اليك افانت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون ]فالأصم لا يستجيب عقله لحديث ، لأن سمعه مسدود ، وهؤلاء لا ينتفعون بسمعهم ولا يعقلون ما يدخل سمعهم من أحاديث ، و السمع أرفع جهاز إدراك عند البشر ، باعتباره الأداة الأوسع انتشارا و الأكثر فائدة في نقل التجارب و الخبرات من جيل لآخر ، وبالتالي فهو الواسطــة الفضلى للحضارة البشرية ، التي هي تراكمات الخبرات عبر العصور المتمادية ، و ربما لذلك عقب القرآن على الصمم بعدم العقل .
[ 43] وكذلك هناك بعض من لم يعرف هذه الحقيقة ، ان الهداية هي اولى مسؤوليات البشر ، وان من لا يعمل من أجلها لا يبلغها ابدا .
[ ومنهم من ينظر اليك ]
و كأن الرسول هو المسؤول عن هدايته وعن توجيهه .
[ افانت تهدي العمى و لو كانوا لا يبصرون ]
فالأعمى لا يرى ، لا لأن الضوء قليل ، بل لأن جهاز الاستقبال معطب ، و التحرك يجب ان يكون ابتداءا من الفرد نفسه .
[ 44] ولا يجوز ان يزعم الانسان أن الله هو الذي سلب الفرد سمعه و بصره ، بل الانسان هو نفسه الذي لاينفع بسمعه و بصره .
[ ان الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس انفسهم يضلمون ]فالناس هم الذين لا يستفيدون من ادوات التوجيه عندهم ، و ربما عبر القرآنبكلمة الناس لسبب هو أن بعض الناس يضلل بعضهم بعضا ، وأنهم مسؤولون عن هداية بعضهم ، كما أن التعبير القرآني في السمع جاء بصفة جماعية ، بينما جاء عند التعبير عن البصر بصفة فردية ، ربما لأن السمع عملية حضارية يكلف بها الناس جميعا ، بينما البصر يغلب عليه الجانب الفردي .
[ 45] للانسان الجاهلي غلطتان كبيرتان .
الغلطة الاولى :
عدم فهم طبيعة الجزاء وانه ليس من الضروري ان يكون بعد العمل مباشرة . الجزاء يأتي وكل آت قريب لذلك لا يجوز للانسان من ان يكفر بالجزاء لانه قد تأخر قليلا عنه ثم الجزاء الموعــود في القرآن ليس جزاء بسيطا لانه يتسم بصفتين أساسيتين :
الاولى : انه جزاء خالد .
الثاني : انه لا يمكن للانسان ان يهرب منه او يطلب الاذن من ربه في العودة الى الدنيا لتجربة ارادته مرة اخرى .
و بالقياس الى الخلود الذي يتسم به الجزاء الالهي على الاعمال فإن الفترة التي يقضيها الانسان في الدنيا بسيطة و بسيطة جدا .
[ ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا الا ساعة من النهار ]
الفترة التي كانوا خلالها في الدنيا تعتبر بالقياس الى زمن الآخرة ساعة واحدة و يكفيك للقياس ان تعلم بأنك قصارى ما تعيش في الدنيا سبعين عاما او ثمانين أو اكثر او اقل بينما تعيش في يوم القيامة في يوم واحد فقط خمسين ألف عام . هل بإمكانك ان تقيس هذه الفترة المحدودة بذلك الزمن الممتد إلا ان تقول أن هذه ساعة من ذاك .
[ يتعارفون بينهم ]
يعرف بعضهم بعضا و يتذكر بعضهم بعضا وكأنهم في هذه الدنيا و هنالك تكون الخسارة لمن ؟ لأولئك الذين كذبوا بذلك اليوم أما الرابحون فهم الذين ءامنوا بذلك اليوم و استعدوا له سلفا .
[ قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين ][ 46] أما الغلطة الثانية :
فهو الاعتقاد بأن الجزاء الذي يعدهم الرسول ناطقا عبر الله إن هذا الجزاء انما هو من الرسول نفسه . فمثلا ينتظر بعضهم وفاة الرسول او يدبرون المؤامرات ضده زاعمين ان تصفية الرسول يعني خلاصهم مما ينذرهم به .
الرسول مجرد منذر و مبشر أما العذاب فهو من الله فسواء كان الرسول أو لم يكن بين أظهرهم فإن جزاء أعمالهم لابد ان يلحقهم .
[ واما نرينك بعض الذي نعدهم او نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون ]الله قبل الرسول هو شهيد على أعمالهم فأين يهربون .
|