فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
امتداد الطاعة :

[ 80] ان الرسول (ص) وخلفاءه من الائمة و العلماء ليسوا اصناما يعبدون من دون الله ، بل هم عباد الله ، وطاعتهم المفروضة هي امتداد لطاعة الله ، وفي حدود قيم الله و شرائعه ، ومن لا يطيع الرسول بدافع ايمانه بالله فلا حاجة فيه ، ولا يجب على الرسول ان يفرضعليه الطاعة بأسلوب آخر .

[ من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا ]لا تنافق :

[ 81 ] ولان طاعة الرسول ليست بدوافع مادية ، فحرام النفاق مع الرسول و التظاهر بالطاعة له ، ثم التآمر عليه .

[ ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك ]

أي إذا تركوك و خرجوا من بيتك .

[ بيت طائفة منهم غير الذي تقول ]

بيت واضمر الخلاف معك ، وتآمر على القيادة .

[ والله يكتب ما يبيتون ]

ليحاسبهم به غدا ، وما دام الله يكتب ذلك فليس عليك مسؤوليتهم .

[ فاعرض عنهم و توكل على الله و كفى بالله وكيلا ]

ان القيادة الرسالية هي قيادة روحية ، يتبعها الملتفون حولها على أساس من القيم التي تمثلها ، ولا يجوز لهذه القيادة ان تجمع المنافقين حولها ، ثم إذا جد الجد يتفرقون عنها ، او يحاولون تحريف مسيرتها .


القيادة رمز الامة :

[ 82 ] و القيادة السياسية هي خلاصة النظام السياسي ، و النظام السياسي بدوره هو تجربة ثقافة الامة ، و حضارتها ، و مدى سلامة رؤيتها ، و صحة تشريعاتها ، فإذا تناقضت تركيبة القيادة الواقعية مع شعارات النظام السياسي ، أو مع أفكارالامة وثقافتها وقيمها و .. و .. الخ ، فإن ذلك يدل على تناقض في التشريع ، أو انحرافات في القيم و الثقافة التي تدعي الامة انها تلتزم بها .

فإذا كانت الامة تدعي انها تدافع عن الحرية مثلا . وجاءت قيادتها السياسية على أساس من الدكتاتورية ، أو ما يماثل هذه الديكتاتورية فأي حرية هذه ؟!!

وإذا ادعى النظام أنه يلتزم بقيمة التقوى ، وجاء على رأس النظام رجل فاجر ، أو أدعت ثقافة الامة انها ترفع من قيمة العلم وكان الحكام فيها مجموعة من الجهلة الضالين ، فإن كلامها هراء ، إذ هل يمكن ان ترفع الامة من قيمة العلم دون ان يصبح العلماء وليس الجهلة قطب ارادتها و مركز قدرتها ، و ثقل تجمعاتها ؟

هكذا تكون تركيبة القيادة السياسية مثلا حيا لحقيقة الامة ، ونوع حضارتها ، و طبيعة قيمها الحقيقية .

الامة الاسلامية تتبع قيادة تمثل روح الاسلام ، أي الرسول و خلفاءه و أئمة التقوى و اليقين و أتباعهم لها ليس بهدف الحصول على مصالح عاجلة ، بل من أجل الله و تحقيق قيمة و شرائعه ، وهذا أبسط دليل على طبيعة الاسلام الحقة ، وانه بعيد عن التناقض .

[ أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه أختلافا كثيرا ]وليس فقط في حقل القيادة أو النظام السياسي للأمة تظهر تناقضات الاديان والمبادىء و أنسجام الاسلام ، بل وايضا في سائر التشريعات ، ففي الاقتصاد ترى ذات القيم التي تجدها في السياسة من العدالة ، و الحرية ، و الاستقلال ، وفيالاخلاق ، و التربية ، و الاجتماع ، وهي في العبادات تجد ذات القيم الواحدة لا تناقض فيها ولا اختلاف ، مما يدل على ان الذي أوحى بها كان العليم الخبير ، حيث يستحيل ان تجد كتابا جامعا لدستور الحياة بكل أبعادها ، ثم يكون بهذا الانسجام و الدقة و التناغم ، فسبحان الله الذي أوحى به .


القيادة مرجع الامة :

[ 83] ومن آيات صدق الرسالة ، وان كتابها القرآن حق لا ريب فيه هو : قيادة الامة التي تمثل كتابها ، حيث يجب على ابناء الامة ان يطيعوها طاعة شاملة ، سواء في شؤون السلم أو الحرب ، فمثلا لو عرف أحدهم خبرا ، فعليه ان يذهب به الى القيادة و يعرضه عليها قبلنشره لتتخذ الاجراء المناسب ، فقد يكون الخبر أشاعة كاذبة ، وقد يكون وراء الخبر حقيقة يجب على القيادة ان تبادر في اتخاذ الاجراء المناسب قبل نشره .. وهكذا .

[ وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف اذاعوا به ]

هؤلاء ليسوا من أهل التقوى و اليقين ، والا فكيف يذيعون الخبر قبل الاطلاع على حقيقته ، و الخبر المقصود هو فيما يرتبط بالشؤون المهمة حيث عبر عنه القرآن بـ ( أمر ) .

[ ولو ردوه الى الرسول والى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ] الاستنباط هو : أستخراج حكم الشريعة من خلال النصوص الصحيحة . فهناك في الامة من أوفى مقدرة لربط القضايا الجزئية بالقيم العامة ، و بالقواعد الكلية التي تدل عليها النصوص . وهو قادرعلى فهم خلفيات الخبر وحكمه الشرعي .


[ ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان الا قليلا ]حيث ان الله أوضح لكم سبيل اتباع الحق ، وذلك حين أرسل الكتاب ، و علمه رسوله و أولي الامر من بعده الذين يستنبطون أحكام الدين منه ، و أوجب عليكم الرجوع اليهم ليتبعوا الحق و ليس الشيطان .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس