فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
المبدئية في القيادة الاسلامية :

[ 105 ] القيادة الاسلامية قيادة مبدئية و ليست قيادة مصلحية ، ولذلك فهي لا تنظر الى بعد الناس أو قربهم اليها ، بقدر ما تنظر الى بعدهم أو قربهم عن الله سبحانه .

ومن هنا فهي لا تماليء طبقة الكبراء أو المفسدين لمجرد قوتهم ، أو من أجل دعمهم المحدود للقيادة . كلا .. بل تنابذهم العداء حتى يتوبوا الى الله ، فالقوي العزيز عند القائد الاسلامي ذليل ضعيف حتى يؤخذ الحق منه ، و الضعيف الذليل قوي عزيز حتى يؤخذ الحق له، كما قال الامام علي (ع) .

ان الكتاب هو المقياس في الحكم على الناس وليست المصالح أو الاهواء .

[ إنا أنزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ]ولذلك فلا مكان للفساد الاداري في الحكم الاسلامي الصحيح ، ولا مكان للواسطة ، و الرشوة ، و المحسوبيات على حساب حقوق الناس .

[ ولا تكن للخائنين خصيما ]

أي لا تخاصم في مصلحة الخائنين ، ولا تجعل قوة السلطة في خدمة هؤلاء .


الذين يخونون الناس و يأكلون حقوقهم ، وهؤلاء هم أصحاب مراكز القوى و العائلات الكبيرة ، و أصحاب الجاه العريض و الثروة الطائلة .


حفظ الاستقلال مهمة القيادة :

[ 106] المهمة الصعبة للقيادة هي : المحافظة على استقلالها امام الخائنين ، وترفعها عن اغراءاتهم ورشواتهم و مكائدهم ، و قدرتها بالتالي على أن تكون حاكمة بين الناس بالعدل .

ولصعوبة هذه المهمة أمر الله القيادة بالاستغفار ، إيحاءا بأنها لو وقعت في شرك الخائنين " لا يسمح " فعليها أن تصحح مسيرتها بسرعة و تتوب الى الله .

[ واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما ]

ان الاستغفار يعطي القيادة مناعة من الوقوع تحت تأثير مراكز القوى ، ويعطي القيادة شجاعة لتحدي الناس ، و الخوف فقط من الله رب الناس أجمعين .

[ 107] ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم ]

أي يخونون أنفسهم بارتكابهم الذنوب ، وعلى القيادة الرسالية ألا تهادن هؤلاء ولا تجمل صورتهم القبيحة أمام الناس ، وتبرر للناس معاصيهم ، لأن الله لا يحب هؤلاء الذين لا يزالون يخونون أمانة الله الذي أمرهم بحفظ أجسامهم ، و عقولهم ، و كرامتهم من الاثم والخطيئة . فالزاني يخون الله في جسده و نسله وهما أمانتان لله على عاتقه ، و شارب الخمر يخون الله في جسده و عقله ، ولاعب القماريخون الله في جسده و ماله ، و بالتالي كل مذنب يتصرف في نعم الله التي هي أمانات عنده بغير ما أمر الله .

[ إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما ]


إزدواجية الشخصية :

[ 108 ] هؤلاء يتكتمون على أنفسهم لكي لا يعرف الناس ارتكابهم للذنوب ، غافلين عن أن الله عارف بأمرهم ، وأنه هو الذي يجازيهم عليه .

فالخمر و الزنا و القمار و كل الذنوب الاخرى تتبعها آثارها الضارة ، سواء عرف الناس أم جهلوا .

ثم ان الله يعرف هؤلاء قبل أن يرتكبوا الذنوب ، بل حين ينوون ذلك أو يتآمرون بينهم عليها في الليل ، إن الله معهم يسمعهم ، ويسجل عليهم أقوالهم ونياتهم ، أفلا يستحيون منه ؟!!

[ يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون مالا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا ]فهو يعلم ما يقولون و قادر على منعهم متى يشاء !! كما هو قادر على أن يأخذهم حين يشاء أخذ عزيز مقتدر !

[ 109 ] ولنفرض أنكم بررتم مواقف هؤلاء المذنبين ، وجملتم صورهم أمام الناس هنا في الدنيا ، فمن ينقذهم هناك في الآخرة من الفضيحة أمام الخلق في يوم القيامة ؟ ومن يخلصهم من حكم الله ؟ ومن يحامي عنهم في محكمة العدل ؟!


[ ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا ][ 110 ] ولهؤلاء باب واحد للخلاص هو التوبة حيث أنهم لو دخلوه أصبحوا مواطنين شرفاء يقبل الله توبتهم و المؤمنون .

[ ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ]

فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس