فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
الأماني و واقع المسؤولية :
[ 123 ] هل تحصل على مليون دينار اذا حلمت بذلك أو تمنيتها ؟ وهل تبني مدينة كبيرة بمجرد التخيل بذلك و الرغبة فيها ؟ كلا ..
فكيف يريد البشر أن يحصل على الجنة ، وهي أغلى و أعظم من مليون دينار ، ومن مدينة كبيرة بمجرد الأمنية .
إن مثل هذه الأمنية مثل شيخ كبير فقد أبنه العزيز عليه في حادثة مفاجئة ، ولهول الفاجعة لم يستطع أن يصدق بها ، فيمني نفسه بحياة ابنه في محاولة لتخفيف الألم عنه .
و بالرغم من أنه يعلم بموت ابنه ، ولكنه يتهرب من عقله ، و يستريح الى ظل خياله الوارف . كذلك الذين يتهربون من مسؤوليات أعمالهم بالأماني .
ان نفوسهم صغيرة ، وأن عزائمهم ضعيفة ومتهاوية ، ولا يقدرون على تحمل المسؤولية فيتهربون الى ظل الخيال ، ويمنون أنفسهم بشتى الأماني ، ومنها مثلا : ان المسيح سيفيدنا بنفسه ، أو أن هبل ينقذنا من عذاب الرب ، وهكذا .. أما القرآن فيجعل الانسان وجها لوجه أمام مسؤولية في الحياة ، ويقول له :
[ ليس بامانيكم ]
التي تزعمون بها التخلص من المسؤولية عن طريق التوسل بالاصنام .
[ ولا أماني أهل الكتاب ]
الذين يزعمون ان المسيح سيفديهم من ذنوبهم .
[ من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ]فلا يدفع أحد عنه عذاب الله لأنه لا أحد قادر على مواجهة سلطان الله في الكون .
تخزين الأعمال :
[ 124 ] وفي المقابل سيجزي الصالح بقدر أعماله . من دون أية نقيصة سواء كان ذكرا أو أنثى ولكن بشرط واحد هو أن يكون عمل الصالحات من منطلق الايمان بالله . إذ من دون هذا الايمان فان الصالحات ستكون زبدا طافحا على السيل سرعان ما تنكشف حقيقته .
[ ومن يعمل من الصالحات من ذكرا أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولايظلمون نقيرا ]
أي لا يظلمــون حتى بقدر ما في الحفرة الصغيرة الموجودة في طرف نواة التمرة ، أو بمقدار موقع نقر الناقر .
وشعــور الانــسان بأن كل أعماله حسنة محفوظة له ، وهو مجزي بها عن قريب ، هذا الشعور يدفعه الى التسارع في الأعمال الحسنة ، و محاولة مضاعفتها يوما بعد يوم ، و ساعة بعد ساعة .
ولكي يدفع الشيطان البشر الى التكاسل يوحي اليه : أن سيئاته تغفر له بشفاعة فلان و علان ، وان حسناته لا تقبل منه ، لذلك نجد القرآن يؤكد عبر هاتين الآيتين أن للحسنات و السيئات جزاءها العادل من دون نقصان .
خط إبراهيم :
[ 125 ] ليس التوجه الى الأصنام ، و التنافس في عبادتها ، و تفاخر كل فريق بصنمه ، ليس ذلك هو الدين الحسن إنما الدين الحسن هو ما فعله إبراهيم حين أعرض عن كل رموز الشرك و الضلالة ، وكل أصنام الظلم و العبودية ، و توجه الى الله وحده ، و أخلص العبودية له، و أسلم وجهه له . أي بوجهه كاملا اليه ، فلم يهدف شيئا غير وجه الله سبحانه ، ثم تزود بالصالحات فلم يكتف بالواجب منها فقط . بل أكثر منها حتى أصبح محسنا .
[ ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن وأتبع ملة إبراهيم حنيفا ]أي مشــى على طريقــة إبراهيم في رفضه الأصنام و الرموز الحجرية و البشرية .
[ و أتخذ الله إبراهيم خليلا ]
فانتفع إبراهيم برفضه العبودية للأصنام و الشركاء نفعا عظيما ، حيث قربهالله اليه ، وجعله خليلا له .
[ 126 ] ان الذين يتخذون من دون الله أربابا لا يقدرون الله حق قدره . بل لا يعرفون الله اطلاقا ، فلو عرفوا الله وعلموا أنه بسط قدرته على كل شيء في السماء والأرض اذا لصغرت في أعينهم الأحجار الصماء التي تنحت بأيديهم ، و تتخذ آلهة من دون الله ، و لتضاءلالأشخاص الذين زعموا بأنهم شركاء لله ، ان معرفة قدرة الله من النظرة الفاحصة في السماء و الأرض ، و أكتشاف آثار قدرته . انها معالجة جذرية لمشكلة الشرك في الانسان ، ولذلك ذكرنا الله هنا بهذه القدرة :
[ ولله ما في السموات وما في الارض وكان الله بكل شيء محيطا ]احاطة علم وقدرة . فليس هناك شيء يتطاول على قدرة الله ، أو يخفى على علمه سبحانه ، واذا ثبتت قدرة الله ، وعرفنا الا ملجأ منه إلا اليه فان من الطبيعي أن نسلم وجوهنا له ، ونتبع ملة إبراهيم حنفاء .
|