فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الايات
وهل الدين الا الولاية ؟

[ 67] السياسة في أي نظام اجتماعي هي القمة ، و القيادة في السياسة هي سنام القمة ومن دون سياسة صالحة فان سائر الانظمة الاجتماعية لا تعني اكثر من حبر على ورق ، كما انه من دون القيادة الصالحة فان السياسة لا تعني شيئا لذلك فان الله سبحانه يذكر نبيه - هنا - بان اي تقصير في امر تبليغ اي بند من بنود الرسالة يعتبر وكانه لم يبلغ الرسالة اساسا . يقول ربنا :

[ يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته ]وهنا يطرح سؤالان : الاول : لماذا جاء هذا التحذير في هذا السياق ؟

الثاني : لماذا ارتبط تبليغ رسالة جزء مما انزل بسائر الاجزاء .. ؟؟

للاجابة على السؤال الاخير لابد ان نعرف : ان تقصير الرسول أو اي مبلغ لرسالات الله انما يكون بدافع اجتماعي . مثل الخوف من ذوي البطش و مراكز القوى أو الطمع في جذب الناس وعموما لا يكون ذلك الا في القضايا الحساسة مثل القيادة او مخالفة عادات راسخة او مااشبه ، واذا لم يبلغ الرسول رسالة ربه في مثل هذه القضايا فان الرسالة لن تحقق هدفها اذ ان هدف الرسالة هو مقاومة السلبيات الاساسية في المجتمع ، اما القضايا البسيطة فان اصلاحها لا يغير منواقع المجتمع شيئا .

ثم ان الرسالة التي تعجز عن مقاومة سلبيات المجتمع ، او معالجة القضايا الاساسية فيه لا تنفع شيئا لان كل ظاهرة تخالفها الرسالة قد تصبح في يوم من الايام ذات حساسية في المجتمع ولا تستطيع الرسالة انئذ من مخالفتها .. حتى الصلاة قد تصبح ذات يوم قضية تستتبعالخوف و الاستهزاء فعلى الرسالة التنازل عنها ؟!

ومن هنا نعرف الاجابةعلى السؤال الاول ، اذ ان السياق القرآني يحدثنا عن الولاية ، و الولاية قضية حساسة بل هي اهم قضية حساسة لذلك اكد القرآن على هذا الحكم في هذا السياق بالذات .. لذلك جاء في الحديث المروي عن الامام الباقر عليه السلام :

( ان الله اوحى الى نبيه (ص) ان يستخلف عليا (ع) فكان يخاف ان يشق ذلك على جماعة من اصحابه ، فانزل الله تعالى هذه الاية تشجيعا له على القيام بما امره الله بادائه )والمعنى : ان تركت تبليغ ما انزل اليك و كتمته كنت كانك لم تبلغ شيئا من رسالات ربك في استحقاق العقوبة .

[ و الله يعصمك من الناس ان الله لا يهدي القوم الكافرين ]موقف اهل الكتاب من الولاية :

[ 68] و القضية لا تخص المسلمين فقط ، اذ ان على جميع أهل الكتبالسماوية ان يطبقوا كل تعاليم الرسالات السماوية والا فان مثلهم مثل الذي لا يملك رسالة ابدا ولا فرق بينهم وبين الكفار .

[ قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة و الانجيل وما انزل اليكم من ربكم ]بينما أهل الكتاب اصبحوا يتخذون موقفا معاديا من رسالات ربهم لذلك فهم يزدادون بها طغيانا وكفرا .

[ وليزيدن كثير منهم ما انزل اليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين ]أي لا تحزن عيهم .

[ 69] واذا طبق أهل الكتاب كل ما انزل عليهم من ربهم فان رحمة اللــه واسعة .. و فضله عظيم فهو يدخلهم جناته كالمسلمين .

[ ان الذين ءامنوا و الذين هادوا و الصابئون و النصارى من ءامن بالله و اليوم الاخر و عمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ][70] لقد أمر بنو إسرائيل ، وكل أهل الكتاب ان يؤمنوا بالحق انى كان ، واين كان ، ومن دون تجزئته ، ولكنهم لم يطبقوا ذلك و خانوا عهدهم .

فأخذوا يبغضون ايمانهم بالرسل حسب اهوائهم المصلحية ، أو حسب تصنيفاتهم العنصرية فاذا جاءهم رسول يخالف مصالحهم ، أو من غير عنصرهم ، كفــروا به ممــا يدل على انهم لم يؤمنوا أساسا بالحق ، بل ءامنوا بالأهــواء و العنصرية .


[ لقد اخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا اليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى انفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون ]عملية التكذيب للرسول هي قتل له لان أهم شيء عنده هي رسالته فلو انها كذبت فكأنه قد قتل قتلا .

[ 71] وكان يزعم هؤلاء : أن قتل الانبياء او تكذيبهم سوف لا يخلف اثارا سلبية عليهم ، فاندفعوا الى ذلك دون ان يبصروا الحقائق بانفسهم أو يسمعوها من ذوي النصيحة .

[ و حسبوا ألا تكون فتنة فعموا و صموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا و صمواكثير منهم والله بصير بما يعملون ]ان الدعاة و المصلحين هم عيون الامة فاذا قتلوهم ، فكأنهم أعموا أعينهم ، وأذا أعمى الانسان عينه ، فهل يعني ذلك ان الحقائق تزول ، أو تتغير لمجرد أنه لا يراها ،كلا ، بل يعني انه سوف يتناقض معها و يدفع الثمن غاليا أمامك صخرة تراها عينك وتخبرك بذلك ولكنكبدل ان تصدق عينك وتنحرف عن الصخرة تغرز بمسمار في عينك فتعميها جزاء نصيحتها لك بما لا يرضاه غرورك و تكبرك و طغيانك ثم ماذا ، هل تنتهي المشكلة - كلا بل بالعكس بعد لحظات تجد نفسك وقد ارتطمت بالصخرة و تكسرت ساقك و تحطم رأسك ، كذلك فعل أهل الكتاب بانبياءالله الذين اسروا اليهم النصح فقتلوا الناصحين ، و زعموا ان ذلك يخلصهم ، مما يحذرهم الناصحون منه ، فاذا بهم يجدونها امامهم ، هنالك تاب فريق منهم ، ولكن توبة أكثرهم كانت وقتية ، اذ أنهم ما لبثوا أن عادوا الى عنادهم مرة اخرى .

ان هذا بعض آثار الكفر بالحق ، الذي مارسه اليهود ، وعلينا الا نتولى اليهود لهذا السبب .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس