و بشر الصابرين
هدى من الايات للامة الاسلامية شخصية مميزة عن سائر الامم حتى تلك التي تحمل رسالة الله واهم ما يميز هذه الامة ، الرسالة التي هي نعمة من الله ، كما ان ابتعاث الرسول فيها نعمة اكبر سبقت نعمة القبلة و اعطت للعرب شخصية رسالية مستقلة .
و النعمة كلما ذكرت كلما دامت والسبب ان ذكر النعمة يؤدي الى الاعتزاز بها و الاهتمام بكل العوامل المساعدة لبقائها ، واما كفران النعمة فهو اقرب وسيلة لزوالها . ولذلك فعلينا ان نتذكر ابدا تلك الرسالة التي انعم الله بها على الانسان فأخرجه من الظلمات الىالنور .
ولكن التذكر وحده لا يكفي ، اذ علينا ان نسعى من اجل الاحتفاظ بها ، وذلك عن طريق الصبر و الصلاة و الجهاد في سبيل الله و الاستهانة بالموت من اجل الرسالة ، و تحمل بعض التضحيات البشرية والامنية و الاقتصادية ، و الرضا بها نفسيا . كل ذلك سوف يستنزل عليناصلوات الله و رحمته .
ان هــذا الدرس اهم ما يجب على الامة ان تتعلمه من القرآن ، لكي تقاوم التخلف و الكبت .
علينا الاستقلال عن سائر الامم و لنجــعل رمز الاستقلال القبلة و نستعين بالصبر و الصلاة ( لا بالمساعدات الخارجية ) و نرخص في الله انفسنا ، ونستعد لحياة التقشف . آنئذ فقط يلهمنا الله الصلوات و ينزل علينا رحمته و ننتصر على الضعف و الهزيمة .
ان القبلة الجديدة اتمام لنعمة الرسالة ، ذلك ان الرسالة وضعت الامة في مصاف الامم ذات الرسالة الالهية ، ولكن اشتراكها مع تلك في القبلة كان ينقص استقلالها الثقافي و الاجتماعي و السياسي ، والان تم ذلك ، لذلك قال الله تعالى : " ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون " يعني ان يتذكر المسلمون هذا الاستقلال وان يلتفوا حول رسالة الله اكثر فأكثر ، اذ كلما التفوا حولها اكثر كلما اثبتوا استقلالهم و جمعوا صفوفهم .
|