فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات


الغني ذو الرحمة :

[133] لربنا سبحانه احسن الاسماء ، و أعلى المثل ، و أسماء الله منتشرة في الكون في آياته التي لا تحصى ، و معرفة اسماء الله و مظاهرها و تجلياتها في الحياة تعطينا بصيرة و رؤية واضحة ، و تهدينا الى السبيل الاقوم .

و القرآن الحكيم يذكر هذه الاسماء ، بعد أو قبل أن يذكر الآيات التي تدل عليها ، و البصائر المستلهمة منها ، و السلوك المعين التي تستوجبها .

و الواقـع ان هذا المنهج القرآني يعطي البصائر و الرؤى الحياتية ركيزة عقلية ، كما يعطي الافكار أبعادا واقعية ، و نتائج سلوكية ، و بالتالي يجمع هذا المنهج بين العقل و الواقع و السلوك مما تتكامل به الشخصية البشرية .

و هنا يذكرنا القرآن بأسمي ( الغني و الرحمة ) .

[ و ربك الغني ذو الرحمة ]

و عند البشر لا يجتمع الغنى و الرحمة عادة لأن الغنى عند الانسان مصدره الغير ، فيخشى البشر من فقدانه فيبخل به ، بينما غنى الله مصدره القدرة المطلقة على الخلق ، كما أن رحمته محدودة بحكمته لا تدعها تنفلت عن اطار العدالة .

[ إن يشأ يذهبكم و يستخلف من بعدكم ما يشاء ]

و هذا دليل على غناه و رحمته معا ، فلولا قدرته ، و بالتالي غناه عنكم لما كان قادرا على تعويضكم و تبديلكم ، ولولا رحمته لفعل ذلك أول ما ظلمتم أنفسكم ، وهذا دليـــل قدرته ، و ايضا ان رحمة ربنا محدودة باطار حكمته ، انه فعل ذلك حين كان من قبلكمآخرون فذهب بهم واتى بكم .

[ كما انشأكم من ذرية قوم آخرين ]

و عندما يتذكر البشر بهذه الحقيقة يرزق الرصانة في التفكير ، و الواقعية في الرؤية ، والاستقامة في السلوك ، أما رصانة الفكر فلانه يعلم ان القدرة المهيمنة على هذا الكون الرحيب غنية عنه لكنها رحيمة به ، فعليه الا تستبد به الخفة و التكبر و الغرور ، و اما واقعية الرؤية فعليه الا ينظر الى حقائق الحياة على انها ثابتة أبدا ، اما استقامة السلوك فلأنه يتمتع بالخوف و الامل ، الخوف من استبدال الله له بالآخرين ، والأمل في رحمته ، و بين الخوف و الامل يستقيم سلوك البشر .


التسليم أو العاقبة :

[ 134] ومادام البشر عاجزا عن توقيف مسيرة الزمن ، أو منع العاقبة السؤى التي ينذر بها ، و مادام عاجزا عن سلب قدرة الطرف الثاني و اعجازه ، فعليه ان يسلم للحقيقة ولا يتكبر عنها .

[ ان ما توعدون لآت وما انتم بمعجزين ]

[135] و ينذر الله الظالمين حين يقول : ان للحرية الممنوحة لكم و للقدرات المخولة لكم حدودا تقف عندها .

[ قل يا قوم أعملوا على مكانتكم ]

اي بقدر قوتكم و مكانتكم ]

[ اني عامل ]

فهناك خطان من العمل ينتهيان عند العاقبة .


[ فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار ]

اي من سيسكن بالتالي في دار السعادة .

و لكن مجرد التفكر في العاقبة يهدي البشر الى الحقيقة . اذ معلوم لمن تكون العاقبة .

[ انه لا يفلح الظالمون ]


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس