بينات من الآيات
كيف نتذكر الحقيقة
[44] لكي يتغلب البشر على مشكلة النسيان في ذاته ، و يتمكن من تذكر الحقائق التي يهتدي اليها بعقله ، و يحيط بها علمه ، و بالتالي لكي يشاهد بأحاسيسه و ببصيرته الحقائق القادمة ، فعليه أن يتسلح بالتصور ، و تجسد الحقائق امامه يقرب بالخيال واقعيات المستقبل التي لا يعلم بها إلا رمزا .
مثلا : الجندي الذي يتدرب في المعسكر ، و الذي يعلم انه سوف يخوض في المستقبل معركة المصير ، و أنه لو تدرب جيدا فسوف يتغلب فيها و إلا فلا . على هذا الجندي أن يتصور أبدا ساحة المعركة ، و مدى المكسب فيها عند الانتصار ، و مدى الضرر عند خسارتها ، و كذلكالباحث في مكتبه ، و العامل في مصنعه ، و المدير في دائرته ، كل أولئك لو فكروا في مستقبل أعمالهم ، و تذكروا ذلك المستقبل اذا لعملوا أفضل و أفضل .
و القرآن الحكيم يصور لنا المستقبل في صورة حوار بين المؤمنين و الكافرين ، و هذا الحوار يتم بشكل مناداة فاذا بالقشور السميكة التي تحيط بقلوبنا تتفتت بفعل هذا الصوت المخترق .
[ و نادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين ]فما دام كلام الله حقا ، و وعده صدقا ، فلماذا التكذيب به ؟! و لماذا الامتناع عنالاستجابة له و فيه منافعه ؟! إن ذلك ظلم عظيم ، و رحمة الله تتمثل في جنته ، و توفيقه بعيد عن الظالم ..
و سوف نتحدث إنشاء الله عن المؤذن الذي نتصور أنه صاحب الاعراف الآتي ذكره .
ظلم النفس و المجتمع :
[45] و الظالم لا يبقى في حدود ظلمه لنفسه . بل أنه سوف يظلم الناس أيضا ، و سوف يدعو الناس الى منهجه الباطل ، و يقف عقبة امام توجه الناس الى الله ، بل و لا يدع الناس يعملون الخير .
[ الذين يصدون عن سبيل الله و يبغونها عوجا و هم بالآخرة كافرون ][46] [ و بينهما حجاب ]
و بين أهل الجنة و النار حجاب ، و الحجاب في الآخرة تعبير عن الحجاب في الدنيا بين المؤمن و الكافر ، ذلك هو الفرق بين فريقي المؤمنين و الكافرين ، و اختلاف جبهتيهما ، حيث أن المؤمن الذي لا يؤمن بهذا الحجاب يشك في إيمانه .
و بالرغم من اختلاط الناس ببعضهم في الدنيا فهم في الآخرة مختلفون جدا ، و بين الجنة و النار أعراف ، و هو مرتفع من الأرض يفصل بين الموقعين ؛ و يجلس عليه رجال معينون أهم ميزة فيهم هي : معرفتهم التامة بالناس .
[ و على الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ]
و يبدو أن هذه الفئة هم القدوات و الائمة الذين يميزون بين الحق و الباطل ، و صفات أهلهما ، و بالتالي يعرفون كلا منهما ، هذه الفئة هم القادة المؤمنين فيالدنيا ، و في الآخرة قادة الناس جميعا ، فهم يميزون هناك كما في الدنيا بين الطائفتين ، و هؤلاء يعطون للمؤمنين الاشارة الخضراء لدخول الجنة .
[ و نادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم ]
و حين يدخل المؤمنون الجنة ، تملأ الجنة كل طموحهم و تطلعهم .
[ لم يدخلوها و هم يطمعون ]
[47] و يبقى هؤلاء الائمة متوجهين في الأكثر إلى أهل الجنة ، و إذا توجهت نظراتهم إلى أهل النار مرة واحدة أفزعتهم النار بما فيها من أنواع العذاب ، و طلبوا من ربهم نجاتهم منها .
[ و اذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ] |