رسالات الرب وسيلة الاصلاح الاقتصادي
هدى من الآيات و أهـــل مدين كما ثمود و قوم لوط ، انهارت مدنيتهم على رؤوسهم بسبب فسادهم ، و أبرز مظاهر الفساد عندهم كان البخس في الميزان ، و إفساد الأرض زرعا و ضرعا ، و قطع طرق الخير على عابريها ، و الصد عن سبيل الله ، و تحريف الدين .
لقد جاءت رسالة الله على لسان شعيب لتنهاهم عن الفساد بعد الاصلاح ، و التخلف بعد التقدم ، و التدهور بعد النشاط ، فأنقسموا على أنفسهم فريقين ، فمنهم من آمن و منهم من كفر ، و الله سوف يحكم بين الفريقين ، و الزمن شاهد على صدق النبوءة .
و احتدم الصراع و بدأ الكفار بمنع الناس عن الايمان بالرسالة و اعتبار ذلك خسارة ، و انتهت قصتهم بعذاب أنزله الله عليهم في صورة رجفة قضت عليهم ، و شهد التأريخ ان الخاسرين إنما كانوا هم الذين كذبوا بشعيب لا المؤمنين به ، و تلك النعم التي اغتروا بها لمتنفعهم في ساعة العذاب .
أما شعيب فلم يحفل بمصيرهم لأنه نصحهم و أبلغهم رسالات ربهم ، فكفروا بها ، فلم يأسف لمصيرهم ، و يبدو لي : أن اهل مدين كما أصحاب الحضارات السابقة كانت علاقتهم بالأشياء و الاشخاص علاقة العطاء و التربية و الاصلاح فبنوا تلك المدنية ، و لكنهم بدلوا تلك العلاقة و أصبحت علاقتهم علاقة الاسراف و الاستهلاك و الافساد فدمرت حضارتهم .
|