بينات من الآيات
ضرورة الالتزام :
[175] لابد للأنسان ان يتبع منهجا ، و يلتزم بميثاق ، فان اتبع منهج الله و ميثاقه فقد فاز ، و الا فسوف يملأ الشيطان فراغه ، فيتبع منهجه ، و يصبح من حزبه ، و حين يؤتي الله فردا نعمة الرسالة ، فينزل عليه آياته ، فعليه أن يتعهد بميثاق الله فيها ، و هوالالتزام المطلق بها دون ان يترك شيئا منها ، تحت ضغط الشهوات أو سبب الاهمال .
أما إذا ترك جانبا من آيات ربه بعد أن استوعبها ، فان الشيطان سوف يصبح قرينه و ساء قرينا ، و يكون مثله مثل الكلب كما علماء السوء ، و الاحبار و الرهبان ، و كل من أوتي علما فتركه .
[ و أتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين ][ 176] [ و لو شئنا لرفعناه بها ]
ان الله قادر على ان يجعل آياته سببا في رفعة البشر ، بشرط أن يسعى هو من أجــل ذلك ، أما اذا لازم الارض و ما فيها من ذلة و صغار ، و شهوات عاجلة زائلة ، فأن اللهيتركه لشأنه ..
[ و لكنه أخلد الى الأرض و اتبع هواه ]
و اتباع الهوى هو نتيجة مباشرة للخلود الى الارض ، و الاكتفاء بها و شهواتها ، و عدم التطلع الى السماء ، و الى القيم الروحية و الى المستقبل الأفضل ، و الى مرضاة الله و الى الجنة .
ان العلم معراج البشر ، و لكن اذا ركن الفرد الى الارض و شهواتها و جاذبيتها ، فأن العلم سوف يترك مكانه للجهل ، و العقل للشهوات ، و تصبح كلمات العلم عند صاحبها كلهث الكلب .
[ فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه تلهث أو تتركه يلهث ]ان كل الحيوانات تلهث حين تتطلب الحاجة الى اللهث ، كما اذا حمل عليها فأنها تلهث دفاعا أو استعدادا للخطر ، أما الكلب فأنه يلهث بمناسبة و بدون مناسبة لان عادته اللهث كذلك العالم الذي يتبع هواه ، يلهج بالعلم لا من أجل العمل به ، أو توجيه الناس الى الخير به ، بل من أجل المباهاة و التعالي على الناس بأسمه ، فالعلم بدون هدف أو العلم الذي يستخدم لاغراض دنيئة ، كما لهث الكلب لا فائدة من ورائه و لا كرامة .
[ ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ]الذين يكذبون بآيات الله لا يجدون علما يهتدون به ، أو نورا يستضيؤون به ، و انما يتعلمون كلمات يلهجون بها ، كما يلهث الكلب بلا هدف .
انما يستفيد البشر بالعلم اذا تفكر ، و تحول العلم الى جزء من شخصيته ، و تعلمعلما يفيده ، و كان تعلمه لهدف مقدس ، اما وسيلة تعلمه فهي القصص الواقعية التي يستلهم منها رشدا و عبرا و دروسا .
حب الشهرة :
[177] ان اكثر ما يخدع رجال العلم فيدفعهم نحو المتاجرة بالعلم هو حب الشهرة ، بيد أنهم سوف يشتهرون بالسوء اكثر ما يشتهرون بالخير ، و هم يضربـــون بذلك أسوء الأمثلــة .
[ ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا و أنفسهم كانوا يظلمون ]إنهم أسوء مثل ، لأنهم وجدوا فرصة للفلاح فظلموا أنفسهم بترك الفرصة .
[178] من أسباب هلاك البشر هو اتكاله على نفسه ، و غروره الذي يستغني به عن هدى الله ، و عظمة رسل الله و العلماء بالله ، و خصوصا علماء السوء فانهم يهلكون بهذا الزعم كثيرا ، و لذلك يؤكد ربنا على ان الهدى من الله ، و على البشر ان يتمتع بالتسليم و القنوت له سبحانه حتى يهتدي ، أما اذا لبس رداء الغرور و الكبرياء فسيضل ، لأنه سوف لا يهديه ، وليس هناك مصدر آخر للهداية .
[ من يهد الله فهو المهتدي و من يضلل فأولئك هم الخاسرون ] |