فاتقوا الله يا أولي الالباب
هدى من الآيات في الدرس الاخير من سورة الطلاق يشرع الله مجموعة من الاحكام المتصلة بالاسرة ، و بالذات بالعلاقة بين الزوجين حيث العدة ، ليقرر للمرأة حق السكنى و النفقة على زوجها ، بل أخذ أجرة على الرضاعة ، كما و ينهى الرجل عن الاضرار بها و التضييق عليها تشفيا او للخلاص من المسؤولية بالضغط ، ثم يؤكد بان الائتمار بالمعروف كواجب شرعي على كل مؤمن و مؤمنة تجاه بعضهم لا ينبغي ان يقطع حباله الاختلاف مهما بلغ . ولو بلغ حالة الطلاق .. لان المسؤولية الاجتماعية واجب الهي يجب ان تبقى حاكمة في علاقة المؤمنيـن ببعضهم حيث بعضهم اولياء بعض في كل زمان و مكان و ظرف .. و تبلغ عناية الدين الحنيف بالمرأة الى حد يقرر لها الحق في قبول الرضاعة او رفضها ، خلافا للعرف الذي جرت عليه المجتمعات ، و سارت عليه الجاهلية و الكثير من المذاهب البشرية .
ثم يعود القرآن ليضع الميزان الحق في شأن النفقة ، فهو كما يوجبها على الرجل حقا للمرأة ، لا يسمح من جهة اخرى للزوجة استغلال هذا الحق لتطالب زوجها عند قراره بالطلاق نفقة اكثر مما يتحمل تشفيا منه ، فليس احد مكلفا في شرع الله اكبر و اكثر مما يستطيع .
و ينتهي السياق القرآني الذي يتمحور حول التقوى في هذه السورة ليحذر من مخالفة شرائع الله و حدوده بصورة عامة و في حق الاسرة بالذات ، مشيرا الى ان الاسرة لا تختلف في ظل سننه عن المجتمع الكبير الذي لو تجاوز الحدود فان عاقبته الخسارة و الدمار كما ينطق بذلك تاريخ الحضارات التي دمرت فاصبحت عبرا و احاديث .
و لان المؤمنين أولى بدراسة التاريخ من غيرهم فان الخطاب يتوجه اليهم خاصة لكي يخرجوا بذلك الى النور ، و يختم السورة بالاشارة الى الحكمة من خلق الانسان و العالم المسخر له الا و هي ان يتعرف الله لعباده عبر آياته المبثوثة في النفس و في الافاق لعلهم يخلصون من ظلمات الضلال و الشرك .
|