إن الكافرون إلا في غرور
هدى من الآيات ان الفلسفات الشركية التي تربط ظواهر الكون و نظمه بالقوى المزعومة من دون الله هي المسؤولة عن مشي الانسان مكبا على وجهه ، ضالا عن الحقيقة ، و هي التي تحجب عنه نور الخشية من ربه ، و تصنع في نفسه هالة من الأمن و الاطمئنان الكاذب ، الأمر الذي يسوقه نحوممارسة المعصية و مخالفة النظام الحق دون وازع او ضابط ، و يسقط من عنده قيم الشرائع و العهود . أوليست الخشية روح الالتزام بالنظام ؟
بلى . ان الشرك و الاعتقاد بالانداد هو الذي يترك الانسان لا مسؤولا ، فاذا به لا يخشى من مخالفة الحق ، و لا يرى ضرورة للشكر على النعم ، لانه يزعم ان الله خلق الوجود و قدر نظامه ثم فوض الى الناس امورهم ، او فوضه الى الانداد ثم اعتزل ، او ان هناك قوىالشركاء التي تنصرهم من دونه تعالى فتقاوم قدرته و مشيئته سبحانه ، فإذا منع رزقــه عنهم رزقتهم ، وإذا غار ماؤهم جاءتهم بماء معين غيره .. و يعالج القرآن هذا الضلال ( الغرور و العتو و النفور ) ببصيرتين :
الاولى : بصيرة التوحيد ، و ان الله وحده الذي بيده الأمر و القدرة التامة ، و يذكر القرآن بهذه الحقيقة بصورة تكون فيها آيات الدرس الأخير من سورة الملك تفسيرا لأية محورية في السورة هي الآية الاولى : " تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير " .
الثانية : حقيقة البعث و الجزاء ، ذلك ان جزء كبيرا من شرك الانسان و عدم إحساسه بالمسؤولية نتيجة لكفره بالآخرة او شكه فيها ، فلا بد ان يعلم بانه منشور محشور . و عندما يذكر القرآن بهذه الحقيقة يعيدنا الى أية محورية أخرى في السورة هي الآية الثانية : " ليبلوكم أيكم أحسن عملا " .
|