فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
[ 1 ] ان للكائنات شعورا يسبحن عبره بحمد ربهن ، كل بقدره و بلغته ، اذ سواء و عين ذاتهن او بصرن آفاق الخلق فهن يرين تجليات الرب ، و بعجز ذاتها تستدل على قدرته تعالى ، و بزوالها تستدل على بقائه سبحانه ، و بحدوثها تستهدي الى انه القيوم الذي لم يزل و لايزال و لن يزول ، و اما عن الآفاق فهي انى رمت ببصرها ترى آثارا خلقه و تدبيره تعالى ، لذا فالخلق كلهم ينزهونه عن النقص و العيب .

[ سبح لله ما في السماوات و الارض ]

انه تسبيح قديم قدم كل مخلوق ، اذ يبدا معه منذ اللحظة الاولى ينشاها بارؤها من بعد العدم ، و لكن كيف تسبح الاشياء ربها ؟ !

نتصور لذلك معنيين :

الاول : ان خلقة كل شيء تهدي الى نقصه و عجزه و محدوديته ، و ذلك بدوره شاهد صدق على كمال خالقه و قدرته و تعاليه عن الحد و القيد ، و بالتالي شاهد صدق على انه سبوح قدوس متعال منزه عن اي نقص و عجز و تحديد .

الثاني : ان الامر لا يقف عند هذا الحد ، بل لكل شيء أحساس بقدره يعرفبه الخالق ، و لغة مخصوصة يعبر بها عن معرفته ، فاذا به يسبح له .

و نحن بنظرنا و تفكرنا نهتدي الى التسبيح بالمعنى الاول ، و لكننا نقصر عن فهم المعنى الثاني ، يقول تعالى : " تسبح له السماوات السبع و الارض و من فيهن و ان من شيء الا يسبح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم " (1) ، و قال يحدثنا عن حضارة داود ( ع) : " و سخرنا مع داود الجبال يسبحن و الطير و كنا فاعلين " (2) ، و الخلق كلهم متساوون تكوينيا في التسبيح لله ، و انما يتفاوتون و يختلفون في النوع الاخر ، و ان احدا لا يستطيع ان ينكر وجود شعور و لغة عند كل شيء ، فما اوتينا من العلم الا قليلا ،و جهلنا لا يغير من الواقع شيئا ، فنحن لا زلنا في البوصة الاولى من طريق ذي آلاف الاميال في مسيرة العلم و المعرفة ، قال ربنا سبحانه : " و ما اوتيتم من العلم الا قليلا " ، و يكفينا عقلا و حكمة ان نعترف بان ما لا يحط به علما قد يكون موجودا فلانعادي ما نجهل .

و لسنا بحاجة الى تأويل " ما في السماوات و الارض " لينصرف الى ما يعقل ، و ذلك لانه يخالف ظاهر اللغة العربية التي اعتبرت " ما " لغير العاقل ، و ما دام الوجود كله يسبح لله فان عدم تسبيح الانسان يعد تخلفا عن عهده التكويني الفطري معربه ، و شذوذا عن واقع الكائنات .

ان من مشاكل البشر انه ينبهر بالطبيعة او بجانب منها ، فاذا به يتخذ ما فيها إلها ، و يغتر بما فيها من ظاهر الزينة و القوة و الابداع ، بينما لو تدبر فيها مليا عرف انها هي الاخرى تسبح بحمد ربها ، فكيف يتخذها شريكا لبارئها ، بل و تتأذى الطبيعة حينما يعبدها احد من دون الله ، ففي الاخبار ان البقر نكست رؤوسها منذ(1) الاسراء / 44 .

(2) الانبياء / 79 .


عبدها الناس عندما اضلهم السامري ، و لعله لذلك جاءت خاتمة الآية الكريمة تذكيرا بعزة الله و حكمته .

[ و هو العزيز الحكيم ]

انه كذلك سواء سبحه الخلق او لم يسبحوه ، فهو بذاته عزيز لا يزيده التسبيح عزا ، و حكيم تتجلى حكمته في النظام الدقيق الذي فطر عليه خلقه و حكمه به ، كما تتجلى في تدبيره لشؤونه المختلفة ، و ليس بحاجة الى الاعتراف من قبلنا بحكمته سبحانه ، كما لا تنصرف هاتان الصفتان الى غيره لو اعتقدنا بإلوهيته ، و لعل الحكمة من بيان هاتين الصفتين ان الله لا يدبر الكائنات بقوته و حسب ، بل بالحكمة ايضا ، و انه يحق للكائنات ان يسبحنه لانه تعالى مهيمن عليها بالقوة و الحكمة فهو اهل لذلك .

[ 2 ] و تتصل الآيات بعضها حتى الآية السادسة تعرفنا بربنا عز وجل من خلال صفاته و اسمائه و افعاله التي تتجلى في الخليقة و التي تهدينا الى انه يحق علينا تسبيحه ، و انما يشرك الانسان بربه لجهله به تعالى ، اما اذا عرف عظمته و هيمنته المطلقة على الخليقة فسوف تنسف تلك المعرفة كل الافكار و العقد الشركية لديه ، اننا نشرك ببشر امثالنا لانهم اعطوا شيئا من الملك و القوة ، و يحجبنا ذلك عن الاله الحق ، بلى . انهم قد يملكون رقعة من الارض و بعضا من النعيم ، او يكون لهم سلطان على الناس ، و لكن ذلك كله محدود ، لايصيرهم آلهة ، و لا يقاس بما عند الله .

[ له ملك السماوات و الارض ]

بما فيهما ، و هو حقا ملك واسع مطلق و حقيقي ، اما تملك الناس للاشياء فهواعتباري محدود زمنا لانهم يموتون عنها ، و كما لانه قليل جدا بالنسبة الى ملك الله الذي ينضوي تحته كل الوجود و كيفا لان قدرتهم على التصرف فيه محدودة ، و لله الملك المطلق و القدرة اللا محدودة ، و التي من مظاهرها الاحياء و الاماتة .

[ يحي و يميت ]

كيف يشاء ، و متى اراد ، لا يمنعه عن ذلك مانع ابدا ، و ليس لسواه هذه القدرة في الملك ، و الهيمنة عليه . و ما دامت حياة الانسان بيد الله فهل هو المالك ام الله ؟ و كيف يملك شيئا من لا يملك حياته . اوليس الانسان يملك ما يملك بحياته التي تمكنه من الحركةو التصرف ؟

و مع ان الحياة و الموت من ابرز مظاهر الملك و الهيمنة إلالهية على الخلق ، الا ان قدرته تعالى ليست محدودة في ذلك حسب ، بل هي مطلقة .

[ و هو على كل شيء قدير ]

اما نحن فلا نستطيع ان نفعل كل شيء و كيفما نشاء فيما نملك .

[ 3 ] [ هو الاول و الآخر ]

لم يكن مثله احد فهو أزلي ، و حيث تأخر الوجود عنه فهو محدث من صنعه عز وجل ، و تتجلى هذه الحقيقة مرة اخرى حيث يصير الخلق الى العدم و يبقى وجهه تعالى ، و لانه الاول فهو الذي احيا الخلق و اوجده ، و لانه الآخر فهو الذي يميته بقدرته و حكمته ، كما انه الظاهر بلا خفاء ، فالوجود كله ايات تهدينا اليه ، لانه القاهر فوق عباده .

[ و الظاهر و الباطن ]


ظاهر بأسمائه و صفاته و تجلياته في الوجود ، تدرك ذلك حواس الانسان ، و يراه قلبه و عقله ، و هو باطن بذاته التي لا يعلم كنهها احد من خلقه ، و لكن ذلك لا يعني انه غائب عن الخلق ، بل انه نافذ علمه الى اعماق كل شيء .

[ و هو بكل شيء عليم ]

سعة علمه كسعة قدرته ، و تكفي هذه الآية تحسيسا للانسان بشهود ربه ، و ردعا له عن اقتحام المعصية . و هناك صلة بين الآيتين " و هو على كل شيء قدير " " و هو بكل شيء عليم " بالآية " و هو العزيز الحكيم " فالعزة بالقدرة المطلقة، و الحكمة بالعلم المطلق ، الذي هو ابرز جوانبها و مقوماتها ، و ربنا بعلمه يقدر و يقضي ، و بقدرته يمضي ما قضاه .

و قد وردت بعض الاخبار في تفسير هذه الآية الكريمة تزيدنا بصيرة بها . ذكر المفسرون دعاء عن النبي ( ص ) اعتبروه تفسيرا للآية ، و هو قوله : " اللهم انت الاول فليس قبلك شيء ، و انت الاخر فليس بعدك شيء ، و انت الظاهر فليس فوقك شيء ، و انت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عنا الدين ، و اغننا من الفقر " (1) .

و روي عن الامام الرضا ( ع ) و هو يبين ان الكلمات تشترك بيننا و بين ربنا اشتراكا لفظيا لا معنويا ، و يستعرض بعض اسماء الله التي تختلف معانيها عما يوجد عندنا من امثالها ، الى ان قال في معنى الظاهر و الباطن :

" و اما الظاهر فليس من اجل انه علا الاشياء بركوب فوقها و قعود عليها و تسنم لذراها ، و لكن ذلك لقهره و لغلبته الاشياء و قدرته عليها ، كقول الرجل :


(1) نور الثقلين / ج 5 / ص 234 .


ظهرت على اعدائي ، و اظهرني الله على خصمي ، يخبر عن الفلج و الغلبة ، فهكذا ظهور الله على الاشياء ، و وجه اخر انه الظاهر لمن اراده ، و لا يخفى عليه شيء ، و انه مدبر لكل ما بدأ ، فاي ظاهر اظهر و اوضح من الله تبارك و تعالى ، لانك لا تعدم صنعته حيثما توجهت، و فيك من آثاره ما يغنيك ، و الظاهر منا البارز لنفسه و المعلوم بحده ، فقد جمعنا الاسم و لم يجمعنا المعنى ، و اما الباطن فليس على معنى الاستبطان للاشياء بان يغور فيها ، و لكن ذلك منه على استبطانه للاشياء علما و حفظا و تدبيرا ، كقول القائل : ابطنته ،يعني خبرته ، و علمت مكتوم سره ، و الباطن منا الغائب في الشيء المستتر ، و قد جمعنا الاسم و اختلف المعنى " (1) .

و جاء عن الامام الصادق ( ع ) شرح و توضيح لمعنى القبل و البعد فقال : " جاء حبر من الاحبار الى أمير المؤمنين ( ع ) فقال : يا أمير المؤمنين ! متى كان ربك ؟ فقال له : ثكلتك أمك ! و متى لم يكن حتى متى كان ؟ كان ربي قبل القبل بلا قبل ، و بعد البعد بلا بعد ، و لا غاية و لا منتهى لغايته ، انقطعت الغايات عنده فهو منتهى كل غاية " (2) .

و جاء في خطبة لأمير المؤمنين ( ع ) يذكر باسماء الله ، و يبين ضمنا معانيها ، ما يلي :

" الذي ليست له في اوليته نهاية ، و لا في اخريته حد و لا غاية . الذي لم يسبقه وقت ، و لم يتقدمه زمان . الاول قبل كل شيء ، و الاخر بعد كل شيء ، و الظاهر على كل شيء بالقهر له " (3) .


(1) نور الثقلين / ج 5 ص 234 .

(2) المصدر ص 233 .

(3) المصدر 235 .


و قال ابو يعفور : سألت الامام الصادق ( ع ) عن قول الله عز وجل : " الاول و الاخر " و قلنا : اما الاول فقد عرفناه ، و اما الاخر فبين لنا تفسيره ؟ فقال : " انه ليس شيء الا يبدأ و يتغير او يدخله التغير و الزوال ، و ينتقل من لون الى لون ،و من هيئة الى هيئة ، و من صفة الى صفة ، و من زيادة الى نقصان ، و من نقصان الى زيادة ، الا رب العالمين ، فانه لم يزل و لا يزال بحالة واحدة ، و هو الاول قبل كل شيء ، و هو الاخر على ما لم يزل ، و لا تختلف عليه الصفات و الاسماء ، كما تختلف على غيره مثلالانسان الذي يكون ترابا مرة و مرة لحما و دما و مرة رفاتا و رميما ، و كالبسر الذي يكون مرة بلحا و مرة بسرا و مرة رطبا و مرة تمرا ، فتتبدل عليه الاسماء و الصفات ، و الله عز وجل بخلاف ذلك " (1) .

[ 4 ] [ هو الذي خلق السماوات و الارض في ستة ايام ]فالخلق اية على عزته و قدرته ، و التقدير " في ستة ايام " اية لعلمه و حكمته ، و مرة اخرى نطرح هذا التساؤل : لماذا خلقهما في ستة ايام ، و هو القادر على خلقهما في اقل من لحظة " و ما امرنا الا واحدة كلمح بالبصر " ؟ قد سبق في سورة الاعراف بان ذلك قد يدل على سنة التكامل في الخليقة حيث يبارك الله فيها و ينميها طورا فطورا ، يوما فيوما ، لحظة بلحظة ، مما يجعل لعامل الزمن تاثيرا كبيرا في العالم ، بتعبير اخر : الايام الستة هي ظرف المخلوق ، و لا بد ان نعرف المخلوقات من خلال ظرفها الزمنيحيث نستلهم ذلك من قوله سبحانه " ما خلق الله السماوات و الارض الا بالحق و اجل مسمى " (2) مما يوحي بان الاجل المسمى مساوق للحق في انه جزء من حقيقته ، و الله العالم .


(1) المصدر / ص 232 .

(2) الروم / 8 .


كما ان خلق السماوات و الارض في ستة ايام اصدق دلالة و اوضح شهادة على التقدير و التدبير ، و في ذلك تفنيد لشبهة القائلين بالصدفة ، فان كان اصل الوجود صدفة فكيف يكون تدبير امرها و تكميل مسيرتها صدفة ؟ ! و بتعبير آخر : عملية الخلق مستمرة و هي شاهدة علىالخالق سبحانه .

و ربنا حيث خلق الخلق لم يعتزله او يتركه سدى ، انما جعله تحت تدبيره و رعايته ، بلى . لقد اركز فيه سننا و انظمة حاكمة ، بل و قدر فيه كل شيء من قبل ان يبراه ، و لكن كانت له اليد العليا و البداء ، لحاجة الخلق اليه ، و لان كل شيء و حتى القوانين و السننلا يقوم الا به تعالى ، و هكذا استوى على العرش .

[ ثم استوى على العرش ]

و هو رمز القدرة و الملك و التدبير ، يحمله اربعة من الملائكة المقربين ، و اليه يستوي الملائكة يتلقون اوامر الله لهم ، و استواء الله عليه يعني سلطته ، و انه يهيمن على الخليقة و يدبرها ، و لكن ليس تدبيرا اعتباطيا ، بل حكيما قائما على اساس علمه بكل شيء.

[ يعلم ما يلج في الارض و ما يخرج منها و ما ينزل من السماء و ما يعرج فيها ]و " ما " تدل على الاطلاق ، اي كل شيء يلج في الارض من الغيث و الاشعة و المواد ، و كذلك كل شيء يخرج منها من النبات ، و كذلك كل شيء ينزل من السماء او يصعد اليها من ملائكة الله و اعمال العباد .

[ و هو معكم اين ما كنتم ]


في بر او بحر ، ظاهرين او مستورين ، كما قال " الم تر ان الله يعلم ما في السماوات و ما في الارض ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم و لاخمسة الا هو سادسهم و لا ادنى من ذلك و لا اكثر الا هو معهم اين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة ان الله بكل شيء عليم " (1) و ربنا ليس فقط عليم بظاهر خلقه ، بل هو بصير ايضا بباطنهم ، ينفذ علمه الى لطائف الامور و مغيباتها .

[ و الله بما تعلمون بصير ]

يعلم ظاهر العمل ، كما يبصر صاحبه ، و يعلم الدوافع الحقيقية عنده ، فقد يكون ظاهره الصلاح و لكن باطنه الرياء و حب الشهرة و المصلحة ، و يكفي بهذه الآية ان تدفعنا الى المزيد من العمل الصالح ، و السعي نحو المزيد من الاخلاص و الانفاق ، فان مصائرنا رهينةاعمالنا ، و ناقد اعمالنا بصير بصير . نعم . قد نخدم الناس او نخدع انفسنا بمظاهرنا و حسن اعمالنا ، و لكن هل نخدع الله ؟ ! كلا ..

[ 5 - 6 ] و هذه الآيات تعتبر تمهيدا للحديث عن الانفاق ، لانها تعرفنا ربنا عز و جل من خلال صفاته الحسنى ، و منها الغنى ، فهو حيث يدعونا الى الانفاق فليس ليربح علينا بل لنربح عليه ، اذ لا يزيده انفاقنا شيئا .

[ له ملك السماوات و الارض ]

فما عسى ان يزيد انفاقتنا في ملكه ؟ ! بل انفاقنا لا يكون الا في جزء من ملكه استخلفنا فيه ، فهو اما من الارض ، او من السماء ، و المالك الحقيقي هو الذي خلقهما ، ثم ان ظاهر الامور بايدينا مما يوحي باننا نملك ناصيتها ، الا ان واقعها بيد الله فاليه ترجعالامور ، و كم يدبر العبد امرا ينقضه تدبير الله ؟ و كم يقدر شيئا يقيله(1) المجادلة / 7 .


منه امر الله ؟

[ و الى الله ترجع الامور ]

و نهتدي من هذا المقطع الى ان المالك الاول هو الله حين ابتدع كل شيء ابتداعا ، و خلقه بعد العدم ، و انه المالك في المستقبل ، و هو المالك الان ، لانه الاحد ، العالم بكل شيء ، كما أنه القادر على التصرف فيه كيف و متى شاء . إنه الذي يميت و يحيي ، و لك انتلقي ببصرك في آفاق الخليقة ابتداء من نفسك لترى آثار الحكمة و التدبير الالهي المنطبعة في كل شيء ، بلى . قد تنكر دور الارادة الالهية في دقائق حياتك ، زاعما بانك الذي تصنع كل شيء فيها ، و لكن من الذي يحرك ملايين المجرات السابحة في الفضاء بهذا النظام الدقيق ؟ و من الذي يبدل الفصول و الليل و النهار ؟ انه الله .

[ يولج الليل في النهار و يولج النهار في الليل ]

فاذا ولج احدهما في الاخر اخذ منه و استطال عليه ، و هذا التناقص و التزايد المستمر و المتقابل في الحركة اليومية للارض حول نفسها و بسبب حركتها حول الشمس ينتهي الى تبدل الفصول ، فاذا بالليل يلج في النهار الى الاقصى في منتصف الشتاء ، بينما يلج النهار الى الاقصى في منتصف الصيف ، و يتعادلان في الربيع و الخريف تقريبا .

[ و هو عليم بذات الصدور ]

ان علمه لا يقف عندما يظهره الانسان دليلا على ما في قلبه ، و علامة على نيته ، انما ينفذ الى ذات الصدور نفسها ، و لعل سائلا يقول : ما هي العلاقة بين شطري الاية ، او بتعبير اخر : ما هي علاقة ايلاج الليل في النهار و العكس بعلم الله ما فيالصدور ؟ و الجواب : ان الاثنين يحتاجان الى اللطف و العلم و الحكمة ، ثم انه تعالى لا يشغله شأن عن شأن ، فتدبيره لشؤون الكون لا يصرفه عن علم ادق الامور ، انما يهيمن على كل شيء ، و ذلك يسير على الله .. كما تحتمل الآية ردا على الذين قالوا بان الله تفرغ للامور الكبيرة كحركة الكواكب و الارض و فوض سائر الشؤون الى خلقه .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس